العلمي يزور الصين مع وفد برلماني    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    مبيعات الإسمنت بالمغرب تتجاوز 4,10 مليون طن نهاية شهر أبريل    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    "ماركا": دياز بصم على أفضل موسم له في مسيرته الكروية    توقيف عشريني قام بدهس 3 أشخاص بأكادير بواسطة سيارة    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    مندوبية السجون ترد على ادعاءات وجود تجاوزات في حق نزلاء الجناح الانفرادي بالسجن المحلي "تولال 2"    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    ثاني أكسيد الكربون.. إقرار قواعد أوروبية أكثر صرامة بالنسبة للمركبات الثقيلة    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    رئيس الزمالك يشهر ورقة "المعاملة بالمثل" في وجه بركان    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    حماقات النظام العسكري الجزائري تصل للبطولة الوطنية    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    نظرة فلسفية حول مشكلة الدولة    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    تليسكوب "ليزا"...    شطيرة نقانق عملاقة تزين ساحة "تايمز سكوير" بنيويورك    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    بنموسى يكشف أسباب تسقيف سن ولوج مباريات التعليم    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    من يجبر بخاطر المتقاعدين المغاربة؟!    بعد الخسارة أمام بركان.. قرار عاجل من مدرب الزمالك المصري    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية "تاريخية"    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    الاعلان عن اختفاء قاصر من بليونش بعد محاولة هجرة إلى سبتة سباحة    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    دفاتر النقيب المحامي محمد الصديقي تكشف خبايا مغربية عقب تحقيق الاستقلال    لقاء لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شعبوية" الحكام الجدد .. مالها وما عليها!!
نشر في اشتوكة بريس يوم 09 - 06 - 2012

"الشعبوية" لفظة انضافت إلى قاموس الصراع السياسي، والجدال الإيديولوجي، وكثر استعمالها في الآونة الأخيرة من قبل الخصوم السياسيين لحزب العادلة والتنمية بعد أن اعتلى وزراؤه دفة تسيير الشأن العمومي. وهي لفظة تطلق ويراد بها "الاستغلال المصلحي" لبراءة الشعوب؛ لكسب وُدِّها، واستدرار أصواتها، ودفع غضبها.ووزراء العدالة والتنمية، وعلى رأسهم السيد ابن كيران، هم الأكثر اتهاما بهذا الوصف الذي يراد به إفقادهم "براءتهم" السياسية، ونقاء سلطتهم على الناس؛ من شوائب الاستكبار، وعوادي الاستبداد والظلم.
فالمعروف عن الإسلاميين أنهم الأكثر التصاقا بالشعوب الكادحة، والأكثر اهتماما لهمومها. وهذا ليس بِدْعاً ممن بدأ مساره الكفاحي وسط الدروب الضيقة، والأزقة المهترئة، وشوارع الفقراء في الأحياء الشعبية. فليس غريبا أن يتشبع هؤلاء بهذه الروح البسيطة؛ فيفهمهم العامة، ويسأنس بهم الرعاع من العباد. وليس غريبا أن تصاحبهم هذه الروح إلى مواقع المسؤولية وسط الكبار؛ فيقتحموا عليهم سكونهم المخملي بخطابهم "الشعبوي". وليس غريبا أن يزهد هؤلاء في المظاهر، والبروتوكولات، وهم من كانوا يقدمون الدروس في التواضع، والبساطة، ويقتدون بالفاروق عمر بن الخطاب-ض- في سياسة الدين والدنيا؟ !!.
فليس غريبا أن نسمع عن فلان أوعلان من الوزراء الإسلاميين في مشارق الأرض ومغاربها، يرتادون مجالس العامة، ويسكنون بين الفقراء والعامة. فليس كل هذا غريبا، لأن من شبَّ على شيء شاب عليه . ووزراء العدالة والتنمية رضعوا التواضع والبساطة من دروس الغرف المغلقة أيام "الرصاص"، وانبهروا بحكم الصالحين من الحكام، فلم يجدوا بُدًّا من أن يخاطبوا الشعب باللغة التي يفهمها، ويلبسوا اللباس الذي يلبسه، ويسكنوا المسكن الذي سكنوه أيام "الزلطة"، بعد أن انتقلوا إلى مواقع القرار؛ حيث الإقامات الفاخرة، و الامتيازات الهائلة ..ففضلوا الحفاظ على "صباغتهم" ، والبقاء على سَجِيَّتهم التي اعتادها منهم الشعب الكادح؛ على أن يغيروا جلودهم.
