لجنة الأخلاقيات توقف رئيس الماص عن ممارسة أي نشاط كروي    الجيش الملكي يقتنص تأهلا مثيرا لنصف نهائي كأس العرش على حساب أولمبيك الدشيرة    فتح بحث قضائي حول تعرض بعض المواطنين المغاربة للاحتجاز من طرف عصابات إجرامية ناشطة بميانمار    الأمثال العامية بتطوان... (599)    رئيس سلوفاكيا في حالة حرجة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال    المالكي يستقبل أطفالا مقدسيين مؤكدا وقوف المغرب إلى جانب الفلسطينيين        القمة العربية ... السيد عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي    توقيع برنامج تعاون بين المغرب والصين في مجال تحديث الإدارة القضائية ورقمنة منظومة العدالة    سفر أخنوش يؤجل اجتماع المجلس الحكومي    هزيمة ثقيلة للمنتخب المغربي أمام إنجلترا    اختناق عشرات التلاميذ بالدار البيضاء    موريتانيا تحقق في تحطم طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    الشرطة السويسرية تفض اعتصاما طلابيا    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    مزور تستعرض جديد "جيتكس إفريقيا" بالمغرب.. الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي    شاب يقدم على وضع حد لحياته داخل غابة بطنجة    من ضمنها المغرب.. واشنطن تحث دولا عربية على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة    النصيري على رادار مدرب إشبيلية السابق    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    نهضة بركان يشد الرحال غدا الخميس إلى مصر تحضيرا لنهائي كأس الكونفدرالية    "فيفا" ينظم أول نسخة لمونديال الأندية للسيدات    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    الدار البيضاء.. افتتاح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    العودة إلى موضوع "شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين"!    وسط "تعنت" ميراوي .. شبح "سنة بيضاء" بكليات الطب يستنفر الفرق البرلمانية    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يتوقع نمو الاقتصاد المغربي ب3% خلال 2024    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الباراغواي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    توسيع 6 مطارات مغربية استعدادا للمونديال    موسم الصيف.. الترخيص ل 52 شركة طيران ستؤمن 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب 135 مطارا دوليا        مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات    بما في ذلك الناظور والحسيمة.. 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب135 مطارا دوليا    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الفيفا يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    قصيدة: تكوين الخباثة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    رسالتي الأخيرة    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    الأمثال العامية بتطوان... (598)    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    الأمثال العامية بتطوان... (597)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ عباسي مدني زعيم الجبهة الإسلامية الإنقاذ في حوار شامل مع التجديد
نشر في التجديد يوم 18 - 12 - 2003

قال رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية إن قضية الصحراء المغربية قضية مفتعلة وهي من صنع اتفاقية سايس بيكو وليس لها أي مبرر لتبقى، وأكد أنه على ثقة كاملة في أن المغرب على مستوى من الذكاء يمنعه من تكرار ما يقع في الجزائر وأن لا يدخل في النفق المظلم الذي أدخلت فيه بلاده داعيا المغاربة شعباً وملكاً أن لا يركبوا حصان التعنت وحصان ردود الفعل التي لا حد لتراكماتها وعواقبها بل يجب أن تدفع كل مغربي للقبول بأخيه كيفا كان.مؤكدا على علاقات المحبة والأخوة بين الشعبين والترابط الوجودي بينهما ماضيا وحاضرا كما دل على ذلك مؤازرة الشعب المغربي للشعب الجزائري في ثورة التحرير. وشدد عباسي مدني على أن المبادرة التي أعلن عنها مؤخرا في صالح دول الجوار بما فيهم الأوروبيون والولايات المتحدة لأنها تساهم في استقرار وأمن المنطقة موضحا أن فرنسا على وجه الخصوص كشفت عن احترامها للشرعية الدولية في مواقفها الأخيرة المشرفة وأنها لن تكون ضد الشرعية الوطنية الجزائرية. وقال إنه يأمل في أن تكون المؤسسة العسكرية الجزائرية في مستوى الحدث خاصة بعدما أعلنت هذه المؤسسة أنها لم تتوصل بالمبادرة، مشيرا إلى أن المبادرة لا تروم
إلا تغيير ما يغير من أجل إيقاف نزيف الدم بالجزائر وإيجاد حل جذري للمسألة السياسية المتأزمة. غير أنه شدد على أن الجبهة لن تشارك في الانتخابات المقبلة باعتبار أنها تكرس استمرارية النظام الفاسد على حد قوله. وأوضح أن الجبهة موجودة في الواقع الجزائري رغم حالة الحظر المفروضة عليها وأنها عرفت تغييرا في مضمونها دون شكلها لأن قضية الجبهة هي قضية الشعب الجزائري التي لم تحل حسب رأيه. وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته معه التجديد بالعاصمة القطرية الدوحة:

