يتضح اليوم بعد انصرام نصف أيام الشهر الكريم أن هناك شبه إجماع لدى المغاربة حول رداءة الانتاجات الكوميدية التي تعرضها قنواتنا الوطنية، ورغم أن هذا التلقي السلبي يتكرر كل رمضان، فانه هذا العام تميز بجرعات زائدة من الاستياء عن السابق. تلفزيوننا بمختلف قنواته فشل هذه السنة في إضحاك المغاربة وخلق مساحة من الترفيه خلال فترة فطورهم، وعدد من الأسر ولت وجهة فرجتها نحو قنوات عربية وأوروبية للبحث عن انتاجات فكاهية ذات جودة. أشخاص يفرضون على الأسر في بيوتها من خلال التلفزيون لإضحاكهم" بزز" وهم لا يستطيعون إضحاك حتى أنفسهم... في القرن الواحد والعشرين وبرغم كل الثورات التي تحققت في عوالم التواصل والتكنولوجيا، وبرغم ما راكمه المغاربة من مشاهدات ومقدرة على المقارنة والقياس، فلا زال هناك من يحاول إضحاكهم عبر الحركات الجسدية وعبر تحريف اللغة أو بواسطة قصص تعود للعهود الزراعية والحجرية لم تعد تثير حتى ابتسامة الأطفال... فقط في هذه البلاد العزيزة يمكن أن تشرع في انجاز عمل فني تلفزيوني بدون أن تمتلك سيناريو أو قصة أو حكاية، ويمكن أن تجمع الممثلين وغير الممثلين وتوقف الجميع أمام الكاميرا)وآجي يافم وقول(... فقط عندنا يمكن أن تستنفر الإمكانات والتجهيزات التقنية والبشر والموارد المالية لتصور عملا تحسبه فنيا وهو يقوم على"التخسار" في كل شيء، ومن دون أدنى خجل... صحيح أن المشاهدين لا يذكرون من الأعمال التلفزيونية الرمضانية سوى وجوه الممثلين، ولكن في الحقيقة يجب اليوم إعلان وقفة صرامة تجاه كامل هذا الابتذال، والبحث في المسؤولين الحقيقيين عن هذا"التعذيب"الذي يتعرض له المغاربة كل شهر صيام. الأمر يتعلق هنا بإساءة كبيرة للفن وللذوق، وبإهانة لذكاء الجمهور المغربي، كما أنه يتعلق بمال عام يجري صرفه، ولابد من معرفة جدوى هذا التبذير وأيضا منظومة صرفه والمستفيدين الحقيقيين من ذلك. المشكلة توجد هنا، أي في"المعقول" الغائب عن المنظومة برمتها، وفي افتقار العملية للشفافية وجودة الحكامة، ثم إن المشكلة الأخرى توجد في افتقار ما يقدم إلى كتابة حقيقية، أي النص والسيناريو والحكاية. في مقابل ما سبق، لابد من التأكيد على أن البرمجة الرمضانية تضمنت هذه السنة أعمالا درامية، اجتماعية وتاريخية، تستحق التنويه، وقد نجحت في جذب نسبة مهمة من المشاهدين، بالنظر إلى جودة إنجاز العمل وتألق عدد من الممثلات والممثلين، وهذا دفع الكثيرين لإجراء المقارنات مع كثير خواء ورداءة يتم عرضهما تحت تسمية الفكاهة والكوميديا. نحن لسنا هنا في موقع إجراء نقد أو تحليل فني لإنتاجات تلفزيوننا خلال رمضان، ولكننا ننقل انشغالا شعبيا يتميز بالاستياء والنفور مما يتم تقديمه على مختلف قنواتنا الوطنية هذه الأيام، وأغلبية الجمهور تقول اليوم: كفى من هذه"البسالة"التي تتكرر كل سنة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته