يحمل تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية حول مشروع الجهوية المتقدمة مقاربة و فلسفة جديدة للتدبير الترابي بالنسبة لجميع الجماعات الترابية و على رأسها الجهة. و تأتي هذه المقاربة في ظل حساسية التحديات الراهنة، كرد فعل على مختلف الإكراهات و الاختلالات التي يعرفها تدبير الشأن العام المحلي، و كدعامة لربح رهانات التنمية المحلية، و أيضا كتعبير عن تغير نظرة الدولة للتراب المحلي الذي أصبح ينظر إليه كمجال للحرية و الإبداع و كفضاء للتقرير و التدبير و أيضا التسويق و الإنتاج. و هذا يعني إعادة تشكيل التراب انطلاقا من مسلسل منهجي جديد تفسح فيه مركزية المجال لأنماط جديدة للتنظيم و الأداء الترابي ترتكز على منح استقلالية و مسؤولية أعمق[1] تتوخى الرفع من القدرات التدبيرية للجماعات الترابية و الانتقال من المقاربة التسييرية الضيقة إلى المقاربة التدبيرية الحديثة. و رغبة في تجسيد هذه المكتسبات على أرض الواقع و الحفاظ عليها، أعطي لمبدأ التقييم مكانة متميزة ضمن هذه المقاربة الجديدة ، باعتباره آلية من آليات تفعيلها و في نفس الوقت جزءا من المقاربة نفسها. و الحديث عن التقييم يحيل إلى إعادة الاعتبار لثقافة شبه مغيبة في التدبير المحلي، و هي ثقاافة النتائج و حسن الأداء و ما يتبع ذلك من مساءلة و محاسبة. كما يعبر في نفس الوقت على إعادة الاعتبار للاهتمام بما يطمح إليه المواطن و ما ينتظره من جماعته و مدى انتفاعه مما تقدمه، و بالنتيجة مدى كفاءة هذه الجماعة المؤتمنة على المصلحة العامة. من هذا المنطلق ، تطرح مجموعة من التساؤلات حول مضمون التقييم المتضمن في هذه المقاربة الجديدة و شروط تفعيلها. على هذا الأساس، سيتم التركيز من جهة أولى على مرتكزات المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي ( المطلب الأول ). و من جهة ثانية، الوقوف على متطلبات تفعيلها (المطلب الثاني ) . المطلب الأول: مرتكزاتالمقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي أصبح التدبير لغة رسمية في القطاع العمومي، و فكرا متداولا في مجال الدراسات المرتبطة بالعلوم الإدارية. و قد شهدت السنوات الأخيرة الحضور القوي لمعالم تقنيات التدبير على مستوى المنظمات العمومية موازاة مع مقولة ” يجب إدارة المرافق العمومية كما تدار أي مقاولة”[2]. و إن كان التدبير le management ليس هو قمة الوسائل الحديثة في التسيير la gestion بقدر ما يحيل إلى إضفاء أبعاد استراتيجية على هذه الوسائل ذاتها[3]. و عموما، يرتكز التدبير على مبدأ التقييم أي على ثقافة النتائج و قياس حسن الأداء و على تأسيس أنظمة للجودة و المساءلة و المحاسبة و أيضا على تقييم السياسات و البرامج. و بغية تكريس هذه المفاهيم في صلب تدبير الشأن العام المحلي، تعتمد المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي على عدة مرتكزات أهمها: تطوير مفهوم الرقابة، فانسجاما مع انتقال التدبير العمومي المحلي من ثقافة المطابقة القانونية إلى ثقافة النتائج، ترتكز المقاربة الجديدة على إعادة النظر في مفهوم الرقابة و ملاءمة مناهجها مع هذا التحول، بالانتقال من رقابة المساطر إلى رقابة على الأداء والنتائج. فأهم ما يمكن ملاحظته على نظام المراقبة في مختلف المستويات هو تركيزه على جانب الشرعية، أي احترام القوانين و الأنظمة