المبادرة التي أعلنتم عنها أخيراً ما هو إطارها العام؟ ما هي أهدافها؟ وما مرجعيتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا الكريم. أولاً أبدأ بحمد الله ثم الشكر لجريدة >التجديد< أن فتحت لي نافذة لأطل منها على الشعب المغربي العزيز الشقيق الذي أنا واحد منه. لا بد لي أن أتقدم بالتحية له بأجمعه ملكاً وشعباً، أمة دائماً تطمع لأن تكون خير أمة أخرجت للناس لقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) إن محبتنا لأخوتنا وشعبنا -والله تعالى أعلم- تفوق محبتنا لأنفسنا ذلك أن محبتنا لأنفسنا أنانية وهذا عيب. أما محبتنا لأخوتنا المغاربة فمحمدة وفضيلة تعبر عن مدى الترابط الوجودي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً أقل ما يستدل به على ذلك تجربة الاستعمار، حيث كان المغرب الشقيق مؤازرا للشعب الجزائري وكان عوناً له في ثورة التحرير الجزائري. وإن قال أناني ذلك زمن ولى، فأقول له أي مستقبل لنا دون أن نكون موحِدين موحَدين وحدة المصير ليس بيننا ما يفرق إلا عنكبوت خطة سايس بيكو الاستعمارية.
من العار علينا أن نتشبث بسايكس بيكو تاركين العروة الوثقى. يا للخطأ الجسيم الذي يرتكبه هذا الجيل على ما أعطاه الله من إمكانات ليزيد توحيداً وتوحداً وتكاملاً وتعاوناً. يومئذ كان المغرب حيث أبعاد الأندلس غربا وإلى طشقند، كان أمة واحدة، يومئذ كانت أوربا متشققة مفرقة، فإذا بنا اليوم نعيش العكس ونحن لا نحسد أبداً أوروبا على هذا العمل الجديد المتجدد في اتجاه توحيدها بل نثمنه لأننا نعتبر أوروبا جيراننا الأبديين لا نريد لهم إلا التطور والازدهار وإن هم لم يصدقوا معنا في هذا المضمار لأننا لا نبادل فعل الشر بالشر بل نبادلهم كل الخير وحسن الجوار على ما يفيد المنطقة استقراراً وعدلاً وازدهاراً وحرية. فإذا كان هذا مع جيراننا الأوروبيين فمن باب الأولى أن نبادل إخواننا المغاربة حق الجوار، المفروض أن ثروتنا مشتركة وكذلك مصالحنا، فلا ندخل في الحسابات التافهة لأن ما أخذه أخي لم يضع مني إنما الذي يضيع مني هو الذي أخذه عدوي الذي يريدني أن أعيش أنا وأنت في فتنة كما يريد أن يثرى على حسابنا.