نعم ، هذه هي "الشعبوية" التي يَنْقِمُها الخصوم السياسيون على السيد ابن كيران وإخوانه الوزراء. وهذه هي الإضافة النوعية التي أتى بها هؤلاء الحكام الجدد. ونحن نقول: لا مشكل لنا إطلاقا مع هكذا سلوكات تصدر من هؤلاء. فلْيَلْبَس ابن كيران وصحبه مايشاؤون، وليسكنوا حيثما يرغبون، فهذا شأنهم. وهذه حريتهم الشخصية. لكن،( ما لنا نحن من كل هذا "الحراك العُمَري" وسط الدروب ؟ هل سيحقق لنا به شغلا ، أو تعليما ، أو ينصر به مظلوما عند قضاءٍ جائر ، أو سيغير به واقعا مترهلا ، أوسيرد به الأمل إلى الأيامى والأرامل والمعوزين ومن انقطعت بهم السبل ؛ حتى أكلوا الحرام ، وتاجروا في الممنوع ، وباعوا "شرفهم " من أجل لقمة الخبز ، في مغرب يتربع فيه ثلة من المحظوظين على أزيد من ثمانين في المائة من ثروات البلاد التي اكتسبوها من اقتصاد الريع ؟... ) [من مقال : أيها النائب المحترم ؛ "سِيرْ تَخْدَمْ ، وبَارَكَا مَنْ ..." !!(*)].
فليس يجوز لهم-أبدا- أن يجعلوا من هذه"الشعبوية" تكئة لدغدغة العواطف، وتمرير السياسات الخاطئة والمستفزة؛ باستغلال الخطاب الشعبي البسيط للتأثير على ذوي النوايا الحسنة من عامة الشعب المغربي المسالم .
لقد اختار السيد ابن كيران أن يخاطب الشعب المغربي، في سابقة يقوم بها وزير مغربي، عبر القناتين التلفزيتين، ليشرح لهم دواعي وأسباب اتخاذه للقرار المفاجئ و"الجريء" والمتعلق بالزيادة في ثمن المحروقات الأكثر استهلاكا من قبل الشعب المغربي.فحاول لمدة خمسة وأربعين دقيقة أن يقنع نفسه أولا، ومستجوبيْه، اللذين ظهرا كمُمْيَاءَيْن محنطين، في حضرة السيد الرئيس؛ ثانيا، وعموم المواطنين المغاربة؛ ثالثا.فاستعمل- عبثا- كل أدوات التوضيح والإيضاح الممكنة لإيصال قناعته إلى عامة الشعب المغربي الذي انتظر طويلا أن يلمس من هذه الحكومة ما يطمئنه على حاضره ومستقبله.لكن الصدمة التي تسببت فيها هذه الزيادة لم تبق له أي مجال للتفكير في هذا المصير المجهول الذي عرض السيد ابن كيران بعض ملامحه المخيفة خلال هذا البرنامج.
فالأزمة الاقتصادية والمالية التي يعرفها المغرب الآن ليست وليدة اللحظة، ولا بنت الساعة ؛ بل هي أزمة بنيوية ترسخت لعقود بفعل السياسات الهجينة التي سلكتها الحكومات السالفة. لكن الذي وقع مع هذه الحكومة، أن الحكام الجدد حاولوا أن يشاركوا عامة الشعب المغربي في "هَمِّ الأزمة" ، ويصارحوه بهذا الواقع الاقتصادي المهترئ للمغرب، ويضعوه في صورة مؤلمة لطالما تجنبت الحكومات السابقة أن تفصح عن تفاصيلها الكزة الجاحدة؛ فاشتغلت على "تدبيرها" وفق سياسات أودت بالمغرب إلى "السكتة القلبية" . وحينما حاولت "إنعاش " الاقتصاد المحتضر ، سلكت سبيل "بيع الأثاث" عبر خيار "الخصخصة" في عز التدبير "الاشتراكي" للشأن العام !!!.
