أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    هل ينهي مجلس المنافسة تلاعب "لوبيات" الصيد البحري ويضع حدا لارتفاع أسعار الأسماك بالناظور؟    مركز دراسات.. لهذا ترغب واشنطن في انتصار مغربي سريع في حال وقوع حرب مع الجزائر    تركيا تعلق المعاملات التجارية مع إسرائيل    أنور الخليل: "الناظور تستحق مركبا ثقافيا كبيرا.. وهذه مشاريعي المستقبلية    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    مطالب بعقد اجتماع عاجل بالبرلمان لمناقشة توقيف الدعم الاجتماعي عن العديد من الأسر    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    أزمة طلبة الطب وصلت ل4 شهور من الاحتقان..لجنة الطلبة فتهديد جديد للحكومة بسنة بيضاء: مضطرين نديرو مقاطعة شاملة    النقابة الوطنية للصحافة المغربية تصدر تقريرها السنوي حول الحريات والحقوق الصحافية بالمغرب للفترة 2023-2024    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية    الأمطار تغلق مدارس وشركات مجددا في الإمارات وتتسبب باضطراب حركة مطار دبي    "الأمم المتحدة" تقدر كلفة إعادة إعمار غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار    بواق الكابرانات اعتارفو: اتحاد العاصمة خسرو وتقصاو من كأس الكاف والقضية مازال فيها عقوبات اخرى    الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تؤكد تأهل نهضة بركان إلى نهائي كأس "الكاف"    فوضى «الفراشة» بالفنيدق تتحول إلى محاولة قتل    مصرع سائق دراجة نارية في حادثة سير مروعة بطنجة    عاجل.. قاضي التحقيق ففاس هبط مدير ثانوية "الوحدة" لحبس بوركايز بعد ملتمس من الوكيل العام وها التهم اللي توجهات ليه    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    ندوة بطنجة تناقش مكافحة غسل الأموال    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    المكتب الوطني للمطارات كيوجد لتصميم بناء مقر اجتماعي.. وها شنو لونصات لقلالش    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة    جامعة في نيويورك تهدد بفصل طلاب تظاهروا تأييداً للفلسطينيين        النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس نشاط شركات توظيف «وهمية» تحت أعين وزارة التشغيل
نشر في نيوز24 يوم 15 - 03 - 2015

حسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، عمم منتصف شهر فبراير الماضي، بلغ عدد العاطلين في المغرب مليونا و167 ألف شخص، بعد انضمام 86 ألف شخص إلى أفواج العاطلين، بينهم 63 ألف شخص في المدن و23 ألف شخص بالقرى والبوادي، في الشهور الأخيرة.
عمليا، هناك مليون و167 ألف شخص في بحث عن عمل. «بروفايلات» هؤلاء تختلف، لكن كلهم يشكلون سوقا خصبة لفاعلين يعيشون من بطالة الآخرين ورحلة بحثهم المضنية عن العمل. الأمر يتعلق بمكاتب التشغيل الخصوصية وشركات العمل المؤقت، فضلا عن مكاتب تهجير اليد العاملة إلى الخارج.
كيف «تتصيد» هذه المكاتب زبناءها الباحثين عن العمل؟ ما الإطار القانوني الذي يضبطها؟.. البحث في عالم شركات الوساطة في التشغيل، بمختلف أنواعها، قاد إلى حقائق صادمة، بينها اشتغال 80 في المائة من شركات الوساطة في التشغيل والتهجير خارج أي إطار قانوني تماما، في الوقت الذي يظهر فيه غياب تام لدور وزارة التشغيل عن ضبط إيقاع مجال بالغ الحساسية، كل ذلك بناء على وثائق ووقائع وعدة زيارات ميدانية لمكاتب تشغيل ولقاءات مسجلة مع مسؤوليها، في الوقت الذي لم يردنا أي توضيحات من وزارة التشغيل رغم إلحاحنا ومراسلتنا لمسؤول التواصل لدى وزير التشغيل بنفسه.


