السيد هلال: السفير الجزائري يترك جانبا مسؤولياته العربية في مجلس الأمن لخدمة أجندته حول الصحراء في كاراكاس    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    تصفيات المونديال.. طاقم تحكيمي مغربي يقود مباراة موريتانيا والسنغال    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    طقس الخميس: الحرارة مستمرة رغم بعض الرياح    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    بروكسيل.. معرض متنقل يحتفي بمساهمة الجالية المغربية في المجتمع البلجيكي    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    فتح بحث قضائي حول تعرض بعض المواطنين المغاربة للاحتجاز من طرف عصابات إجرامية ناشطة بميانمار    الجيش والمولودية يكملان ركب المتأهلين إلى نصف نهائي كأس العرش    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    أخنوش يلتقي الرئيس العراقي والارتقاء بعلاقات البلدين في صدارة المباحثات    تعزيز التعاون القضائي محور مباحثات السيد الداكي مع نائب وزير العدل الصيني    الحسيمة.. درك النكور ينهي نشاط مروج مخدرات مبحوث عنه وطنيا    يعالج حموضة المعدة ويقي من الاصابة بالسرطان.. تعرف على فوائد زيت الزيتون    النيابة العامة تدخل على خط احتجاز مغاربة بميانمار    وزير النقل يعلن عن قرب إطلاق طلبات العروض لتوسيع مطارات طنجة ومراكش وأكادير    وزير الفلاحة يفتتح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    جامعة كرة القدم تصدر عقوبات تأديبية    الجيش يتأهل لنصف نهائي كأس العرش    قمصان جديدة ل"أديداس" بلمسة مغربية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و 2033    "بلومبيرغ": المغرب يُثبت أسعار الفائدة بينما يُواجه الفاتورة الباهضة لإعادة إعمار الزلزال    الجيش الملكي يقتنص تأهلا مثيرا لنصف نهائي كأس العرش على حساب أولمبيك الدشيرة    الأمثال العامية بتطوان... (599)    أخنوش يحل بالمنامة لتمثيل الملك محمد السادس بالقمة العربية    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    رسالتي الأخيرة    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    الأمثال العامية بتطوان... (598)    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    الأمثال العامية بتطوان... (597)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتيال السياسي.. الجريمة التي لا يعاقب عليها؟
نشر في كاب 24 تيفي يوم 26 - 01 - 2020

حين يضحك سياسيو الاحتيال السياسي على ضحاياهم، فإنهم في نفس الوقت، يكشفون عن خوائهم الأخلاقي والروحي والإنساني… وعندما يفكر واحد من هذه الفئة في اللحاق بالسلطة من بعد طول معارضة أو صمت، فإنه يتفنّن في صياغة بيت الشعر السياسي المُبَرِّرِ لحيازة الوزارة، أو التربّع على رأس الإدارة.
يأتي هذا بعد ان قرأت مؤخرا رأيا لأحد الناقدين العرب –عراقي- حين استدل بمقول لجور أوبيل: إن قدرة المرء على رؤية ما هو أمام أنفه تماما بحاجة إلى نضال مستمر؟.. مقال رأي تحدث عن الفساد المستشري في كافة مفاصل الدولة العراقية والفشل الإداري وعدم القدرة على قيادة البلاد، وصراعات الحزبية والطائفية التي تسببت بضياع ثروات البلاد وغياب الخدمات ومشاريع البنى التحتية، هي موجودة تحت أنوفنا منذ سنين، لكننا انشغلنا بمشاهد أخرى؟..
في الحقيقة هذا الرأي أثارني كثيرا ودفع بي إلى الوقوف على واقع السياسة بمغربنا الحبيب، حين نسجل بكل امتعاض أن أحجام التصريحات التي يسوقها سياسيون وخاصة منهم المهرولون الجدد "الظرفاء" إلى بوابة السلطة تختلف في مقاديرها الفكرية، والثقافية، والأخلاقية… فبعض المثقفين الذين ينضوون حديثا تحت مظلة السلطة، يركزون على مخادعة العقل الجمعي وتخويفه بما لا يحب طبعا، فالإرث الثقيل الذي خلفته الحكومات السابقة يبقى من غير ما تحتسب تجارة رائجة ومُربحة لهم ،حين يحمّلونها وِزْرَ إخفاقهم وتخبطهم غير المحسوب.
