يشكل المغرب هدفا رئيسا للاستخبارات الاسبانية التي تعتبره مصدر قلق ، وذلك في ظل جملة من المشاكل التي تشغل بال الجارة الأيبيرية ، ومن ابرز هذه المشاكل الهجرة السرية والمخدرات والإرهاب . فضلا على أن المغرب يعتبر من جانب آخر منافسا استراتيجيا للسياسة والاقتصاد الاسباني . ظروف كثيرة ومراهنات تجعل الدولة الاسبانية حاضرة وموجودة على الأراضي المغربية عبر قنوات استخباراتية . وفي سابقة هي الأولى من نوعها قام المغرب العام الماضي ، على طرد رئيس قسم الاستخبارات الاسباني الذي كان معتمدا بالقنصلية الاسبانية بالناظور للاشتباه في استغلاله جمعيات محلية في التجسس وربط علاقات قوية مع عناصر تدعي تمثيلية المجتمع المدني متجاوزا الأعراف المتفق عليها في الترخيص لضباط المخابرات. وقد جاء هذا الطرد في أعقاب ما نشر على صفحات العبور الصحفي التي فجرت فضيحة العلاقات المشبوهة لتي كانت تجمع رئيس قسم الاستخبارات بعناصر مشبوهة وإثارة التساؤلات حول نوعية العلاقات واللقاءات التي احتضنتها القنصلية الاسبانية والتي جمعت القنصل الاسباني السابق بالعناصر المذكورة ، هذه العلاقة توجت بتكريم القنصل السابق لأسباب لا يعلمها سوى القائمين على ذاك التكريم والعارفين بنوايا هؤلاء . هذا وكانت جريدة الباييس الاسبانية قد أشارت آنذاك في مقال لها حول هذا الموضوع إلى ما اعتبرته إشارات مهمة سبقت قرار الطرد ، كالتي صدرت في جريدة الصباح و التي أكدت أن التجسس الأجنبي بالريف يستنفر الاستخبارات و خبر تعيين مدير جهوي جديد ل "لادجيد" بالريف و بيان جمعيات بالناظور طالبت فيه بكشف حقائق شبكة عملاء جهة أجنبية . كما أشارت الباييس إلى جريدة العبور الصحفي التي اتهمت القنصل الإسباني بالناظور بالقيام بأنشطة مشبوهة ، و لم تمر سوى شهور قليلة على هذه الفضيحة حتى بادرت الحكومة الاسبانية إلى تنقيل القنصل العام الاسباني بالناظور تحت ذريعة خضوعه لعملية جراحية . ورغم الإجراء الذي اتخذه المغرب في حق مدير الاستخبارات المطرود ، لم يوقف الأمر نزيف التجسس بالمنطقة ، خصوصا وان تدخل المغرب حينها لم يمتد إلى الأطراف الأخرى المشاركة في لعبة التجسس للجهات الأجنبية ، وان كان مدير الاستخبارات رحل بفضيحة غير مسبوقة ، لكن بقي نشاط المخبرين قائما في ظل عروض صفقات التجسس المقدمة من جهات أجنبية مقابل إغراءات مادية ومعنوية تسيل لعاب الخونة . وبما أن المغرب لا يخفي قلقه الشديد من نشاط المخابرات الأجنبية فوق أراضيه والتي تتخذ من سياسة الانفتاح على المجتمع المدني مطية لاستمالة المخبرين على شكل تعاون مع بعض العناصر التي تنشط باسم الجمعيات و التنسيقيات ، فما رأي الاستخبارات المغربية من أنشطة بعض العناصر المشبوهة في المنطقة ؟ مسلسل الإصلاحات بالمغرب يستنفر أجهزة الجيران الاستخباراتية . إن الموقع الاستراتيجي الهام الذي يحضا به للمغرب ، والخطوات المهمة التي خطاها من اجل الإقلاع بعجلة التنمية ، وتدشين مسلسل الإصلاحات في كل المجالات ، لقت ترحيبا واسعا من قبل المنتظم الدولي الذي ثمن المجهودات الجبارة التي يبذلها المغرب لإرساء مبادئ الديمقراطية والانفتاح على الدول الغربية ، وعلى رأسها الوحدة الاروبية التي منحت المغرب مركزا متميزا عقب اعترافها بالإصلاحات المهمة التي شملت