مجلس المستشارين يصادق على مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة    بنعبد الله: هوة كبيرة بين البرلمان والمجتمع    الحركة الشعبية بتطوان تعقد مؤتمرها الإقليمي    إضراب بالمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي احتجاجا على تأخر إخراج القانون الأساسي    "المدونة" تؤجل حسم مواد بقانون المسطرة المدنية ووهبي يتمسك بواجب التحفظ    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الأربعاء    الرباط تستعد لاحتضان معرض العقار "سكن إكسبو"    ارتفاع أسعار الذهب بدعم من ضعف الدولار    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات على وقع الانخفاض    النفط يتراجع لسادس يوم على التوالي وسط زيادة كبيرة في المخزونات الأمريكية    كيوسك الأربعاء | المغرب ثاني بلد عربي يطلب الحصول على بيانات مستخدمي "فيسبوك"    الإسباني فرناندو هييرو مديرا رياضيا للنصر السعودي    رونالدو ورحيمي ينافسان على جائزة خاصة في دوري أبطال آسيا    "هي فوضى" في الدوري الجزائري لكرة القدم (فيديوهات)    مراكش.. شاب يقتل والده بطريقة بشعة ويلوذ بالفرار    عاجل.. وزارة الصحة تكشف حصيلة فاجعة علال التازي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    أزيد من 10 آلاف مترشح يجتازون الامتحان الجهوي بأكادير    وزان: مبادرة تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم يتعادل وديا مع نظيره البلجيكي    إطلاق نار على السفارة الأمريكية في بيروت    تقرير: 70 في المائة من الأطباء يتمركزون في أربع جهات فقط وطنجة ليست ضمنها    قصف مستمر على غزة والجيش الإسرائيلي مستعد "لتحرك قوي" على حدود لبنان    الإمارات: احتجاز ضابط بريطاني سابق منذ سبعة أشهر في دبي بتهمة التجسس    23 قتيلا و2726 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    تفاصيل فضيحة بنك بتطوان    حافلات حديثة تكسر عزلة مطار طنجة وتشرع في ربطه بالمحطة السككية    الخبرة المغربية تتألق في صناعة حراس عالميين بهولندا    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان "فيدادوك" الخامس عشر    العصبة الاحترافية تحدد موعد إجراء نصف نهائي كأس العرش..    مغاربة يطالبون بالرباط بوقف "مذابح رفح"    ليدك .. إنشاء خزانات للماء و محطات الضخ لتقوية منظومتي التخزين و التوزيع    سلوفينيا تعترف بدولة فلسطين    بطولة رولان غاروس: الايطالي سينر يبلغ نصف النهائي ويضمن صدارة التصنيف العالمي بانسحاب ديوكوفيتش    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    لماذا يعتبر الشراء بالجُملة "أوفر" مادياً و"أفضل" بيئياً؟    الرجاء يتلقى ضربة موجعة قبل موقعة مولودية وجدة    افتتاح فعاليات الدورة ال12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكم يدين إدريس لشكر بسب صحافيين    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    السر وراء رسو ناقلات النفط الروسي قبالة سواحل المغرب    يستكشف تأثير "الإهمال والصراع" على العلاقة الزوجية.. "واحة المياه المتجمدة" في القاعات السينمائية    "أونسا" يكشف نتائج التحقيق في أسباب نفوق أغنام ببرشيد    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    مبيعات الفوسفاط ومشتقاته تقفز إلى أزيد من 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    بوريطة يبرز الرؤية الملكية للتعاون الإفريقي والشراكة متعددة الأطراف في مكافحة الإرهاب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    الأمثال العامية بتطوان... (615)    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما قاله ملك البلاد في خطاب العرش لا يتعارض في شيء مع الإصلاحات المرتقبة في القانون الجنائي ومدونة الأسرة وها علاش
نشر في كود يوم 03 - 08 - 2023

غير سالا الملك خطاب العرش، استغل الظلاميون عبر مواقعهم الهادمة للفكر والتطور الجماعي إلتهائنا بفرحة رؤية ملكنا وسماع خطابه الإنساني بالدرجة الأولى، الذي مد عبره يد المحبة والأخوة للشقيقة الجزائر ودعا السياسة والمجتمع لربط المسؤولية بالمحاسبة كمبدأ أساسي لاستكمال المسار الديمقراطي والحداثي، وإنهالو بالهجوم على إصلاحات القانون الجنائي ومدونة الأسرة المرتقبة مدعيين وجود إشارات في الخطاب هي فقط في خيالهم وقراءتهم القصيرة لخطاب هدفه الأول هو تعزيز المسيرة التنموية وليس العكس.
