الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار    المغرب من ضمن أفضل الدول في العالم المفضلة للفرنسيين للاستمتاع بتقاعد جيد خلال 2024    "سي إن إن": إسرائيل استخدمت قنابل أمريكية في هجومها على خيام النازحين برفح    صحيفة بلجيكية: نهائي دوري المؤتمر الأوروبي لم يكن ليتحقق لأولمبياكوس لولا الكعبي    تعليمات صارمة للعمال من وزير الداخلية لمحاربة فوضى الشواطئ    مغربي ضمن المتوجين بجوائز "ديوان العرب" الثقافية في دورتها العاشرة    افتتاح فعاليات الدورة 17 من المنتدى الدولي للأشرطة المرسومة بتطوان    أول مغربية تقاضي أسترازينيكا تصف الحكم القضائي بالتعويض المالي بالمنصف    اختلسا أموال المخالفات.. هذا ما قضت به المحكمة في حق ضابطي أمن    بمشاركة المغرب.. أمريكا تخلد يوم إفريقيا في نيويورك    رسميا.. إسماعيل الصيباري يجدد عقده مع بي إس في آيندهوفن لغاية 2029    معرض فني بعنوان "في حضرة السواد" للفنان التشكيلي الحروفي مصطفى ببركان    مباحثات مغربية صينية ببكين تتناول أهمية مشروع "طنجة-تك"    "دور المجتمع المدني في التنمية المحلية" موضوع ندوة وطنية بجماعة تيسينت إقليم طاطا    رغم الجفاف.. المغرب أول مصدر للطماطم إلى أوروبا    هذا ما قررته المحكمة في قضية "مومو" ومن معه    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بالأخضر    الجيش الجزائري يواصل تصفية الشباب الصحراويين بدم بارد..    "وسيط المملكة" يأسف على عدم توصله بمشاريع القوانين من أجل إبداء الرأي متحدثا في البرلمان عن "انعدام الإرادة"    جوائز مسابقات الدورة 13 لمهرجان الرشيدية السينمائي    تكريم أعتز به من مهرجان الرشيدية السينمائي    لقجع يقدم وصفة الحكومة لتحقيق التوازن بين الأولويات الاجتماعية واستدامة المالية العمومية    الركراكي يعلن عن قائمة "الأسود" في تصفيات مونديال 2026    مباراة كرة قدم في الدوري الجزائري تتحول إلى "مأساة"    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    استقالة مسؤولة كبيرة بوزارة الخارجية الأمريكية بسبب الحرب في غزة    غوتيريش يطالب بوقف الحرب على غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئيس جماعة مرتيل يستقبل المقيم الدائم الجديد لمؤسسة كونراد أديناور المغرب    جود بيلينغهام يحرز جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني    أول تعليق لمدرب الوداد الرياضي بعد الهزيمة أمام آسفي    شكيب بنموسى يستقبل الرياضيين المنعم عليهم بشرف أداء مناسك الحج    ضربة جزاء الرجاء أمام اتحاد طنجة تثير الجدل    طواف المغرب الدولي للدراجات يشهد مشاركة 18 منتخبا وفريقا    قراءة في تطورات ما بعد حادث وفاة رئيسي و مرافقيه..    المكسيك تطلب الانضمام إلى قضية "الإبادة" ضد إسرائيل أمام محكمة "العدل الدولية"    كيوسك الأربعاء | اكتشاف جديد للغاز بمنطقة اللوكوس    بصدد موقف وزير العدل من "عقود الزواج" في الفنادق    النفط يرتفع مع التوقعات بإبقاء كبار المنتجين على تخفيضات الإنتاج    الإسراع في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي    ماذا نعرف عن الولاية الهندية التي تحمل مفتاح إعادة انتخاب ناريندرا مودي؟    