كل شيء بدأ سنة 1999، تاريخ التوقيع على الاتفاقية رقم 181 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمتعلقة بوكالات التشغيل الخصوصية. التوقيع أنهى، فعليا، احتكار الوكالة الوطنية لإنعاش تشغيل الكفاءات «أنابيك» لمجال الوساطة بين الباحثين عن الشغل وعارضيه.

خارطة طريق
تبعا للاتفاقية الموقعة، تضمنت مراجعة مدونة الشغل، سنة 2003، اعترافا بوكالات التشغيل الخصوصية، معرفا إياها بكونها «كل شخص اعتباري يقوم بالأعمال التالية أو بإحداها». هاته الأعمال منحصرة في «التقريب بين طلبات وعروض الشغل دون أن يكون القائم بالوساطة طرفا في علاقة الشغل التي قد تنشأ عن ذلك. تقديم أي خدمة أخرى تتعلق بالبحث عن شغل أو ترمي إلى الإدماج المهني لطالبي الشغل. تشغيل أجراء بهدف وضعهم مؤقتا رهن إشارة شخص ثالث يسمى المستعمل يحدد مهامهم ويراقب تنفيذها».
مجال اشتغال وكالات التشغيل الخصوصية هاته يتحدد في قطاعين، يمكن الجمع بينهما أو الاقتصار على أحدهما، يتعلق الأمر بتقديم خدمات توسط بين باحثين عن عمل وشركات، أو توفير مستخدمين وعمال مؤقتين لشركات تكون وكالة التشغيل، في الواقع، هي من توفر حقوقهم التعاقدية، وضمنها الأجر. وفق المقتضيات القانونية المؤطرة لحدود نشاط وكالات التشغيل الخصوصية، فإن شروطا مفروضة هي التي تجعل أمر فتح وكالة تشغيل على قدر من الانضباط، على الأقل على المستوى القانوني. ضمن هذه الشروط، فضلا عن تأسيس شركة لا يقل رأسمالها عن 10 ملايين سنتيم، فرض أداء وكالة التشغيل الراغبة في الاشتغال في المجال كفالة تودع لدى صندوق الإيداع والتدبير. قيمة الكفالة محددة في 50 مرة ضعف الحد الأدنى السنوي للأجور. تبعا لذلك هي متغيرة، وتقدر حاليا بنحو 130 مليون سنتيم. الكفالة تودع بصفة نهائية ولا يمكن سحبها بغرض استعمالها من طرف الوكالة. بمعنى آخر، من المفترض على من بإمكانه تجميد مبلغ مالي يقارب 130 مليون سنتيم أن يكون لديه أكبر من هذا المبلغ لاستثماره في المجال.
الهدف، كما هو واضح، ووفق ما أكده إدريس ساكا، المسؤول التجاري بإحدى أشهر وكالات التشغيل الخصوصية في المغرب، هو وضع ضمانات استمرارية عمل وكالة التشغيل الخصوصية وتشديد الخناق على من يمكن أن يتخذ منها واجهات للنصب، فضلا عن ضمان الحقوق المادية للأجراء الذين يشتغلون بموجب عقود مؤقتة، على اعتبار أن وكالة التشغيل هي من تتكلف بأداء أجورهم ومستحقاتهم الاجتماعية رغم تقديمهم خدمات لشركة أخرى.
إلى جانب ضرورة إيداع شهادة مسلمة من طرف صندوق الإيداع والتدبير تثبت أداء الكفالة، من المفترض أن يضم ملف وكالة التشغيل وثائق بينها ما يخص طالب الترخيص، إذ يفترض أن لا يكون محكوما عليه بعقوبة مخلة بالشرف أو بعقوبة حبس تتعدى مدتها ثلاثة أشهر. الشرط ذاته يظل معتبرا في حال طلب تجديد الترخيص، بمعنى أنه يتم إلغاء الترخيص في حال قضاء مالك شركة التشغيل عقوبة حبسية.