تركو كل التوجيهات المباشرة القائمة بالتعامل بجدية مع القضايا التي تهم الوطن كالحفاظ على السلام الإقليمي وتهم الشأن الداخلي والمواطن كالإصلاحات الإدارية والقضائية التي تصب في مصلحة واحدة هي الاهتمام بالمواطن وتعزيز منظومة العدالة الاجتماعية (كما جاء في الخطاب) وتخفيف المعاناة اليومية مع المساطير والبيروقراطية الإدارية والتمكين من الفرص الاستثمارية في ظروف تنافسية عادلة.
قال جلالته: "في ظل ما يعرفه العالم، من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات، وتداخل العديد من الأزمات، فإننا في أشد الحاجة إلى التشبث بالجدية، بمعناها المغربي الأصيل: أولا: في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله – الوطن – الملك".
نعم وفعلا، فالعالم يعرف اهتزازا كبيرا في منظومة القيم والمرجعيات، يكفي أن نشاهد ما يحدث في الحرب الروسية-الأكرانية وما يحدث في السودان وزيد وزيد وآخرها ما يحدث حاليا في النيجر، التطاحن من أجل السلطة والتسلط، تغليب المصالح الخاصة على مصالح الشعوب والأوطان ورفض القيم الدينية والوطنية التي تدعو إلى الانفتاح على الآخرين وقبول الاختلاف وفتح الحوار المجتمعي من أجل بناء وطن يسع الجميع والتراجع الواضح عن مفاهيم السلام والأمان الاجتماعي.
وفي هذا الإطار ولدرء الفتن ومحاولات الانسلاخ عن مبادى وقيم المواطنة والوحدة، يكون الشعار الأساسي تاريخيا في المغرب هو "الله-الوطن-الملك" وهي المكونات المحورية من أجل إكمال المشروع المجتمعي التنموي.
الشعب يستلهم قوته وفكره ووحدته من هذه المكونات. فالله للجميع (ليس حكرا على الخوانجية) الوطن للجميع بثقافته وإختلاف أعراقه وأنماط عيشه كما جاء في ديباجة مصدر دستوره. والملك للجميع فهو الرمز الأعلى الذي نستمد منه القيم والتوجيهات المباشرة (لا الإشارات الخفية كما يزعمون).
وجهنا ملك البلاد في خطابه إلى العمل بجدية في التشبت بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد وفي صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛ ومواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.
إن صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك تعني أيضا إلغاء و تجريم زواج القاصرات و تشديد العقوبة على مغتصبي الأطفال ومنع التلصص والتجسس على الناس في أماكنهم الخاصة.
إصلاح القانون الجنائي ومدونة الأسرة يدخل في صلب الجدية الأخلاقية فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت، إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبو. ومن جدية الأخلاق أن يجعل المجتمع حماية الطفولة همه الرئيسي وشغله الشاغل.
كل سنة يتم تزويج ما لا يقل عن 20 ألف طفلة قاصر في المغرب بدعوى أنه فعل قانوني. السؤال المطروح هنا هل الفعل أخلاقي؟ لو قيمنا على مدار عشر سنوات فقط من السماح بتزويج القاصرات يصير المعدل 200 ألف. أي مائتي ألف أسرة غير مكتملة البناء لأن عمودها الأم هي طفلة لاحول ولا قوة لها تم سلبها حقها في التمدرس واللعب والضحك واكتمال البناء في كنف عائلة عطوفة ومجتمع حاضن ومتفهم وتم رميها في أحضان جحيم المسؤولية الاجتماعية وهي بناء أسرة وتربية الأولاد.
