المسرح الثالث واتحاد كتاب المغرب الكاتب المسرحي المسكيني الصغير ذاكرة الكاتب المسرحي المسكيني الصغير، تختزن الكثير من الوقائع والحقائق حول الحركة الثقافية والنضالية ببلادنا. كان ولا يزال منخرطا في أتون هذه الحركة، من خلال كتاباته المسرحية والشعرية، وكذا من خلال نشاطه الجمعوي، في صفوف اتحاد كتاب المغرب على وجه الخصوص. مر المسكيني بتجربة الاعتقال في السنوات الموسومة بالرصاص، بسبب نضاله من أجل العدالة والكرامة الإنسانية. ظل صامدا وفيا لمبادئه النبيلة. وفي هذه المذكرات التي أدلى بها لبيان اليوم، يستحضر المسكيني بصراحته المعهودة، نصف قرن من العطاء والكفاح. 4 المسرح الثالث تجربة المسرح الثالث أتت نتيجة دراسة ميدانية، وقد نشرت هذه الدراسة حول الخطاب في المسرح الهاوي، من خلال مشاركتي في اللجنة التي كانت مكلفة باختيار الأعمال المسرحية المؤهلة للمشاركة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة، الذي كان يقام سنويا، لكنه مع الأسف توقف، وتلاشت هذه التجربة الرائدة، ومن خلال الجولات التي قمت بها لمشاهدة تلك الأعمال المسرحية، التي كانت تصل إلى ما يفوق مائة عمل، والتي كانت تشكل ثروة كبيرة، قمت بدراسة متواضعة حولها، فأعطت هذا المنظور الذي يسمى المسرح الثالث، المبني على التاريخ والمكان والزمان، بمعنى مبني على استثمار ذاكرة الحدث الدرامي، الذي يكون بشكل عام تراثا إنسانيا، ويمكن مراجعته وفهمه واقعيا في المكان والزمان، ومدى تحقق هذه العملية من خلال هذه الأعمال المسرحية، وبعد دراستها، تبين بالفعل أن أغلب الأعمال، إن لم نقل كلها، اعتمدت على هذه الذاكرة، واستطاعت أن تستثمرها في المكان وفي الزمان، حسب ما يعيشه الإنسان في واقع معين وفي زمن معين. وبالطبع فإن هذه العملية لها جانب تقني من حيث الكتابة وحتى من حيث الجانب المتعلق بالإخراج، وتعكس ما أسميته بالمسرح الثالث، وكان من بين الإخوة الذين تعاونوا على هذه التجربة: المخرجان المسرحيان يحيى العزاوي وعبد القادر عبابو والكاتبان المسرحيان الحسين الشعبي وسعد الله عبد المجيد.. كانت هناك العديد من الاجتهادات التي حاولت أن تترجم هذا الجانب التقني في المسرح الثالث، بطبيعة الحال، الاجتهادات تختلف، كل واحد له نظرة خاصة في التعامل مع هذه التجربة المسرحية، لكن من حيث المضمون، دائما نلتقي حول منظور المسرح الثالث، الذي يشتمل على مجموعة من الأعمال، سواء التي كتبت أنا، أو كتبها الآخرون، حيث تتجلى هذه الأشياء التي تحدثت عنها. اتحاد كتاب المغرب اتحاد كتاب المغرب مع الأسف، وأكرر كلمة الأسف أكثر من مرة، تعرض للإجهاض، بسبب بعض من أعضائه، في وقت كان مؤسسة نابضة ومؤثرة، مؤسسة موقف، حيث كان هذا الاتحاد مشهورا بمواقفه في الوطن العربي خاصة، ففي السنوات الأخيرة، تحكمت فيه بعض الإيديولوجيات، وبعض الانتماءات، التي لم تكن تنظر بعيدا إلى ماهية اتحاد كتاب المغرب، باعتبار أنه يجب أن يتبنى كل التيارات، غير أنه مع الأسف كانت بعض التيارات هي التي تحاول أن تفرض نفسها داخل المؤسسة، مما أدى إلى نوع من الفتور، فهذا العضو ينتمي إلى الحزب الفلاني، وذاك ينتمي إلى حزب آخر، وطبعا الكل يبحث عن الأغلبية، ويبحث عن موقع داخل هذه المؤسسة، مما أدى إلى نوع من الانقسام، وترتب عن ذلك تأسيس رابطة الأدباء المغاربة، كما أصبحت جمعيات صغيرة، تؤدي نفس المهام التي كان من المفروض، أن يقوم بها اتحاد كتاب المغرب. وبالرغم من أننا كنا دائما نطالب بأن يحصل الاتحاد على صفة المنفعة العامة، لكن عند الحصول على هذه الصفة، لم يتم الاستفادة منها، فإلى حد الساعة لا يزال اتحاد كتاب المغرب يعاني من الفقر المادي، كما أن تأثيره في الساحة الثقافية جد بسيط، في الوقت الذي من المفروض أن يكون له وجود ضمن مختلف المؤسسات الثقافية داخل الوطن وخارجه. يضاف إلى ذلك أنه مع الأسف، جميع الأعضاء الذين كانوا قد ترأسوا اتحاد كتاب المغرب، بمجرد ما كانوا يغادرون موقع المسؤولية، يختفون، وهذه مسألة غير منطقية، من المفروض أن أي عضو ترأس هذه المنظمة، أن يظل عضوا شرفيا ويساهم بوجوده ويكون قدوة للأجيال القادمة، لكن بالعكس لا يصبح له وجود.