أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    أمن طنجة يوقف شابين بتهمة حيازة وترويج المؤثرات العقلية    ‮ ‬من أجل توفير الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، اتفاقية‮ ‬شراكة بقيمة ‮ ‬69مليون درهما    قرار تحويل "درب عمر" يصطدم بتمرد أصحاب "الطرافيكات"    التعاون الوطني بتطوان يختتم فعالياته المخلدة للذكرى 67 لتأسيسه بحفل بهيج    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    بعد ضجة آثاره المميتة.. "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاح كورونا من الأسواق    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    أسترازينيكا تعلن سحب لقاحها من الأسواق ل"أسباب تجارية"    مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم مع المغرب في مجال الثروة المعدنية    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    نادية فتاح تبحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية تمويل الحماية الاجتماعية بالمغرب    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    بنموسى…الوزارة ستحترم قرارات المجالس التأديبية التي ستتخذ في حق الأساتذة الموقوفين    دالاس.. منصة "إفريقيا 50" تشيد بالتزام المغرب لفائدة التنمية بإفريقيا    المعتقل السياسي نبيل أحمجيق يتضامن من داخل زنزانته مع انتفاضة الطلاب العالمية لنصرة غزة    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة المقترحة؟    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    الملك محمد السادس يتلقى رسالة خطية من الملك سلمان بن عبد العزيز    سائقو سيارات نقل البضائع بامزورن يؤسسون مكتبهم النقابي    تفاصيل اختيار الكاف لحكم مباراة بركان والزمالك    بوروسيا دورتموند يكرر فوزه على "سان جيرمان" وييلغ نهائي عصبة الأبطال للمرة الثالثة    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    المغرب التطواني ينهزم أمام مضيفه نهضة بركان    الملف المطلبي يدفع التنسيق النقابي لقطاع الصحة إلى تفعيل إضراب وطني    طقس الأربعاء.. موجة حر تصل 44 درجة تضرب عدة مناطق مغربية    توقعات لهبات رياح قوية نوعا ما فوق منطقة طنجة    الجزائر تعاقب إسبانيا وتوظف ورقتها الضاغطة    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    مجلس المستشارين يناقش حصيلة الحكومة    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    مطار أكادير المسيرة…ارتفاع بنسبة 23 في المائة في حركة النقل الجوي    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    الأمثال العامية بتطوان... (589)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنكيران والعثماني...دعوة للتكامل
نشر في هسبريس يوم 15 - 01 - 2014

ضمن الأشياء التي من شبه المؤكد أن السيد رئيس الحكومة بنكيران، قد يكون قد تذكرها وهو يقدم على رفع اللائحة الاسمية لوزرائه في النسخة الحكومية الثانية إلى الملك، سيتذكر بأن اللائحة التي يتأبطها تحت ذراعه، تخلو من إدراج اسم جمعه به كل شيء في مساره الدعوي والسياسي تقريبا، وربما قد يكون هذا الاسم قد اقتسم معه جزء كبيرا من المسؤوليات التي تناوبا عليها معا سواء على صعيد الحزب أو الحركة، والمؤسف أنه كان إلى وقت قريب وفي النسخة الأولى "لحكومته" كان يحتل موقعا وزاريا هاما كوزير للشؤون الخارجية والتعاون، وكان كثير النشاط والفعالية.
عدم إدراج إسم السيد سعد الدين العثماني في اللائحة، من المؤكد أنه قد أضاف جزء كبيرا من "المرورية" إلى هذه النسخة الحكومية، بالنظر للسياق العام ولطريقة التشكل، ولطول مدة الانتظار والأسماء المتضمنة فيها، وبالنظر أساسا لكثرة أعداد الوزراء الذي وصل إلى 43 ما بين وزير ووزيرة.
لماذا تمت التضحية إذن برجل من "العيار الثقيل" في حجم السيد سعد الدين العثماني؟ هل لسوء أدائه؟ أم لأنه لم يكن محظوظا مع الزمن اعتبارا لكون المنصب الرسمي لوزارة الخارجية المغربية في زمن الخريف العربي والتحولات الحاصلة في العديد من الدول العربية خاصة منها مصر والعربية السعودية كانت تتطلب شخصا بمواصفات معينة وأن يحرص فيه "حامله" على استحضار نوع من الثوابت الراسخة للبلد والتي تتجاوز أي اعتبار حزبي أو حركي إيديولوجي.