الترخيص يبقى من اختصاص وزارة التشغيل التي يفترض أن تضبط مجال ممارسة الوكالات المرخص لها عن طريق مفتشيات الشغل التابعة لها. ضمن مجالات المراقبة الحرص على أن تبقى الخدمات التي تعرضها وكالات التشغيل على باحثين عن عمل مجانية، إذ يمنع القانون استلام مستحقات مالية من المرشح للعمل.
ضمن الضوابط القانونية المحددة لمجال اشتغال وكالات التشغيل الثاني، أي توفير عمال مؤقتين، اشتراط عدم اللجوء في الأصل للعمال المؤقتين إلا في حالات محددة أهمها «إحلال أجير محل آخر توقف عن العمل لأسباب ليس بينها الإضراب»، أو «ازدياد نشاط المقاولة بصورة مؤقتة» أو «للقيام بعمل موسمي» أو «القيام بأشغال استقر العرف على عدم اللجوء إليها إلى عقد شغل غير محدد المدة بسبب طبيعة الشغل»، و»ألا يكون سبب اللجوء إلى الشغل المؤقت القيام بأعمال تكتسي خطورة خاصة».
هل هذه الشروط تحترم في عقود العمل المؤقت؟ في أي خانة يمكن إدراج آلاف الحراس الخاصين وعاملي وعاملات النظافة وحتى أطر في مجالات رفيعة بينها الصحافة؟ بخصوص تقديم خدمات وساطة، هل تلتزم وكالات التشغيل بعدم استخلاص مبلغ مالي من طالب الشغل؟

العمل المؤقت.. العقد الملغوم
وفق أرقام تقريبية، يتجاوز عدد وكالات التشغيل الخصوصية، وضمنها شركات التشغيل المؤقت، 300 شركة في جل المدن المغربية. المثير للانتباه هو أن 51 شركة هي الحاصلة حاليا على رخصة من وزارة التشغيل، وفق وثيقة جرد شركات التشغيل الخصوصية المرخص لها و تحيين أجري منتصف شهر فبراير. ما الذي يعنيه هذا الوضع؟
حتى حدود 2007 كانت مقاولة وحيدة هي الحائزة على ترخيص وزارة التشغيل. قبل ذلك لم يكن لهذه الشركات وجود قانوني لدى وزارة التشغيل. انتقل العدد حتى حدود سنة 2014 إلى 48 مقاولة. جل الشركات العاملة في المجال لم تحصل على رخصة بسبب رفضها أداء الكفالة المفروضة. قالت إنها ثقيلة. في بعض المدن توجد شركات تشغيل لا تحظى باعتراف قانوني واحد. المثال من طنجة حيث حصلت شركة وحيدة على رخصة الوزارة، وحتى وقت متأخر، أي في 2015، في الوقت الذي ما زالت فيه كل الشركات العاملة في المجال بهذه المدينة، باستثناء فروع شركات معروفة حائزة على رخصة، تعمل دون أن تكون قد أدت كفالة.
«في البداية كانت فيدرالية شركات التشغيل المؤقت ترفض أداء الكفالة. لكن مع مرور الوقت صار ضروريا أداء هذه الكفالة للحصول على رخصة العمل. لكن عددا كبيرا من الشركات الأخرى تعمل بشكل غير قانوني وهذا أمرغير منصف. الفائدة الوحيدة للكفالة أو الرخصة هي ضمان المشاركة في الصفقات العمومية»، يردف إدريس ساكا، الإطار في مجال التشغيل الخصوصي قبل أن يضيف: «العمل الذي نقوم به يتطلب تحليا بالمسؤولية تجاه الأجراء الذين يتم إلحاقهم بشركات في إطار عقود عمل مؤقت، كما يتطلب وجود سيولة مالية كافية لأداء أجور العمال المتعاقدين، وإلا يمكن أن تنجم عن هذا مشاكل وتضيع حقوق العمال».