صندوق النقد يرفع توقعات النمو في الصين إلى 5 بالمئة    قراءة في ندوة الركراكي : أنا من يتحمل مسؤولية اختياراتي    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    البِطنة تُذهب الفطنة    سلطات سبتة تُعلن قرب استخدام تقنية التعرف على الوجوه بمعبر "تراخال"    29 قتيلا و2760 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    وزيرة الانتقال الطاقي تقول إن تصاميم مشروع خط الغاز المغربي- النيجيري "قد انتهت"    حكم قضائي غير مسبوق لصالح مغربية أصيبت بمضاعفات بسبب لقاح أسترازينيكا    وسط أجواء روحانية.. حجاج الناظور يغادرون إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج    الرباط.. استقبال الأبطال الرياضيين المنعم عليهم من طرف صاحب الجلالة بأداء مناسك الحج    الأمثال العامية بتطوان... (610)    عمالة تاونات تودع حجاجها المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج هذا العام    ٱيت الطالب: المغرب يضطلع بدور محوري في تعزيز السيادة اللقاحية بإفريقيا    ايت طالب يناشد من الأمم المتحدة إنقاذ المنظومة الصحية في فلسطين    بعد فوضى سوء التنظيم.. سامي يوسف يوجه رسالة خاصة لجمهوره بمهرجان فاس    خبراء ينصحون بفترات راحة لممارسي رياضة الركض    كيف اكتشف المتحف البريطاني بعد عامين سرقة مجوهرات وبيعها على موقع التسوق "إيباي"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يهدد سلامتَنا الصحافيُّ رشيد نيني
نشر في هسبريس يوم 01 - 05 - 2011


تصوير: منير امحيمدات
طوال كل هذا البُعد من حيث الجغرافيا عكفتُ على التواصل مع هذا الوطن الذي غادرته منذ أمد ولم يغادرني لحظة واحدة. بقدر ما أوتيت من إمكانيات متواضعة أحاول أن أغترف أخباره وألامس تحولاته التي كان آخرها ما نعرفه جميعاً من التحول المبارك ولو أنه لا يزال في طور الرضاعة الذي صنعته أيدي وحناجر شباب رموا عقدة الخوف جانبا وخرجوا إلى الشارع للمطالبة بالمغرب الذي نستحقه كمغاربة، مطالبين بجز رؤوس الفساد، تلك الرؤوس الأخطبوطية التي سُميت بمسمياتها ورُسمت ملامحها على اللافتات طولا وعرضا خلال المظاهرات. ثم جاء في خضم كل ذلك خطاب الملك الذي صغى وقرر أن يركب تيار صوت الشباب وإرادة الشعب وسحب بذلك البساط من تحت أقدام من كانوا يلوحون بتعديل الدستور كفزاعة يمارسون بها "الشانطاج" على البلاط دون أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك مفضلين هذه اللعبة (لعبة شد لي نقطع لك) خدمة لمصالحهم القبَلية والذاتية. ولعمري أنهم بعد الخطاب الملكي الذي جاء في تاسع مارس المنصرم اختلطت عليهم الأوراق وأصيبوا بدوران في رؤوسهم التي فيها ما فيها من "إنَّ" و"حتى" و"هلم جرا".
أصبحنا إذا أمام مشروع مغرب جديد غدت معالمه ترتسم بالتدريج، ثورة بيضاء لا مجال فيها لإراقة الدم، مما شكل لنا مدعاة للفخر كمغاربة، مغرب نيتُه القطع مع سابقه، مغرب من صنع المغاربة لا من صنع الفَسَدة المرتعدة فرائصهم مما سيأتي، أولئك الذين تطالب حناجر الشباب والشيوخ والأطفال في مظاهراتهم بمحاسبتهم ومحاكمتهم كما يحدث الآن في مصر وتونس...
