كشف أطباء في دراسة جديدة عرضتها صحيفة “فيلت” الألمانية عن جوهر الاختلاف بين الرجل والمرأة المرتبطة بالدماغ، مؤكدين أن النساء يملْن عادة للاهتمام بمن حولهن من أشخاص، فيما يهتم الرجال بالآلات، كما تبحث النساء عن العاطفة، ويبحث الرجال عن العقلانية. ودعا الأطباء في دراستهم بعدم أخذ المعلومات التي تعرض على الإنترنت جديا، والتي تحيل بعض الاختلافات بين دماغ المرأة والرجل إلى احتواء دماغ المرأة على المادة الرمادية، مقابل احتواء دماغ الرجل على المادة البيضاء، مشيرين إلى أن هذه الاختلافات المفترضة لا يعرف في الواقع مدى تأثيرها على طريقة عمل الدماغ لدى كلا الجنسين. وأوضح الأطباء أن النتائج أظهرت أن الخرافة التي تشير إلى اختلاف دماغ المرأة والرجل بقدر كبير من حيث الشكل وطريقة العمل تعدّ هاوية مستبعدة. وبينوا أن منطقة واحدة فقط في الدماغ تختلف بين الجنسين، مع العلم أن العلماء شددوا على أن هذا الاختلاف من شأنه أن ينعكس بشكل من الأشكال على سلوك الرجال والنساء. كما يبلغ حجم هذه المنطقة عدة مليمترات فقط، وتقع في عمق الدماغ. وتشكل المنطقة الوظائف الأساسية والغريزية التي طورها الإنسان منذ زمن بعيد، والتي يشترك فيها مع العديد من الثدييات الأخرى، كما يوجد فيها خلايا عصبية صغيرة مسؤولة عن تأدية بعض المهام التي يقوم بها الإنسان. وتابع الأطباء في عرض نتائج دراستهم، أن هذه الخلايا العصبية الصغيرة الموجودة في منطقة الغدة النخامية في الدماغ تعدّ المسؤولة عن الاختلافات بين الرجل والمرأة. وعموما، ينشأ هذا الفرق في رحم الأم أثناء نشأة الجنين. وبالنسبة للرجال، تعدّ هذه المنطقة المتحكمة في السلوك الذكوري المعتاد، مثل البحث عن السيطرة والنزعة العدوانية والدوافع الجنسية. في المقابل، تختلف المرأة تماما في هذا الصدد عن الرجل، حيث يتم التحكم في مشاعر السيطرة والعدوانية والدوافع الجنسية لديها عن طريق مناطق أخرى عصبية في الدماغ البيني. وأكد الأطباء أن هذه المنطقة العصبية الموجودة في الغدة النخامية لدى الرجال والمسؤولة عن سلوكياتهم العدوانية، يعدّ حجمها أكبر بمرتين مقارنة بالنساء. ومن هذا المنطلق، تعدّ هذه المنطقة العصبية التي تعرف لدى الأطباء باسم “الحزمة الطولية الإنسية” المنطقة الوحيدة في الدماغ التي يعتمدها الأطباء عند محاولة التفريق بين دماغ الرجل ودماغ المرأة. وقال الأطباء إن الجنين يطور خلاياه في رحم الأم منذ الشهر الثالث، حيث يبدأ تشكل الرحم لدى البنت والخصيتين لدى الولد. وفي الأثناء، يقوم كروموسوم واي، الخاص بالجنين الذكر بتوجيه رسائل للدماغ الأم؛ لتحفيزه على إفراز “التستوستيرون”؛ حتى يتطور الجنين ويكتسب بدوره هذا الهرمون في العديد من المناطق في جسمه، من بينها منطقة اللوزة العصبية المسؤولة عن التفاعلات العاطفية، التي تنشأ فيها لاحقا مشاعر السلوك العدائي والدوافع الجنسية. ونقلت الصحيفة على لسان غيرهارد روث، الخبير في البيولوجيا العصبية وعلم النفس السلوكي في جامعة بريمن، أن “هذه الفروقات التي تسبق الولادة بين الرجل والمرأة موجودة فعلا، ولها تأثير كبير على سلوكهما لاحقا”. كما شدد الأطباء على أن الخصائص الهرمونية تدفع المرأة في الغالب إلى تفضيل العمل إلى جانب من حولها، فيما يفضل الرجال التفرد. في المقابل، قد تتطور وتتغير هذه القدرات التي يظهرها الأطفال من الجنسين مبكرا، وفقا لظروف الحياة والتعليم. وبالتالي، لا يستبعد، في مراحل لاحقة، أن يصبح الولد مدرس أطفال ناجح وتصبح المرأة مهندسة موهوبة.