لهذا السبب، إذن، تحاط عمليات التشغيل المؤقت بكثير من الجدل، إذ تعج مفتشيات الشغل والمحاكم بمئات ملفات نزاعات الشغل في إطار مؤقت.
في المقابل، إذا كانت مدونة الشغل تحدد حالات اللجوء إلى التعاقد المؤقت، فإن هذا الشكل من عقود العمل أضحى هو المسيطر في العلاقات الشغلية في كثير من المؤسسات بينها العمومية. خلال الأسابيع الماضية مثلا أطلقت عدة مؤسسات عمومية، بينها وزارات، طلبات عروض لتوفير عمال مؤقتين في مجالات يفترض تشغيل عمال بعقود دائمة بها. ما الذي قد يؤدي إليه اللجوء المفرط لعمل المؤقت؟
لفهم تداعيات الأمر نركز على مثال مؤسسة عمومية تلجأ بشكل كبير للتعاقد مع شركات التشغيل الخصوصية لتوفير مستخدمين مؤقتين. الأمر يتعلق بالشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب.
سنة 2004 ستكلف الشركة الوطنية للطرق السيارة مكتب دراسات لإعداد دراسة تقييمية لخطة اللجوء إلى مستخدمين مؤقتين لتوفير خدمة استخلاص مقابل استعمال الطرق السيارة. فالدراسة تضمنت معطيات صادمة، وجاءت بغرض تحسين مداخيل الشركة انطلاقا من تحقيق أهداف، بينها احتواء المخاطر الاجتماعية، وتحديدا ما وصفته الدراسة ب«خطر الإضراب عن العمل»، إلى جانب «التحكم في كتلة الأجور»، علما أن سياسة شركة الطرق السيارة ارتكزت، منذ سنوات، على عدم تعويض أي مستخدم يغادر الشركة بآخر. عدد المستخدمين كان سنة 1998 في حدود 500 مستخدم، ومنذ ذلك الحين عرف تقلصا كبيرا.
في المقابل، أضحت الشركة تعتمد، بشكل ملحوظ، على المستخدمين المتعاقدين الذين توفرهم شركات التشغيل المؤقت. هذه السياسة أفضت، حسب الدراسة، إلى خلق مشاكل أخرى، بالنظر إلى صعوبة اندماج المستخدمين المتعاقدين من مستخدمي الشركة الدائمين. هذا المعطى ينعكس على مستوى العمل، إذ سجلت الدراسة أن مردودية المتعاقدين أقل من الدائمين. فعلى سبيل المثال، ترتفع مردودية قابض دائم بمحطة الأداء ببوزنيقة بنسبة 30 في المائة من المستخدم الموظف في إطار تعاقد مؤقت، وهو الأمر ذاته الحاصل في محطات لا تشهد حركة كثيفة، مثل محطة الأداء بالخميسات، حيث يمكن لمستخدم دائم أن يمرر 190 سيارة في الساعة، بينما لا يتمكن المتعاقد من تمرير سوى 160 إلى 170 سيارة في الساعة. الدراسة أفضت كذلك إلى أنه يسجل ضعف في المردودية المادية للمتعاقدين، منبهة إلى أنهم «أقل حفاظا على وسائل العمل ونظافة مقصورة الأداء»، كما أنهم «لا يبدون حماسا أكبر للعمل» و«لا يتوفرون على روح المقاولة أو الانتماء إلى الشركة الوطنية للطرق السيارة»، كما «لا تهمهم جودة الخدمة المقدمة إلى الزبناء».