منعكفاً على اغتراف أخبار وطني القريب مني رغم كل هذا البُعد واصلتُ الغوصَ في منابره الإعلامية سواء الورقية منها أم الإلكترونية أم السمعية البصرية... ولمست مرارا ذلك التطاحن الشبيه بحرب البسوس الذي انخرطت فيه بعض هذه المنابر ضد بعضها، وأسفتُ لهذا الأمر كثيرا مفضلا لنفسي التعامل مع الخبر وتلقيه مجرِّدا إياه من هذا الصراع الثانوي، مع حرصي على تقدير الأقلام التي أقرأ لها دون الانحياز لموقف هذا ضد ذاك، أو مناصرا هذا ضد ذاك، محتفظا لكل واحد برأيي الخاص فيه وفي مضمون كتابته...
هذا "الطقس" الذي أصبح من أكثر عاداتي حميمية وإدمانا قادني اليوم سويعات بعد الحادث الإرهابي الشنيع الذي اصطلت به المدينة الحمراء إلى اكتشاف خبر آخر مفاده "اعقال رشيد نيني مدير نشر جريدة المساء"! لماذا؟ هاكُم "التهمة" (وهي مجرد واحدة من جملة أخريات) التي جاءت في بلاغ السيد الوكيل العام للملك (الذي استيقظ أخيرا من غفوته المصطنعة) والتي شدت انتباهي أكثر: "... أصدرت النيابة العامة تعليماتها إلى الضابطة القضائية المختصة من أجل إجراء أبحاث دقيقة ومفصلة بخصوص ما نشر عبر هذه اليومية (المساء) من وقائع وبالأخص ما يروج له ناشرها رشيد نيني من أفكار ترمي إلى المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين".
أعترف بداية بأنني وأنا أطّلع على هذا الخبر أُصبتُ بدهشة تلتها بعد ذلك من شدة الاستغراب الاستنكاري نوبة من الضحك. رشيد نيني بأفكاره وكتاباته يهدد أمن وسلامة الوطن والمواطنين! أيها المواطنون والمواطنات احذروا! اسمعوا وعوا... عوا... عو... آع ع ع... ! إن نيني خطر على سلامتنا نحن البلهاء المساكين المغمضة أعيننا كالقًطَيط البريء! آن الوقت لكي "نعيق" يا سادة! و شكرا للبلاغ الذي أرشدنا أخيرا إلى "الإرهابي" الذي يهدد سلامتنا وسلامة وطننا والذي نسيت لافتات شبابنا في المظاهرات أن تنحت صورته بجانب الخونة والفاسدين الذين أساؤوا ولا يزالون إلى هذا الوطن!
لنكن جديين قليلا. أنا أتتبع كما قلت ،حسب المستطاع، كل ما يروج ويُرَوَّج له ويكتب حول وطني، ألتهم مقالات نيني وبوعشرين وعلي المرابط (الممنوع من الكتابة!) وغيرهم عبر مختلف المنابر الوطنية أو الدولية التي تسمح لي الظروف بالإطلاع عليها... كمواطن وكقارئ متتبع لي رأي في كل واحد من هؤلاء الأقلام لا يخرج عن باب التقدير رغم اتفاقي أو عدمه مع ما يأتون به من آراء من حقهم أن يدلوا بها، وأشهد لهم بسلامة المواطنة وصدقها مهما تعددت الاختلافات بينهم... لكن أن يأتي "بيانٌ" تمت ديباجته في ظروف تطرح العديد من الأسئلة والشكوك ويقوم ب "تكفيرٍ" من نوع آخر لأحد هذه الأقلام فذلك ما لا يستسيغه العقل ولا يستوعبه الضمير.
