مديرية الأمن تطلق منصة "إبلاغ" للتبليغ عن المحتويات غير المشروعة على الأنترنيت    الحكومة: المغرب أصبح قبلة للاستثمار ونعول على القوانين لإحداث مناصب للشغل    الملك محمد السادس يراسل عاهل السويد    الحكومة تضمن استمرارية التكوين لموظفي وزارة العدل والمهن القانونية والقضائية    المغرب يقتحم تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ويجلب استثمارات صينية بأزيد 12 مليار درهم    أضاحي العيد.. الحكومة: العرض يفوق الطلب واستيراد الأغنام عملية استثنائية ومؤقتة    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    غزة.. مقتل عشرات الأشخاص في غارة تبنتها إسرائيل على مدرسة للأونروا تؤوي نازحين    خطة جديدة للركراكي أمام زامبيا وهذه تشكيلة المنتخب الوطني    ريد وان ينتج أغنية رسمية لريال مدريد للمرة الثانية    إقصائيات كأس العالم.. أسود الأطلس من أجل استعادة الفعالية الهجومية    ارتفاع عدد قتلى حريق "قيسارية فاس"    ضبط سيارة بمخدرات في القصر الكبير    في وداع حقوقي مَغربي    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    هل يحصد الدولي المغربي إبراهيم دياز الكرة الأفريقية؟    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    إسبانيا تنضم رسميًا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    قرض ألماني بقيمة 100 مليون أورو لإعادة إعمار مناطق زلزال "الحوز"    مقتل قرابة 100 شخص بولاية الجزيرة في السودان إثر هجوم    طنجة تستعد لاستقبال المصطافين بتهيئة وتجهيز الشواطئ    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    أساتذة كلية العلوم بتطوان يحتجون على تردي الخدمات والمرافق بالمؤسسة    "الأسود" يختتمون تحضيراتهم بالمعمورة ويتوجهون إلى أكادير لملاقاة زامبيا    تكريم مدير المركز السينمائي عبد العزيز البوجدايني في مهرجان الداخلة    أولمبياد باريس 2024 : ارتفاع أسعار السكن والإقامة    «الفيفا» يقرر استخدام تقنية الفيديو في مونديال السيدات لأقل من 20 سنة    توقيف شخص بطنجة وثلاثة بمدن أخرى موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين بطنجة يدين محاولات تشويه سمعة مديرة الوكالة الحضرية    الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين    الصناعة التحويلية .. أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة    أزمة القيادة العالمية ولحظة الحسم..    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    عموتة يحسم الجدل بخصوص عودته لتدريب الوداد الرياضي    مجددا.. إسرائيل تقصف مدرسة بغزة تأوي اللاجئين ووسائل إعلام تعلن مقتل 27 فلسطيني    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    الأمن يوقف مهدد خطف نجل بودريقة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 24 للسلك العالي للدفاع والفوج 58 لسلك الأركان بالقنيطرة    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    هزة أرضية ترعب ساكنة إقليم الحسيمة    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« انتفاضات الريف » بين الحسن الثاني ومحمد السادس.. النار والحوار
نشر في فبراير يوم 08 - 07 - 2017

لم يكن أحد يتوقع أن تستيقظ مدينة الحسيمة الهادئة، ومنطقة الريف على وقع احتجاجات غاضبة سنة 2017، والتي ما تكاد تنطفئ حتى تشتعل مرة أخرى، بعد أزيد من عشرين سنة من إخماد آخر انتفاضة لساكنة الريف سنة 1984، احتجاجات أججتها قضية سحق بائع السمك محسن فكري داخل شاحنة للنفايات العام الماضي.
الاحتجاجات أعادت إلى الاذهان الانتفاضات الشعبية، التي عرفها الريف خلال فترات تاريخه النضالي العشبي عامي 1959، و 1984، وآخرها الحراك الاجتماعي لسنة 2017.
انتفاضة الريف 1958/1959.
ففي سنة 1958 اندلعت بالريف انتفاضة يوم 07 أكتوبر 1958 وانتهت يوم 13 مارس 1958، استمرت ما يقارب 158 يوما، وقد دعا للانتفاضة آنذاك محمد بن الحاج سلام أمزيان، صحبة رفاقه، واتهموا حسب بعض الروايات بالانفصال والسعي وراء أعلام الجمهورية المغربية الثانية، بجمهورية الريف الأولى، وتشكيل تنظيم مسلح يحمل اسم « جبهة النهضة الريفية »، بينما دافع آخرون عنها، حيث تقول بعض الروايات، أن المنتفضين لم يطالبوا بالانفصال أو بحكم ذاتي، بل طالبوا بإقامة إدارة جهوية تسمح للريفيين بإدارة شؤونهم بأنفسهم، إضافة إلى مطالب أخرى لخصت في 18 مطلبا كلها مطالب اجتماعية، حسب المؤرخ ديفيد مونتكمري هارت، في كتابه آيت ورياغل قبيلة من الريف المغربي.
