واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    الحكومة ‬الفرنسية ‬تشدد ‬الخناق ‬على ‬المستفيدين ‬من ‬المعاش ‬خارج ‬فرنسا‮    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    مندوبية التخطيط.. هذه وضعية الاقتصاد لسنة 2023    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    "كاف" يكشف النظام الجديد لدوري أبطال إفريقيا وكأس الكاف    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    توقيف المتورطين في وفاة ثلاثة أشخاص بسيدي علال التازي    واشنطن تعرب عن امتنانها للملك محمد السادس على المساعدات الإنسانية لغزة وتؤكد على أهمية دعم المغرب لمبادرة بايدن    المغرب تؤكد على أهمية المقترحات التي تقدم بها بايدن لوقف الحرب في غزة    زلزال قوي يضرب هذه الدولة    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    النفط يواصل هبوطه بسبب مخاوف وفرة المعروض    حزب الاستقلال يفوز بمقعد "حومة الحمام" بجماعة الساحل إقليم العرائش    المغرب مقتنع بأن الشراكة الإفريقية-الكورية تشكل إضافة أساسية لجهود تقدم القارة    أول تعليق لمبابي بعد انضمامه الرسمي إلى ريال مدريد    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    حرائق كبيرة في إسرائيل إثر هجمات حزب الله والجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع رهائن إسرائيليين في قطاع غزة    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    فضيحة السلامة تلاحق سيارات تويوتا .. والشركة توقف بيع كورولا وياريس    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    زيلينسكي يحذر من فوز ترامب بالرئاسة وتخليه عن أوكرانيا- الغارديان    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    العثور على جثة شخص في بداية التحلل داخل "كراج" بطنجة    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    تنصيب المدير العام الجديد للمكتب الوطني للمطارات    سيارة تدهس شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة ضواحي طنجة    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    نايف أكرد يقترب من أتلتيكو مدريد.. فرصة للتألق المحلي والأوروبي        1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    رسميا.. كيليان مبابي ينضم إلى صفوف ريال مدريد    الأمثال العامية بتطوان... (615)    الأنثربولوجيا التاريخية    المغرب يجني قرابة 32 مليار درهم من عائدات السياحة بالعملة الصعبة    موسم طانطان.. 20 عاما من الصون والتنمية البشرية    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    «البوطا» تلهب الجيوب وتحرق القلوب!    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين الزعكوني .. يوميات شاب مغربي يطلب العلم في الصين
نشر في هسبريس يوم 02 - 03 - 2014

بعد قراءتي لمقال وليد بتايوان، جاءتني الفكرة أن أكتب لقراء هسبريس عن رحلتي الدراسية بالصين، وقد كنت حاولت الكتابة من قبل باللغة الإنجليزية على صفحتي في الفيسبوك. أتذكر بوضوح الأيام الأخيرة في بلدي المغرب، قبل ما يزيد عن أربع سنوات. كنت قد حصلت على منحة للدراسة في الصين.
كنت حائرا ''هل اتخذت القرار الصحيح، حيث كان العديد من أصدقائي يحاولون مواصلة دراساتهم العليا في أوروبا كفرنسا وبلجيكا، والبقية كانوا يحاولون الانخراط في الحياة المهنية، وكنت الوحيد منهم من قرر الخروج عن هذه القاعدة للذهاب لبلد بعيد كما في مخيلتنا، قررت أن أذهب إلى أقصى الشرق.. إلى بلاد التنين لإتمام الدراسة.
في بداية الأمر والداي، بعض الأصدقاء، الأساتذة وذوو النوايا الحسنة لم يكونوا متحمسين لقراري. و لم ألُمْهُم أبدا, حيث أن الصورة التي كانوا يتخيلونها في أذهانهم عن الصين والحياة فيها لعقود ليست واضحة.