أقول هذا لأنني كما أسلفت لم أكن أدع الفرصة تمر دون الاطلاع على مقالات الرجل وغيره من الذين يختلف معهم ويختلفون معه. كنت وسأزال أفعل ذلك كقارئ يتوخى الحياد ويكتفي بتلقي الخبر دون أن يتعامل معه ككلام منزل لا يقبل النقاش. صحيح أن نيني في الآونة الأخيرة انبرى بعناده المعروف عنه إلى محاولة تعرية وفضح جهات لا يعتبرها هو لوحده جهات فاسدة، ويتعلق الأمر بمؤسسات عمومية وشخصيات عامة، سواء في سلك القضاء أم الأمن وعالم الأعمال، وهو أيضا شيء لم يفت شباب 20 فبراير فضحه والتنديد به والمطالبة باستئصاله من الجسد المغربي. ونيني في هذا التوجه طالما ردد أنه يرتكز على وثائق تؤكد ما يذهب إليه في مقالاته وعبَّر غير ما مرة عن استعداده لوضعها أمام القضاء حتى يقول كلمته، وطالما قرأته يردد ملء حنجرته : "إما نتشدو حنا وإما يتشدو هما". وصحيح أيضا أنه في الآونة الأخيرة ارتأى لنفسه الفضح والتصدي لما يروج في دواليب بعض الأجهزة الأمنية باندفاع مدهش وجرأة نادرة، وطالت مقالاته غير ذلك من المواضيع والعوالم التي كانت إلى عهد قريب من قبيل الطابوهات، عوالم شبيهة ببحار الظلمات التي لا ينجو الخائض فيها إلا بأعجوبة أو ضربة حظ، وإن صادف وعاد منها المرء بمؤخرته سالمة معافاة فلا يقولنَّها لأحد، واسألوا في ذلك أولي التجارب في هذا المجال.
وهنا أتذكر قراءاتي المتعددة لعدة أصوات لم تكف عن الارتفاع متسائلة عن مصادر نيني في فضح/"فتخ" بعض هذه الملفات أو جملتها، إلى درجة أن بعضهم توجه إليه بتهمة التواطئ مع المخابرات والعمالة لها أولما شابهها وجاورها.
شخصيا تساءلت أنا أيضا من أين وكيف يستقي الرجل معلوماته دون أن أتوقف عند ذلك كثيرا، فعلت ذلك من باب الفضول وحب المعرفة، بعيدا عن جعل المسألة محورا أساسيا يدور حوله الحديث كلما تعلق الأمر بمعالجة نيني لبعض الملفات واستيقائه لمعلومات حول شخصيات لم يستطع غيره من زملائه في المهنة الحصول عليها. لا أحد يجهل بأنه من المتداول عالميا أن مصدر الصحافي أمر "مقدس" (sacré) وتلك علامة تشي باحترام المصدر وصيانة سلامته كما هو احترام للمهنة وعنوان على تواجد الضمير المهني لدى صاحبه. ولأنني لا أرى أي جدوى في عملية التصنيفات من مثل: هذا الصحافي متواطئ مع كذا، وذاك مخبر يخدم مصالح كذا، وهذا له يد مع الجهة كذا، وتلك تخدم مصالح هذه و... فقد شئت لنفسي الابتعاد عن هذا الأسلوب الذي لا أعتبره سوى مضيعة للجهد والوقت. وأذهب إلى أبعد من ذلك فأقول: ليتحالف رشيد نيني أو غيره حتى مع الشيطان إن شاءوا، لا ضير عندي أن يكون الشيطان ومريدوه مصدرا لمعلومات هذا الصحافي أو ذاك مادام الهدف النبيل هو فضح الشيطان الآدمي وفتح/فتخ ملفات الفساد وعرض "پورتريه" ناهبي الوطن والجراثيم التي تنخر جسده عاليا أمام الملأ. ما يهم هو الخبر، المضمون، أما كيف أتى ومن أين فأمر ثانوي وأقل أهمية أو هذا ما أعتقده على كل حال.
أعود الآن إلى "البلاغ" (المبين) الذي طالعني هذا اليوم عبر منابر عدة والذي يخبرني بما أنني مواطن مغربي أنَّ رشيد نيني يهدد سلامتي وسلامة وطني ومن ثمة سلامة إخوتي في المواطنة! أوّاه! كيفاش؟ هكذا تساءلت كقاصر صغير كان ضالا سواء السبيل. إذا فالرجل خائن، خانني كقارئ كما خان آلاف القراء من المواطنين مثلي! والأكثر من ذلك ها نحن نكتشف بأنه كان يصب فينا سمه، حبر قلمه القاتل الذي كان سيؤدي بنا إلى حتفنا لولا فطنة وكيل الملك و"بلاغه" الذي استيقظ وجاء في الوقت المناسب! طوبى لنا إذا وليذهب نيني إلى الجحيم!
