بوريطة يتباحث بسيول مع نظيره الكوري    الطالبي العلمي يمثل الملك في حفل تنصيب رئيس السلفادور    أمير قطر يصل إلى العاصمة الإماراتية    الصحف تكيل المديح لريال مدريد "الخالد"    الرجاء يسعى للصدارة على حساب الوداد    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    الاكتظاظ بجامعة تطوان على طاولة ميراوي    "لابيجي" أكادير تطيح بنصاب ينتحل صفة رجل أمن ويستهدف "الأستاذات"    التامك يقتني 11 هكتارا من غابة "موكادور" ب13 مليون درهم لبناء سجن بالصويرة    99 مليون مكسيكي يختارون أول رئيسة    خطوات مهمة يجب اتباعها إذا تعرض حساب بريدك الإلكتروني للاختراق    من هو محمد الشرقاوي الدقاقي المدير العام الجديد ل"لوطوروت"؟    طارق مفضل يخلف الباكوري بوكالة الطاقة    من هو طارق حمان المدير العام الجديد للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب؟    طارق حمان مديرا جديدا لمكتب "الكهرماء"    الجزائر تستغل ولايتها في مجلس الأمن لاستهداف مصالح المغرب    كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية بالقمامة والقاذورات    طنجة… العثور على شخص مدفون بجدار منزله    تفاصيل جديدة حول الباخرة الاثيوبية بالجرف الأصفر.. 9 ساعات إنقاذ ومروحية قادمة مراكش كانت حاسمة في عملية الإنقاذ    لقاء يستعرض دور الأسرة في السياسات    بعد استبعاده من قائمة المنتخب.. عبد الحميد يكشف تفاصيل حديثه مع الركراكي    رحلة العائلة المقدسة: المسيح في مصر بين المصادر الدينية القبطية وخيال الرسامين الأجانب    اليمين المتطرف الأوروبي والتقارب المتزايد مع إسرائيل    الطالبي العلمي يمثل الملك في حفل تنصيب رئيس جمهورية السلفادور    ريال مدريد بطلا لدوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشر في تاريخه    الكعبي يتوج كأفضل لاعب في دوري المؤتمر الأوروبي    منظمتان تهتمان بتعزيز الحكامة الرقمية    فريق يوسفية برشيد يودع القسم الأول    تشيلي تنضم إلى جنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    طنجة.. سيارة تدهس شخصا وسط البولفار وترديه قتيلا    أداء أسبوعي سلبي في بورصة البيضاء    الفلامينغو يمتع جمهور "باب الماكينة"    بلقيس تصور كليب لخامس أغنية لها باللهجة المغربية بتطوان    الصحراء المغربية.. السفير هلال يندد باستغلال الجزائر لفترة ولايتها في مجلس الأمن    رقم معاملات مكتب السكك الحديدية يتجاوز 1,02 مليار درهم في متم مارس 2024    فاطمة الزهراء قنبوع تكشف رغبتها بتعلم الريفية: "كنحماق على الريافة، وكنموت على الريف"    جمعية أنصار الجيش الملكي تدعوا السلطات التطوانية للسماح بتنقل الجماهير العسكرية    تحكي جزءا من قصتها.. دنيا بطمة تصدر أغنية "مطلقة"    كاب درعة بطانطان: اختتام تمرين "الأسد الافريقي 2024"    المغرب يستعد لإعلان صفقة بناء محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال في الناظور    افتتاح المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتطوان    تعاون مغربي موريتاني لتبادل المعلومات في مجال التحول الرقمي    إحياء لأعمال محمد عبد الوهاب ووردة بدار الأوبرا المصرية    افتتاح معرض ضخم للرسم على الجدران وسط موسكو    بايدن يعرض خطة إسرائيلية جديدة لهدنة في غزة ويدعو حماس لقبولها    ياسين بونو يفوز بجائزة أفضل لاعب في نهائي كأس الملك    تمديد آجال الترشح لجائزة الصحافة البرلمانية برسم سنة 2024    "المهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع" بتونس    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    أول مغربية تقاضي أسترازينيكا تصف الحكم القضائي بالتعويض المالي بالمنصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النموذج التنموي الجديد ورهانات المستقبل
نشر في هسبريس يوم 27 - 08 - 2019

في ظل التغيرات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية التي يعرفها النسق المجتمعي المغربي، تم اعتماد الجهوية المتقدمة كإطار عام من أجل تحقيق العدالة المجالية من خلال إيجاد آليات خلق الثروة وتحقيق التنمية المستدامة، وبالتالي توزيع عادل لثمار التنمية بين جهات المملكة.
