لم يكن هناك ما يمنع المغاربة، وغير المغاربة، من التعبير عن حقيقة مشاعرهم تجاه مقتل أسامة بن لادن، لذلك سمعنا ما نقلته بعض القنوات التلفزية من ردود فعل مواطنين، من مدينة مراكش ومن خارج المغرب،الذين (رحبوا) بعملية القضاء على زعيم القاعدة الإرهابية. وردود الفعل هاته، قد لا تكون لها أهمية كبيرة إذا اعتبرنا بان مقتل بن لادن لا يعني الانتصار النهائي على الظاهرة الإرهابية وإيديولوجيتها الظلامية، وان زعامة بن لادن انبنت أساسا على (الجهاد) في أفغانستان - الذي دعمته الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية، وعلى الثروة المالية التي سخرها لتمويل الشبكات المتطرفة ولتنفيذ التفجيرات والهجومات المعروفة. وان كان خبر نهاية بن لادن جاء بعد أربعة أيام فقط من الحادث الإرهابي الجديد بمراكش، فان هذا الأخير، يذكر المغاربة والعالم اجمع بجريمة 16 ماي 2003 وبعمليات 2007 وبالمحاولات والمخططات التي شرعت فيها الجماعات والخلايا التي فككتها الأجهزة الأمنية. وبعد الجريمة الإرهابية الجديدة، التي كان مقهى أركانة مسرحا لها قفز إلى الواجهة سؤال ما العمل؟. وهو سؤال كان بمثابة لازمة في جل أو في كل الحوارات والنقاشات التي أجرتها وسائل الإعلام الوطنية -وينصب على كيف يمكن للمغرب أن يتصدى لرهانات الشبكات الإرهابية وأهدافها من هذا الهجوم- وكيف يحد من تداعياته على المستوى الاقتصادي وعلى خيار البلاد ومسارها الديمقراطي؟. وكما لاحظ الجميع فان أجوبة القيادات السياسية والنقابية والفعاليات الجمعوية والإعلامية ركزت على أن الموقف يستدعي التمسك بالمسار الإصلاحي وبضمان الحقوق والحريات وبكل ما يعطي للاستثناء المغربي معناه ومدلوله. هذه الأجوبة لايمكن لأي ديمقراطي إلا أن يتفق معها. على أن سؤال ما العمل يفترض، بالإضافة إلى ذلك، النظر كذلك في تقدير الظاهرة وكيف التعامل معها وما تستوجبه من يقظة وتدابير. خاصة وان بعض الأطراف السياسية والجمعوية تصر في المدة الأخيرة على الاستهانة بالخطر الإرهابي وعلى توظيفه في المزايدة باسم حقوق الإنسان. في حين أن الإرهاب المعروفة طبيعته وهويته الإيديولوجية والحركية ومشروعه الفاشستي، ليس مجرد (بعبع) للتخويف والتهويل كما تؤكد الأحداث والحالات المتتالية. والأكيد أن بعض الصيحات ستذهب، كالعادة، إلى الخوض في أبعاد العدوان الأمريكي والجرائم الإسرائيلية و(الحرب) المعلنة على الإسلام إلى غير ذلك من فنطازيا التحوير والتشويش على جوهر الموضوع وحقيقته. الحقيقة الماثلة في كون الإرهاب الذي نتحدث عنه ونتعرض له هو ابن هذه البيئة ومن هذه الملة التي يشوهها ويخرب بيوتها. ولعل الوقائع المسجلة والحالات المضبوطة تؤكد ذلك وتؤكد بان مواجهة الإرهاب هي معركة مفتوحة ولا تقف عند التدابير السياسية والاجتماعية، لان التدابير الأمنية أيضا، يجب أن تضطلع بدورها وان لا يكون هناك أي تردد في القيام باللازم لحماية امن البلاد وسلامة المواطنين، وان يتم خوض المعركة على هذا المستوى بكل جرأة وحزم.