حينما نتغلغل في التاريخ البعيد , في اسس من وضعوا الحجر الاساس لفكرة الدولة ككيان واحد , كأم ترعى ابناءها , و كمهد للانسان و انسانيته , فاننا نستحضر اراء كبار الفلاسفة اليونانيين , بعشرات السنوات قبل الميلاد , و بمرور الوقت سدت ثغرات و ظهرت اخرى حتى اكتمل نصاب كل تصور لهذا الكيان , و ما يتبناه من نظام حكم جمهوري او ملكي او امبراطوري .. لكن ما الذي يدفع المواطن اليوم الى التراجع عن الثقة باغلب السياسيين الذين يسيرون او الذين يشرعون او ينفذون .. ? السبب الاول : في بادئ الامر يتجلى لنا الدولة ككيان مركب من ثلاث حسب مختلف الفلسفات السياسية الاولى , و هي سلطة تشريعية (البرلمان ) , و سلطة تنفيذية ( الحكومة ) و سلطة قضائة (العدل ) , يشترط ان تكون العلاقة بين هذه السلط الثلاث علاقة تنافر و تضاد لكي تكون دولة قوية , حيث القضاء عادل و المشرع عقلاني و المنفذ نزيه .. لكن جزءا كبيرا من هذه النظرية اليوم تتلاشى في اغلب الدول العربية , حيث هناك لوبيات و علاقات متبادلة بين مسؤولي المسؤسسات مما يتسبب بفساد اداري و غيره... , مما يجعل المواطن في حالة من الملل و الياس .. السبب الثاني : يكمن السبب الثاني في العلاقة بين الدين و السلطة حيث ان العلاقة التاريخية بين المسلم و المسؤولية هي علاقة تكليف قبل ان تكون تشريف و ترى كل مسلم يتهرب من هذه المسؤولية امام الله حتى ولو كان قادرا على تحملها, و قصة عمر بن عبدالعزيز حينما ولاه الشعب و من قبله بوصية , زمام السلطة فرفضها خير دليل .. و اليوم نرى كل من هب و دب يتهافت على المناصب , باميته و جهله...هذا ما يدفع المواطن للتراجع عن دعم اي حزب او شخص .. السبب الثالث : يكمن في الياس من تكرار التجارب السياسية , المرة تل و الاخرى و حصد نفس النتائج , و تقلب مواقف المسؤولين قبل و بعد نيل مقاعدهم الوزارية او البرلمانية... عبدالرحيم الصاغيري