وجاء في الرسالة الملكية الى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى "كرانس مونتانا"، التي احتضنتها الداخلة في مارس 2018، "إن الجهوية المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي أو إداري، بل هي تجسيد فعلي لإرادة قوية على تجديد بنيات الدولة وتحديثها، بما يضمن توطيد دعائم التنمية المندمجة لمجالاتنا الترابية، ومن ثم تجميع طاقات كافة الفاعلين حول مشروع ينخرط فيه الجميع". ومن ثم، فقد جرى اختيار الجهوية المتقدمة لتكون محور النموذج التنموي الاقتصادي المغربي.
عند تحليلنا للواقع ومعرفة مدى بلوغ الاهداف المتوخاة من تقسيم المغرب الى جهات، يتضح جليا أن الجزء الأكبر من التنمية المستدامة، كما كان يراد لها أن تتحقق، لم تتجسد في العدالة الاجتماعية؛ بل زادت الفوارق وشهد النسق الاجتماعي مجموعة من الأزمات والاحتقانات، مما تطلب ضرورة إعادة النظر في ركائز خلق التنمية وبلورة رؤية شمولية تتمكن من إعطاء نفس جديد للتنمية من أجل تجاوز مكامن الأخطاء والضعف في تلبية الحاجيات ذات البعد المجالي، الذي يرتكز بالأساس على العدالة المجالية.
انطلاقا مما تم ذكره، نثير التساؤلات التالية: لماذا عجز النموذج التنموي الحالي في تحقيق التنمية المجالية المستدامة؟ وأي بديل عن النموذج التنموي الحالي يمكن اعتماده من أجل تجاوز الأزمات والاحتقانات؟ وكيف يمكن لهذا النموذج التنموي أن يرسي المبادئ الدستورية من خلال إقرار ربط المسؤولية بالمحاسبة لإعادة الثقة بين المؤسسات ومختلف مكونات المجتمع المغربي؟.
1 إيجابيات النموذج التنموي الحالي وسلبياته
استطاع المغرب، في السنوات الأخيرة، مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني، بفضل إنجازه لمجموعة من الأوراش تتعلق بالبنيات التحتية وبإنشاء مشاريع كبرى. وبذلك، تم تحقيق نقلة نوعية في النمو الاقتصادي ببداية الألفية الثالثة امتدت إلى غاية 2008، حيث عرف آنذاك العالم أزمة اقتصادية كان لها التأثير المباشر على الاقتصاد الوطني باعتباره اقتصادا تابعا، فكان لزاما أن يتم التفكير في إدخال إصلاحات على النموذج التنموي الذي اعتمد في جزء كبير منه على الاستهلاك، حيث نشطت القروض البنكية للأسر المغربية والتي كانت لها انعكاسات سلبية على الخزينة العامة للمملكة مما حذا بجلالة الملك محمد السادس أن ينص في الخطاب الملكي الافتتاحي للدورة للتشريعية لشهر أكتوبر 2017: "أصبح اليوم ( النموذج التنموي) غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات، والتفاوتات المجالية وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية".
ما يعاب على النموذج التنموي في ظل الجهوية المتقدمة أنه لم يأخذ بعين الاعتبار البعد المجالي من أجل تحقيق عدالة مجالية لتنمية بكل مستوياتها، الاقتصادية، البشرية الاجتماعية وتقسيم عادل لآليات خلق الثروة بين جهات المملكة وبتوزيع ثمار التنمية بين الجهات الغنية والمعوزة؛ وهو ما أدى في النهاية إلى انعدام الموازنة بين التنمية الاقتصادية وضرورات التنمية الاجتماعية, وهنا يطرح الأسئلة الآتية: كيف يمكن وضع بديل لهذا النموذج التنموي الذي اتسم بالهشاشة الاجتماعية؟ وما هي الأطراف المؤهلة للمشاركة في صياغته؟ وكيف يمكن أن تصبح الجهوية المتقدمة سببا في نجاح النموذج التنموي؟.