انتفاضة الريف 1958/1959.
وطالب أهل الريف آنذاك بمطالب اجتماعية و »سياسية، اعتبرها الريفيون عادلة ومشروعة وواضحة الاهداف، ومن أبرزها جلاء جميع القوات الاجنبية عن المغرب، وتشكيل حكومة شعبية ذات قاعدة عريضة، اختيار الموظفين المدنيين من السكان المحليين، عودة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى المغرب، وضمان عدم الانتقام من المنتفضين، اختيار قضاة أكفاء، إعادة هيكلة وزارة العدل، تخفيض الضرائب في المغرب كله وخاصة بالريف، خلق برنامج طموح ضد البطالة، بناء مزيد من المدارس في القرى، فتح ثانوية أو مدرسة عليا في الحسيمة.
واجه المسؤولون احتجاجات سكان الريف بالسلاح والحديد، ولم يحققوا أيا من مطالبها، وفق شهادات « روافة »، بل زادوا من عزلتها وتهميشها.
وبلغ عدد المعتقلين إبان هذه الانتفاضة 8420 بينهم 110 امرأة، أطلق سراح 5431 بينهم 95 امرأة، وحكم على 323 فيما ظل الآخرون أي 2664 دون محاكمة ولا إطلاق سراح، وتم إبعاد 542 مواطنا إلى كل من إسبانيا وإيطاليا وألمانيا والجزائر.
بعد إخماد الانتفاضة فرض على المنطقة « طوق عسكري » استمر عدة سنوات، وفرض عليها حصار اقتصاديا ما يزال متواصلا إلى اليوم، رغم بعض المؤشرات الإيجابية الصادرة عن عاهل البلاد، المتمثلة في المحاولات الجارية لتصحيح أخطاء الماضي ورفع الحيف عن الريف وسكانه وإنصافهم.
انتفاضة الجوع سنة 1984
عرفت انتفاضة سنة 1984 بالريف بانتفاضة الخبز والكرامة، وبانتفاضة الجوع، أو انتفاضة التلاميذ، وعرفتها مجموعة من المدن المغربية، وبلغت ذروتها في مدن الحسيمة والناظور وتطوان والقصر الكبير ومراكش .
اندلعت الأحداث في البداية عبر مظاهرات تلاميذية، قبل أن تنخرط فيها شرائح اجتماعية أخرى، وجاءت الاحتجاجات في سياق اقتصادي تميز ببداية تطبيق المغرب لسياسة التقويم الهيكلي المملاة، آنذاك، من طرف صندوق النقد الدولي، و التي كان من تداعياتها ارتفاع كلفة المعيشة وتطبيق رسوم إضافية على التعليم.
واجهت الدولة الاحتجاجات بعنف كبير واعتقالات واسعة، وكان محرك الاحتجاجات انتشار الفقر المدقع، حيث كان سكان البوادي يعيشون دون أدنى شورط العيش الكريم، وارتفعت نسبة البطالة، وذلك بسبب انخفاض أسعار أسعار الفوسفاط في السوق الدولية.
كل هذه الأسباب جعلت البلاد تعيش أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل.
وجسدت انتفاضة سنة 1984 صورة مأساة إنسانية بامتياز، حيث وصل عدد القتلى حسب تقارير صحفية، من 400 قتيل، و أزيد من 9000 معتقل.
الحراك الاجتماعي بالريف سنة 2017.
بدأ الحراك الشعبي بالريف مباشرة بعد طحن محسن فكري داخل شاحنة للنفايات العام الماضي، وعمت الاحتجاجات السلمية أرجاء المنطقة، تطالب بمحاسبة المسؤولين على مقتل فكري، ورفع التهميش عن المنطقة، وتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للساكنة.
حراك الري
عبرت الساكنة عن استيائها من الوضع والمزري الذي تعيشه المنطقة، الامر الذي عجل بالسلطات إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمحاسبة المسؤولين عن مقتل فكري.