وفي مقابل يبدي عدد من المستخدمين المتعاقدين، الذين يتوفرون على مستوى دراسي يفوق الباكالوريا بأربع سنوات، ويوجدون في حالة عطالة، كما تفيد الدراسة، استعدادهم للعمل مقابل أجور لا تتعدى 2200 درهم شهريا، فإن عددا من هؤلاء المستخدمين المتعاقدين لا يتوفرون على تكوين كاف، كما أن ضمنهم من يتطلب تعلمه لقواعد العمل شهورا، في الوقت الذي يسهل عليهم التدرب على طرق الاختلاس، على حد منطوق الدراسة.
في الوقت الذي ذهبت فيه الدراسة إلى اعتبار أن تفويت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب لمهام، في إطار صفقات، لمقاولات تشغيل خصوصية، هو سبب مشاكل خلال العمل، لها انعكاس على المردودية، سارت شركة الطرق السيارة في اتجاه آخر تجلى في توسيع المهام الموكولة لهاته المقاولات الخاصة، والتي صار ضمن ما تقوم به من مهام الإشراف على محطات أداء وتوفير مستخدمين بها، مع الحرص على تكوينهم، في مقابل تكليف موظفين تابعين للشركة الوطنية للطرق السيارة، بمهام التنسيق والإشراف العام فقط.
بين المهام التي أوكلت لمقاولات النظافة المذكورة، توفير قابضين لاستخلاص واجبات استعمال الطرق السيارة، إلى جانب تدبير المحطات، التي تعهد لرئيس محطة مكلف من طرف المقاولة نفسها، فضلا عن تسيير عمليات جمع المداخيل ونقلها.
وهكذا، تكشف الدراسة التي تتوفر «الأخبار» على نسخة منها، أن تفويض مهمة استخلاص واجبات استعمال الطرق السيارة لمقاولات خاصة يكلف الشركة الوطنية، خلال أربع سنوات، 35.5 ملايين درهم.
الدراسة كشفت أيضا أن 92 في المائة من هذا المبلغ الضخم، تضخ مباشرة في الحساب البنكي لإحدى المقاولات المذكورة، وهو ما يصل إلى ثلاثة ملايير وربع مليار سنتيم خلال أربع سنوات، أي نحو 800 مليون سنتيم كل سنة. أما الصفقات المفوتة في إطار توفير خدمات المساعدة لمستعملي الطرق السيارة، فتكلف خزينة الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب 43 مليونا و994 ألف درهم.
إلى جانب ذلك كله، فالشركة الوطنية تتحمل أداء أربعة ملايين درهم مقابل الساعات الإضافية التي يشتغلها المستخدمون المتعاقدون.
في النهاية، خلصت الدراسة إلى أن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب بإمكانها توفير 12 مليون درهم في حال ما إذا أوكلت لموظفيها أنفسهم القيام بمهام أوكلت لمتعاقدين، مع ضمان توفير خدمة خاضعة للشروط والمعاييرالدولية.
الأدهى هو ما ورد في آخر خلاصات الدراسة الصادمة، والتي جاء فيها بالحرف: «تفويض مهام الاستخلاص ومساعدة مستعملي الطرق السيارة بالمغرب، تم بغرض تحقيق هدف واحد، وهو إنعاش رقم معاملات المقاولات المتعاقد معها، ولمواجهة مختلف تحركات المستخدمين الدائمين. مسائل عقلنة تكلفة الخدمات (المقدمة من طرف هذه المقاولات الخاصة)، والمردودية في العمل، وجودة الخدمات وتحقيق البعد الاجتماعي، لم تؤخذ بعين الاعتبار من طرف مسؤولي الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب».