وبحكم تواجد حركة تحمل نفس الخلفية الدينية للسيد العثماني و"حزبه"، في إشارة إلى حركة الإخوان المسلمين في واقع الصراع المصري، فربما كان القرار من أجل إعفاء السيد العثماني يحمل مواصفات استباقية حتى لايجهد السيد سعد الدين نفسه في البحث عن إيجاد صيغ توفيقية بين "واقع القرابة الديني للإخوان" وبين "المنطق الذي يفترض أن تسير عليه الدولة". وهو ما دفع الدولة العميقة لأن تكون فيه أكثر براغماتية وتصرفت بالصرامة اللازمة مع "كذا حدث" حتى لا تغامر بالتفريط أو التقصير أو تقليق "راحة" بعضا من أصدقائها من العيار الثقيل في دول الخليج، ولو تم ذلك على حساب قيم واضحة لها علاقة بالشرعية والديمقراطية.
الراجح أن التحول الذي حصل في المنطقة العربية، كان بمثابة حبل مشنقة التف على عنق بنكيران قبل أن يلتف على عنق السيد العثماني، فموجات الخريف العربي كان يتم التقاطها والتفاعل معها بشكل جيد لدى جزء من الحساسيات السياسية في البلد، وهو ما جعل هذه الأطراف تضيف إليه بعضا من جرعاتها من القلاقل الداخلية في محاولة لإرباك حكومة الإسلاميين ومنع قطارهم من الإقلاع، وهو ما أسفر عن الحيرة والارتباك الذي عرفته حكومة السيد بنكيران إثر انفراط أغلبيته جراء انسحاب حزب الاستقلال بزعامة حميد شباط.
هذا الأخير الذي كان متفطنا بشكل جيد للإكراهات الحقيقية التي يوجد عليها الحزب "الحاكم"، فعلاوة على المستجدات الخارجية والتي لا تلعب في صالح حزب المصباح، تشكل الصعوبة في إيجاد حلفاء جدد لتكوين الأغلبية الحكومية أحد الأمور التي ربما كانت ستدفع حزب المصباح اضطرارا لتقديم العديد من التنازلات لحزب الاستقلال وبالخصوص لكائن سياسي شرس معروف عنه أنه يريد دوما استغلال "الممكن المتاح إلى أقصى حد ممكن". وهو ما لم يكن مسموحا به لدى كائن سياسي من عيار آخر معروف عنه أنه يحسن مواجهة "المجابهة بالمجابهة"، والنتيجة التي نعرفها جميعا أن البلد صار مشدودا إلى صراع محموم بين "رجلين" في ضل فراغ حكومي لمدة تجاوزت الشهر، وفي ظرفية سياسية واقتصادية جد دقيقة، كانت الوطنية تقتضي أن يلتف الجميع من أجل حسن إدارتها في ظل الانتظارات الكبيرة لجزء كبير من أبناء هذا البلد العزيز.
من أجل ترميم أغلبيته، كان على السيد بنكيران أن يقدم على العديد من التنازلات، كان عليه أن يتنازل على جزء من المقولات التي كان قد وجهها إلى بعض خصومه من الفرقاء السياسيين، في إشارة إلى زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار السيد صلاح الدين مزوار، وأن يقبل بالرجوع إلى طاولة المفاوضات من أجل التفاوض من جديد على كل شيء تقريبا، على ميثاق الأغلبية، على الأولويات الحكومية وعلى إعادة النظر في الهيكلة الحكومية وعلى توزيع الحقائب الوزارية.
كان لابد من تكسير "بيض ذهبي من أجل إنجاز عجة بطعم أقل من عادي"، إذ أن التشتت الوزاري كان سيد الموقف بفعل الترضيات الحزبية، بالإضافة إلى العدد الكبير للحقائب الوزارية التي وصلت إلى حدود 43 وزير ووزيرة، كما تمت التضحية بالسيد العثماني على رأس وزارة هامة في حجم وزارة الخارجية. وهو الأمر الذي يبدو أنه كان قد حصل اتفاق في شأنه فيما بين "الدولة وبنكيران" أولا وبين "بنكيران ومزوار" في درجة ثانية، لرفع الحرج عن "الدولة والحزب الإسلامي من جهة، ولكي يتم إسكات مزوار "بالخارجية" حتى يقبل بالتخلي عن "وزارة المالية" التي كان يعتبر حصوله عليها نوعا من "إعادة الاعتبار للشخص" ومن أجل تمريغ أنف بنكيران في التراب، بالنظر لكل المعارك التي كان قد خاضها حزب المصباح ضده أيام كان وزيرا للمالية على عهد حكومة السيد عباس الفاسي، حيث تم اعتبار مزوار رمزا من رموز الفساد على إثر العلاوات التي كان قد أخذها من دون موجب حق بصحبة الخازن الوزاري للمملكة.
