مجلس المستشارين ينهي الجدل حول قانون العقوبات البديلة    تقرير: 70 في المائة من الأطباء يتمركزون في أربع جهات فقط وطنجة ليست ضمنها    قصف مستمر على غزة والجيش الإسرائيلي مستعد "لتحرك قوي" على حدود لبنان    الإمارات: احتجاز ضابط بريطاني سابق منذ سبعة أشهر في دبي بتهمة التجسس    إطلاق نار على السفارة الأمريكية في بيروت    الخبرة المغربية تتألق في صناعة حراس عالميين بهولندا    العصبة الاحترافية تحدد موعد إجراء نصف نهائي كأس العرش..    المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم يتعادل وديا مع نظيره البلجيكي    توقعات أحوال الطقس الأربعاء    23 قتيلا و2726 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    تفاصيل فضيحة بنك بتطوان    حافلات حديثة تكسر عزلة مطار طنجة وتشرع في ربطه بالمحطة السككية    شاطئ سبتة المحتلة يلفظ جثة شاب    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان "فيدادوك" الخامس عشر    عشريني يجهز على والده بمدينة مراكش    مغاربة يطالبون بالرباط بوقف "مذابح رفح"    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    بطولة رولان غاروس: الايطالي سينر يبلغ نصف النهائي ويضمن صدارة التصنيف العالمي بانسحاب ديوكوفيتش    ليدك .. إنشاء خزانات للماء و محطات الضخ لتقوية منظومتي التخزين و التوزيع    سلوفينيا تعترف بدولة فلسطين    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    لماذا يعتبر الشراء بالجُملة "أوفر" مادياً و"أفضل" بيئياً؟    الرجاء يتلقى ضربة موجعة قبل موقعة مولودية وجدة    افتتاح فعاليات الدورة ال12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكم يدين إدريس لشكر بسب صحافيين    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    لجنة الاستثمارات تصادق على 27 مشروعا بقيمة 7.7 مليار درهم    السر وراء رسو ناقلات النفط الروسي قبالة سواحل المغرب    عيد الأضحى.. ترقيم 5.8 مليون رأس من الأغنام والماعز    مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة    ميناء طنجة المتوسط الرابع عالميا وفقا للمؤشر العالمي لأداء موانئ الحاويات    يستكشف تأثير "الإهمال والصراع" على العلاقة الزوجية.. "واحة المياه المتجمدة" في القاعات السينمائية    "أونسا" يكشف نتائج التحقيق في أسباب نفوق أغنام ببرشيد    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    لأسباب غامضة.. المنتخب الوطني يفقد نجمين بارزين    فاجعة علال التازي .. عدد ضحايا "الماحيا المسمومة" يقفز إلى 15 وفاة    صديقي يتوقع بلوغ 7,8 ملايين رأس من الماشية في عرض عيد الأضحى    برنامج التحضير لعيد الأضحى على طاولة الحكومة    مبيعات الفوسفاط ومشتقاته تقفز إلى أزيد من 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    "دعم الزلزال" يغطي أزيد من 63 ألف أسرة والحكومة ترخص لبناء 51 ألف منزل    الجرار يستنكر حملة التشهير ضد ليلى بنعلي    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    بوريطة يبرز الرؤية الملكية للتعاون الإفريقي والشراكة متعددة الأطراف في مكافحة الإرهاب    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    كأس العرش لكرة القدم داخل القاعة.. فريقا شباب علم طنجة وصقر أكادير يتأهلان إلى النهائي    المندوبية السامية للتخطيط…نمو الطلب الداخلي بنسبة 3,3 في المئة سنة 2023    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    الأمثال العامية بتطوان... (615)    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخيمات التربوية خدمة عمومية خارج الصفوف الدراسية

لم تحصل خدمات التخييم والاصطياف التربوي والعمل التطوعي السوسيو ثقافي والأنشطة الكشفية على شرعيتها في المواثيق والنظم المؤطرة لمجالات للتربية والتكوين في المغرب.
