السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    كأس الكونفدرالية: تحكيم سنغالي لإياب النهائي بين نهضة بركان والزمالك المصري    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    توقيف شخصين بحي العرفان في حالة تلبس بحيازة وترويج المؤثرات العقلية    لإدارة السجون…وفرت 5212 سريرا إضافيا برسم سنة 2023    بتتويج "دار النسا" و"صلاح وفاتي".. مهرجان الدراما التلفزية يعلن الفائزين بجوائز دورته ال13    أسترازينيكا تعلن سحب لقاحها لكوفيد من الأسواق    هل له آثار جانبية؟.. "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاحها المضاد ل"كورونا" من جميع أنحاء العالم    وسط استمرار القلق من الآثار الجانبية للقاح «أسترازينيكا»..    الجيش الملكي يواجه نهضة الزمامرة لتعبيد الطريق نحو ثنائية تاريخية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    جلالة الملك يستقبل مبعوث خادم الحرمين الشريفين حاملا رسالة لجلالته    بنموسى يشدد على التزام الحكومة بتحسين ظروف اشتغال الأسرة التعليمية    لوحة الجمال والعار    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    مشروع قانون يتعلق بمناطق التسريع الصناعي يحظى بمصادقة مجلس المستشارين    سلا تشهد ولادة عصبة جهوية للألعاب الإلكترونية    طيران كوت ديفوار يطلق خطا مباشرا بين الدار البيضاء وأبيدجان    واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    ‮ ‬من أجل توفير الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، اتفاقية‮ ‬شراكة بقيمة ‮ ‬69مليون درهما    قرار تحويل "درب عمر" يصطدم بتمرد أصحاب "الطرافيكات"    التعاون الوطني بتطوان يختتم فعالياته المخلدة للذكرى 67 لتأسيسه بحفل بهيج    تشكل موردا ماليا ل 13 مليون فرد وتشغل 40% من اليد العاملة.. الفلاحة في المغرب أمام تحديات كبيرة    النفط يتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    التقنيون يواصلون احتجاجهم ويستنكرون تغييب ملفهم عن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    بعد ضجة آثاره المميتة.. "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاح كورونا من الأسواق    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم مع المغرب في مجال الثروة المعدنية    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    نادية فتاح تبحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية تمويل الحماية الاجتماعية بالمغرب    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة المقترحة؟    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    بنموسى…الوزارة ستحترم قرارات المجالس التأديبية التي ستتخذ في حق الأساتذة الموقوفين    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    المعتقل السياسي نبيل أحمجيق يتضامن من داخل زنزانته مع انتفاضة الطلاب العالمية لنصرة غزة    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    سائقو سيارات نقل البضائع بامزورن يؤسسون مكتبهم النقابي    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يغرد القلب خارج السراب

سرت في زحام الروح أتخبط على غير هدى مع طعم الدهشة الأولى، ولا أعرف للراحة سبيل، تتلكأ السنة في مشنقة الفصول لتنبت الزهور في نيسان، وتهرب من طريق إلى طريق.
حملت كرامتي، ومضيت هائمة أنا وروحي، ألثم ما تبقى من آثار خطى الأحلام على أعتابي، ف أهرب من جحيم يحرقني، فيضيع العمر ويحمل باقة من الحزن معه ليجهض الحديث في صدري، ثم أبحث عن بقعة سلام أضمد فيها جراحي، ربما……
لم يعد يشبهني ذاك التعب الذي يزهر من حزن الغيم يوما، أو عمرا، أو حتى لقاء صباحيا، ليزرع بذور حلم فوق تراب الأفق، تارة ينبت أقحوانا، ف أنتظر على مضض ولادة أخرى، كتلك التي ستهطل بقطرات من أنين، ف أعود لأطرق نوافذ أفكاري الشاردة في ديسمبر، علني لا أغرق في صخب الحنين، وحروف الحب، ورذاذ الشوق، ونبضات تكلى تجعل الحلم يستيقظ، ليضيء طيف السنى في الأفق.
ربما بيني وبين كل هذا الصهيل مساحة كف، وصمت، يربث على روحي، عساني أجد غريبا يسمعني أو يسكنني، يفتح لي قلبه فأحدثه عن نفسي، عن ضغوطاتي، عن همومي وأحزاني، عن هزائمي وانكساراتي، أخطائي، مخاوفي، عقدي، نقاط ضعفي التي تلازم سري، أشلائي المتناثرة وكل شيء لم أواجه به نفسي، بحاجة لغريب أبوح له بثقلي، فيحمله عني ويمضي لا يفشيه لأحد .
أبحر في التيه، أصافح تارة كؤوس النبيذ الفارغة من أول أمس، وكومة دحنون، وأوراق حناء، تخضب عقد الأيام دون أن نسأل الفراشات أين تأوي عصافير الرب؟ كما كانت تفعل ليلة العيد، وأنا مازلت أمسك قلمي لأتكئ بحروفي على صدرِ الأُمنيات .
يبلل صوتها مآقي الدمع يوما ما، لأدرك أن الشمس عينها لا تغيب، والعمر لا يسأل شجرة الزيتون لماذا لا تشيخ، لترحل من عبير عطره شذرات تسافر مني إلي، مهما أسود ليلها المعتم، ليلتف حولي كالغمام، ويعقد حول الأبواب والستائر ضياعه يوما ما، عله يصدق ما قالته العرافة ذات عمر، ف يصب الملح بوريد العمر، ويضغط بكل قوته على جرحه النازف، لكن النوافذ نسيت كيف تتثاءب، وضوء القمر عاقر البكاء.