نحن في المغرب بعيدون جغرافيا عن الصين رغم أن الصين هي واحدة من أكبر المصدرين إليه، ولم تكن بين البلدين أي علاقة اجتماعية. في المغرب ينظر كثير من الناس إلى الصين كبلد غامض، أرض الجمال الطبيعي، وبلد مهم من ناحية الفرص التجارية، وقوة عظمى اقتصادية متنامية، ولكن ليس كبلد للدراسات العليا والبحث العلمي.
كنت مبهورا بالتنمية الاقتصادية والتكنولوجية في الصين وشغف لمعرفة سر هذا النجاح المدهش. وجاءت الفرصة المناسبة في الوقت المحدد عندما تقدمت بطلب للحصول على منحة دراسية، وفي نهاية المطاف حصلت عليها! وجدت نفسي مقبولا للحصول على درجة الماستر في تطبيقات الحاسوب والتكنولوجيا في جامعة جنوب الوسط في مدينة تشانغشا. ولكن كل ما عندي من الإثارة نضب بسرعة عندما لم أتمكن من العثور على أي معلومات مفيدة على موقع الجامعة الإنجليزي. كنت في حيرة الانتظار طيلة أسابيع بدون الحصول على أي رد على العديد من رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إلى مكتب الطلاب الأجانب. وأنا أتساءل '' هل اتخذت القرار الصحيح '' للذهاب إلى الصين.
طِرت من مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء ، وتركت كل ما عندي من الأحباء ووطني الأم وراءي. حيث كانت المرة الأولى في حياتي التي أسافر فيها خارج أرض الوطن. ولكن في نفس اليوم وخلال أول ساعة من وصولي إلى مطار بكين، كل ما كان عندي من القلق والخوف والارتباك تبخر وامتلأ ذهني بالسلام والراحة. رأيت بأم عيني تطور هذا العملاق الاقتصادي، والغريب أنها كانت مطابقة لما كنت قد قرأت وسمعت وحاولت أن أتخيل من قبل. بالنسبة لي، الازدهار ليس فقط نتيجة الوقت الحاضر، ولكن أيضا يمهد الطريق لإعطاء نتيجة أفضل في المستقبل. و كنت أرى في كل مكان, جهود بكين لبيئة نظيفة وخضراء ، على الرغم من كونها مدينة ضخمة، و ما شدني أكثر هو الطرق الواسعة، وممرات المشاة واسعة وفريدة من نوعها وناطحات السحاب ومترو الأنفاق ... الخ.
كنت أعددت نفسي جيدا للرحلة كما لو كنت ذاهبا لمغامرة. تعلمت أسماء بعض الأماكن القريبة من جامعتي، وحفظت بعض الكلمات الصينية ( على الرغم من شكي في أن الصينيين قد فهموا ما أردت أن أقول) ، عندما وصلت إلى تشانغشا (المدينة التي أقطنها وأكمل فيها دراستي الآن ) شغلتني أنواع مختلفة من الأحاسيس بين الخوف و الأمل والرجاء. كنت أتطلع إلى أن أكون رجل طيب في هذا البلد وممثل جيد للمغرب .
كنت قد حصلت على أول ترحيب غير متوقع تماما ودافئ لمَّا وصلت إلى هنا، طلبةً متطوعِين كانُوا قد جاؤُوا إلى محطة القطار لأجل استقبالِي وإرشادِي، لكوني قادمًا لأول مرَّة إليهم شعرت بالارتياح لذلك ! بحلول الوقت الذي دخلت فيه إلى حرم الجامعة ، كنت مقتنعا بأنني قد اتخذت القرار الصحيح .