بالنسبة للمبادرة فهي ذات أهداف تغييرية وتجديدية على حد عنوان جريدة التجديد ولكنه تجديد ليس بمعنى استئصال الأصل إن كان صالحاً، وإنما التجديد فيما يغير لأن في كيانات الأمم والشعوب وكل الكائنات فيها عنصر البقاء والاستقرار إلى الفناء وفيها عناصر التجديد، فعندما نتكلم في العلوم الإنسانية عن التغيير أو التغير لا يعني شمولية التغيير إنما تغير وتجدد ما يغير ويجدد. أما الأصل الثابت لا بد منه مثال ذلك فأنت بخلقتك هذه وبنيتك التي تدعى شخصيتك ومن بينها ملابسك التي تقتنيها حسب رغبتك ومحيطك وغيرها وما دامت هذه الرغبة متجددة فإنك تجدد ملابسك ولكنك لا تجدد جلدتك ولا خلقتك.إذن هي عملية هادفة وجودية أولاً بمعنى أن أول ما يحتاجه أي كائن هو أنه يريد أن يبقى ويبعد نفسه عن كل المخاطر التي تهدد حياته. فالجزائري صار اليوم مهدداً بكل المخاطر التي تهدد حياته وأصبح يعيش في نهر من دم فأول هدف سنسعى إليه هو إنجاز إيقاف النزيف الدموي لأن ما يحدث الآن نعبر عليه بمصطلح المحنة، فهل هناك من محنة مثل ما تبتلا به الجزائر في تاريخ الأمة الإسلامية؟! بحيث أصبحت لأرواح تزهق بدون أي مبرر إلا مبرر تمزيق المجتمع الجزائري
فعندما يذهب منفذ إلى قرية ويقتطع جزءاً منها ويذبح أسرة أو أسرتين فقط ما المراد بذلك؟ المراد بذلك أن تذهب الغيرة الجماعية من عند الناس بحيث يرضى أن يموت أخوه ويسكت عليه ولا ينجده. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن لمسلم أن يفكر بأن قتل الأبرياء الذين كل واحد منهم أمة ستفيد مجتمعها في المستقبل بأن قتل هؤلاء يفيد المسلمين فهذه المحنة ما هي إلا مقدمة لنتائج منها حالة طوارئ وآلاف المساجين وآلاف المشردين في الجبال الذين لم يحملوا السلاح بهدف سياسي بقدر ما حملوه من أجل النجاة بأنفسهم فهؤلاء عندما نناديهم إلى وضع السلاح وإلى وقف النزيف يعودون إلى المدن وحيث كانوا فإذا لم يكن عفو عام يضمن استقرارهم وسلامتهم وأمنهم في المجتمع فكيف يمكن أن يتحقق استقرار وهدنة.
إذاً عندما يكون إيقاف النزيف لا بد أن تكون هناك المعطيات المحيطة مناسبة لهذه المبادرة وهذا التغيير، فعندما تضع نبتة في الأرض هل تضعها دون أن تسقيها ماء؟ فإذا لم تسقها بالماء فكيف تستطيع أن تحيي وتعيش، إذن كل عملية تغييرية لا بد لها من مناخها الجديد الذي يضمن لها الحياة والبقاء، وكذلك هذه المبادرة حتى لا تكون صيحة في واد، لا بد أن يوضع لها محيط من الإمكانات المتوفرة والمعطيات التي تستجيب للوضع الجديد.
ثم إذا أخرجنا من المحنة نجد أنفسنا في عمق الأزمة السياسية التي لو لم تكن لما كانت المحنة، إذاً الهدف الثاني هو الحل الجذري والجاد للمعضلة السياسية. ولإيجاد حل من هذا القبيل لا بد أن تنظر الدولة في المحيط الجديد الذي تعيشه وللتحديات المحيطة بها وإلى تاريخها أيضاً أي منذ الاستعمار الذي ترك مخلفات واضحة لا بد أن تستأصل بحيث يأتي بديل مفعم.