مختلف القطاعات ، هذا إلى جانب الإمكانيات الهامة التي يتوفر عليها ، و التي من شانها أن تجعل منه شريكا متميزا يخدم مصالح القطبين ، الأمر الذي دفع الاروبيين إلى اتخاذه كشريك في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وأمام الوتيرة السريعة التي يسير بها المغرب في عهد الملك محمد السادس الذي يتبنى سياسة الإصلاحات إسهاما في بناء دولة ديمقراطية قادرة على مواجهات تحديات العصر، خصوصا في ظل الأزمة المالية التي عصفت بالدول الغربية وعلى رأسها الجارة الاسبانية التي تأثرت بشكل كبير ، لم تكن البلدان المجاورة لتقف مكتوفة الأيدي ، فكان من الطبيعي أن تحرك آلياتها للتشويش على مسلسل البناء الديمقراطي للبلد ، سيما وان الجارة الجزائرية تأبى استيعاب الدور الفعال الذي يلعبه المغرب على المستوى الدولي ، خصوصا بعد دخوله كشريك مع دول الاتحاد الأوروبي. إن السياسة التي تنهجها الحكومة الجزائرية إزاء المغرب يجعلها تفقد شريكا قويا بإمكانه أن يساهم بشكل ايجابي في مواجهة جملة من التحديات التي تواجهها ، لكن يبدو أن الأخيرة متمسكة بمواقفها المؤيدة لأطروحة البوليساريو ، وهي مواقف ناتجة عن الحقد التاريخي الدفين الذي تكنه للمغرب ، وبالتالي فان الجزائر ستكون الخاسرة الكبرى في هذه المعركة ، كون الصحراء ستبقى مغربية رغم انف أعداء الوحدة الترابية . وإذا كانت الجزائر تشوش على المغرب عن طريق مساندتها للبوليساريو، فان الجارة الاسبانية لجأت إلى أسلوب آخر يتمثل في زرع مخبرين مغاربة بمناطق الشمال ، وعلى الخصوص بمنطقة الريف ، بعدما وجدت أرضية خصبة لزرع مخبرين باخسين . ومن أبرز هؤلاء المخبرين ، وارث الخيانة وسليل خدام الأعتاب الاسبانية ، الذي لا لا يدخر جهدا لإيصال كل صغيرة وكبيرة إلى أسياده الأسبان ، موظفا في ذلك كل الإمكانيات المتاحة له من لدن الاستخبارات الاسبانية التي يوافيها بكل التفاصيل وأدق المعلومات على مدار اليوم . وعلى غرار ما حضي به جده الكبير من امتيازات على يد "الفونسو الثالث عشر" ، يحضا وريث الخيانة بامتيازات جمة تمنح له من طرف الجهات التي يعمل لصالحها وعلى رأسها القنصلية الاسبانية في عهد القنصل السابق ومن قبله ، ما اكسبه صيتا كبيرا في هذا الجانب على صعيد المنطقة والجهة ، سيما وان الأمر يتعلق بتأشيرات السفر التي تعتبر حلم كل راغب في الهجرة نحو الضفة الأخرى والتي يتاجر فيها هذا القيدوم منذ عقود من الزمن ، ولم تقف الجهات الاسبانية عند حدود استغلال هذا العنصر لتزويدها بالمعلومات بل تعدت إلى حد استشارته حول بعض المواطنين الطالبين لتأشيرات السفر كلما دعا الأمر لذلك ، وتتوفر العبور الصحفي على حجج دامغة في هذا الإطار ، تدخل فيها القيدوم لإلغاء تأشيرة شخص كان قد رفض الانسياق معه . من المتاجرة في التأشيرات إلى المتاجرة بمصالح الوطن باستقراء العوامل الرئيسة التي أفرزت هذا التردي الخطير في بنية المجتمع المدني بمدينة الناظور ، لا بد من العودة إلى الماضي القريب واستحضار حيوية ودينامية المجتمع الناظوري منذ أوساط السبعينات إلى حدود منتصف الثمانينات ، صراعات سياسية وإيديولوجية حادة انخرط فيها الشباب بحماس ونكران الذات ، حركية نضالية حولت الناظور المفتقرة إلى ابسط المرافق الثقافية ما عدا قاعة للشبيبة