مع أحد الأصدقاء الصينيين
التحدث عن الصين بالنسبة لي كان دائما هو مثل الحديث عن حلم تحقق، لأنه حقا حتى الآن ما زلت أشعر وكأنني في حلم. لم أكن أتصور أبدا أني قد آتي أو تكون لي الفرصة لزيارة الصين ، بينما كنت دائما أتخيل نفسي ربما سأزور أوروبا (فرنسا أو ألمانيا ) أو أمريكا الشمالية. كان لدي حلم من قبل أن أدرس في اليابان ، ولتحقيق ذلك الحلم، بدأت في تعلم اللغة اليابانية للتعرف على اليابان و ثقافتها، لكن في ذلك الوقت كنت مشغولا بدراستي لذلك لم أتمم تعلم اللغة اليابانية ...
في المغرب لا ينظر كثير من الناس إلى الصين كبلد للدراسات العليا والبحث العلمي، ربما لأن الصين بعيدة جغرافيا، ونحن ليس لدينا معرفة عميقة عن رصيدها العلمي. ماهو معروف عنها هو فقط بعض النجوم مثل بروس لي وجاكي شان من خلال بعض الأفلام.
كان التاريخ 15 شتنبر 2009 عندما وطئت قدمي الصين للمرة الأولى، حقا لم أشعر للوهلة الأولى بأنني في مكان غريب. وكان الشيء الوحيد الذي شعرت بالقلق منه هو الأكل لأنني سمعت أن في الصين يأكلون كل شيء. لكن صراحة، لم يكن لدي مشكلة كبيرة مع الأكل هنا لوجود مطاعم إسلامية...
قطار بأسرة للمسافات الطويلة
لا أستطيع أن أنسى أول ساعاتي هنا في الصين عندما كنت عالقا في مطار بكين. وبسبب اللغة الصينية بدا الوصول إلى وجهتي صعبا ، أول وجهة كانت الذهاب إلى محطة القطار ببكين، وشراء التذكرة وخصوصا في ذلك الوقت لم يكن سهلا لعدم وجود صينيين يتحدثون اللغة الإنجليزية , ماذا أقول ؟ ! الحمد لله تذكرت ورقة كتبت عليها اسم المدينة ثم اشتريت التذكرة . محطة قطار بكين كبيرة جدا، وهناك الكثير من الناس، وصلت إلى المكان المحدد لأخذ القطار, ولكن كنت ما زلت مرتبك، هل أنا ذاهب إلى الاتجاه الصحيح ؟ بعد ذلك، رآني رجل صيني في غاية القلق. أتى نحوي تحدث معي قليلا فبدأت أشعر بالطمأنينة قليلا. أخذت القطار مساءا وكان القطار بأسِرة (الصورة)، استغرق 20 ساعة من بكين إلى تشانغشا. كان واحدا من أفضل القطارات في الصين.
لما استيقظت في صباح اليوم التالي، كان القطار لا يزال على الطريق، بدأ الناس في القطار بإعداد وجبة الإفطار الجاهزة، وكان معي فقط بعض من الموز و بعض "البطبوط" من المغرب ، وعندما انتهيت من فطوري بدأت بقراءة بعض من آيات القرآن الكريم، في الحين بدأ بعض الصينيين الجالسين قربي في القطار بالنظر إلي و تخمين من أين أنا ! رأى واحد منهم القرآن الكريم فقال لزملائه "ألابو" "ألابو" ... فيما بعد عرفت أن الكلمة تعني اللغة العربية آو عرب... أخيرا وصلت إلى المدينة المستقبلة تشانغشا ، كنت قد حصلت على ترحيب غير متوقع تماما ودافئ، شعرت بالارتياح لذلك وخصوصا عند دخولي حرم الجامعة ، دخلت غرفتي التي كانت مجهزة تجهيزا جيدا ونظيفة مما جعلني أشعر بالراحة. أخذت حماما ساخنا وذهبت إلى النوم بعد رحلة طويلة وشاقة.
