تعبئة 547 مليون درهم عبر إعمال المقاربة التشاركية والالتقائية بين البرامج والسياسات العمومية الصبيحي: نقائص واضحة لن تثنينا عن مواصلة النهوض بالقطاع الثقافي ببلادنا برنامج عمل طموح وواقعي برسم ميزانية سنة 2014 قدمه وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي أمام أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب مساء يوم الجمعة الماضي ، إذ بقدر ما أكد على مواصلة الوزارة تنفيذ سياستها القطاعية والتي تتأسس على خمسة محاور أساسية تنطلق من إعمال القرب الثقافي مرورا بدعم الإبداع والمبدعين وصيانة وتثمين التراث الثقافي وصولا إلى تعزيز الدبلوماسية الثقافية والحكامة الجيدة، فإنه أقر في ذات الوقت بمختلف النقائص التي لازالت تعتري القطاع. ففي جو ساده التوافق بين أعضاء الأغلبية والمعارضة خلال انعقاد هذه اللجنة التي ترأسها كجمولة منت أبي، بشأن الاكتفاء بالاستماع إلى عرض الوزير وتأجيل مناقشة مشروع ميزانية قطاع الثقافة إلى غاية صباح أمس الأحد لمنح الوقت الكافي للأعضاء للإطلاع على الوثائق الخاصة بالميزانية وذلك انسجاما مع المادة 158 من القانون الداخلي التي تحدد للنواب والنائبات مدة خمسة أيام بعد الحصول على الوثائق للدخول في المناقشة، أعلن أمين الصبيحي عن الإمكانات المالية التي تمكنت الوزارة من توفيرها لتنفيذ مختلف جوانب السياسة الثقافية والتي تتم عبر إعمال المقاربة التشاركية والالتقائية بين البرامج والسياسات العمومية، حيث وصلت إلى 547 مليون درهم. وأوضح الوزير الذي جدد التأكيد على الأهمية التي بات يحتلها قطاع الثقافة بتنوع مجالاته كرافعة للتنمية بل وفي حفظ مقومات الشخصية والهوية المغربية، (أوضح) أن هذه الاعتمادات تتوزع بين الإمكانات المالية المرصودة للوزارة في إطار الميزانية العامة للدولة برسم 2014 والتي تصل إلى 332 مليون درهم، تتقاسمها نفقات التسيير ب 152 مليون درهم، ونفقات الاستثمار ب 180 مليون درهم، إضافة إلى ميزانية الحساب الخصوصي الذي يحمل اسم الصندوق الوطني للعمل الثقافي، والتي تبلغ 20 مليون درهم تمثل مجموع المداخيل المترتبة عن زيارة المآثر التاريخية والمواقع الأثرية،هذا فضلا عن تعبئة موارد إضافية في إطار الشراكات الوطنية والدولية والتي بلغ حجمها 195 مليون درهم. وكشف الوزير في هذا الصدد عن مجموعة من المشاريع التي يرتبط تنفيذها بالموارد المالية الإضافية ويتعلق الأمر بمشروع ترميم البنايات التاريخية بفاس والتي خصص له مبلغ 67 مليون درهم، ومشروع تأهيل طنجة الكبرى الذي سيستفيد من 30 مليون درهم وذلك في إطار الاتفاقيتين التي تم توقيعهما تحت الإشراف الفعلي لجلالة الملك محمد السادس والتي تبلغ قيمتها 97 مليون درهم برسم سنة 2014، فضلا عن تأهيل موقعين أثريين بكل من سيدي عبد الرحمان بالدار البيضاء وموقع زليل بأصيلا والذي سيمول بقيمة 37 مليون درهم بمساهمة مجموعتين استثماريتين، بالإضافة إلى موارد مالية تصل إلى 42 مليون درهم معبئة في إطار سياسة المدينة بشراكة مع وزارة الإسكان، وكذا ترميم صومعة حسان بمساهمة لوزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، وترميم المعلمة التاريخية اليهودية «بيعة سيمون أتياس» بالصويرة بهبة ألمانية تصل إلى 4.7 مليون درهم، وإحداث مركز ثقافي بمساهمة مؤسسة محمد الخامس للتضامن والجماعات الترابية لسلا. هذا وبلغة واقعية أقر الوزير بأوجه الخصاص الذي لازال يعتري قطاع الثقافة وطنيا وجهويا ومحليا خاصة على مستوى البنيات التحتية والمنشآت الثقافية، مسجلا في هذا الإطار أن عاصمة 24 إقليم وعمالة لا تتوفر على مركز ثقافي، حيث أن تغطية الجماعات الحضرية بهذه المراكز لا تتجاوز 50 في المائة، فيما نسبة الجماعات القروية من الخزانات ونقط القراءة لا تفوق 10 في المائة، معلنا على هذا المستوى عن تخصيص الوزارة لمبلغ يناهز 185 مليون درهم برسم 2014 لسد هذا الخصاص. وأفاد أن الوزارة ستعمل على تعزيز شبكة المراكز الثقافية باعتماد يقدر ب 132,5 مليون درهم بحيث سيتم تأمين تغطية متوزانة للتراب الوطني مع منح الأولوية للمناطق التي تشكو من غياب أو نقص في هذه البنيات، إذ من المقرر أن يتم استكمال إحداث وتهيئة وتجهيز 10 مراكز ثقافية والمنشآت الفنية، وإحداث 13 مركزا جديدا باعتماد قدره 96 مليون درهم، وذلك بكل من بركان، ورزازات، تنغير، صفرو، الراشيدية، الريصاني، طانطان، شيشاوة، تامسنا، سلاالجديدة، بني مكادة والبرانص بطنجة. هذا وفيما يخص المجال الموسيقي، أعلن الصبيحي أن الوزارة ستطلق مشروع إعادة تأهيل المعاهد الموسيقية وذلك عبر وضع صيغة معقلنة لتوزيع وترتيب المعاهد الموسيقية التابعة لها، بحيث يتم بعد استكمال أشغال بناء المعهد الوطني العالي للموسيقى وفنون الكوريغرافيا بالرباط، سيتم إحداث مؤسسة عليا للتكوين الموسيقي، ومعهد وطني للموسيقى وفنون الكوريغرافيا، ومعاهد موسيقية جهوية تعمل بمثابة مؤسسات مرجعية بعد إخضاع الموجود منها لتأهيل شامل. هذا ويمتد طموح الوزارة برسم ميزانية 2014 إلى توسيع شبكة القراءة العمومية عبر رصد اعتماد يصل إلى 18,5 مليون درهم، وذلك من خلال إحداث 8 خزانات عمومية في إطار الشراكة، من بينها خزانة وسائطية بمدينة طنجة في إطار مشروع طنجة الكبرى، وتأهيل وتجهزي 4 خزانات عمومية بكل من تمارة، أرفود، طنجة، وشفشاون، وأربع خزانات أخرى بكل من قلعة السراغنة، شيشاوة، بنكرير والصويرة. هذا ولم يفت الوزير التأكيد على جانب أساسي من طموح وزارته والذي يهم دعم الإبداع والمبدعين، مشيرا على أنه بالرغم من الإمكانات التي رصدتها الوزارة لدعم مختلف مجالات الإبداع ومواكبة المبدعين والفنانين وأنشطتهم إلا أن الحاجة لازالت قائمة، معلنا عن مواصلة هذا المجهود عبر تصور جديد للدعم وتخصيص غلاف مالي يقدر ب 72,2 مليون درهم برسم 2014. وأبرز في هذا الصدد أنه سيتم رصد 40 مليون درهم لدعم المشاريع الثقافية والفنية والتي تهم مجالات الكتاب والنشر والموسيقى والفنون الكوريغرافية، والفنون التشكيلية والبصرية والمسرح وفنون الشارع، بمعدل 10 مليون لكل مجال، وعبر اعتماد صيغة جديدة للحصول على الدعم تتمثل في تقديم طلبات عروض المشاريع وذلك في إطار قرارات مشتركة بين كل من وزارة الثقافة ووزارة الاقتصاد والمالية. وأكد الصبيحي مواصلة الوزارة في هذا الإطار دعمها للجمعيات الثقافية والفنية الشريكة والجادة بميزانية تصل إلى 5 مليون درهم، إلى جانب الدعم السنوي الذي يقدم للتعاضدية الوطنية للفنانين والمحددة في 2 مليون درهم، كاشفا في ذات الوقت عن تقديم دعم إضافي يخصص للبرامج الثقافية والفنية المنجزة من طرف المديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية، وهو يندرج في إطار دعم البرنامج الوطني لتنشيط المراكز الثقافية، والذي من المقرر أن ينفتح انطلاقا من هذا الشهر على المراكز الثقافية التابعة للجماعات المحلية . كما أعلن عن تخصيص غلاف مالي يصل إلى 87,3 مليون درهم كدعم للمؤسسات العمومية ومعاهد التكوين ومراكز الدراسات التابعة للوزارة، ويتعلق الأمر على سبيل الذكر بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية والتي تستفيد من مبلغ يصل إلى 49 مليون درهم، والمسرح الوطني محمد الخامس والذي رصد له اعتماد يقدر ب 15.6 مليون درهم. ومن جانب آخر شدد الوزير على الدور المحوري الذي باتت تلعبه الدبلوماسية الثقافية، مستلهما خارطة الطريق مما خطته الرسالة الملكية الموجهة إلى سفراء المملكة بتاريخ 30 غشت الماضي، قائلا «إن الوزارة ضمنت برنامجها تصورا جديدا يركز بالأساس على البعد الإفريقي والتعاون جنوب جنوب، بالإضافة إلى المساهمة الفعلية للجن بين وزارية لوضع برنامج يستجيب لانتظارات مغاربة العالم، وإقامة أيام ثقافية مغربية بعدد من البلدان الصديقة والشقيقة. هذا ولم يفت الوزير إطلاع أعضاء اللجنة عن الإجراءات والتدابير التي اتخذها في مجال الحكامة بقطاعه مسترشدا حسب قوله بالرسالة الإطار لرئيس الحكومة فيما يخص ترشيد النفقات وحسن تدبير الموارد البشرية، مشيرا في هذا الصدد إلى التدابير التي تهم إعادة النظر في الهيكلة الإدارية للوزارة بحيث تتماشى مع المهام الثقافية التي أصبحت موكولة لها بارتباط مع مقتضيات الدستور الجديد واستراتيجية المغرب الثقافي في أفق 2020، وإعداد مشروع قانون لإحداث المؤسسات العمومية المحلية الثقافية ووضع نظام وطني للإحصائيات الثقافية على اعتبار أن القطاع يعرف نقصا كبيرا على هذا المستوى، حيث من المقرر أن يؤدي هذا الإجراء إلى إحداث المرصد الوطني للثقافة. وكشف في ذات السياق عن برمجة الوزارة لتحديث وتحيين المنظومة التشريعية عبر التحضير للقانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المنصوص عليه في الدستور الجديد، ومشروع قانون للنظام الوطني للإحصائيات الثقافية، وتعديل الظهير المحدث للمسرح الوطني محمد الخامس، ومشاريع أخرى تتعلق بالتراث الثقافي من بينها مشروع قانون لحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه، ومشروع قانون يتعلق بمنظومة الكنوز الحية، هذا فضلا عن تعديل القانون المتعلق بالفنان ومشروع تحديد تعريف لبعض الخدمات العمومية الثقافية.