إذن هذه الأزمة السياسية التي تحدثتم عنها تشمل الإسلاميين والعلمانيين والفرنكوفونيين والأمازيغيين من أجل الخروج بحل سياسي؟
أولاً هذه المبادرة ليست حزبية ولا ذات طيف أيديولوجي ولا طيف ديني إنما هي مبادرة الشعب الجزائري برمته. هي مبادرة تتجاوز الحزازات التي شكلت حطام المحنة، فالشعب الجزائري موحد في أغلبيته وموحد بمن فيهم إخوتنا الأباضيون الذين هم ليسوا من أهل الفتن والطائفية التي توجد في غير الجزائر والمغرب.

مرجعية هذه المبادرة إسلامية أم اشتراكية أم ليبرالية أم وطنية؟
نعم كن ليبراليا أو اشتراكيا ما شئت فهذه قضيتك لكن المبادرة لا تشترط منك ذلك فلا إقصاء على الإطلاق للكل إلا من أراد أن يقصي نفسه باعتبارها مشروعاً جماعياً تضع كل جزائري وجزائرية أمام مسؤوليته أمام الله عز وجل.

ولكن في أحد حواراتكم السابقة قلتم بأن المشاريع السياسية التي تعتبر الجبهة الإسلامية الإنقاذ جزءاً من الأزمة إنها باطلة وحكمها باطل على الجبهة، فكيف ستجمعون في هذه الحالة جميع الفرقاء السياسيين على المبادرة؟
هذا الذي قلته خلط لما لا ينبغي أن يخلط فعندما نتكلم في إطار أيديولوجي أو عقائدي أنا مسلم وأدافع عن حياض الإسلام في الجزائر أو حيثما كان ولكن بالشروط المنهجية المحددة في الإسلام، بمعنى أنه لا ينبغي أن تكون صاحب حق لكي تدافع عن تضحية شعب لكن ينبغي أيضاً أن تنصر الحق أو تدفع من أجل الحق بالحق أي على صواب، كثيرون أولئك الذين يريدون الدفاع عن حق محق ولكنهم يسلكون طريقة لا تتفق مع الحق لأنه لا وجود في الإسلام لمقولة الغاية تبرر الوسيلة فالإسلام فضل ولا يمكن أن يعامل الخليقة إلا بحق وصواب. الذي أراه اليوم في الساحة السياسية الجزائرية، وأسأل الله ألا يكون ذلك في المغرب وإن كنت أشك أنه غير موجود، فأوروبا تخلت عن الميكيافلية بينما ساحتنا الجزائرية والمغربية تعوم في الميكيافلية بحيث يستصاغ الكذب ويجرم البريء ويبرأ المجرم والكل محق كأننا عدنا إلى عهود غابرة. فالسياسة ما لم تكن ذات أهداف شريفة وقائمة على الشرعية وتهدف إلى الحق وتعمل لذلك بعلم وصواب لا يمكن أن تكون مقبولة في أمة محترمة كأمة محمد صلى الله عليه وسلم.

قلتم إنكم بصفتكم رئيسا للجبهة الإسلامية للإنقاذ ستعلنون وقف نزيف الدم لماذا تأخر هذا النداء؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ وهل تتوقعون أن ينجح هذا النداء؟
أولاً هذا النداء سيأتي في إطار المبادرة وإن كانت الجبهة لا تخالفه وتعمل من أجله فهي ليست فقط للجبهة بل هي مبادرة الشعب الجزائري ككل وستشارك فيها كل العناصر الحية التي أبدت استعداداً للمشاركة. أما لماذا اليوم؟ كأنك تقول لي لماذا أنت اليوم في الدوحة. فالسيرورة التاريخية قدرها الله في خلقه فقد آن أوان الجزائريين كي يجتمعوا، ألم تر إلى أولئك الذين تحمسوا لدخول الجزائريين هذا النفق المظلم اليوم غيروا رأيهم، فهذا البيت الأبيض قد قال لقد حان الوقت لكي يجتمع الجزائريون على حل مشكلاتهم وكذلك وزارة الخارجية الفرنسية وكل الدول الصديقة والشقيقة تنادي الجزائريين لكي يتآخوا ويتعاونوا في إنقاذ بلادهم التي هي على أبواب الهلاك.