بعض الإجراءات الواجب القيام بها
أول شيء قد تلاحظ هنا في الصين هي الوجوه المبتسمة دائما وخصوصا كبار السن ، تجعلك تحس بالأمن والأمان. الصينيون دائما يهتمون ويعتزون بتاريخهم و ثقافتهم. فخورين لكونهم صينين ويحبون بلدهم كثيرا. يقولون دائما نحن نعمل جاهدين لتكون بلادنا واحدة من أفضل البلدان في العالم شغلهم الشاغل هو منافسة أمريكا واليابان ..
بعد يوم من الراحة، كان من الضروري القيام ببعض الإجراءات الإدارية ، أول شيء هو القيام بفتح حساب مصرفي لتسلم أول منحة. في البنك لم تمض فقط حوالي 15 دقيقة لعمل كل الإجراءات ثم تكون لديك بطاقة البنك جاهزة. سرعة فائقة في الخدمة مختلفة تماما عن المغرب، لا تحتاج إلى الانتظار لأيام، كان مطلوبا مني أيضا عمل فحص طبي بدني شامل، عملية الفحص الطبي كانت سريعة جدا بحيث يتم عمل كل الفحوصات صباحا وتسلُّم النتيجة بعد الظهر ..
الجامعة
الجامعة التي أدرس فيها تعتبر جامعة وطنية ومركزا للبحوث الرئيسية في الصين، وتتكون من أربعة فروع إضافية كبيرة الحجم في أربعة مواقع مختلفة في المدينة، يقع الحرم الجامعي الرئيسي في مكان رائع بجانب الجزء الجنوبي من جبل يويلو. الحرم الجامعي مشيد بطريقة جيدة ، بنايات متقنة ومساحات خضراء، في كل فرع من الفروع تجد ملاعب لكرة السلة، ملعب كرة بعشب اصطناعي، قاعات رياضية، مسبح إضافة إلى وجود محلات تجارية و سوبر ماركت، وكأنك في مدينة صغيرة...
تعلم الكونفو مع أحد الأساتذة الجامعيين
اليوم الأول في الحرم الجامعي
الناس هنا في الصين عادة يستيقظون في الصباح الباكر. للاستعداد لاستقبال يوم جديد. بعد ذلك، يذهبون إلى العمل وأقسامهم في مجموعات. تستطيع أن ترى الحماس على وجوههم . الفتيان والفتيات يتجهون إلى الفصول الدراسية حاملين معهم وجبات خفيفة وقنينات من الماء الدافئ أو الشاي الصيني الأخضر، ولأكون صادقا سوف تعرف كيفية التعامل مع جسمك وبدنك بشكل جيد جدا عندما تتعرف أقرب على الصينيين، وسوف تعرف ما هو جيد لصحتك وكيفية الحفاظ على جسمك صحيا في كل وقت. فمثلا هنا يشربون الشاي بدون سكر تجنبا للسمنة وثانيا تفاديا لمرض السكري.
دوام الصباح يبدأ في الساعة 8 صباحا وينتهي في الساعة 11:45 ، لستراحة الظهيرة . قاعات المطعم كبيرة جدا ، وفيها كل أنواع الطعام وحسب ما لاحظت مطاعم الجامعات الصينية دائما يوجد فيها مطعم خاص للمسلمين وخصوصا أن هناك مسلمين صينيين من قومية هوي وقومية الويغور.
يبدأ العشاء عادة في الساعة 6 مساء، الشعب الصيني يحبون وجبات مطاعمهم، وطريقتهم في تناول الطعام مريحة جدا، والمثير في ذالك، أن انضباطهم على وقت تناول الطعام عندهم مثل احترام وقت للصلاة عندنا.
مدينة تشانغشا واللغة الصينية
عشت في مدينة تشانغشا لمدة ثلاث سنوات ونصف، ورأيت التغيير الكبير هنا. على الرغم من أنني قد عشت لأكثر من عشرين سنة في بلدي، مقارنة مع ثلاث سنوات ونصف السنة هنا ، لم يكن هناك سوى أقل من عشر التغيير الذي حصل في مدينة تشانغشا.