فهل من الممكن للمجلس الأعلى للتربية والتكوين التفضل بفتح نقاش علمي في هذا الموضوع؟ هل نستطيع داخل الجامعات والمعاهد العليا النص على إحداث وحدة التمكين الإنساني كوحدة أساسية تجمع بين الجانب النظري والتقني والعملي طيلة فترة التكوين؟ هل باستطاعة الإعلام إبداع برامج تركز على التمكين والمصاحبة الإنسانية خارج الصفوف الدراسية؟.
إنها مجرد أسئلة ونحن نعيش الآن المراحل الأخيرة من برنامج "العطلة للجميع"، الشعار الذي تختاره سنويا وزارة الشباب والرياضة للمخيمات التربوية التي شارفت على انتهاء مراحلها الأخيرة خلال الموسم الراهن.
كما كانت هذه الأسئلة قد تناسلت خلال الورشة التفاعلية حول موضوع: "المخيمات الصيفية 2017: رؤية من أجل المستقبل"، التي نظمتها قبل بداية موسم التخييم حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، بتعاون مع الجمعية المغربية لتربية الشبيبة AMEJ فرع سلا، بهدف خلق نقاش عمومي بين الفاعلين في الميدان، والتحسيس بالأدوار الطلائعية التي قامت بها المخيمات الصيفية وتقوم بها في مجال التنشئة الاجتماعية، فضلا عن التوصل إلى مخرجات مستقبلية وفق مقاربة تشاركية تضع كأفق لها تجاوز الإكراهات وربح الرهانات بإعادة الاعتبار لقطاع الطفولة والشباب .
وإذا كانت أنشطة التربية والتكوين داخل الصفوف المدرسية تنشد تمكين المستفيدين من مسارات اكتساب المعارف النظرية والتقنية عبر نشاط القراءة والكتابة والتعبير، فإن أنشطة التربية والتكوين خارج الصفوف كثيرا ما تسعى إلى تأمين الثبات لدى الفرد من خلال استعمال الزمن بانتظام، وتمكينه من تكوين تمثلات للزمان، تتطور بتوازن مع تطوره الشخصي.
كما ترمي هذه الأنشطة إلى تدعيم قيم الصدق والثبات في تلبية احتياجات الفرد وتحصينه ضد الأخطار، وذلك بتوظيف الأنشطة في تمكينه من اكتشاف مهاراته البدنية والذهنية، وما ينتابها من صعوبات، وتيسير سبل التفكير والإبداع، وتوسيع فرص التواصل الفعال والقدرة على التعبير عن الأذواق والأفكار والعواطف والاحتياجات، والتحلي بالاحترام في تحمل المسؤولية والإنجاز والتقييم الموضوعي للأداء الشخصي.
إن أنشطة التخييم وما يدخل في نطاقها تؤهل الفرد لنسج علاقات ارتباط وشراكات إنسانية متحضرة، تتسم بتقبل الاختلاف والاتسام بالواقعية، والتحلي بلغة الاحترام، والتركيز على التمكين المعرفي والعلمي النوعي، وإنماء الجدارة والوعي بالفردية، بواسطة المميزات الجسدية والمساواة والسمات الخاصة، والنزوع الإيجابي نحو التحرر والاستقلالية، على قاعدة الوعي المتنامي بالاحتياجات الشخصية والجماعية والمجتمعية، والعمل على إشباعها، وفق قيم الإنصاف والحب والعناية والتفكير بالواجب.
فعبر أنشطة التخييم التربوي الذي نعتبره حقا من حقوق الإنسان، وليس امتيازا، نستطيع تمكين حاجة الاطمئنان في التعامل مع الآخرين، والقدرة على الاسترخاء البدني وامتلاك مقومات التقبل والتحمل والتصدي الإيجابي للضغوط، عبر برامج يتم اختيارها بدقة علمية، تقوي قدرات الفرد على الاستجابة الإيجابية لمستجدات الحياة، والتمثل السليم للزمان والمكان والتفكير بالواجب، وتكوين المشروع الشخصي وتطويره بقدرات تحرص على فهم وقبول معنى القواعد الإنسانية والامتثال الإيجابي لها.