هل ستهتم هذه المبادرة بمشاكل الوضع الداخلي دون المشاكل الخارجية مع الجيران؟
حقيقة المغرب الشقيق لا يشكل عائقاً أمام المبادرة فهذه من المسلمات كذلك تونس الشقيقة ولا ليبيا أو موريتانيا كل الجيران لا يحبون للجزائر إلا الاستقرار وبالتالي لا يشكلون تخوفاً أبداً من أن يكونوا عائقاً لهذه المبادرة، وما دام الأمر كذلك فما الداعي لوضع هذه الأمور في الحسبان. لماذا؟
أولاً لأن السلم في صالحهم. ثانياً بحكم الارتباط المصيري والجوار والأخوة كلها تدفع الآخرين لتمني الاستقرار والازدهار للجزائر علماً أن الحياة اليوم ليست محلية لا على مستوى الجوار ولا على مستوى الكرة الأرضية كلها. فخطتنا سلمية لا تؤذي إلا الذين لا يريدون السلم والمشروعية لأنها تهدف إلى إعادة الاعتبار للشعب الجزائري ليعود إلى حياة الحرية والعزة والكرامة.

ولكن هناك مشاكل مطروحة مثل قضية الصحراء المغربية؟
قضية الصحراء قضية مفتعلة وقضية الحدود مفتعلة كذلك وهي من صنع سايس بيكو وليست من صنع الملك محمد الخامس رحمه الله الذي تصدر حركة تحرير المغرب، وإذا صار الجزائريون يقتلون بعضهم بعضاً فوجود مثل هذه القضية من الشواذ، فمصالحنا واحدة وكينونتنا واحدة ومصيرنا واحد. فقضية الصحراء خطة استعمارية ليس لها أي مبرر لتبقى بحيث الذين غرسوا برعمها هم الذين تخلوا عنها في بلادهم في الغرب. وأشير هنا إلى أنني سأذهب إلى المغرب مهما يكن الوضع وأنا أخ للجميع ولي ثقة كاملة في المغرب وأنه في مستوى من الذكاء حتي لا يكرر ما يقع في الجزائر وأرجو من الله ألا يدخل المغرب في النفق المظلم الذي أدخلت فيه الجزائر. وهاهي محاولات لكي يدخل المغرب لنفس النفق ومن العيب أننا لا نستفيد من تجاربنا. وهذا أقل ما أقوله باعتبار أن القرار لا يزال في يد المغرب باعتبار أن صاحب القرار واضح فيها وهو الملك، بينما الجزائر بعد هذه الكوارث تبحث عن صاحب القرار.قل لماذا؟ أبداً لأن الذي يكون صريحاً في مستوى مسؤولياته يعترف بأنه ليس بصاحب قرار.

وكيف ستنجح المبادرة إذا لم يكن هناك صاحب قرار؟
قلت إن المبادرة مبادرة شعب فإذا غاب القرار في دهاليز الحكم فإرادة الشعب موجودة، والشعب هو صاحب السيادة وإليه سيعود القول والفعل بإذن الله. الحمد لله الشعب الجزائري موحد وواع ومستعد لكي يعطي أغلى ما عنده أي حياته وأنتم تعرفون تاريخ الشعب الجزائري وتضحياته بالملايين من الشهداء من أجل حقه في الوجود وحقه في البقاء.

هل المبادرة سيكون لها حظ من الوجود خاصة وأن المؤسسة العسكرية صرحت بأنها لم تتوصل بالمبادرة ولم تطلع عليها؟
المبادرة لا تقصي أحدا إلا من أقصى نفسه، والمؤسسة العسكرية المحترمة قدمنا لها المبادرة قبل أن نقدمها حتى لأطراف من الجبهة التي لم تصلها بعد هذه المبادرة، في الحقيقة الإنسان يستطيع أن يعيش تحت الشمس وأن يغمض عينيه ويقول أنا في ظلام لكن هل نكرانه للشمس بمجرد أنه أغمض عينيه يكفي دليلا. باختصار إن شاء الله نحن نعلق الآمالً الكبيرة التي يعلقها الشعب الجزائري على مؤسساته العسكرية ولا نخال إلا أن تكون في المستوى إن شاء الله.