في البداية، كانت اللغة حاجزا كبيرا للتواصل مع الناس وخصوصا أن كثيرا لا يعرفون التحدث باللغة الانجليزية مما اضطرني كثيرا إلى استخدام اللغة البدائية ألا وهي لغة الإشارة. ومع مرور الوقت بدأت في تعلم اللغة رغم أنها من أصعب لغات العالم, تعلمت ما يكفي للمحادثة الأولية. وكلما أتيحت لي الفرصة لتطبيق اللغة إلا فعلت.
في الواقع ليس هناك لغة تسمى الصينية، لأن هناك أنواع متنوعة من اللهجات هنا. ولكن بصفة عامة الماندارين هي اللغة الرسمية والكانتونية جنوب الصين وهونغ كونغ.
في الحرم الجامعي، ليس هناك ما يقال ولكن مناطق خضراء و ملاعب رياضية - كرة السلة ، كرة القدم، تنس الريشة و مسبح . الناس هنا يجيدون لعب كرة الريشة . ومن النادر أن تجد شباب صينين لا يلعبون كرة السلة. كل يوم يمكنك الانضمام لهم، حتى يتسنى لك أن تفقد بعض الدهون و تصبح أكثر لياقة وصحة. يوما بعد يوم سيكون لديك الجسد المثالي تدريجيا طالما كنت تتبع الطريقة الصينية للاستمتاع بحياتك. بعد الغروب لا عجب إذا رأيت سيدات كبار في السن يرقصن في أمكان مختلفة في مجموعات لاستعادة لياقتهم البدنية ورشاقتهم.
صينيات كبيرات السن يرقصن في إحدى الساحات
هنا في الصين ، وخصوصا عندما تكون خارج الوطن، وعندما تدرس بعيدا عن عائلتك وأصدقائك. عندما تعيش مع أناس جدد تقاسم نفس السكن فإنك تسعى إلى عمل علاقات جديدة وأصدقاء جدد. وهي فرصة أيضا لتعلم ثقافات مختلفة وجديد.في مدينة تشانغشا يوجد فقط مسجد واحد حيث يبعد كثيرا عن الجامعة، بحيث لا يمكن الذهاب كل يوم للصلاة هناك. فنذهب كل يوم جمعة للمسجد، خطبة الجمعة تكون باللغة العربية والصينية.
مع إمام مسجد تشانغشا
في هذه المدينة ذي 7 مليون نسمة تقريبا عددُ المغاربة فيها قليل، بحيث لا أعرف فيها سوَى مغربيين؛ أحدهُما يدرس الدكتوراه في السنة الأخيرة، وأخر أستاذ بجامعة هنا ، وسبب اختياري لهذه المدينة لدراسة الماستر، وحاليا الدكتوراه، هو صغر حجمها مقارنة مع مدن كبرى مثل بيكين وشنغهاي.
بعد أن حصلت على الماستر هنا، عدت إلى أرض الوطن واشتغلت لمدة سنة بشركة هواوي العالمية لكسب مزيد من الخبرة مع الصينيين، وبعد سنة وطول تفكير عدت هنا لإكمال الدكتوراه, ارتحلَت بغرض التحصِيل العلمِي مرة أخرى، حيث ألفَت على النظام التعليمي والجامعي بالصين، مما جعلني غيرَ نادمٍ على اختياري، حيثُ إنَّ شروط التحصِيل جد مواتيَة، فضلًا عن وجود خزانات للبحث مفتوحة على مدار 24 ساعة، وبساطة مناهجهم، كمَا أنَّ بوسعِ الطالب أنْ يبحث بيسر عن ما يريد وبدون أي ضغط, كما أنَّ النظام التعليمي الصيني لا يركزُ على الكم بقدر ما يستهدفُ الكيف.
