يطلب ممن صوروا الاعتداء تقديم الشريط للأمن كادت القنطرة الفاصلة بين مدينتي سلا والرباط أن تكون شاهدة على مأساة لن تكون إلا موجعة لكل المغاربة ولكل محبي الفنان القدير المسرحي عبد الحق الزروالي. فبعد خمس دقائق على منتصف ليلة الأربعاء الماضي، وعند الإشارة الضوئية التي تنهي المسير فوق القنطرة، طالب مرافق سائق سيارة محادية من الفنان عبد الحق الزروالي بالتوقف. "كان الوقت متأخرا، والمكان غير ملائم البتة للوقوف"، يقول الزروالي في سرد وقائع الحادث لبيان اليوم، وبالتالي "لا مجال لتلبية طلب رجل ظننته للوهلة الأولى معجبا بما أقدمه من أعمال فنية. ضغطت على دواسة البنزين بمجرد مشاهدتي للضوء الأخضر". بيد أن صاحب طلب التوقف أمر السائق باللحاق بالفنان الزروالي. ثم الأمر بطريقة هوليودية لم يجد معها المسرحي بدا من التوقف مجبرا، ظنا منه أن الإعجاب قد يبلغ ذروته ليلامس الجنون. كان ذلك أكبر خطأ ارتكبه الزروالي الذي لمح سيفا طويلا عريضا يخرج من بوابة السيارة يحمله شخص سارع إلى التلويح به في اتجاه الفنان الذي سارع بدوره إلى الفرار. لكن إلى أين؟ فالشارع لا يضم منافذ للفرار. فما كان منه إلا أن احتمى بسيارته يطوف بها كأنه يؤدي مناسك الحج والمعتدي يعدو وراءه طالبا منه التوقف حتى يقطع أوصاله، ويسلب منه ما يملك. "كنت سريعا، حملتني رجلاي بخفة منقطعة النظير، شعرت بجسدي كالريشة تحملها نسمات الخوف من موت محقق" يقول عبد الحق الزروالي، قبل أن يضيف "واصلت الدوران قبل أن أفاجئ بالمعتدي يقف على سطح السيارة ملوحا بالسيف نحوي. لم أفكر لأن الخمس دقائق التي قضيتها ليلة الاعتداء شلت تفكيري. اتجهت صوب السيارات القادمة طالبا النجدة. توقف الجميع. وتوقف المعتدي. وجها لوجه. سارع مواطن إلى رجم صاحب السيف بالحجارة، فيما فضل آخرون تأريخ المشهد باستعمال كاميرات هواتفهم". لم ينزعج المعتدي. عاد إلى سيارة المسرحي، وانهال على زجاجها وأبوابها وكل محتوياتها. حولها إلى خردة وانصرف، "ليس خوفا مني ومن مواطنين ساندوني" يقول الزروالي، بل من أضواء كاميرات تختزن تفاصيل ليلة الرعب... كاميرات نتمنى أن تفرغ محتوياتها وتصل إلى رجال الأمن إنصافا لفنان قال للجريدة إنه يهوى أفلام الرعب ويتابع نشرات الأخبار "بحثا عن تعبئة نفسي بألم أجسده في أدواري. لكن، شتان بين ما يشاهده المرء في زاوية من زوايا بيته وبين ما يتعرض له في الواقع". إلى ذلك دخلت على الخط النقابة المغربية لمحترفي المسرح التي يعد الزروالي من مؤسسيها ومناضليها، لتعبر في بيان، توصلت الجريدة بنسخة منه، عن تضامنها المطلق مع الفنان عبد الحق الزروالي، وتهنئه على سلامته. داعية السلطات الأمنية إلى التحقيق في النازلة لمعاقبة المعتدين ورد الاعتبار للأضرار المادية والمعنوية التي لحقت الفنان عبد الحق الزروالي على إثر الاعتداء الشنيع الذي تعرض له ليلة الأربعاء الماضي من قبل عصابة بمدينة سلا.