ستعرف العاصمة الفرنسية باريس خلال الأسبوع القادم انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران والوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، وهو اللقاء الذي يعول عليه الطرفان لإعطاء إشارات قوية بأن سحب الأزمة التي خيمت على العلاقات بين البلدين خلال السنة الماضية قد تبددت بشكل نهائي، "لهذا فالقمة لها رمزية لكي تعيد العلاقات إلى سابق عهدها لأننا لم نتعود أن تكون هناك أزمات مع المغرب" حسب تصريح مصدر من الخارجية الفرنسية لجريدة هسبريس. وقدم نفس المسؤول الدبلوماسي الفرنسي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أجندة اللقاء الذي سيجمع بين عبد الإله بن كيران ومانويل فالس، وعلى رأسها ملف التطرف والتحديات الإرهابية التي تواجه البلدين معا، مضيفا بأن وزير الأوقاف أحمد التوفيق سيوقع اتفاقا مع وزير الداخلية الفرنسي حول تكوين الأئمة في المساجد. وكشف نفس المسؤول الفرنسي أن بلاده تتوفر على قناعة بأن المغرب له "خبرة في تسيير المجال الديني"، بالإضافة إلى توفره على مؤسسات دينية تنظم الشأن الديني "سواء من خلال المجالس العلمية أو وزارة الأوقاف"، ولم يخف نفس المتحدث تعويل بلاده على المغرب حتى في دول إفريقيا جنوب الصحراء "خصوصا وأن إمارة المؤمنين لها تأثير قوي في القارة الإفريقية". وتحول ملف التطرف إلى مسألة مؤرقة بالنسبة للحكومة الفرنسية خصوصا بعد إعلان وزارة الداخلية الفرنسية أن أكثر من 500 شابا لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة يحاولون الانضمام لصفوف تنظيم داعش، فضلا عن تواجد أزيد من 1500 فرنسي يقاتلون في صفوف تنظيم داعش، "لهذا فنحن نحاول أن ننظم الشأن الديني في فرنسا حتى نعرف مع من نتحاور وتكون هناك مؤسسات تمثل الإسلام في فرنسا" حسب تعبير نفس المسؤول الفرنسي. بن كيران الذي سيحل في باريس خلال الأسبوع القادم على رأس وفد مغربي كبير يضم عددا من الوزراء ورجال الأعمال المغاربة، سيناقش مع نظيره الفرنسي الملف الأمني، "لأن البلدان معا على وعي تام بأن الأوضاع الجهوية جد صعبة" بتواجد تنظيم داعش في ليبيا وعمل الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل واستمرار العمليات الإرهابية لجماعة بوكو حرام في نيجيريا، "نحن نعمل سويا في هذه الملفات ولدينا رؤية مشتركة للتعامل معها". بل إن المسؤول الدبلوماسي أكد أن هناك "توافقا" بين باريسوالرباط حتى في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط خصوصا في قضية اليمن حيث يشارك المغرب في التحالف العسكري ضد جماعة أنصار الله الحوثية، دون أن يغفل أن بلده تدعم الدور الذي يقوم به المغرب كوسيط في الحوار الليبي. وأكد مسؤول الخارجية الفرنسية الذي تحدث إلى هسبريس أن العلاقات بين رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ومانويل فالس "هي علاقة جيدة"، رغم أن أحدهما له مرجعية إسلامية والثاني له توجه اشتراكي، "الآن تعودا على لقاء بعضهما ويعرفان بعضها جيدا ولم نسجل أبدا أن هناك مشكلا في التواصل بين الطرفين". وأقر المسؤول الفرنسي بأن فرنسا أصبحت واعية بأن حضورها الاقتصادي في المغرب عرف تراجعا "طفيفا"، مبررا الأمر بتنويع المغرب لشركائه الاقتصاديين، بيد أن القمة القادمة ستشهد التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية لمحاولة إعطاء انطلاقة جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، أولها التوقيع على بروتوكول شراكة بين الوكالة الوطنية للطاقة الشمسية بالمغرب والشركة الفرنسية "ألسين"، لتأسيس مراكز بحث في الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى مشاركة الشركات الفرنسية في طلبات عروض مشروع الطاقة الريحية الذي أطلقه المغرب "ونتمنى أن تحظى الشركات الفرنسية بهذه العروض". وسيعرف لقاء اللجنة العليا التوقيع على اتفاقية بين البلدين تقدم فرنسا بموجبها دعما ماليا قيمته 250 مليون درهم لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، بالإضافة إلى بحث مشاريع توسعة شبكة الطرامواي في الدارالبيضاءوالرباط، والانتهاء من أشغال القطار الفائق السرعة "الذي عرف بعض التأخر" يقول نفس المسؤول. ويبدو أن الرباطوباريس قد اتفاقا على التوجه نحو إفريقيا وإقامة مشاريع مشتركة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، إذ يتم الآن دراسة العديد من المشاريع المشتركة وعلى رأسها مشاركة فرنسا للمغرب في مصنع المجمع الشريف للفوسفاط في الغابون، كما ستقدم الوكالة الفرنسية للتنمية دعما ماليا للمغرب بقيمة 500 ألف أورو لتقوية التكوين المهني لصناعة الطائرات في المغرب.