بغض النظر عن النتائج المحققة. إذ يعتمد هذا النظام رؤية شكلية لا تضمن بالضرورة تنفيذا فعالا للعمليات المالية العمومية، فتجاوزات خطيرة في التسيير يمكن أن تظل دون متابعة في حين أن جميع القواعد المطبقة تم احترامها[4]. و هذه الفلسفة التقليدية للرقابة تظل بسيطة[5] في ظل تدبير عمومي يتجه نحو مزيد من التعقيد. و تبقى في طابعها المسطري بعيدة عن تحليل المعطيات و دراسة المؤشرات و مراقبة نجاعة و فعالية البرامج و المشاريع التنموية المحلية[6]، في وقت أصبح الأداء و المحاسبة يشكلان الأفق الجديد للرقابة دون إغفال الحاجة الدائمة إلى فحص المطابقة القانونية[7]. لذا، فإن الأساليب الحديثة المتضمنة لآليات التدقيق و الافتحاص – بما في ذلك التقييم-، تمتاز بصفتها التحليلية على مستوى تنفيذ المشاريع و تحقيق الأهداف، و تمنح للرقابة أبعادا متطورة تهتم بالجانب التنموي عوض الاقتصار على رقابة التنفيذ الإجرائي الجامد[8]. و عموما، تتأثر المناهج المعتمدة في المراقبة بصفة عامة بنمط التسيير العمومي المعتمد، فكلما اهتم هذا التسيير بالوسائل أكثر من الاهتمام بالغايات و النتائج تميل المراقبات الممارسة إلى التحقق بشكل أساسي من أن القواعد تم احترامها و تطبيقها أكثر من اهتمامه بأن تلك القواعد تساهم في تحقيق الأهداف المرسومة ، أي مراقبة مدى فعالية التسيير العمومي[9]. و تبعا لذلك، فإن استحضار مبدأ التقييم في العملية الرقابية من شأنه أن يؤدي إلى تطوير و تجديد في أساليب التدبير العمومي نفسها. الرفع التدريجي للرقابة القبلية و تقوية الرقابة البعدية، فموازاة مع تطور نمط التدبير من جهة و تطور مفهوم الرقابة من جهة أخرى، سيتقلص مجال الرقابة المسبقة ليشمل الحد الأدنى. حيث لا تخضع للمراقبة بالمصادقة إلا القرارات و الأعمال المنصوص عليها صراحة في القوانين و الأنظمة ، على أن يتم الحد تدريجيا من هذه المراقبة بتقليص آجال جواب السلطة المختصة أولا، ثم ثانيا، بحصر القرارات و الأعمال التي تبقى خاضعة لها على جدول أعمال الاجتماعات و الميزانيات و الحالات القصوى التي قد تمس بالنظام العام أو المصلحة الوطنية أو التوازن المالي للجماعات الترابية[10]. و يبدو في هذا الصدد، أن تحديث أو عصرنة رقابة المطابقة القانونية، يمكن ترجمتها بشكل عام عبر فكرة رقابة أقل من أجل رقابة أفضل [11]. فواقع الرقابة المالية و تعدد أوجهها و آلياتها تؤدي بشكل تلقائي إلى الحد من الاستقلال المالي للجماعات المحلية، فكلما توسعت مجالات تدخل السلطات المركزية رقابيا و توجيهيا إلا و تقلصت درجة الاستقلال المالي للوحدات اللامركزية، مما يؤدي إلى الحد من هامش المبادرة لديها و من قدرتها على إقرار و اعتماد و تتنفيذ البرامج التنموية بشكل مستقل[12]. و بالتالي تستبعد إمكانيات التقييم. لذلك، فإن اعتماد منهجية متطورة في تتبع و تصحيح الأداء، تسمح بتطوير رقابة لاحقة مزدوجة و قوية، تتعلق من جهة بتقييم التنفيذ و تدقيق العمليات و مراقبة تحقيق الأهداف، و تهتم من جهة ثانية بتعزيز الرقابة القضائية التي تعتبر أهم الآليات الرقابية على الإطلاق، باعتبار الضمانات التي تخولها و الأدوار التقييمية و التصحيحية المفترضة فيها[13].