والرياضة والساحات العمومية إلى قبلة لابرز الفنانين في مجال الفنون التشكيلية والغناء وغيرها ، وكانت الشخصيات المؤطرة لهذه المرحلة تتميز بروح التضحية وبكاريزمية ، سنذكر بعض الأسماء وقوفا عند هذه المرحلة ، الأساتذة :المرحوم عبد الرحمن طحطاح ، حسين الفهمي ، عمر الحسني ، احمد الباروزي ، قيس مرزوق الورياشي ، محمد الظافر ، محمد اقوضاض ، محمد بوجيدة ..... وإذا كان من حقنا أن نشبه المجتمع بالبحر يعيش مدا وجزرا ولدته أحداث 1984 قد طالت لأسباب سنعود إليها في موضوع آخر، بحيث يعيش المد ضدا على قوانين الطبيعة، طالت مدة الجزر فطفت وانتعشت الطفيليات والجراثيم فوق السطح الناظوري ليصبح صاحب أخبث الجرائم القانونية والمثقل بالسوابق العدلية قائدا لكوكبة الصحافة بالإقليم ، والى حدود الآن يبقى الموضوع بين أحضاننا كمغاربة ومجتمع يفرز مثل هذه الظواهر الشاذة كالشعوذة والدعارة ، وبيع الأكاذيب بشتى أشكالها بالمقابل لسد رمق العيش ، لكن أن تعرف الظاهرة انفلاتا يصل حد الارتماء في أحضان المخابرات الأجنبية بحثا دائما على لقمة العيش فان الأمر في هكذا حالات يستوجب وقفة تأملية من لدن جميع المسؤولين محليا ووطنيا لاستقراء الوضع واخذ الحيطة والحذر أمام أشخاص يمكن أن يقدموا مختلف الخدمات للغير ضد الوطن . لا يخفى على احد من المسؤولين امنيا وكذا السياسيين بالإقليم أن هذه المجموعة موضوع المقال قد احتفت سابقا بقاعة للحفلات ببني انصار بالقنصل العام الاسباني بالناظور لما كان سخيا في توزيع الفيزا على الصحفيين المزورين ، ولكل من توسط له من مواطنين قيدوم صحافة الاسترزاق والابتزاز بمقابل مالي يصل إلى 8 ملايين سنتيم وبمقابل اخطر يؤديه القيدوم لجهة أجنبية ألا وهو تزويدها بمعلومات لا نعلم نحن بالطبع أهميتها إلا إذا استحضرنا علاقة الشخص ببعض المسؤولين ، فالرجل يشتري أملاكا عقارية ويقتني سيارات فاخرة ويوزع الأموال يمينا وشمالا بدون أن يكون له أي دخل بتاتا . يبقى السؤال المحير الذي يخالج ساكنة الناظور حول ما تغير بين قنصل اسباني سابق يحتفى به والحرب المعلنة ضد من عوضه في المنصب ، والجواب لا يخلو من معطيين اثنين لا ثالث ، فإما أن القنصل الجديد يرفض التعامل ب الفيزا كمقابل لاحتواء هذه الشرذمة وضمان عمالتها ، وإما أن الشخص " الجرثومة " قد أعطيت له الأوامر من الجهات الاسبانية التي يتعامل معها استخباراتيا لمحاربة قنصل غير مخندق في الجهة التي يعمل في خدمتها ، ولا يمكن للقيدوم المزعوم إلا أن يكون خدوم اليمين الاسباني المعادي لوحدتنا الترابية وقضايانا المصيرية . إن قوة هذا العميل الخبير الذي ينام ويستيقظ على نفس الممارسات ، تكمن في إيهامه لبعض الجهات الأمنية المغربية محليا على انه في الخدمة ، وذلك بمدها ببعض المعلومات التافهة ضمانا لإثبات حسن سيرته ،ولكشف جملة من أسرار هذا العميل يكفي فتح تحقيق مع مصوره الخاص الذي كان يسلم أشرطة فيديو وصور فوتوغرافية لمواطن يهودي ، والشيخ الهرم الذي كان يتوافد باستمرار على مقر القنصلية الاسبانية سابقا ، والمسمى يونس الذي عوضه في الفترة الأخيرة . لذلك فان الضمير الوطني الذي يحرك فينا وعبر غيرتنا على الوطن وحبنا له يدعونا إلى تنبيه جميع المسؤولين وطنيا ومحليا للتحري في موضوع هذا الشخص الحرباء.