هل سترجعون إلى الجزائر لممارسة العمل السياسي الذي وقعتم على عدم ممارسته؟
ولماذا تمنع الجزائر العمل السياسي وكيف تمنع أبناءها من ممارسته؟ أترى هل من حق أمٍ أن تمنع ابنها من أن يعيش في حضنها ومن أن يؤدي واجبه نحوها؟. هل هذا معقول؟. هل المنع هو الأصل؟ أم أن المنع شاذ باطل؟ أم أننا سنتشبث بالباطل زاهدين في الحق يا سبحان الله.

هل ستعلن الجبهة الإسلامية عن نفسها مرة ثانية خاصة بعد إعلانكم عن المبادرة؟ وهل ستظهر الجبهة في شكلها المعهود أم أنها ستتغير؟
ستتغير في مضمونها لا في شكلها لأن الجبهة قضية الشعب الجزائري.

هل قضية الشعب ما زالت مطروحة أم لا؟ أنا أسألك.
نعم ما زالت مطروحة.إن الجبهة الإسلامية كجبهة القضية يجب أن لا تنفصل عنها وما دامت كذلك تبقى الجبهة فارضة وجودها بوجودها وهي تحتضن قضية شعبها.

ولكنها غير موجودة في الساحة حاليا؟
هذا قولك، أنا أمامك موجود أم لا؟
نعم.

وأنا رئيس الجبهة موجود أم لا؟
نعم.
وهذه الفكرة التي تدور حول قضية الشعب الجزائري ألا تجد طيفا من أطياف الجبهة فعالا في الميدان بخصوصها. العبرة بالوجود المشروع، العبرة بالشرعية. والباطل ليس حجة على الحق أبدا.

في إطار حديثكم عن الاستعمار الفرنسي باعتباره هو الذي خلق الأزمة، هل تتوقعون أن فرنسا وأميركا ستساعدان في ظهور هذه المبادرة وإنجاحها؟.
فرنسا صار لها وجهان أحدهما وجه تقدمي إنساني يظهر تفتحا ناضجا إلى مستوى أنه رأيتم كيف كانت مواقف الرئيس الفرنسي عندما وقف لصالح الشرعية الدولية. فإذا كان جاك شيراك من أنصار الشرعية الدولية فكيف سيكون ضد الشرعية الوطنية؟ فإذا حصل هذا سيقع الرجل في التناقض لا هو ولا غيره. كل التيارات السياسية العادلة المتزنة الفرنسية وغيرها تكون لصالح المبادرة حتى لو نظرنا إلى المبادرة من ناحية المصلحة، صار الآن من مصلحة فرنسا أن يتفق الجزائريون وأن يحلوا مشاكلهم وأن يحولوا وضعهم الحالي إلى استقرار وإلى أمن وإلى تراض وإلى تكامل وتعاون، بل ليس عندنا مشكلة معها. وإذا كان الوجه الثاني بطبيعة الحال إن كانوا يريدون أن يتمردوا كما تمردوا في عهد Andoven فهذه قضيتهم، نحن على كل حال نحمل محملاً حسناً. والجزائريون إذا اتحدوا فرضوا وجودهم وأنقذوا بلادهم بما هو خير إن شاء الله.