فالتحايل على الوطن وأهله يبدأ بتكميم الأفواه، وخلق اتجاه واحد للرأي، وتحطيم فاعلية النقابات، ومؤسسات المجتمع المدني، ومحاربة الإبداع والمبدعين، ومحاصرة النشر الثقافي، وسن رقابة قبلية على الصحف، والمحاباة الأيديولوجية والإثنية في توظيف الأجهزة الخدمية، وما إلى ذلك من الكدر السياسي الذي يلازم البناء الوطني… هذا الأخير الذي يستدعي استجماع كل القوى السياسية والفكرية والاقتصادية ،وصبّها في بوثقة واحدة تنصهر فيها كل الإثنيات والأعراق، وتتعايش فيها كل الكائنات الحزبية والنقابية والاجتماعية والثقافية، من أجل التعبير عن كيان واحد وهوية واحدة تعكس الصورة الحضارية للشعب المغربي، وتكرس العمق التاريخي للمغرب.
وما دام أن الواقع عكس ذلك، فعلى أي أساس يمكن أن يبنى الوطن بالشكل الذي يحقق تقدمه وحلمه؟ وعلى أية مرجعية يتم الحوار والتشاور والمشاركة؟ وما هي قيمة الحوار أصلا إذا كان الطرف الآخر لا يجد حتى فرصة الإنصات إليه بشكل مسؤول وجاد؟ وإذا ارتأى الطرف المالك للسلطة الآن، أن لغة العصا الغليظة أبلغ من أي لغة للحوار؟؟.. ومن اعتقد غير ذلك ،فليجرب النّزول إلى الشارع صادحا بالحق،ليرى بأم عينه إلى أي مدى تَرَدّى الإستقواء بالسلطة بالبعض، وخاصة الذين كانوا بالأمس القريب يشتكون من التضييق والتهميش والملاحقة.
حين ينظر سياسيو الاحتيال بعين الموضوعية إلى الواقع، سيجدون أن لا تأثير إيجابي في واقع الناس بانضمامهم إلى السلطة… ولكنهم يخادعون الناس، ويخادعون الله، وأي إله وأي شعب يخادعون !؟.
الشهود المحلفون أيضا، سيجدون كذلك أن لا قيمة لحوار مع حكومة دلت كل التجارب على أن الحوار بالنسبة لها، لا يعني غير استيعاب المخالف في الرأي، وتوريطه في الفساد، والتحايل على ما تم تدوينه في مسودة الاتفاقات معه… كما سيشهدون أيضا أن الحكومة بدأت تتملص من مجمل وعودها والتزاماتها حيال الشركاء السياسيين والنقابيين والفاعلين الاقتصاديين، وحيال المواطنين، متذرعة بالأزمة العالمية التي سقطت عليها بردا وسلاما، فراحت تُعلّق عليها كل إخفاقاتها وتعثراتها، بل و تُهيأ الأنفس لتَقَبُّلِ الأسوأ أيضا، ودائما يبقى التعليق على نفس المشجب.
إن آفة الاحتيال السياسي التي خبرها الكثير من ساسة هذا الوطن، لم ولن تؤدي سوى إلى تفريخ المزيد من الحوانيت السياسية، وسماسرة الانتخابات وباعة الأحلام والأوهام المتجوّلين، والرّحّل المُتسيّسين، كما لن تؤدي أيضا سوى إلى نفور الناس من السياسة وأهلها وكل ما يحيط بها من قريب أو من بعيد، وما النسب المتدنية جدا للمشاركين في الانتخابات الأخيرة والتي قبلها، سوى مؤشر أولي على ذلك، الشيء الذي سيُخلي الساحة لمحتالي السياسة، ومُقامري المصالح الحزبية والمآرب الشخصية، ليعيثوا فسادا في مصائر البلاد و العباد.
المأمول والأمل مباح أن يعمل القائمون على شؤون البلاد والعباد، على إبادة كل الطفيليات السياسية والشوائب البشرية التي أفسدت الحرث والنسل، وذلك بتفعيل كل قوانين الرقابة والتخليق، التي لدينا منها ما يكفي لتطهير الحياة السياسية والعامة، بالشكل الذي يحررها من عقالها، ويتيح لها فرصة التقدم والنماء والتطور،وكل في سبيل الوطن وأهله.. أما إذا بقيت مرهونة لدى مُمتَهِني الاحتيال السياسي، فرحمة الله على الأحلام و الآمال، وإلى مزيد من نشر الأوهام مادام مجتمعنا تحت سطوة شرذمة من السياسيين المحتالين إن شاءوا عبئوا وتعبئوا وتجندوا ووفروا كل الإمكانات المادية واللوجيستيكية وسمحوا للشعب بالتعبير عن تذمره ولو مزيفا بتسخير جمعيات من صلبهم تسللت إلى المجتمع المدني؟، وإن غضبوا منعوه وجيشوا كالعادة كتيباتهم سواء السياسية او المجتمعية للتصدي لكل رأي أو حركة قد تفضح سلوكاتهم وممارساتهم وتعمدهم الاحتيال على الواقع المعاش دون خشية من احد ولا خوف من عقاب..
واقع لا محيد عنه ولا نص قانوني يجرم سياسيينا المتحايلين المتربصين بكل فرص الإستقواء على الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.