مناورات عسكرية موريتانية.. هل هي رسالة للجيش المالي ولفاغنر؟    بعد دخوله قائمة هدافي الفريق.. هكذا احتفل اشبيلية بالنصيري    المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمول 473 مشروعا باقليم الحسيمة    تراجع عجز الميزان التجاري بالمغرب بنسبة 14,6 في المائة    زيوت التشحيم تجمع "أولى" و"إكسون"    مرصد يثمن مأسسة الحكومة للحوار الاجتماعي    انتقادات تطال وزير الصحة بسبب إقصاء 8 ملايين مغربي من التغطية الصحية    الملك يبعث تعزية إلى العاهل السعودي    وزير النقل: ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    الأمثال العامية بتطوان... (591)    "رايان إير" تطلق خطا جويا بين طنجة وورزازات    أول تعليق إسرائيلي رسمي على موافقة حماس على مقترح الهدنة    بلاغ جديد وهام من المديرية العامة للضرائب    استعراض تجربة المغرب في مجال مكافحة الفساد خلال منتدى عربي بالقاهرة    "البوليساريو" أداة وصنع جزائري موجه لتقسيم المغرب الى سرطان يفتك ويهدد الوجود الجزائري    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    ماكرون يطالب بمشاركة مبابي في أولمبياد باريس    مئات الفلسطينيين ينزحون من شرقي رفح إلى غربي قطاع غزة    بسبب تصرفات مشينة وعنيفة.. تأجيل محاكمة محمد زيان في قضية اختلاس أموال الحزب الليبرالي    عاجل.. القضاء يعزل رئيس الرجاء محمد بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان    ملف "التوظيف مقابل المال".. دفاع اليملاحي يلتمس السراح المؤقت والقاضي يؤجل الجلسة    المحرشي ..الخياط لي عندو قصر فالرباط رجع من الغربة وبغا يدير وساطة والتمس من الحكومة دير حل لإضرابات طلبة الطب: وها كيفاش تجاهلو وزير الصحة    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    الفيفا تصدر أول تصنيف عالمي لمنتخبات الفوتسال.. وأسود الأطلس في المرتبة السادسة عالميا    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن سيادة الرداءة وغياب الجمال
نشر في هسبريس يوم 25 - 10 - 2018

من جولات كافية بمناطق مختلفة بالمغرب الحضري بأسواقه وطرقاته ومؤسساته المالية والتجارية والاجتماعية والثقافية والترفيهية والإدارية، يستطيع المرء أن يكتشف، بسرعة نسبيا، المفارقات التي تطبع المغرب والمغاربة.
أتحدث عن المفارقة لأن كل خصلة إيجابية طيبة في المواطن المغربي إلا وتنقص من قيمتها ميزة أخرى سلبية.
ففي الطريق على سبيل المثال لا الحصر، تجد السائقين والسائقات بسيارات جميلة نظيفة وبلباس ينم عن تطور حقيقي في الذوق العام ومسايرة التطور الإنساني لكن:
تلاحظ بسرعة أن السائق في المغرب لا يحترم التشوير والأسبقيات وتحديد السرعة وضبط معايير الإنارة على سيارته واستعمالها في احترام للقادم في مواجهته. السائق المغربي عموما سريع الانفعال والغضب نادرا ما يمنح الأسبقية بلطف وكرم، مقبل بهمة على التسابق والفوز بالأسبقية ضاربا عرض الحائط معايير السلامة ولباقة ولياقة المواطنة.
يزيد من الطين بلة واقع علاقات "غير رسمية" تمكن البعض، ولعل الأمر في تناقص نسبي اليوم من حماية مدللة للسلوكات المنحرفة تجعلهم خارج قبضة العقاب والمحاسبة.