لم تراع خلاصة هذه الدراسة التي كلفت أموالا بدورها. استمر اللجوء إلى العمال المؤقتين رغم ظهور مشاكل حادة، خلال الشهور الأخيرة، بعد تسجيل وقائع سرقة مبالغ مستخلصة في محطات الأداء، كما تضاعفت مشاكل المستخدمين حتى مع تأسيس نقابتهم. «قبل تأسيس النقابة، عاش مستخدمو الطرق السيارة في ظل تعاقد شركة الطرق السيارة الاستعباد بكل ما تحمله الكلمة من معنى. المستخدمون، ورغم أن السواد الأعظم منهم حاصلون على شهادة الإجازة، إلا أنهم لم يكونوا يتقاضون غير 2300 درهم شهريا، هذا في الوقت الذي تتقاضى الشركة المتعاقدة عن المستخدم الواحد أكثر من 6000 درهما. والمصيبة الكبرى هي أن الأجر الهزيل لم يكن يسلم إلا بعد انتهاء الشهر ودخول الشهر الموالي بأكثر من 10 أيام وفي حالات لم يحصل المستخدمون على الأجر إلا بقرب انتهاء الشهر الموالي. ولم يكن المستخدمون يحصلون على التعويض عن العمل خلال الليل ولا القفة ولا الخطر ولا حتى الأعياد في خرف سافر لمدونة الشغل.
بالنسبة إلى الضمان الاجتماعي، لم تكن شركات المناولة تصرح بالمستخدمين إلا ناذرا دونما مراقبة من شركة الطرق السيارة التي تدعي التعاقد مع شركات مواطنة تحترم قانون الشغل»، يقول مراد زربي، أحد مستخدمي شركة الطرق السيارة في إطار عقد مؤقت قبل أن يضيف: «بعد تأسيس النقابة تغيرت الأمور نسبيا، لكن دون تحقيق ما كان يصبو إليه المستخدمون وأول شيء هو الوضعية القانونية التي مازالت غامضة وغير مفهومة، إذ أننا نشتغل بعقد غير محدد المدة ولكن مع شركة مناولة لها صفقة مع الشركة الأم لن تتجاوز الثلاث سنوات، وبعدها ستأتي شركة أخرى وسنمضي معا عقدا جديدا وسيسمى عقدا غير محدد المدة».
إلى جانب ظروف العمل التي وصفها زربي بالصعبة، أفاد أن العمل النقابي داخل شركات العمل المؤقت أصعب بكثير، مشيرا إلى وجود خلافات حادة بين المستخدمين أنفسهم بلغت حد فتح الضابطة القضائية تحقيقا بشأنها.



مصاريف الملف وتعويضات التكوينات.. طرق مكاتب التشغيل غير القانونية للاغتناء
كما كشفنا، توجد في المغرب نحو 300 شركة تشغيل خاصة، بينها من تجمع بين توفير عمال مؤقتين، لمؤسسات عمومية وخاصة، ولعب دور الوساطة بين مشغلين وطالبي شغل، وأخرى تتكلف بالوساطة فقط. عدد هذه الأخيرة كبير جدا. العدد يصل إلى مستوى غير قابل للضبط بالانتقال إلى ساحة اشتغال أوسع: الأنترنت. خلال كل مراحل استغلال هذه الساحة تحدث وقائع تبدأ من النصب وتبلغ حد الاتجار في البشر.

مصاريف غير مستحقة
من المفترض أن لا تتقاضى الشركات الوسيطة في مجال التشغيل، وفق مدونة الشغل، أية تعويضات من المرشح للعمل. هذا ما يقره أيضا إدريس ساكا، المسؤول التجاري بشركة التشغيل المتخصصة في توفير أطر عليا لمقاولات ومؤسسات. "الأصل أن شركة التشغيل تتقاضى تعويضا من المؤسسة التي تتعامل معها وتوفر لها مستخدمين. خلال مراحل استقبال وإعداد ملفات المرشحين وتهييئهم للالتحاق بالشركات الراغبة في التعاقد معهم لا يمكن الحصول من المرشح على أي تعويض. على سبيل المثال لدينا مرشح للعمل في مقاولة قدم من مدينة الرشيدية، ونحن من تكلف بمصاريف تنقله، ويتم احتساب ذلك في إطار التعاقد مع الشركة التي ستشغله. حتى ما يسمى بمصاريف الملف لا يجب فرضها على المرشح. يتم هذا الأمر أساسا في الشركات التي تعمل في مجال التشغيل الجماعي"، يقول ساكا.