حاولت مرارا الخروج من عقدات النبض، تتحشرج الأنات بصدري، لأرصد الضحكات والدمعات في ديسمبر هذا العام، وتتحجر الدموع بالمآقي عساها تربت على السكون، فيوقظها نداء الصوت الفيروزي من لحظات الإغماء، ليلف الضجيج رأسي، وأريه أني لن أتسلق سلم خيباتي، ولا أنسى ما أتمنى، وأنا الشريدة على شواطئ العمر، قسما برب البرق والرعد، لأخبرن الله كم أحبه، أكثر مما أحب ذاتي لأنال البرزخين، دون أن أخبر القمر عنهما.
ف لا يغار الحلم الذي زرعناه معا على حواف الغيم، ولا تتدلى من أجفان القمر كل مساء نمارق لجين، وبعض حبات نبض، وذاكرة تخزن دفء اللحظات، فتتداخل مشاعري ويحرق بعضي بعضي .
قالت :
متبعة أنا يا زمن،
وحيدة، أعاني صقيع الروح وأترنم الضياع ك أغنية حزينة …
قالت :
كثيرا ما يوقظني الفجر وأنا متعبة، ك ميت يحمله كفن، وُلد هكذا متعبا ولا يجد للراحة سبيل، ف أخبر نيسان أنني اشتقت لكل التفاصيل، والملامح، والشامات، ف أمضي إلى ما لا يستحق أن أجعله بداية يومي .
كثيرا ما يزهر البنفسج على عتباتي، فتغفو عيني وتنام، ويلتصق ملامح وجهها على كفي، فتبلل تربة روحي بصوتها .
فكيف أقنع نفسي بالرحيل، وأفك أزرار الخصام؟
وأنا التي ترسل ظلالها إلى براح الروح، قبل أن تخونها شجاعتها ويجتاحها ضعف يشدها إلى الوراء .
– ومن يدري؟
لمتاهة الروح رهبة ألفتها، وكلي فوضى تتبختر أمامي متمردة، ساحرة، وكل ما يشغلني، ويغمرني شعوري بجاذبية الأمور، فلا العمر يرسم فرحا مغادرا، ولا الصمت يمتطي جسدي الشارد، ولا القهوة عادت كما كانت ذات مساء، وصوت صرير الفجر يذبحني من وريد الشوق إلى وريد نهاية العمر، حاولت مرارا امتشاق الحلم، وكل الملاحم التي أسردها على ذاكرتي كانت أثقل من القدر، فأوشكت أن أعلق تعبي على دوح السراب، عندما يحضر الضباب .
وأسألني،
عن تعاويذ النوم الأخيرة، وأمضي، والفجر ينتظر أن يفل حتى يأخذ دوره كشيء مهم، أو كروح شريدة.
وأسألني،
– هل مازال في القلب متسع للانتظار؟
ينثرني يقيني على طهر جذوة الندى ألقا، والكون ساكن على ناصية الأمل بأسارير الهوى، كنور مسافر في مسامات القدر، والفجر سر، والسر روح متفردة النبض، تحيك ضفائر الضياع، ليسكن فوح الندى وجدانها، ويتنفس الفجر من مباهج النور، ليرسم وشاح الحب المنسدل الضياء، ف تحوم فوق قلاعي أقاويل سرقت شمس الأمل، وقطعت أوتار التعب، ولم تدرك من الفجر إلا هجعة النفس، وخسوف الحب.
أعاند عبثية الحياة، وعهد اللقاء، ف تحوم فوق قلاعي أقاويل، انتفضت متمردة لترسم تباشير حرف، ولهفة، وصوت اشتياق يقصف الجو قصفا في منتصف العمر، فيبصر أهل الروح جثوم الظلام على أنفاسهم .
أمضي، وقد تنفس الفجر، وأضاءت الروح سراجها، لتخلف نورا قد غاب خلف الأكمة البعيدة للأقدار، وتسربلت أنفاسه لتزيل غبار البعد، وتعيد لي نبض الحياة وأمضي، وللفجر انبعاث ينتشي بغيابي، ف أرى بعينيه الجفاء، ولفؤاده الخسوف في سمائه، ف أستشعر معه سريان الروح، ورعشة الفؤاد، وأحاديث عابرة قصت على مسامع الصمت حكاية ضائعة، تنبعث في ذهن العمر تارة، وتارة أخرى يهتز لها الكيان وكل شيء.
– ماذا أقول لنيسان؟
– وماذا أفعل أنا؟
واسم الأحلام على شاهد اللحد يذبحني كل يوم …
سؤال تلعثم بحزني، وتعثر بدروبي، وما أهون الأمل، وما أعدى الأيام، وأنا أسافر بحثا عن موطني، حاملة على ظهر قلبي حقائب ضياعي، واشتياقي لأخبئ داخلها خوفي، وبعض القصائد.
تارة ألملم شظايا روحي، وبقايا حلمي، لأحلق مع الأنجم، وتارة أوقد شموع لهفتي، وأنسج لها قلادة من التعب، وفي سراديب روحي بوح يرفض الانهيار، وجل النبضات قد هرمت ولم تعد تدري كيف يغرد القلب خارج السراب، ليغني للروح ألحانا، ويمسح برقة وجه الحياة.
بقلم: هند بومديان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.