ولأنني مهما كنت غبيا لا أحب أن يشمت بي أحد ولا أرضى أن يخونني من تعاملت معه بصدق فقد عدت إلى قراءة بعض مقالات نيني بحثا عن الدليل الذي يؤكد خيانته لنا وتهديده لسلامتنا وسلامة وطننا نحن معشر القراء والمواطنين، ليتسنى لي بذلك مواجهته بالحجة والبرهان يوم الحساب القريب أو البعيد. كان لدي عنه منذ أن عرفته كاتبا وصحافيا صورة عامة ارتكنت في خانة من ذاكرتي. غير أنني الآن والحالة هذه تركت الاعتماد على ذاكرتي جانبا وأبيت إلا أن أعود إلى قراءة ما كتب بسم حبره مهددا سلامتنا، ويا ليثكم تدرون كم من الأدلة وجدت عنه والتي تشي بتهديده حقا سلامة "الوطن" كما يفهمه ويذهب إلى ذلك "البلاغ".
أشاطركم نتفا من بعض مقالاته التي تصب في هذا الاتجاه علما بأن كل ما كتب الرجل شعرا أو نثرا منذ أن حمل وزر القلم هو كذلك من قبيل التسميم وتهديد السلامة (السلامة يا ربي!)، وهاكم بعض الأمثلة:
1 - "والحال أن استدعاء الفرقة الوطنية جاء بناء على طلب من الوكيل العام للملك، العلوي البلغيثي، للاستماع إلي حول مجموعة من المقالات التي نشرتها في عمودي. الوكيل العام للملك يريد أن يعرف الأدلة التي استندت إليها لكتابة ما كتبته. قلت لهم إنني سأجيبكم بجملة واحدة ولن أزيد عليها كلمة واحدة، وهي أن كل ما لدي لكي أقوله قد قلته في هذه الأعمدة، وكل ما كتبته تحققت منه قبل نشره من مصادري الموثوقة والتي أحتفظ بحق حمايتها وعدم الكشف عنها. بدأ الاستماع إلي من طرف عناصر الفرقة الوطنية، والتي كانت في منتهى اللياقة والأدب، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف واستمر إلى حدود الثانية زوالا، وتابعت الاستماع إلي من الثالثة زوالا إلى السادسة مساء."
... "لم أتفاجأ لكون الوكيل العام للملك أمر باستدعائي للاستماع إلي حول ما أكتبه، فسعادة الوكيل العام يعرف أنني أصبحت منذ خمس سنوات زبونا دائما لديه. لكن ما فاجأني حقيقة هو أنني كنت أنتظر أن أكتب أخبارا حول استدعاء النيابة العامة للمسؤولين العموميين الذين نشر التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات أسماءهم ومخالفاتهم المالية والإدارية، فإذا بي أجدني أكتب خبرا حول استدعاء الوكيل العام للملك لي. «شي يديرها وشي تجي فيه»". (من مقالته: "من أين لك... هذا الخبر؟" بتاريخ 29/04/2011)
2 – "تأسست عندنا في المغرب داخل دواليب القضاء، بسبب سنوات الرصاص القضائي والأمني، تقاليد عتيقة رأت دائما في الإعلام المستقل خصما مزعجا يجب إخضاعه ولجمه وتكميم فمه، حتى لا يتجرأ على إحراج وفضح القضاة الفاسدين الذين ينصتون لهواتفهم أكثر مما ينصتون لضمائرهم. وعوض أن يتعامل القضاء مع ما ننشره بالجدية المطلوبة ويفتح تحقيقات قضائية في الفضائح والاختلاسات التي نتحدث عنها بالوثائق والأرقام، يفضل هذا القضاء أن يغرس رأسه في الرمال ويتصرف كما لو أنه لم يقرأ شيئا. وهذه وضعية غريبة وعجيبة دفعتنا في أكثر من مناسبة إلى مطالبة القضاء بالقيام بأحد أمرين، إما أن يتابعنا قضائيا على كل الأخبار والتحقيقات والملفات التي ننشرها، بتهمة نشر أخبار زائفة، وإما أن يتابع هؤلاء الذين ننشر حولهم كل هذه الأخبار والملفات المرعبة". (من مقالته: "القضاء"... علينا، 22/04/2011)
