وزيرا داخلية الرباط ومدريد يتأبطان أجندة ثقيلة ويبحثان ملفات شائكة ليست الحرب ضد المخدرات بالسهلة علي أي بلد، حتى لو كان الأقوى في العالم. غير أن تكثيف الجهود والتعاون يكون السبيل الأمثل لتضييق الخناق على الشبكات الدولية، كما أنه يساهم في حصر حجم المساحات المزروعة، بعد اعتماد زراعات بديلة تعوض سكان هذه المناطق المزروعة بالقنب الهندي، عن هذه النبتة التي كانت إلى وقت قريب تزحف بقوة للالتهام آلاف الهكتارات في المغرب، الذي أطلق حملة إتلاف واسعة قادت إلى تراجع المساحات المزروعة بشكل كبير. ولم تكن حملة الإتلاف وسيلة المغرب الوحيدة لمكافحة المخدرات، بل لجأ أيضا إلى تحريك آلته الأمنية، التي أسقطت في مناسبات متفرقة كبار الرؤوس في سلك الشرطة والقوات المساعدة والبحرية الملكية، بل ووصل الأمر إلى حد الزج بمدير أمن القصور السابق عبد العزيز إيزو في السجن، ومحاكمته رفقة مجموعة من المسؤولين الأمنيين، بمن فيهم العاملين في جهاز مراقبة التراب الوطني (الاستخبارات المدنية). غير أن الرباط تركت وحيدة في حربها ضد المخدرات، إذ تخلت عنها إسبانيا ودول أخرى في القارة العجوز في منتصف الطريق، التي قطع منها المغرب أشواطا مهمة أسفرت، في السنة الماضية فقط، عن حجز 163.163 طنا من الكيف، 88.44 طنا من الشيرا، و25.296 كيلوغراما من الكوكايين، و5.932 كلغ من الهيروين، و35 ألفا و673 وحدة من العقاقير المهلوسة. "" كما تمكن من اعتقال 1200 شخص متورطين في الاتجار الدولي للمخدرات، من بينهم 600 شخص من جنسيات أجنبية، في حين أتلفت السلطات المغربية 4376.68 هكتارا من مزارع القنب الهندي، ما أدى إلى تقليص المساحات المزروعة بالقنب الهندي بأزيد من النصف وتقليص إنتاج نبتة القنب الهندي بنسبة 61 في المائة. ودشنت الرباط سنة 2009 بتفكيك واحدة من أهم الشبكات في تهريب المخدرات إلى بلجيكا وهولندا عبر إسبانيا، بعد اعتقال بارون مخدرات في الناظور، كان مبحوثا عنه، قبل أن يكشف عن باقي شركائه، الذي وصل عددهم إلى 79 شخصا، من بينهم 29 في البحرية الملكية، و17 في الدرك الملكي، و5 في القوات المساعدة، على جانب 18 مدنيا، في حين ما زال البحث جاريا عن 25 آخرين. وكشفت التحريات أن هؤلاء المتورطين كانوا يسهلون على أفراد الشبكة تهريب المخدرات أمام أعينهم مقابل مبلغ مالي يصل إلى 20 ألف درهم عن كل رحلة، مبرزة أن أسماء عناصر من الحرس المدني الإسباني وردت في التحقيق. بعد كل هذه التحركات جاءت إسبانيا لتمد يدها متأخرة للمغرب لتساعده في حربه التي مازالت تزداد شراسة، إذ من المنتظر أن يلتقي وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى، ونظيره الإسباني بمدريد، غدا الاثنين. وعقدت اللجنة المشتركة المغربية الاسبانية لمكافحة المخدرات، الجمعة الماضي ، اجتماعا بالرباط للتحضير إلى هذا اللقاء. وتضمن جدول أعمال هذا الاجتماع، بحث التعاون الثنائي، خاصة ما يتعلق بالتحقيق المشترك ودعم وسائل مكافحة تهريب المخدرات، وكذا آليات تبادل المعلومات. وترأس الوفد الإسباني في هذا الاجتماع فرانسيسكو خافيير فيلاسكيز، المدير العام للشرطة والحرس المدني، في حين ترأس الجانب المغربي، خالد الزروالي، العامل، مدير الهجرة ومراقبة الحدود. وكان قاضي التحقيق "أمر باعتقال جميع المشتبه فيهم في قضية شبكة الناظور وبعقل وتجميد ممتلكاتهم العقارية وكذا الحسبات البنكية العائدة لهم ولأزواجهم وفروعهم". وأوقفت مصالح الأمن، يوم 11يناير الجاريبأمر من النيابة العامة، مروجا بارزا للمخدرات، كان يقوم بتصدير كميات من مخدر الشيرا انطلاقا من منطقة الناظور في اتجاه السواحل الإسبانية. وكانت مصادر قضائية قد أوضحت أن هذا المروج، الذي جرى اعتقاله، كان يقوم بهذه العمليات لحساب جهات مقيمة في إسبانياوبلجيكا وهولندا وفي مليلية المحتلة. يذكر أنه جرى حينئذ تفكيك شبكة مهمة للإتجار في المخدرات، كانت تعمل بتواطؤ مع عناصر من الدرك الملكي، والبحرية الملكية، والقوات المساعدة. وقد تم الإستماع إلى المشتبه فيهم في إطار هذا التحقيق، وتم إعفاؤهم من مهامهم. وعزز المغرب من آليات مراقبة الحدود عبر توفير إمكانيات مهمة، خاصة بمراقبة سواحله وبأعمال البحث والتقصي، كما جرى تجهيز الموانئ والمطارات، وكذا نقط العبور البرية بوسائل تكنولوجية للكشف تتلاءم مع المعايير الدولية. إيلاف