لم يتأخر رد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، كثيرا، حول ما كاله رئيس التجمعين، صلاح الدين مزوار، له ولحزبه، من اتهامات بخصوص هيمنته على المشهد السياسي المغربي، حيث وجه زعيم "البيجيدي" الدعوة لأعضاء حزبه بعدم الإدلاء بأي تصريح أو تعقيب حول ما صدر عن مزوار، مؤكدا أنه الوحيد المخول له بالرد، باعتباره الناطق الرسمي، وذلك من خلال إعلان نشره الموقع الرسمي للحزب. تصريحات مزوار المنتقدة لإخوان بنكيران لم تكن لتمر على حليفهم في الائتلاف الحكومي دون أن تثير ردود فعل عديدة، في شكل تصريحات هنا وهناك، لتبدأ في الحين حرب كلامية بين الطرفين، وهو الأمر الذي فطن له رئيس الحكومة، فقطع الطريق على أي تصريحات شخصية من طرف أعضاء حزبه قد تكون لها تبعات سلبية على مصير الائتلاف الحكومي خلال ما تبقى من الولاية الحالية. وفيما انتظر الجميع تعقيب بنكيران على اتهامات رئيس "الحمامة"، فإن الرجل التزم الصمت، على غير عادته، وفرض الموقف نفسه على باقي إخوانه في الحزب، ما اعتبر، بحسب البعض، خطوة حكيمة من رئيس الحكومة للحفاظ على تماسك "مهلل" بين الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، كما وصفه مزوار خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح أشغال المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار. شراء التماسك الحكومي محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن إعلان بنكيران ليس الأول من نوعه، بل سبقته خطوات مشابهة، في إشارة إلى المواقف التي اتخذتها قيادة العدالة والتنمية بشأن الخرجات والتصريحات المثيرة للنائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي. وأوضح زين الدين، في تصريح لهسبريس، أن قرار بنكيران يأتي للحفاظ على تماسك الأغلبية الحكومية بعد اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، فأي خروج غير محسوب العواقب ستكون له تداعيات على الائتلاف الحاكم، مضيفا أنه لا خيار أمام "البيجيدي" سوى رأب الصدع بين أحزاب الأغلبية في ظل غياب بدائل حقيقة من معسكر المعارضة. زين الدين ربط هذه التصريحات بسياق التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة، معتبرا أن قيادات الأحزاب السياسية انطلقت في وضع إستراتيجية لمرحلة ما بعد السابع من أكتوبر. ووفق هذا المنظور، اعتبر المتحدث ذاته أن تصريح صلاح الدين مزوار يعد نوعا من التمهيد لفك الارتباط بين حزبه وأحزاب الائتلاف تحضيرا للانضمام إلى جبهة يقودها حزب الأصالة والمعاصرة، بغض النظر عما ستؤول إليه نتائج صناديق الاقتراع. الرد قادم امتناع بنكيران عن التعقيب حول ما صدر عن رئيس التجمعين، يراه ميلود بلقاضي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بالرباط، جزء من الإستراتيجية التواصلية لرئيس الحكومة، الذي يعرف الوقت والمكان المناسبين للحديث وإعطاء تصريحات. وأردف بلقاضي، في تصريح لهسيريس أن الإعلان الذي وجهه زعيم "البيجيدي" إلى إخوانه في الحزب أمر طبيعي، بالنظر إلى كونه الناطق الرسمي باسم العدالة والتنمية، مشيرا إلى أنه ليس في مصلحة بنكيران ولا حزبه الدخول في مواجهة قوية، فأي تصريح، بحسب المتحدث، قد يزيد الفجوة بين الحزبيين، ما قد يؤدي إلى أزمة حكومية قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية. ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية خروج بنكيران، في أي وقت، للتعقيب على تصريحات زعيم "الأحرار"، من خلال انتهاز المناسبات؛ سواء جلسة الأسئلة الشفوية بالبرلمان أو أي تجمع حزبي، لتمرير بعض الرسائل الضمنية إلى مزوار، الذي أكد بلقاضي أن تصريحاته الأخيرة تقف خلفها جهات أخرى، وأن هدفها إرباك تحالف الأغلبية في مرحلة دقيقة من عمر الحكومة. *صحافي متدرب