لو قمنا بعملية حسابية بسيطة باعتبار معدل طفلين فقط للأسرة نتيجة زواج القاصرات على مدار العشر سنوات فسنحصل على أربعة مليوووووووون طفل ينضافون إلى الساكنة المغربية بالتبعات النفسية الوخيمة الناتجة عن أسرة عمودها(الأم) لم تتح لها الفرصة لتعيش حياة عائلية طبيعية كباقي أسر المجتمع المغربي.
الأسر المغربية الميسورة وذات الموارد المادية تحمي طفلاتها من زواج القاصرات وتسير لها العيش في بيئة حاضنة جيدة لتصير طبيبة ومهندسة وعاملة ووزيرة وأن تبلغ سن الرشد وتختار شريك حياتها بمحض إرادتها وبدون قسر أو ترهيب.
مقومات صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك كما جاء في الخطاب هي الحفاظ على العائلة وحضانة الأطفال إلى أن يبلغوا سن الرشد ودور الدولة هو أن تكرس التكافؤ الاجتماعي بين المجموعات الاجتماعية عبر قوانين عادلة تمنع الاعتداء على قاصر. زواج القاصرات كيمارسوه المجموعات الهشة اقتصاديا وتستعمله كذريعة دائما لمحاربة الفقر(زوجناها لراجل كبير حيت حنا ماعندناش باش ندخلها للمدرسة).
مع العلم أن هناك منظومة تعليمية عمومية جيدة فالمغرب، تكون كوادر كبيرة يوميا، وهناك مبادرات الملك والدولة الجبارة لفائدة المجموعات الهشة اقتصاديا لدعم التمدرس (من بينها مليون محفظة وكيستافدو منها الفقراء)، إذن الخطوة المتبقية هي منع زواج القاصرات بقوة القانون ومايبقاش اختياري وخاضع للسلطة التقديرية. المجموعات الاجتماعية الهشة توفر لها الدولة حاليا كل فرص ومقومات ووسائل دعم التمدرس للأطفال بتعليم عمومي جيد يواكب تطور ونمو الطفل لكي يصير فردا منتجا في الاقتصاد القومي ومايبقاش عندها ذريعة الفقر التي عبرها يتم إعادة إنتاج الإشكالات السوسيواقتصادية والعوائق الثقافية.
و أخيرا، هذا ينطبق أيضا، على الجزر في مسألة اغتصاب الأطفال وبالعودة إلى موضوع طفلة تيفلت سناء ووضوح الاختلال والعبث المخزي بين الحكم الابتدائي والاستئناف فهذه الواقعة كانت هي من أكبر تجليات الانحراف عن الجدية التي يدعو لاتباعها ملك البلاد في خطابه في التعامل مع القضايا القضائية التي تهم المواطن.
الخلل يكمن في السلطة التقديرية في القضاء واستعمال قرينة الرضائية بحكم القانون في التعامل مع اغتصاب الأطفال (وقد شرحنا في مقال سابق هذا الاختلال بالتفصيل). يجب على القانون أن يتغير وأن نلغي كأسر ومجتمع نص التخفيف على المغتصبين في القانون الجنائي في مسألة الاغتصاب وهذه هي الجدية المطلوبة لتحقيق العدالة الاجتماعية و المجالية.
وفي الأخير، بالنسبة للحريات الفردية (وسنعود لهذه النقطة في مقال مفصل) في الفضاء الخاص "فشرح الواضحات من المفضحات"، الدين أيضا، هو أخلاق ومن أخلاق التعامل المجتمعي "احترام خصوصيات الآخرين" واحترام المواطن الراشد والتعامل معه بجدية كبيرة والتوقف عن معاملته على أنه قاصر ويحتاج الوصاية داخل بيته أو غرفة فندق اكتراها بحر ماله.
القانون يجب أن يواكب وعي الشعوب لتطوير آليات الاستقرار المجتمعي ومواكبة التطور. وكما قال جلالته "مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.