قلتم إن النظام فاسد وإن تغييره لا بد أن يكون شاملا وليس من داخل النظام لأنه لا يحمل عوامل ذاتية للتغير، فهل الجبهة الإسلامية للإنقاذ ستنهج سبل المشاركة في العمل السياسي في المستقبل القريب أم أنها ستعمل على مشروع ثان؟
أولاً أنا حامل مشروع المبادرة لا يجوز لي أن أتكلم باسم الجبهة وإن حصل فلا تناقض. الجبهة الإسلامية حتى الآن لم يأت منها من يقول إنه ضد المبادرة بمعنى أنهم مستعدون، والوقوف إلى جانب الشعب الجزائري في المبادرة أمر لا بد منه هذه قضية قد انتهت. أما حديثك عن النظام، كثيرون أولئك عندما سمعوا كلامي عن النظام وأنه لم يعد صالحا وفقد جميع مبرراته كأنني حملت حملة ضد النظام. إذا كان عندك كأس من الحليب جيء بها لتشربه قد أصابه تعفن أو تسمم بحيث لو تشربه تصب بخطر فهل ينفعك أن تقول الحليب أبيض، وهل إذا كنت طبيباً وعالم الحياة وعلمت أن هذا الكائن المتغير قد حدث له حدث غيره، هل عندما تقول هذا حليب فاسد مهلك تكون قد ظلمته؟ لا يمكن. ولكنك لو تصمت وتقول إن هذا الحليب سليم وتعطيه لصبي أمامك فماذا تكون قد فعلت ظلمته وقتلته، هذا الذي يحدث للشعب الجزائري. فبالنسبة إليَّ كدارس أعرف عمق هذا النظام منذ أن بدأ وأعرف أنه لم يوجد إلا ضد الشعب الجزائري تريدني أن أقول إن هذا النظام صالح، وهل المصالحة مع الفاسد صلاح. هذا النظام نظام فاسد، ولم يوجد نظام فعل بشعبه كما فعل هذا النظام بشعبه الجزائري. أعطني دليلاً عكس ذلك
أكون أنا الجاني والمعتدي. هل رأيت نظام الحكم يشعل النار في بلده، يخرج جيش البلد لشعبه، هل هذا أمر يتفق عليه الخلق؟ باستطاعتك أن تحرق الأشجار المثمرة، ولكن بعد إحراقك لها هل تستطيع أن تعوض ما يحتاج إليه المحيط من ثمار كان يتغذى بها. فهي أحرقت ثورة هذه الأمة ابتداءً من شبابها الذي تشرد عبر العالم والمفروض أنه يعمل لصالح المشروع الإنمائي والمشروع الاجتماعي ومشروع النهضة والحضارة . وهل الذي يقتل أبناءه تبقى له قيمة الأبوة أو الأخوة؟ أبداً. هل هذا النظام قادر على أن يضع حداً لهذه المحنة؟ اختلقها ولكنه لم يستطع أن ينهيها لأنها تجاوزته، وهل يستطيع أن يحل المشكلة السياسية؟ أبداً. وهل يستطيع أن يخرج الجزائر من التخلف بل ما زادها إلا تبعية وتخلفا. إذن فما دام هذا هو حاله فلماذا يبقى؟

إذن فلن تشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
لو كان النظام هو هذا القارب الذي أعد للجزائريين كي يركبوه ولكن أعد لهم ليغرق بهم وإذا كنا قد انتبهنا إلى حالة العطب المهددة بالغرق لنادينا لا تركبوا بهذا المركب، هل تراني أركب فيه، فإذا ذهبت لأركب أكون قد فقدت عقلي. هل أنا فاقد لعقلي كما تراني؟ الانتخابات استمرارية للنظام والنظام فقد مبرراته ولا يفيد في شيء إنما يفيد في تكريس الوضع الحالي وإبقائه على حاله وأنا لن أشارك في هذه الجريمة.

كيف تنظرون إلى تجربة المغرب والعمل الإسلامي به؟
المغرب بلد مسلم وبالإسلام نهض، ولو لم يكن المغرب لما كانت الأندلس. أو تشك في هذا؟

