ترتب السياسات العامة بحسب درجة سموها في سلم الهوية القانونية على مستويات داخل هرم الدولة وذلك بالنظر إلى طبيعة الموضوع الذي تروم تنظيمه حيث هناك: – السياسات العامة ذات الصلة بتأسيس السلطة وممارستها وكيفية انتقالها؛ – السياسات العامة المنظمة لموضوع خاص بالأنشطة العادية للفرد داخل الدولة أو في علاقته بمؤسساتها وعليه يتم التمييز بينهما. السياسات العامة التأسيسية السياسات التأسيسية هي السياسات التي تهدف إلى خلق وتجديد المؤسسات، فهي مسومة بالاستقرار والديمومة حيث يندرج في مجالها ما يلي: السياسات الدستورية التأسيسية: يتم التعبير عنها بدساتير مكتوبة وتروم تأسيس أنظمة سياسية جديدة ذات خصوصية وجدية مقارنة مع ما هو موجود من أنظمة سياسية. السياسات الإدارية: تهتم السياسة الإدارية بوضع سياسات هدفها خلق دينامية جديدة متميزة بالقطع مع الممارسات السابقة التي أبانت عدم قدرتها على مسايرة التطورات المتلاحقة حتى تتوافق التركيبة العامة لإدارة الدولة ونظامها مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. السياسات القضائية: يمكن للقضاء أن يكون مصدرا للسياسات التكسيبية من خلال الاجتهاد القضائي، فمثلا الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الفرنسي بصدد حكم سياسة قضائية جديدة خولت للقاضي النظر في دستورية القوانين، على الرغم من أن الدستور لم يمنحه هذا الحق ليتم دسترة هذه السياسة سنة 1946م حيث أعطيت القيمة الدستورية لإعلان حقوق الإنسان والمواطن مما مكن من ظهور قضاء جديد حسب الفقيه أندريه هوريو. السياسات العامة الإصلاحية تهدف هذه السياسات إلى إدخال تعديلات أو إصلاحات تهم الجانب الدستوري أو الإداري: سياسات التعديل الدستوري: يكون هدفها إدخال تغييرات على الوثيقة الدستورية لمسايرة التطورات أو الدينامية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. سياسات الإصلاح الإداري: غالبا ما تهم الهيكلة الترابية وتترجم إلى إصلاحات سواء على المستوى المركزي أو على الصعيد اللامركزي. السياسات العامة الضبطية: يكون الهدف الأساسي لهذه السياسات إنتاج القواعد والأنظمة القانونية أو تغييرها، سواء المتعلقة منها بمجموع إطار الدولة أو التي تهم فقط مجموعة من المواطنين ومن أنواعها: السياسات الانتخابية؛ والسياسة النظامية. إن ما يميز مجال السياسات العامة محددات ارتباطه بحقل علم الاجتماع السياسي هو سعيها الدائم إلى إحداث تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية نكون لها آثار على حياة الناس خاصة ومع الجديد الذي أتت به الثورة السلوكية في حقل العلوم الإنسانية، وكذلك الفكرة التي يراد التأسيس لها الدور الجديد للدولة الذي باتت تمليه ظروف المرحلة الراهنة توسع مجال تدخلها ليشمل قضايا أوسع تندرج في نطاقها قضايا مثل البيئة والأسرة. ويعد تدخل الدولة محورا لتخفيف الأمن والدفاع عن السيادة الوطنية، وهو ما جعل برنامج الحكومة للسياسات العامة يتسع ليشمل مجالات كانت بعيدة كل البعد عن اهتمام رجل السياسة، لقد ساعدت السياسات العامة ضمن المنظور الجديد لعلم الاجتماع السياسي والذي ظهر بصيغته الحالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية في مطلع القرن العشرين باعتباره علما جديدا مستقلا عن هذا التراث، يعطي الأولوية الأمبريقية والاستقراء والجمع الممنهج للمعطيات، وتجريب الفرضيات على المعطيات على عجز السياسة بمفهومها الكلاسيكي، عوض الاقتصار كما كان في السابق على الدراسات الوضعية للمؤسسات والنصوص أو تقديم افتراضات حول الشأن السياسي لا تتأسس على تجميع ممنهج للمعطيات المادية فقط، وهو في هذه الصيغة غير المسبوقة يقترب من شروط لعلوم البحثة، إلى قوانين حول السلوك السياسي تسمح ليس فقط بمعرفة حقيقة السلوك في الحاضر، بل وقادرة أيضا على التنبؤ بمستقبل هذا السلوك.