لقد عاش المغاربة لعقود يؤدون ثمن السياسات الخاطئة للحكومات السابقة في صمت مريب .كما عاشوا يتفرجون على الأزمة في الغرب المتقدم و يحمدون الله- في بلادة منقطعة النظير- أن نجاهم من تبعاتها !!. ويلتفتون حَوَاليْهم فلا يشاهدون إلا التعالي في البنيان ، والثكاثر في الأموال .وحينما يشاهدون إعلامهم"الوطني جدا" لا يشاهدون إلا علامات النماء، ومظاهر الثراء الفاحش، والكل يلهج أمام الكاميرات بأن "العام زين"، والوضع مستقر، والخير متدفق على العباد؛ رغم الجفاف ، والعطالة، والديون ، وهَلُمَّ أزمة !.
لقد اختار السيد ابن كيران أن يسلك سبيل الوضوح مع الشعب المغربي، ويضع الجميع أمام الوضع الخطير والمتأزم الذي يعيشه الاقتصاد الوطني،ويُحمِّل الجميع مسؤوليته في إنقاذ هذا الاقتصاد من الموت المحقق، لكن الشيء الأهم الذي تحاشى السيد ابن كيران أن يقوله في مرافعته التليفزيونية، هو أن السبب الرئيس الذي أوصل هذا الاقتصاد إلى عنق الزجاجة، هو التلاعب في المال العمومي،والتملص الضريبي، الذي تتولى كِبْره "الحيتان" الكبيرة و"الديناصورات" الضخمة، التي يعرفها السيد ابن كيران حق المعرفة، ولكن لا يستطيع أن يسميها، فضلا عن أن يتهمها بمسؤوليتها عن الأزمة؛ لأنه يعلم أن الكرسي الذي يجلس عليه ما هو إلا خاتم بين أصبعها تقلبه كيف تشاء !!.والسيد ابن كيران غير مستعد بتاتا-وإن ألمح بعكس ذلك في أكثر من مناسبة- أن يغامر بهذا الكرسي الذي أعلاه الشعب المغربي إياه و توسم فيه وفي حزبه أن يفك عنه الضائقة، ويفرج عنه الكربة.
نعم، لقد اختار السيد ابن كيران أن يكون-على خلاف أسلافه - واضحا مع الشعب المغربي. لكن هذا الشعب، الذي لم تتمكن كل سياسات التضليل، والتدجين أن تنال منه؛ لن يصدق السيد ابن كيران، ولن يثق في وعوده، حتى يسمع منه خطابا موازيا يفضح فيه مصاصي دماء المغاربة، ويتخذ قرارات أكثر جرأة لمحاسبة ناهبي المال العام، ويطارد الساحرات في جحورهن، ويمد يده إلى جيوب أباطرة المال لاسترداد أموال دافعي الضرائب؛ بدل أن يمدها إلى الجيوب الفارغة للمواطنين الفقراء، ويتركهم فريسة المضاربين من صيادي الماء العكر !.
لكن في المقابل، إذا نجح السيد ابن كيران وحكومته – ولو بعد ردح من التسيير- وهذا ما نتمناه من كل قلوبنا، في استرداد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وتمكين الفقراء والمعوزين وعموم الكادحين والكادحات، من حقهم في بصيص من الثروة التي تحفظ لهم كرامتهم، وتقيهم وأبناءهم شر العالة والسؤال؛ فلن يجدوا منا إلا المساندة والتأييد، ول"شعبويتهم" كامل التقدير والإعجاب.أما إذا فشلوا،لا قدر الله، وحال بينهم وبين النجاح حائل، واعترضهم الحائط؛ حتى سقط في أيديهم، وما استطاعوا إلى تحقيق مطالب الشعب سبيلا؛ فنصيحتنا لهم، أن يبادروا إلى الانسحاب الهادئ والشريف قبل أن ينهد عليهم السقف، ويجرفهم السيل. ولات حين مندم !!.
ودامت للشعب المغربي الكادح، كامل المسرات... !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.