بالطبع، لا..
المغرب يحتوي على طاقة عبقرية فعالة وركن ركين هذه الأمة ولن يخيب آمال الأمة المسلمة على الإطلاق. وما أراه من لغة الخشب الآن التي تريد أن تمزق المغرب إذا حدثت أحداث حاولوا مضاعفتها بشكل أو بآخر وأرادوا أن يجعلوا من الحبة قبة وهناك من يريد أن يدق على طبول الحرب ونسوا بأن الدم دم واحد، هناك مشكلات يجب أن تحل بالشرعية وليس بالصراع. أرجو من الله أن ينتبه المغاربة شعباً وملكاً لأن لا يركبوا حصان التعنت وحصان ردود الفعل التي لا حد لتراكماتها وعواقبها بل يجب أن تدفع كل مغربي للقبول بأخيه كيفا كان، شجاعة العودة إلى الذات التي فيها كنوز الوحدة وفيض من عوامل التآخي، سوء تفاهم قد يقع ويقع في كل بلد وفي كل تاريخ لكن ينبغي أن يجد الرجال. أذكرك بحال بجواركم ألم تكن هناك حرب أهلية في إسبانيا؟ ماذا فعلت الحرب الأهلية بإسبانيا كادت تهلكها ولكن الوعي الإسباني سما إلى التفكير في مصلحة الكل وكانوا كذلك فوحدوا أمتهم وهم الآن دولة من الدول المحترمة وأنشط الدول من أجل وحدة أوروبا.

لقد قال الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله أود أن تعطى للجبهة الإسلامية الفرصة لتقود البلاد حتى نرى تجربتها مما دفع البعض إلى القول بأن الجبهة الإسلامية مدعومة من طرف المغرب، فما مدى صحة هذا الزعم؟
الحقيقة بالنسبة إلى الملك الحسن الثاني رحمه الله شاء الله أن التقيت به عندما زار الجزائر وتكلمنا في أخوة وبصراحة كاملة، وبينا له ما بيناه لسفراء أوروبا لكن مع الفارق. الجلسة مع الحسن الثاني بينت أن الجزائر إذا كانت الجبهة هي التي انتخبها الشعب الجزائري فبطبيعة الحال لا يمكن أن تكون مع أصدقائه وليس هذا فقط بل تكون سياسة التكامل. نحن لا نستطيع أن نستسيغ حقاً أعطيناه للآخر البعيد مثلاً،الاستثمار في البترول ما دام المغرب الشقيق ليس فيه البترول ريثما يكتشف إن شاء الله فبترول الجزائر بترول وافر ينبغي أن يكون أول المنتفعين به هو المغرب، والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل، لا بد من التفكير في ضرورة السياسة التكاملية في كل شيء. فالأوضاع الآن في حالة قلب للمناهج والقيم والحقائق والمسالك المطلوبة. الحقيقة لم أجد يوم التقيت بالحسن الثاني رحمه الله أي علامة تحمل على الريبة، فإنني اطمأننت للصراحة التي كانت بيننا، لكن قدر الله وما شاء فعل،هذا حسن ظن باق حتى مع ابنه أسأل الله أن يكون ابنه في المستوى الذي كان عليه أبوه ولا أخاله إلا كذلك، وألا يندفع في رجاجة الحرب مهما كان
الأمر.
الحرب آفة كالنار لا تترك أحداً بما فيهم الذي أشعلها. كفانا حروبا، كفانا توترا كفانا تضييعاً للوقت حول المشكلات المزيفة ولقد عجبت الآن مما أراه أوروبيون يجدون في الجد بل حتى في اللعب حتى صار لعبهم جدا، بينما نحن صرنا الجواد المزيفً، المصنوع المركب بالمشكلات المزيفة.لو أفنينا طاقتنا في حل المشكلات الحقيقية كالمزيد من العدل، الحريات، التلاحم شعبا وسلطة، وكيف يستطيع أن يحقق العرش ما حققه أمجاده؟ فهذا التغيير الإستراتيجي بعد الأحداث الدامية ليس في صالح المغرب لا شعباً ولا ملكاً ولا في صالح المسلمين أبدا. أما الزعم بأن المغرب يدعم الجبهة، فلا علم لي بهذا القول ولا أعتقد أن الجبهة تقبل المساندة من خارج الوطن ولكن إذا كان من المغرب فلا بأس، فالمغرب للجزائر والجزائر للمغرب.
الدوحة- عبد الحكيم أحمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.