3 – "إننا نتحدى مدير الضرائب أن يجرؤ على إرسال مفتشيه إلى شركات ومصانع أبناء الجنرالات وزوجاتهم، كما نتحدى أي مفتش من مفتشي الشغل أن يتجرأ على الاقتراب من شركات ومصانع ومحلات أبناء هؤلاء المحميين لكي يفتش سجلاتهم ووثائقهم ويتأكد من احترامهم لقوانين الشغل وحقوق المستخدمين. كثيرون جربوا فتعرضوا للطرد المهين من طرف حراس هؤلاء المحميين الذين يعتبرون أنفسهم غير مدينين للدولة بأي واجبات. إن المؤسسات المالية والإدارات العمومية الرسمية تعرف عناوين هذه الشركات والمصانع والمقالع التي يستغلها كبار رجالات الجيش والدرك والأمن والمطافئ، والذين يشتغلون خارج المراقبة القانونية ويحتكرون الصفقات المجزية مع المؤسسات التي يشرفون على تسييرها، متخفين وراء شركات وهمية مسجلة في أسماء الأهل والأحباب. وبما أن قطاعات الجيش والأمن والمطافئ تعتبر من أكبر القطاعات التي تحتاج إلى معدات ووسائل عمل باهظة الثمن، فإن الصفقات التي تعقدها هذه المؤسسات التي لا تخضع للمراقبة البرلمانية تكون بمئات الملايين من الدراهم. وهذه الصفقات تمر «حسي مسي» بدون طلبات عروض لكي تستقر في الشركات نفسها التي توجد في ملكية أبناء وبنات هؤلاء النافذين ذوي النياشين."
... "ولعل أكبر دليل على أن هؤلاء الجنرالات والكولونيلات والضباط وأبنائهم لا تسري عليهم القوانين المغربية هو ما وقع في ملف ابن الكولونيل العراقي الذي تورط في عملية نصب على ثلاثة بنوك للحصول على قروض بمئات الملايين بعدما زور تواقيع وأختام مؤسسة الجيش. وعندما اشتكت البنوك إلى القضاء، أعاد الابن المدلل الأموال التي استخلصها منها، وأغمض الوكيل العام للملك بالدار البيضاء عينه عن الملف، وأصبح الابن حرا في التنقل ومغادرة التراب الوطني و«مريضنا ما عندو باس».إن أكبر المستفيدين من اقتصاد الريع في المغرب هم كبار موظفي هذه المؤسسات التي تخيف نياشين قادتها مفتشي الضرائب والشغل، وتحظى مؤسساتهم بالحصانة التي تجنب صفقاتهم مراقبة قضاة المجلس الأعلى للحسابات ومحاسبة البرلمان." (من مقالته: "إن الوطن شديد العقاب".)
4 – "إذا كان «الحموشي» يعتقد وهو يعلق ويسلخ وينتهك كرامة هؤلاء المعتقلين أنه يساهم في حماية المجتمع من الإرهاب، فإن الوقت قد حان لكي يفهم، هو وزبانيته، أنهم ساهموا في أكبر جريمة عندما جمعوا ثلاثة آلاف متهم وعرّضوهم لشتى صنوف التعذيب قبل أن يشرعوا في إطلاق سراحهم. لقد منحوا سلفيا قادما من الجنوب إمكانية اللقاء بسلفي من الشمال، وجمعوا مئات المريدين وقربوهم من الشيوخ، وحتى المعتقلون الذين كانوا لا يعرفون شيئا عن أفكار السفلية أصبحوا بفعل الاعتقال ومجالسة السلفيين وشيوخهم يعرفون عنها الشيء الكثير"....