يصدق كل ما قلناه على كل فضاءات العيش المشترك كما سبق الذكر فما أهم انعكاسات كل ما سبق على نوعية الإنتاج الثقافي والعلمي والفني في كل تجلياته بالمجتمع المغربي؟
كلمة واحدة تصف السائد والمنتشر وبالتالي ذي السلطة في أغلب أنسجة فضاء العيش المشترك من تلفزيون وسينما وكتابات صحافية أو فكرية أو إبداعية ناهيك عن السلوك الذي ينتجه المغاربة يوميا وعلى مدار الساعة في وطننا العزيز: إنه الاعتيادي وغير المتميز ولا المدهش ولا المبدع إن لم يكن تلويك واجترار الرداءة.
لكن الملاحظ أن هذه الرداءة تحقق رواجا وتجد إقبالا وهي بالتالي تكسب ذهبا وتحقق شهرة وشعبية وبالتالي "اسما".
مما لا نقاش فيه، حسب دروس التاريخ وقيمه الكونية الكبرى، أن ما سبق من شهرة ونجاح ومكاسب يحققها هذا الاعتيادي – الرديء لن تدخلنا التاريخ والسبب بسيط: إنها إنتاجات لا قدرة تنافسية لها على المستوى العالمي النخبوي الرفيع التي يحتفظ بها التاريخ في ذاكرته. غير ذلك أضواء نارية تلمع سريعا وتختفي سريعا بوهميتها وبسطحيتها وبفراغ جوفها وبفقر مكوناتها وبزيف عناصرها التي لا أصالة ولا جدة ولا جذور ولا إدهاش ولا تناغم بنوي فيها إطلاقا.
رداءتنا غدت تسود الأسرة والمدرسة وكل أطر التربية والتنشئة الاجتماعية والتواصل الاجتماعي التكنولوجية الحديثة (فيسبوك وتويتر ولينكدين تلغرام ...) التي لم نستوعبها بقدر ما غدونا من أغبى مستهلكيها بإسراف ورعونة وسوء نية، لهدف واحد غريب تماما في عصر العقلانية والسرعة والبحث الدائم عن الجديد والمتجدد وهو تكريس التقليد وتهجينه أكثر ولتكريس الرداءة نفسها. أما وسائل الإعلام وعلى رأسها التلفزيون والإذاعة، وأغلبية الخاصة منها، والصحافة، فحدث ولا حرج. إنها وسائل إعلام مسؤولة بشكل مباشر على ترويج الرداءة بمضامينها وبسباقها نحو الاستسهال والتكالب على التبسيطية ومسايرة المطلوب في سوق المتلاشيات من التواصل. هدفها غير المواطن أساسا هو الانتشار عند عامة العامة حيث الأغلبية في الأرقام القياسية للاستماع التي تفك شفرة اقبال الاشهار عليها وبالتالي تكسب بالسهولة، أولا تكسب، رهان التمويل الربح وبصعوبة لأن الرهان على الرداءة يبقى غبيا وبليدا مقارنة بالمغامرة بحد معقول من الجدية والقيم المواطنة المواكبة لبناء مجتمع ومواطن محترم الوعي وفعال المواطنة.
الرداءة سرطان ينخر أطرا تقليدية لتأطير المواطنين وتنشئتهم واستكمال تكوينهم وتربيتهم ليكونوا منتجين للقيم وللمغرفة وللثروة وللأفكار، وهي آلية ومضامين منهج اليوم لا تنتج خلفا لهذه الأطر التقليدية التي تتهاوى للترك وراءها فراغا موحشا ومهددا بتكاثر أجيال منفلتة من عقالها تائهة عن قيم ضرورة لتسعد بوطنها ويسعد بها. إنه صفيح ساخن هذا الذي تنتجه الرداءة المنتشرة من حولنا ينعم فيها العاطلون عن التفكير المُتسيِّدُون على وهم وطن قد يجعل منهم، لا قدر الله رموزا له.
*كاتب وناقد فني وأستاذ الجماليات والفلسفة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.