خاصة و أن المجالس الجهوية للحسابات ستتعزز مكانتها في ظل هذه المقاربة الجديدة للتدبير الترابي، لاسيما و أن المشرع يخولها عبر الاختصاص المتعلق بمراقبة التسيير إمكانية تقييم مشاريع و قرارات الأجهزة الخاضعة لرقابتها بناء على معايير الفعالية و الكفاءة و الاقتصاد. اعتماد تقييم مستمر، يشكل بدوره ركيزة أساسية لتكريس التوجه الجديد.فنجاح المقاربة الجديدة يرتبط بمدى استمرارية التقييم، و مدى القدرة على الحفاظ عليه كمبدأ في التدبير . فمبدأ الاستمرارية يجعل من التقييم “قاعدة” و ليس “استثناءا”، و يشكل ضمانة لاستمرار تكريس قيم الشفافية و المسؤولية و حسن الأداء و الجودة …، و عدم إحداث قطيعة مع هذه القيم. على أي، إذا كانت هذه بشكل عام أهم مرتكزات المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي، فما هي أهم متطلبات تفعيلها؟ المطلب الثاني: متطلبات تفعيلالمقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي إذا كان مبدأ التقييم يفترض توفر مجموعة من العناصر الأساسية للقيام بالعملية التقييمية، من قبيل التحديد الواضح للأهداف، شفافية المعلومات و توفير المعطيات و البيانات و غيرها. فإن تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية في مقاربته للتوجه التقييمي للتدبير الترابي، لم يغفل هذه المتطلبات، حيث ركز على عناصر أساسية تخدم مبدأ التقييم ، و يتعلق الأمر أساسا ب : تبني الجماعات الترابية التدبير بحسب الأهداف،و يعني ذلك بكل بساطة ، اعتماد مناهج التدبير الحديثة- بشكل فعلي- القائمة على مبادئ المردودية و الجودة و الكفاءة و الاقتصاد، و لاسيما التخطيط الاستراتيجي المبني على الأهداف.
فعلى الجماعات الترابية، عوضا من أن تتدبر شؤونها بتخصيص الاعتمادات و استهلاكها، أن تسعى لتنظيم نفسها لتبني التدبير بحسب الأهداف و الوسائل المرصودة لكل اختصاص من اختصاصاتها، اعتمادا على مؤشرات متفق عليها بين الدولة و هاته الجماعات تمكن من التقييمات و المقارنات المفيدة[14]. و استنادا إلى النتائج التي أسفرت عنها مختلف مهام المراقبة الممارسة من قبل المحاكم المالية، يمكن تلخيص النواقص التي تعتري التدبير العمومي و خاصة تدبير المال العام في أربع إشكاليات أساسية[15] : *إشكالية الحكامة، التي تتجلى في كون مجموعة من الاختلالات التي تم اكتشافها ترجع إما إلى غياب الشفافية في التدبير أو إلى التهميش بحكم الواقع لأدوار بعض الهيئات المسيرة لا سيما المجالس المنتخبة بالنسبة للجماعات المحلية. إلى جانب غياب شبه كلي للتصور التدبيري وكذا لقيم الأداء في عدد من الأجهزة العمومية. *إشكالية جودة الإنفاق العمومي، ذلك أن المجهود المبذول من طرف السلطات العمومية في مجال الاستثمار في مختلف القطاعات، لم يتم مواكبته من طرف المسيرين العموميين من أجل تحسين جودة الإنفاق العمومي. و في هذا السياق، فقد مكن تقييم مجموعة من المشاريع العمومية من قبل المحاكم المالية سواء على مستوى مصالح الدولة أو الجماعات المحلية أو المقاولات العمومية الوقوف على كون الفائدة الاقتصادية و الاجتماعية المأمولة من مجموعة من المشاريع لا تتحقق دائما. نتيجة الاختلالات التي تشوب إنجازها، أو لعدم تناسبها مع حاجيات المواطنين، بالإضافة إلى إهمال هذه المنشآت فيما يتعلق بالصيانة و الإصلاح. *إشكالية نجاعة الطلبيات العمومية؛ حيث أن الاختيارات في مجال إبرام و تنفيذ الصفقات العمومية لا تتم دائما بشكل أمثل على مستوى الأجهزة العمومية. و