ففي المغرب كنا ندرس أزيد من 40 ساعة فِي الأسبوع، أمَّا هنا فلَا يتجاوزُ عددُ الساعات 21، مما يملكُ معه الطالب الوقت ليقصد المكتبة ويبحث، ويعتمد على نفسه، لا أنْ يكونَ متلقيًا سلبيًّا، حتَّى أنني حصلتُ على نقط عاليَة هنا ما كنت لِأنْ أبلغها في المغرب.
هنا يمكن أن تدرس وتعمل في آن واحد، فرص العمل المتاحة هنا هي العمل كمدرس للغة الإنجليزية، والفرنسية وأيضا العربية، كما يمكن العمل كمترجم أو كوسيط تجاري لبعض التجار العرب و المغاربة . وأيضا يمكنك المشاركة في العديد من الأنشطة الجامعية أو السفر لمدن عديدة في الصين، رغم المساحة الكبيرة وبعد المسافة إلا أن نظام المواصلات هنا جد مريح ....
الصينيون هنا لا يلقون بالًا للسياسة، والخارجيَّة منها على وجه الخصوص "فأغلبُ من ألتقي بهم هنا لا يعرفون المغرب، ويحصل كثيرًا أنْ يخلطُوا بينه وبين موناكُو ، لكن كثير منهم يعرف كازا بلانكا “الدارالبيضاء” والسبب يرجع إلى أغنية مشهورة مقتبسة من فيلم أمريكي قديم اسمه كازا بلانكا".
لم ألمس كثيرا مظاهر الدين في مدينة تشانغشا، ولكن في مقابل ذلك وجدت شيئا جميلا بين الناس هنا، وهو أنهم لا يسألون "البقشيش" أو الإكرامية، بل على العكس، حاولت مرة أن أعطي إحدى الصينيات العجائز تبيع في الشارع على الطريق مبلغا إضافيا فرفضت، أيضا في المدينة لا يوجد متسولين كما نرى في بلداننا.
النَّاسُ هنَا ذروةٌ فِي التسامح، ولا ينبشُون فِي دين المرء، هنا في الصين تتعلم فيها معنى احترام الوقت ولأنه وبدون مبالغة هو سبب تطور البلدان، وأجدنِي اليوم، قدْ أضحيتُ ذا أفقٍ أكبر عند النظر إلى أشياء، لقد أدركتُ شساعة هذه الأرض، واختلاف الثقافات، وأنَّ ما أقيسُ به الأمور ليستْ معايير موطني بل و دول أخرى في التقدير، وتعلمت كيفَ أقدمُ صورةً طيبة عن بلدِي المغرب، وكيف اتخذُ قراراتٍ كثيرة في لحظات حاسمة، بعيدًا عن الأهل، الذِين أنتظرُ العودة إليهم بعد تجربة العلم في الصين.
حديثي عن التجربة الصينية هو لسبب رئيسي ومهم وهو كيف نستفيد من الصين؟ التجربة الصينية حقا تزخر بكل عوامل النهوض والتخلص من آثار التخلف نحو النمو والتقدم والازدهار..
اعتمدت الصين على كفاءات ذاتية وخلقت جوا نظيفا يجمع كل الأعراق والقوميات المختلفة حيث بلغ عدد القوميات التي تم تمييزها وأقرتها الحكومة المركزية 56 قومية بدل صداماتها، وحدتها لمصلحة الوطن ونبذ كل أشكال الخلاف وخلقت جوا مستقرا لنجاح التجربة فالإستقرار هو أساس النجاح وهو ما ننعم به في المغرب..
اعتمدت الصين على الموارد البشرية، شحنت أطفالها منذ الصغر والمواطن على بدل كل ما في وسعه لنجاح وطنه، فما أحوجنا اليوم لمن يحمل لنا رؤيا متفائلة ومتزنة وخططا عملية كي ننهض من كبوتنا ونلحق ركب التقدم وندرك حقيقة المسؤولية، والمهم هو الإخلاص وترجمة الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع وحفظ أمانة المسؤولية ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.