2 النموذج التنموي الجديد ورهانات المستقبل
إن النموذج التنموي الجديد لا يمكنه أن يشكل قطيعة مع سابقه؛ بل هو امتداد لتوجهات الكبرى للإصلاحات التي تم إقرارها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استمرار الأوراش الكبرى.. وما يميز هذا النموذج هو إدخال البعد الاجتماعي كأساس لتحقيق التنمية بشموليتها، من خلال جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية واعتباره الغاية الأساسية منها في جل القطاعات (التعليم، الصحة.. إلخ) وذاك ما جاء في الخطاب الملكي للسامي في الذكرى ال20 لعيد العرش المجيد. وكما أن الهيئة الاستشارية التي ستقوم بصياغة المضامين الأساسية للنموذج التنموي الجديد يجب أن تتكون من مختلف مكونات المجتمع المغربي والأحزاب والنقابات والغرف المهنية والجمعيات وعموم المواطنين، وأن تأخذ بعين الاعتبار البعد الجهوي في امتصاص الفوارق بين الجهات بهدف تحقيق النمو الاقتصادي في ظرف وجيز وإيجاد آليات جديدة لخلق الثورة وتوزيعها بشكل عادل بين الجهات.
إن الحرص على إشراك الكفاءات الوطنية المؤهلة من أهم المرتكزات التي جاءت في الخطاب الملكي السامي ليوم 29 يوليوز 2019، بحيث تكون قادرة على إقرار نظرة شمولية لخلق شروط إنجاز المشاريع اللازمة من أجل إنجاح النموذج التنموي، بتوفير عقليات جديدة قادرة على تجاوز الأخطاء ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي الذي لا يتوقف عن النمو وتوفير الوسائل الكفيلة بإيجاد آليات التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية وإقرار مبادئ الحكامة التدبيرية وعدم إغفال مساهمة المواطن المغربي في تنمية البلاد.
في الختام، نؤكد أن إشراك الكفاءات ومختلف هيئات المجتمع المدني، سواء في صياغة النموذج التنموي الجديد أو في تنزيل مضامينه أو في عقد لقاءات وطنية ودولية ترسم معالمه، كل هذه العوامل لن تكون مجدية في ظهور أولى بوادر نجاح النموذج ما لم يتم تغليب المصلحة العامة للوطن على المصالح الخاصة لكل جهة على حدة، ووجب أيضا تجاوز الخلافات التي تعرفها الهيئات الحزبية فيما بينها؛ بل أن تتجاوز الخلافات داخل أحزابها، التي تنعكس سلبيا على أداء الأحزاب السياسية داخل النسق السياسي العام للبلاد... وما لم تتم تلك المصالحة فإن النموذج التنموي سيظل عاجزا عن تحقيق العدالة المجالية بنموذج مغربي خالص يستجيب لمتطلبات المواطنين من خدمات المرفق العمومي وتحسين جودته وخلق فرص للشغل.. وفي النهاية، يجب أن لا ننسى ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ لأنها الكفيلة بردع كل تجاوز للمسؤولين، وذاك ما جاء في خطاب جلالة الملك في ذكرى ثورة الملك والشعب ليوم 20 غشت 2019 "كما نريد أن يكون عماد المرحلة الجديدة، التي حددنا معالمها في خطاب العرش الأخير: مرحلة المسؤولية والإقلاع الشامل".
أخيرا وليس آخرا، فإن نجاح أية عملية تنموية تتطلب إسهام وإشراك المواطنين، من خلال الإنصات لمشاكلهم ومحاولة إيجاد طرق التواصل البديلة بين المؤسسات والمواطنين وإعادة الثقة فيما بينهما لأجل إطلاق حوار وطني جاد وموضوعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.