بالأمس حضرت حفلا راقصا نظمته فرنسية وزوجها الفرنسي بمسرح الجديدة، وأشفقت حتما على شيئين إثنين أولا على المرحوم محمد سعيد عفيفي الذي لم يقدم يوما ما إلى جمهور المسرح عملا هزيلا مخلا بالأخلاق الحميدة، وما ثبت قط أنه نظر إلى بناية المسرح مجرد قاعة حفلات بكراس إضافية ملأت المرات ولم تحترم جمالية بناية تم إصلاحها بمليار سنتيم. لتأتي أجنبية وزوجها وتعيث فيها فسادا غير محترمة للطاقة الاستيعابية للمسرح الذي لاتتجاوز 500 مقعد في وقت تمكنت من بيع الممرات وكل الأماكن الضرورية للسلامة بمبلغ 300 درهم للمقعد الواحد ، وهو أمر أثار احتجاجات حاضرين لأن ذلك حجب عنهم الرؤيا وهو مايثير قضيتين أساسيتين تتعلقان أولا بإجهاز واضح على حقوق المؤلف وتدليس على الجمارك المغربية في استخلاص حقوقها من كل تذكرة يتم بيعها ، وثانيا قضية تجاوز غير مشروع للمقاعد المؤمنة بمسرح عفيفي في حال لاقدر الله وقوع مكروه ما.
وما وقع بالأمس جعلني أشفق على كناش التحملات الذي تمت صياغته لإدارة مسرح عفيفي، والذي قيل لنا أنه مسرح سيكون وفيا لخط عفيفي، مسرح منتج للطاقات المبدعة ولفرقة مسرحية جديدية تعيد المجد المشرق للصناعة المسرحية بهذا الإقليم ، خاب أملي كثيرا وأنا أرى فرنسية تكتري قاعة "سوميد" عفوا مسرح عفيفي، بمبلغ هزيل هو 1000 درهم، وتبيع تذاكر بين 100 درهم إلى 300 درهم ، لتحصل قرابة 10 ملايين سنتيم وهو ما يؤكد أن الحفل برمته حركه الهاجس المادي ، على خلفية أنه حفل باهت أجمل ماكان فيه هو رقصات الدبكة لأطفال القدس الشريف ، ثم أنه حفل راعت فيه منظمته الاقتصاد في المصاريف التقنية ، لأنه تم بدون مهندس صوت كان بوده أن يعفي المتفرجين من طغيان الصوت على لوحات راقصة ، تستدعي رغم أننا في بلد حداثي أن لاتكون سلطاته شاردة عما يقدم لناشئتنا من أمور تضرب في العمق قيم هويتنا.
وأشفقت ثانيا لحال باشا المدينة وقائد المقاطعة الحضرية الثانية ، لكون منظمة الحفل الراقص لم تعر أهمية لوضعهما الاعتباري ، وأجلستهما في كراس إضافية وكأنهما ضيفان عليها بمسرح بباريس وليس بالجديدة.
وأشفقت بعد كل هذا وذاك على هذا المسرح المعلمة ، الذي يتم الآن تدمير ماتم إصلاحه ، وقلت مع نفسي ليس المهم هو الإصلاح ولكن الأهم هو كيف نحافظ على ما أصلحناه ، واستحضرت قولة شهيرة للمخرج شفيق السحيمي وهو يتحدر أصلا من أولاد غانم بدكالة، ذات يوم عرضت عليه إدارة المسرح البلدي للجديدة، قبل إصلاحه طبعا ، فأجاب "إنه يصلح لتربية الدجاج"، وتخوفت إن سرنا في تدبير مسرح عفيفي بالشاكلة التي تتم الآن أن نعود في يوم من الأيام إلى مقولة السحيمي الشهيرة.
غادرت مسرح محمد سعيد عفيفي وفي القلب مرارة على الطريقة التي يدبربها هذا الفضاء الثقافي ، وهي طريقة لا تعتبره رافعة للفعل الثقافي بل قاعة للأفراح والحفلات ، فلا تستغربوا يوما إن وجدتم فيه النكافات والعمارية فحتما الأمر لحظتها يتعلق بعرس من الأعراس يتم بمسرح عفيفي الهرم الكبير للمسرحيين المغاربة.