في هذا الإطار، فإن التأخير الحاصل في إنجاز بعض المشاريع يمكن إرجاعه سواء إلى غياب دراسات قبلية للجدوى أو عدم وثوقيتها أو إلى الاختلالات المسجلة على مستوى المقاولات التي منح لها إنجاز هذه الصفقات. *إشكالية الموارد البشرية: إذ أن مجموعة من الاختلالات التي تم تشخيصها في بعض الأجهزة العمومية المراقبة ترجع إلى النقص الحاصل في القدرة على التصور و إلى ضعف المبادرة أو غياب وظيفة الإشراف داخل هذه الأجهزة. و يزداد هذا الاختلال استفحالا نتيجة لغياب ثقافة تدبيرية في معظم الأجهزة العمومية و ضعف أنظمة الرقابة الداخلية فيها. ويظل هذا المشكل مطروحا بشكل حاد على مستوى الجماعات المحلية. و تبعا لذلك، فإن القيام بالوظيفة التقييمية بشكل ناجع – سواء من طرف أجهزة الرقابة أو من طرف أجهزة متخصصة في التدقيق أو التقييم- تفرض وجود تدبير ترابي منظم، أي مبني على أهداف و مسؤوليات واضحة و محدددة حتى يكون بالإمكان طرح البدائل و المساهمة في صياغة أحكم القرارات و الخطط و بالتالي الرفع من إنتاجية القطاع العمومي المحلي. فالتقييم يفترض وجود أهداف أولية محددة مسبقا، لأن صياغة أحكام أو قرارات حول جودة النتائج، يرتكز من جهة أولى على تحليل الأهداف و الوسائل. و من جهة ثانية، على مقارنة النتائج المتوصل إليها مع تلك الأهداف المحددة سلفا و آثارها. و من جهة ثالثة، الوقوف على مختلف الثغرات التي تعترض تحقيق تلك الأهداف[16]. في هذا الصدد ، يعد التخطيط الاستراتيجي بمثابة الآلية الفعالة لتدعيم الاقتصاد المحلي و ترسيم الأهداف الواضحة المبنية على المعطيات الواقعية و على متطلبات تعزيز القدرات التدبيرية و إدارة المرافق و الشؤون المحلية وفق منظور شمولي واضح[17]. حيث يمكن التخطيط الاستراتيجي من اعتماد رؤية واضحة و من الأخذ بعين الاعتبار لمختلف التطورات و المتغيرات التي يمكن أن تطرأ على مجالات تدخل الجماعة أو تهم تطورات الحاجيات المحلية. كما يسمح باعتماد مقاربة أوسع من المقاربة السنوية للميزانية[18]. ففي الواقع، أشد ما تفتقر إليه الجماعة المحلية بمفهومها الحالي هو التحديد الواضح و المسبق للأهداف وفقا للحاجيات و الوسائل المتوفرة. فمعظم التقارير الرقابية و لاسيما التقارير المتعلقة بأنشطة المحاكم المالية، تكشف عن وجود ضعف في وظيفة البرمجة و التخطيط. و من ثمة، غياب البعد الاستراتيجي في التدبير المحلي فأغلب الجماعات تعجز حتى عن إعداد مخططات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. و بالتالي أصبح من البديهي ، تنمية وظائف التفكير الاستراتيجي المتعلقة بالاستشراف la prospective– و التخطيط بعيد المدى من أجل مواجهة التحولات الجديدة و ذلك بصياغة و تنزيل استراتيجيات في المستوى المناسب[19]. و بناء على المعطيات السابقة، فمن شأن تبني التدبير بحسب الأهداف، أن يحد من جهة من مظاهر التبذير و العشوائية، و أن يسهل عملية التقييم من جهة أخرى. نشر ميزانيات الجماعات الترابية وحساباتها الإداراية ،يعتبر هذا الإجراء من المستجدات الأساسية على اعتبار أن النصوص القانونية المنظمة للامركزية لم تنص من قبل على إلزامية الجماعات المحلية بنشر ميزانياتها و حساباتها الإدارية بما في ذلك مداولاتها. لذلك، فإن التنصيص على نشر الميزانية و الحساب الإداري من شأنه أن يعيد الاعتبار لأحد أهم مبادئ التدبير الجيد، و يتعلق الأمر بالشفافية التي ظلت الحاضر/ الغائب لاسيما على مستوى تنفيذ الميزانية الذي يعتبر الممر إلى التجسيد الميداني لما تم وضعه من مشاريع و خطط و برامج. و من شأن مثل هذه الخطوة أيضا ، أن تساهم في توفير بنك للمعطيات ، خاصة و أن من الإجراءات التي يركز عليها تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية إقامة و تطوير نظام معلومات . إقامة و تطوير نظام معلومات، سيشكل لا محالة دعامة أساسية لعملية التقييم التي ترتكز على جمع الوثاق و المعلومات و المعطيات من مصادر مختلفة و بوسائل مختلفة، قبل أن تحولها عن طريق التحليل العلمي وفق مؤشرات و معايير مضبوطة إلى حجج تكشف من خلالها عن حقائق حول فاعلية و فعالية التدبير. فتوفير نظام للمعلومات الأولية و الرسمية، سيؤدي بالنسبة للقائمين بعملية التقييم إلى تقليص الجهد و الوقت و الإمكانات المادية و التركيز على البحث عن المعلومات المكملة عن طريق إجراء تحقيقات و مقابلات و استبيانات و غيرها من أدوات التقييم. و في المقابل، حتى عملية التقييم تفضي إلى إغناء نظام معلومات عن طريق ما تنتجه من تقارير- على سبيل المثال التقارير المتعلقة بأنشطة المحاكم المالية- تزود الرأي العام و كل الفاعلين بحقائق هامة تحولها إلى مصدر للمعلومة و للمعرفة. إعداد تقارير دوريةتتضمن حصيلة تدبير المجالس المنتخبة و حصيلة إدارتها و أجهزتها التنفيذية تقدم لشركائها و للدولة و كذا للعموم عبر وسائل إعلامية مناسبة. من شأن مثل هذا الإجراء أن يؤدي إلى تكريس خضوع الجماعة لتقييم مزدوج : *تقييم الرأي العام بما فيه الدولة و الشركاء و كذا العموم و الذي يؤدي من جهة إلى تنوير الرأي العام و ترسيخ حق المواطن في الوصول إلى المعطيات و المعلومات التي يرغب فيها حول تدبير شؤون جماعته، و من جهة ثانية يضع تدبير الجماعة في الميزان و من تم يكشف مدى تلاؤم المنجزات مع المتطلبات و التحديات. *و تقييم ذاتي تقوده الجماعة بنفسها، فنتيجة انفتاح الجماعة على محيطها بشكل منتظم و نتيجة ضغط الرأي العام تزداد جهود الجماعة، و تقل هفوات التدبير و من ثمة، تزداد درجة التركيز و هذا يخدم بشكل عام عملية التقييم. إقامة أنظمة للوقاية و تدبير المخاطر، بمعنى وضع نظام لليقظة و استباق المخاطر على غرار ما هو معمول به في المؤسسات الخاصة و بعض المؤسسات العمومية، و ذلك عبر رسم خطط واضحة حول التهديدات و الإكراهات التي تهدد العمل العمومي، و مواجهة مكامن المخاطر و كشف النقائص و تقويمها بشكل استعجالي. و هذا من شأنه أن يساعد الجماعات الترابية على التحكم في كلفة المخاطر و آجال تنفيذ مشاريعها و مخططاتها التنموية. و تفادي إنفاق موارد ضخمة دون تحقيق المنافع الاقتصادية و الاجتماعية المتوخاة منها. و تأسيسا على ذلك، تصبح القرارات الإدارية و المالية أكثر ميلا نحو تقليص مستويات تكبد المخاطر و تصبح أكثر حكامة. و عموما، لا يسع القول إلا أن هذه المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي ، مقاربة طموحة جدا، كونها تهيئ الإطار العام لاشتغال الجماعة الترابية أسلوبا و أداءا. إذ من شأنها أن تجعل من الجماعة تعلم ماذا تريد، و كيف تحقق ما تريد – أو بالأحرى ما يرغب فيه المواطن- بكفاءة و اقتصاد و مسؤولية. حنان القادري باحثة في مجال الرقابة على المال العام