"..مادامت الأحزاب السياسية لم تغير من طريقة تأطيرها للمجتمع ،ومادامت الحركات الاجتماعية الجديدة والمتعددة لم تجد شروطا ايجابية للتعبير عن مطالبها من داخل الأحزاب فإن هذه الأخيرة لن تتمكن من تعبئة المجتمع بشكل واسع .."عبد الحي المودن - أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالرباط "" مع اقتراب موعد الحملة الانتخابية ، الذي من المقرر أن يبدأ نهاية الشهر الجاري ، ترتفع حرارة الحملات الانتخابية السابقة لأوانها ، في مختلف الدروب ،الأحياء والأزقة ، بحي سيدي البرنوصي كما في سيدي مومن . "حرارة " انتخابية ، يعزيها الكثيرون ، إلى الرغبة الجامحة لدى وكلاء لوائح الأحزاب السياسية كما المستقلة ،في الظفر بحصة الأسد بمقاعد المقاطعة ، والتي كانت إلى وقت قريب ، على الأقل ، بالنسبة لمن ستنتهي ولايتهم ، في المقبل من الأيام وللمحيطين بهم ، "البقرة الحلوب " التي ضخت في جيوبهم ، أرقاما محترمة من المال العام ، الذي وجد طريقه ، بقدرة قادر إلى جيوبهم . فالتسابق المحموم ، الذي يعرفه المشهد السياسي المحلي بالمنطقة ،لوكلاء اللوائح ، بحي سيدي البرنوصي كما سيدي مومن ، يكشف بالملموس ، بأن "القضية فيها إن " ، وإلا كيف تفسر ، التطاحن والحروب الخفية التي إزداد أوارها مع بداية العد العكسي ، لإيداع الترشيحات والشروع في الحملة الانتخابية بشكل قانوني ؟ا فهل ، هي المصلحة الذاتية والشخصية ، هي المحرك الأساسي ، لكل تحركاتهم "المشبوهة " والتي تبدأ في الانتخابات وتنتهي بعد الإعلان عن النتائج ؟ا أم ، كما يدعون ، خدمة الصالح العام و خدمة المنطقة بفتح مزيد الأوراش والرفع من وتيرة المشاريع ؟ا و.و.و واختر ، ما شئت ، من الكلمات ذات الإيقاع الحالم ، والتي تخفي أكثر ،مما تقول . وإذا كانوا كذاك ، فلماذا لا يخجلون من أنفسهم ، عندما يفتتحون مقرات أحزابهم ، طالها الصدئ بعد طول غياب ، و يكترون " الكراجات " ، لاستقبال أفواج الموطنين ، فهل ،بهكذا ، تصرف يمكن زرع روح الأمل في نفوس شباب ، يعيش تحت وطأة البطالة وقلة فرص الشغل ويعاني شتى الويلات في مختلف المجالات ، وأمام فئة عريضة من النساء تقضي أوقات فراغها ، على أبواب المساجد أو في مقاهي الشيشة ؟ا فماذا يمكن أن تنتظر من فروع أحزاب تكتري " كراجات " في حملاتها الانتخابية ؟ا ومن أحزاب تبحث عن الأعيان وأصحاب المال ، كوكلاء اللوائح ، فيما المثقفون و والنخبة الواعية ، تجد أمامها ، جبلا من المعيقات والمثبطات ، التي تحول دونها ودون أن تجد لنفسها موطئ قدم ، في الساحة السياسية . فالأحزاب السياسية التي همشت الشباب ، وتناست دورها الذي من أجله أسست ، ولا تتذكر المواطنين البسطاء ، إلا مع كل موعد انتخابي ، تحمل جزء من المسؤولية ، إن لم يكن معظمها ، في عزوف فئة عريضة من الشباب المثقف من التسابق والهرولة خلف كراسي ، يدفع من أجلها آخرون ، المال و يوزعون الوعود الكاذبة و يحولون بشتى الطرق ، الوقوف ضد الوجوه النزيهة والتي تدافع عن برامجها دون استعمال المال الحرام أو شراء الذمم . أحزاب سياسية ، على حد قول الأستاذ عبد الحي المودن ، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالرباط ، " لم تتجاوب مع التفاعلات التي يعرفها المجتمع ، ولم تسمح بيروقراطية هذه الأحزاب ، بالانفتاح على فعاليات جديدة سواء من حيث العمر أو الجنس أو الأصول الاجتماعية المختلفة .." . فهل ، بهكذا ،أحزاب تنصلت من دورها التأطيري ، وتحولت بين عشية وضحاها ،إلى دكاكين ، لبيع التزكيات ، لمن يدفع أكثر ، يمكن أن ننتظر منها ، إيجاد مشاريع حلول لكل الإشكالات العالقة بدوائرهم الانتخابية وبوضع تصور واقعي وعملي لتجاوزها ؟ا وهل بمنتخب لا يفكر إلا نفسه وفي عائلته وفي البحث عن شبكة من العلاقات ليحمي مصالحه والبحث عن صفقات له وللمقربين منه ، يمكن أن نتحدث عن التأهيل السياسي والحزبي ؟ا الأحزاب السياسية القديمة منها والجديدة ، أخطأت طريقها ، إلى أصوات الناس ، فليس بالدكاكين و"الكراجات" الموسمية ، يمكن أن تحظى بثقة المواطن وليس بأصحاب المال وحدهم يمكن أن تشتري أي شيء وكل شي ء ، وإنما بالبرامج الواقعية والقابلة للتحقق ، وحدها ، يمكن أن تكسب تعاطف المواطنين للتصويت عليها ، داخل الصناديق الزجاجية ؟ا فهل، ستكون 12 يونيو ،المحطة الأخيرة ، في حياة كل الأحزاب السياسية التي تحمل أسباب موتها في ذاتها ، أم أن حليمة ستعود إلى عادتها القديمة ولا حياة لمن تنادي ؟ا