... "فإذا كان هؤلاء الأمنيون يرتكبون زلاتهم مطمئنين إلى أنهم عندما سيرتطم رأسهم بالحائط سيأتي العفو الملكي لكي ينقذ ماء وجههم، فإن الوقت قد حان لكي يفهم هؤلاء «العباقرة» أن مغرب ما بعد التاسع من مارس لا مكان فيه للاختباء وراء الملك للإفلات من المحاسبة، بل إن كل من أخطأ سيتحمل مسؤولية خطئه ويدفع الفاتورة من حسابه، حتى لو كان اسمه «عبد اللطيف الحموشي»، الذي أصبح يعتقد أنه باطلاعه على الملفات السرية صار ينافس عزرائيل في تخويف عباد الله من قبض أرواحهم." (من مقالته: "السلفية الأمنية".
5 – " إن حال من يريدون إصلاح أحوال المغرب دون البدء بإصلاح أحوال القضاء كمن يريدون بناء سقف بيت دون وضع الأساسات. إذا كان من الممكن بناء سقف بيت بدون دعامات، ففي هذه الحالة يمكن إصلاح أحوال المغرب بدون إصلاح قضائه، وهذا طبعا من رابع المستحيلات. ومادام وكلاء الملك العامون الذين وصلوا سن التقاعد ملتصقين بكراسيهم، فإن مشروع إصلاح القضاء سيظل مؤجلا، لأن الفساد القضائي المتفشي في محاكم المملكة سببه استبداد هؤلاء الوكلاء العامين للملك وبقاؤهم في مناصبهم، إلى درجة أنهم أطلقوا جذورهم في كل مؤسسات المدن التي «خيموا» بها عشرات السنين. والله ثم والله لن تقوم لهذه البلاد قائمة مادام وكلاء الملك العامون الذين وصلوا سن التقاعد لاصقين بكراسيهم. والله ثم والله لن يصلح أمر القضاء في هذه البلاد مادام الثلاثي «بشر» المفتش العام لوزارة العدل، و«لديدي» الكاتب العام لوزارة العدل، و«عبد النبوي» مدير الشؤون الجنائية والعفو، خالدين في مناصبهم". (من مقالته: "الواكل العام").
6 – "ولعل أهم لجنة برلمانية يجب تأسيسها في مجلس النواب المغربي بغرفتيه هي اللجنة البرلمانية لمراقبة عمل الأجهزة الأمنية السرية. وأول ملف يجب أن تعكف هذه اللجنة على دراسته هو تورط مسؤولين مغاربة كبار في هذه الأجهزة السرية في جرائم اعتقال واختطاف وتعذيب المواطنين وطبخ ملفات لتوريطهم واستعمال القضاء للزج بهم في السجون. إن الانفراج الذي يعرفه ملف المعتقلين السياسيين والسلفيين بعد قرار العفو الملكي يجب أن يتبعه انفراج قضائي يسمي المسؤولين الأمنيين عن هذه الكارثة الإنسانية والحقوقية بأسمائهم الكاملة، ويعرضهم أمام المحكمة لكي يجيبوا عن الاتهامات التي يوجهها إليهم ضحاياهم. ولعل إحدى المهام الرئيسية للجنة البرلمانية المكلفة بمراقبة عمل الأجهزة الأمنية السرية هي الحد من تغوّل هذه الأجهزة ولجم شططها واستباحتها كل الأعراف والقوانين واستعمالها في تصفية الحسابات السياسية بين الفرقاء السياسيين والصراعات الاقتصادية بين رجال المال والأعمال".