الراجح أن السيد "عبد الإله" كان يعرف على وجه التحديد صيغة جواب السيد العثماني إذا ما تم اقتراح إسمه للتنحي وتخليه عن الساحة الحكومية من أجل ما قد يسميه السيد بنكيران "المصلحة الوطنية"، وهو ما حصل بالفعل، إذ بعد تفكير ملي انتهى السيد العثماني إلى قبول المغادرة "بالصبر" كعادته، وإلى قبول المقترح الرامي إلى تعبيد الطريق أمام الحكومة ولكي لايزيد في "تعكير" الجو على بنكيران الذي أصبح إسمه يلاك على أكثر من صعيد، بالنظر للتأخر الذي عرفته نسخته الحكومية الثانية وبالنظر أيضا إلى التخوفات التي بدأ يبديها أنصار الحزب من أية مؤامرت قد تكون تنسج وتحاك في الخفاء شبيهة بالتي وقعت في الجارة مصر وإلى محاولة "وخز أعين شباط" كذلك أخذا بالمقولة الشهيرة "عين الحسود فيها عود".
بهذه الطريقة وجد السيد سعد الدين العثماني نفسه خارج دائرة الضوء الحكومي، وإذا كان من الطبيعي أن يكون قد تحسر وقلق على المنصب الذي لم يكن له ذنب في "تضييعه " إلا أن الردود التي تلقاها سواء من الأوساط الرسمية أو الشعبية ربما تكون قد عوضته الشيء الكثير مما يكون قد فقده، فقد نال إعجاب وتهاني السيد الأمين العام للأمم المتحدة، تهاني جزء كبير من الأوساط والشخصيات الحزبية والإعلامية والمدنية وكذا إعجاب الملك الذي "أعجب بعمل سعد الدين وشخصه" كما جاء ذلك على لسان بنكيران في وقائع المجلس الوطني الأخير لحزب المصباح. وقد تكون صور البكاء وعناق الفراق الذي شهدته أروقة مبنى وزارة الخارجية ضمن أبرز التعبيرات التي ربما تكون أكثر تأثيرا على نفسية العثماني، بحكم كونها كلمات تبتعد عن الخطابات الرسمية وخطابات الصالونات التي عادة ما تمتزج بالطابع المجاملاتي والدبلوماسي، حيث كانت قوية بالشكل الذي دفع أحد أطر الوزارة بالتفوه بجملة تلخيصية عن مرور الرجل بالوزارة جاء فيها على لسانه في ما يشبه الرثاء: "لقد فقدنا فيك وزيرا إنسانا جعلتنا نحس وكأننا عائلة واحدة".
ربما يكون السيد العثماني محتاجا لشيء قليل من بنكيران في مايخص "الصلابة والمجابهة"، ما دام أن معترك الحياة السياسية تتواجد فيه كائنات شرسة وقد لا تنفع معها كثرة الطيبوبة والليونة، وهي الصفة التي ربما قد تكون أعطته الأسبقية على سعد الدين فيما يخص حيازته لمنصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في مؤتمره الأخير، بحكم حاجة الحزب لمواجهة الزحف الذي كان يعرفه حزب السلطة آنذاك في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة. وقد يكون الحزب مازال في حاجة ماسة إلى نوع من الصلابة التي يمتلكها بنكيران في مواجهة كائنات صلبة على شاكلة شباط ولشكر وفي مواجهة ما يسميه بنكيران بالتماسيح والعفاريت وفي مواجهة ملفات حارقة كإصلاح العدالة وإصلاح صندوقي المقاصة والتقاعد. إلا أن الراجح ومن أجل أن تحظى هذه الشخصية بنوع من التوازن والرصانة يلزمها ربما أن تدمج جانب كبير مما يمتلكه السيد سعد الدين العثماني من مواصفات وخصال، وهي التي جعلت جانبا كبيرا من الشعب "يحزن حقا وحقيقة" لمغادرته دفة الحكومة وتجعل منه شخصا قريبا من القلب والفؤاد، كما تجعلك تقف مشدودا في قدرته على تجسيد الأخلاقيات التي ربما كانت وراء انجذاب جزء كبير من الرأي العام للتصويت لصالح حزب المصباح، لأن حزب المصباح وقبل أن يكون سياسة هو على ما يعتقد أنصار الحزب "فكرة نبيلة" فعلى بنكيران أن يعمل على الحفاظ على شعلتها دوما متقدة.
*مهتم إعلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.