جولة في عدد من مكاتب التشغيل، والتي تتعامل أساسا مع مراكز نداء بالدار البيضاء، كشفت أن هذه القاعدة لا تحترم. وفق ما عايناه، فإيداع طلب اشتغال لدى أحد مراكز النداء لدى شركة التشغيل الوسيطة يتطلب أداء المرشح مبلغ 200 درهما بدعوى مصاريف الملف. عقب ذلك، ووفق شهادات جل من مروا عبر مكاتب تشغيل مستخدمين لدى مراكز نداء، يجري حديث مقتضب مع المرشح وفي حال تبين ضعفه في الفرنسية، اللغة التي يتم العمل بها في عدد من مراكز النداء، يتم إقناع المرشح بإجراء تكوين لمدة أسبوع. التكوين يكلف، في المعدل، 800 درهم للأسبوع. هل هذا التكوين ملزم؟ هل يفرض أداء رسوم التكوين تشغيل المرشح بالضرورة؟ هل هذا التكوين يحظى باعتراف جهة رسمية تتيح للمرشح استعمال شهادة تلقيه في ملفات تشغيل أخرى؟
الجواب، وفق عاملين في المجال ومستخدمين مروا عبر هذه التكوينات، هو النفي. لا شيء يلزم مكتب التشغيل بتوظيف المرشح في مركز النداء رغم مروره بتكوين مؤدى عنه، لأنه، وببساطة، حتى هذه المرحلة لا يكون هناك تعاقد ملزم بين الطرفين يحفظ للمرشح أدنى حقوقه ويضمن له العمل. "هناك غموض في طبيعة هذه التكوينات وأساسها القانوني. فإذا كان لابد على كل مرشح يريد أن يعمل في مركز نداء أن يؤدي مبلغا مقابل التكوين فيمكن لشركات تشغيل أن تقتصر فقط على عائدات هذه التكوينات"، يقول ساكا.
عمليا، حدث، على مستوى شركات تشغيل خصوصية، وفق تعقبنا لها، أن اختارت، في النهاية، هذا التوجه، أي الانصراف تماما إلى تكوين الباحثين عن شغل. إحدى هذه الشركات، والموجودة بشارع الزرقطوني بالبيضاء، كانت في الأصل شركة تشغيل خصوصي غير مرخصة من طرف وزارة التشغيل. مسؤولة بالشركة أكدت لنا، بالفعل، أنها تخلت عن وساطة التشغيل وانصرفت إلى مجال التكوين في ميدان يتفرع عن تفاصيل أخرى غاية في الإثارة. الأمر يتعلق ب"الكوتشينغ".

وكالات اقتناص المهارات.. اختصاص من؟
تبعا للتنافسية المحتدمة، عدد من شركات التشغيل الخصوصي اختارت، في المقابل، هامشا من السوق يضم مردودية كبيرة. يتعلق الأمر بالوساطة بين مقاولات وأطرعليا. الأمر يقوم، وفق أحمد بوخرواعة، صاحب شركة متخصصة في هذا المجال، على توفير أطر متخصصة في مجال محددة لشركة معينة أو البحث عن مسؤولين لهذه الشركات. "يتم في جل الأحيان تكليف مكتب تشغيل لإعداد تصور قسم عمل كامل. الأمر يشمل أساسا شركات المعلوميات. مهمة مكتب التشغيل تكون توفير الموارد البشرية لهذا القسم وإعداد كل تفاصيل عمله والمهام المسندة إلى العاملين به. يتم العمل أيضا على توفير أطر في مناصب مسؤولية. بعض هؤلاء الأطر يختارون بمحض إرادتهن العمل بصفة مؤقتة بشركات لأن ذلك يعفيهم من مجموعة من الالتزامات ويحقق لهم مجال ربح أكبر. البحث عن إطارعال لشركة كبرى يتطلب قدرا كبيرا من السرية لأن أية معلومة بشأن بحث تقوم به شركة ويبلغ إلى علم شركة منافسة تكلف كثيرا".