إلا أن الدولة بعد إعلان الحقوق المطلبية للساكنة من طرف نشطاء الحراك، أبت إلا أن تنتهج نهج أسلافها لتتهم الريف بتهمة الانفصال، وذلك على لسان الاغلبية الحكومة.
وكان من بين أبرز مطالب الحراك الاجتماعي، الكشف عن حقيقة ملف الشهداء الخمس في البنك الشعبي خلال احداث 20 فبراير2011، وإلغاء ظهير 1.58.381 الذي يعتبر إقليم الحسيمة منطقة عسكرية وتعويضه بظهير يعلن اقليم الحسيمة منطقة منكوبة، بناء جامعة متكاملة التخصصات، وما يستلزمها من مرافق، وإحداث معاهد عليا في عدة تخصصات، فتح مختلف التخصصات والشعب والمسالك التعليمية المعتمدة من طرف وزارة التربية الوطنية، وإحداث مستشفى جامعي بإقليم الحسيمة، وتعميم المستوصفات والخدمات الطبية على باقي مناطق الإقليم والنواحي مع تزويدها بمختلف الآلات الضرورية (إسعاف، راديو، أدوية..) وكل الموارد البشرية الكفيلة لمباشرة العمل فيها، ثم إحداث المراكز الثقافية والمكتبات ودور الشباب، وإنشاء المراكز الخاصة بالرياضة، الحفاظ على الملك الغابوي بالمنطقة، ورفع حقيقي للتهميش والحصار الاقتصادي، إصلاح قطاع الصيد البحري بالمنطقة لتسفيد الساكنة من ثورتها السمكية، والقضاء على البطالة البطالة، ثم اصلاح القطاع الفلاحي لدعم فلاحي المنطقة ماديا و معنويا التوزيع العادل لمختلف نفقات الإستمثار العمومي، دراج إقليم الحسيمة في المناطق التي تستفيد من مختلف المشاريع والإستثمارات التي وقعها المجلس الجهوي، وغيرها من المطالب الحقوقية و الاجتماعية المشروعة.
وقد عبر المحتجون في مسيراتهم واحتجاجاتهم للمطالبة بمطالبهم، بطريقة حضارية وسلمية عن رفضهم الاتهام الذي وجهته إليهم الأغلبية الحكومية كونهم دعاة تخريب وانفصال توجههم أجندات خارجية.
حراك الريف
خرجت الحكومة بعد ضغط الشارع والجمعيات الحقوقية ببيان تعترف فيه بأهمية التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية بإقليم الحسيمة بما يحقق حاجات الساكنة والتنمية والعيش الكريم، إلا أن الاحتجاجات زادت في الاتساع خاصة بعد اعتقال ناصر الزفزافي الزعيم الابرز في حراك الريف ومعه نشطاء آخرون.
وفشلت كل الخيارات التي انتهجتها الدولة لوقف الاحتجاجات، حيث استعملت جميع الاساليب والوسائل من أسلوب التجاهل، واتهام النشطاء بالدعوة إلى الانفصال، إلى التدخلات الامنية في حق المواطنين..
وهذا وقد تطور الحس التنظيمي للاشكال الاحتجاجية بالمنطقة من المسيرات السلمية، واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إليها، وتنظيم وقفات احتجاجية تتخلها حلقيات محكمة، وآخرها الضرب على الآواني فوق سطوح المنازل، بعد أن طوقت القوات الامنية شوارع وأزقة المنطقة.
ونددت فعاليات حقوقية سياسية وجمعوية بالقمع والانتهاكات لحقوق الانسان بالريف، وحذرت اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق لأحداث الحسيمة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في الحسيمة.
حراك الريف
وأكدت أن ما يشهده إقليم الحسيمة يعود بالأساس للإنتهاكات التي مست بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ويتجسد هذا في التهميش والإقصاء والعزلة التي عانت منها منطقة الريف منذ عشرينيات القرن الماضي لتنضاف إليها الجراحات المتراكمة بفعل ما عانته المنطقة، في سنوات الرصاص من انتهاكات جسيمة وممنهجة تمثلت في 58 و59 ويناير 1984، وما أعقبها من إصرار الدولة على اتباع سياسة التهميش والتمييز بين المغرب النافع وغير النافع عدم تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بالمنطقة .
وقالت أن كثافة وجسامة الانتهاكات المرتكبة في حق ساكنة إقليم الحسيمة (الاعتقالات التعسفية، عسكرة المنطقة، منع التجول، ترهيب الساكنة،...) يدعو إلى التخوف من وقوع انتهاكات قد ترقي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.