"إن روح الدستور الجديد الذي رسم الملك معالمه تقوم على احترام المواطن ومعاملته على أساس القانون وليس على أساس المزاج أو النزوات. وهذا التوجه الملكي الجديد يقطع الطريق على التوجهات الفوضوية والمتسيبة والبائدة التي تعودت أجهزة المخابرات اتخاذها كطريقة عمل. ولعل أنجع طريقة للقطع مع هذا الإرث المتجاوز في تعاطي الأجهزة السرية مع المواطنين هي إجراء تغيير جذري في رأس هذه الأجهزة وإسنادها إلى أطر شابة لم تتلطخ أيديها بدماء الضحايا الذين أصبحنا بين يوم وآخر نسمع قصصهم المرعبة في أقبية «الحموشي» السرية. إن المغرب الجديد الذي بشر به الملك في خطاب التاسع من مارس لا يتسع لأمثال هؤلاء المسؤولين الأمنيين الذين خططوا بعناية ومكر لكي يكون لعهد محمد السادس معتقلوه السياسيون ومعذبوه وضحاياه ومختفوه". (من مقالته: "مول القرعة" 21/04/2011)
تلك عينة من أدلة بينة تشي بالأفكار التي "يروج" لها الرجل والتي من شأنها أن تجعلني لا محالة أدينه.
والحق أن بي الآن رغبة في استعادة جديتي لأقول: أدينه "بتهمة" صدق المواطنة التي من أجلها غدت حريته بين قوسين.
إنها ليست أفكار تٌروَّج كما يدعي "البلاغ" بل إنها رائجة فعلا منذ أمد بعيد، وتلك ليست مطالب نيني لوحده بل هي مطالب شعب بأكمله، ومن لديه شك في ذلك ما عليه سوى أن ينصت لصوت الشارع والإصغاء لصوت الشعارات والإدانات التي رفعها ويرفعها الشيب والشباب في المظاهرات والتجمعات المختلفة...
إن هذه الأفكار التي " ترمي إلى المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين" كما يُدَّعى هي أفكار أغلبية من المستضعفين وإن لم يعبروا عنها (يروجوا لها ؟) على طريقة نيني وغيره من الصحافيين المخلصين لهذا الوطن. وبما أن الأمر كذلك فإنني كمواطن، ولعمري أن معي الكثيرين، لا أرى في إدانة مافيا الفساد والمفسدين وفضح اللصوص والخونة والوصوليين والانتهازيين الذين يسحقون ظهر هذا الشعب الأبي، لا أجد في كل ذلك كمواطن أي مساس بسلامتي أو سلامة وطني كما أعرفه وأحبه. وإذا كانت هكذا تُهدد سلامتنا كمواطنين فألف مرة مرحبا بذلك.
لا أومن بمفهوم الوطن كما يعرِّفه "سُرّاق الإوز"، لهم "وطنهم" ولي وطني. وطنهم هو الذي يشهرونه في وجهك لكي تحتشم وتترك حال سبيلهم لما يحسون بمكاسبهم وبما سرقت أيمانهم وبمصالحهم عرضة للتهديد. آنذاك يقولون لنا: "حافظوا على سلامة الوطن!"، قالها بالأمس متباكيا ذليلا الفاسدُ المخلوع حسني مبارك وقبله زين الهاربين وتبعه آخرون والبقية على الطريق. يقولونها وكأنهم هم الوطن الحقيقي، حماته ورعاته بينما هم في الحقيقة مدمروه. يقولونها وتلك مهزلة لا تنطلي على أحد: "حافظوا علينا وعلى سلامتنا لأننا نحن الوطن" هكذا لسان حالهم وربما ذلك يقينهم داخل عقلهم الباطن.
"وطن" أعداء التغيير ليس وطننا. ليس منا ولسنا منه.
وطننا، بعد هذه العودة إلى التضييق على رجالات الصحافة على اختلافهم وتعددهم، وبعد الأحداث التي عرفتها سلا وطنجة وأخيرا مراكش، نخشى عليه بعد ثورته البيضاء قيد النمو من ثورة مضادة تحمل ما هو أبشع، نحن الذين بدأنا نرسم له أجمل الوجوه بعد التحركات الشبابية والخطاب الملكي المتجاوب إيجابيا مع مطالب الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.