"في الواقع، المرشحون هم على استعداد لتحمل مخاطر التغيير شريطة دفع تعويض مالي مهم ومناسب لأن جلب الكفاءات المهنية يمكن أيضا اعتباره هجوما مباشرا على المنافسين.
"حرب المواهب" قد تؤدي إلى صراعات بين الشركات المتنافسة، خصوصا إذا كانت العلاقات مع المنافسين سابقا هادئة. هذا النهج قد يحمل في طياته خطرا قانونيا مرتبطا بالمنافسة مما يؤدي إلى الحكم بدفع تعويضات"، يقول بوخرواعة مضيفا: "في الحقيقة، هذه الممارسة نادرا ما تقرها المحاكم لأنه من الصعب إثبات أن المرشح لم يكن على وشك المغادرة قبل أن يتم الاتصال به من قبل المقاولة الجديدة إلا في حالة واحدة هي أن يتم الاتصال وإغراء فريق عمل بأكمله. لكن للحد من التعرض لأي نوع من المساءلة القضائية يتم اللجوء إلى تعيين شركة متخصصة في هذا المجال، لأنه في حالة حدوث مشكلة ما سوف تكون المقاولة المعنية أقل ظهورا للعيان وبعيدة عن تلك المساءلة".
لكن، ما الإطار القانوني لشركات جلب الكفاءات هاته؟.. في حالة بوخرواعة فشركته غير مدرجة في جرد وزارة التشغيل الخاص بشركات التشغيل الخصوصي. السبب، حسب الخبير ذاته، هو أن الترخيص الملزم لأداء كفالة يخص فقط شركات التشغيل المؤقت، أما شركته فخاضعة للقانون المنظم للمهن الحرة. هذا القانون هو قيد الدراسة حاليا، تحت إشراف وزارة الصناعة والتجارة، وليس وزارة التشغيل.

وكالات خدم البيوت.. بوابات دعارة !!
شيئا فشيئا تتضح محدودية ضبط وزارة التشغيل لهذا القطاع. الضبط يتلاشى تماما في حالة صارت هي الغالبة في مجال الوساطة في التشغيل، وهي عرض الخدمة عبر الأنترنت.
سنحاول التركيز على مجال تشغيل محدد يعنى باهتمام وكالات وجهات تقوم بدور الوساطة بين المشغل والعامل، الأمر يتعلق بالقيام بأعمال منزلية، بينها التنظيف والطبخ وتربية الأطفال وحتى الإشراف على حصص رياضية داخل المنزل أو خارجه. الاختيار تمليه طبيعة هذا النشاط المحفوفة بالمخاطر المفترضة التالية؛ ما هي ضمانات عدم استغلال عاملين وعاملات في أعمال حاطة بالكرامة، وبينها الدعارة، بموجب طريقة التشغيل هاته؟ ما الذي يضمن للزبون، في المقابل، عدم التعرض لاعتداء أو سرقة من طرف من يشغلهم بدوام يومي جزئي أو كامل؟
لبحث الأمر تقفينا أثر إحدى وكالات تشغيل خادمات البيوت والمربيات والمشرفات الرياضيات المعروفة في الدار البيضاء. مقرها يوجد بحي 2 مارس الراقي، في زقاق غير بعيد عن مقر سرية الدرك الملكي. الوكالة تنشط أساسا في الأنترنت. تعرض خدمتها مرفقة بهواتف محمولة لمستخدماتها. مقر الوكالة عبارة عن شقة "دوبليكس" بإحدى الأزقة المتفرعة عن شارع 2 مارس. أو�


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.