وتتسم هذه النشاطات من جهة أخرى بالحرص على تقوية شعور الفرد بالجدارة في أغلب محطات الحياة اليومية، من خلال التذكر الدائم لكل الإنجازات الناجحة في الماضي على المستوى الفردي والجماعي عند الانطلاق.
ورغم هذا التطور الكمي، الذي كان استجابة لجزء من مطالب الحركة الجمعوية التربوية منذ سبعينيات القرن الماضي، لم يستجب للحاجيات المتزايدة ولا يمثل حتى ربع الأطفال البالغين سن التخييم؛ فضلا عن تقلص شبكة المخيمات بسبب الإغلاقات المتتالية للعديد من المخيمات التاريخية بسبب الإهمال وعدم تجديدها مرافقها.. يضاف إلى ذلك الضعف الحاصل في البنيات التحتية والاعتمادات المالية المرصودة لهذا النشاط، وتردي الخدمات الاجتماعية من صحة وتغذية ونقل وتأمين وتأطير بيداغوجي وإداري.
ليس من مهام هذه الورشة تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات بين هذا وذاك، وأيضا الوقوف مطولا على تشخيص وضعية المخيمات الصيفية. وإن كان هذا التشخيص يمكن أن يشكل جزءا من مخرجات الحل، فإن طرح تصورات ومقاربات يساهم في التوصل إلى رؤية مشتركة بين كافة الأطراف والترافع، من أجل أن تحتل أنشطة الطفولة والشباب المكانة اللائقة بها ضمن برامج مخططات وبرامج الدولة؛ وهو ما يتطلب الإجابة عن أسئلة في مقدمتها ما هي الترسانة القانونية والتنظيمية الملائمة في ظل ضعفها حاليا بفعل تقادمها، والتي تعود غالبة مقتضياتها إلى المرحلة الاستعمارية؟ ما هي الآليات والإجراءات العملية الكفيلة بإصلاح وتوسيع وتجهيز وتعميم شبكة المخيمات؟ هل تواكب البرامج والمناهج المتبعة والتكوين وإعادة التكوين التحولات والمتغيرات التربوية والحاجيات الراهنة للطفولة المغربية؟.
وإذا كانت تأسيس المبادرة المدنية للنهوض بالمخيمات، التي كانت من ضمن المخرجات التي خلصت لها الورشة التفاعلية حول المخيمات، واعتبرت آلية مبدعة وهامة في مجال التحسيس والترافع، خاصة مناشدتها للحكومة من خلال رئيسها إدراج المخيمات ضمن السياسات العمومية، فإن المطلوب من هذه المبادرة المدنية أيضا التعمق من خلال حوارات وأبحاث ميدانية في شأن التمكين، وإنتاج الإنسان القوي على التواجد بالفكر الناقد والدينامية المطورة، إذ إن المغرب في اللحظة الراهنة في حاجة ماسة إلى إرادة سياسية حقيقية للإمكان الإنساني المشروط بالانتقال السوسيو حضاري، وتأمين التواجد الفعال في أحضان العالم الجديد بمن لا يعانقه شوق التواجد الفعال.
إن الحاجة ماسة، اليوم، إلى تفعيل توصيات المناظرات الوطنية والملتقيات ومقترحات ومبادرات النسيج الجمعوي التربوي، والتوصل إلى سن إستراتيجية وطنية مندمجة وفق مقاربة تشاركية بهدف النهوض بالمخيمات الصيفية وتأهيلها وتطويرها وتحديثها وتجويد عرضها.
وعلى الجميع أن يدرك أن ما نتحدث عنه من مسألة التخييم يُعد حقا من حقوق الإنسان، وأيضا خدمة عمومية أساسية في الرقي الحضاري، وليس مجرد ترفيه لا يستفيد منه إلا من له قدرة على الدفع المادي.
*أستاذ باحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.