إفريقيا الوسطى تجدد دعمها لمغربية الصحراء.. ورئيسها يبعث رسالة للملك    الركراكي : هدفنا الأساسي هو التأهل إلى كأس العالم 2026    طقس الإثنين.. أمطار رعدية ورياح قوية بهذه المناطق    تفتيش سيارة قادمة من تاونات يسفر عن مفاجأة    تطوان..اختتام الدورة الثالثة للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني برقم قياسي في عدد الزوار وتسجيل رقم معاملات فاق الستة ملايين درهم    محطة تحلية المياه التي دشنها ولي العهد بإقليم الجديدة ستنتهي بها الأشغال في سنة 2026    المعارضة تشتكي "التضييق" عليها وتنتقد الاعتماد على برامج "ظرفية وهشة" للتشغيل    جامعة الكرة تؤجل مباراة نصف نهائي "العرش" بين الرجاء ووجدة    الأغلبية تحمل الحكومات السابقة مسؤولية أزمة التشغيل وتربط حل البطالة بتحفيز الاستثمار    هل تخدم الجزائر مخططات التقسيم الاستعمارية؟    مالاوي تعلن اختفاء طائرة كانت تقل نائب رئيس الجمهورية    خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالنيابات العامة استقبلت خلال سنة 2023 ما مجموعه 35 ألف و 355 طفلا    أخنوش: المغاربة لا يرقصون على جراح غزة .. ونشتغل تحت القيادة الملكية    الركراكي يحسم الجدل حول "خلاف" زياش ودياز    السجن المحلي عين السبع 1 : 129 مترشحة ومترشحا من النزلاء يجتازون امتحانات البكالوريا    تلميذة تنهي حياتها بعد ضبطها متلبسة بالغش    بعثة الكونغو برازافيل تحط الرحال بأكادير استعدادا لمواجهة المنتخب المغربي    رسميا.. ريال مدريد يعلن المشاركة في كأس العالم للأندية    عناد نتنياهو.. هل هو ضعف أم استبعاد لنهاية المشوار السياسي؟    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    الأمثال العامية بتطوان... (621)    الملياردير آيت منا يضع ترشيحه لرئاسة الوداد    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    بوابة رقمية لتعزيز الخدمات الاجتماعية للأمن    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    شركة "كازا تيكنيك" تستهل عملها الرسمي بالحسيمة بمشاكل مع العمال    "البيجيدي": لا ثقة في إسرائيل وندين مجزرة النصيرات    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    تهرب ضريبي واستغلال مفرط وغير قانوني.. تقرير يرسم صورة قاتمة عن "التسيب" في مقالع الرمال    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار بشأن غزة    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الحكم على ثلاثة مشجعين لفالنسيا بالسجن ثمانية أشهر بسبب إساءات عنصرية ضد فينيسيوس    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    بلينكن يطالب ب "الضغط على حماس"    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَهَارَاتُ التَّغَلُّبِ عَلَى الشَّغَبِ... تَجْرِبَةٌ مَدْرَسِيةٌ
نشر في هسبريس يوم 18 - 03 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
تجربتي هاته آتية من خلال فترة قضيتها في التربية والتعليم؛ إذ بهرتني كثير من القصص المتعلقة بمعالجة مشكلة الشغب؛ لذا أحببت أن أزود إخواني من أرباب هذا المجال ببعض ما أراه –وقد يكون خطأ أو صوابا- من رؤى وتجارب تربوية؛ لعلها تكون زادا لهم، يضاف إلى خبراتهم، ويعمق معرفتهم بأداء الرسالة التربوية، وأستفيد منهم فيما به يشيرون.
فأقول وبالله التوفيق:
تعتبر ظاهرة الشغب داخل حجرات الدراسة ظاهرة عامة وإن كانت درجاتها مختلفة، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التغيرات العالمية في مختلف البيئات الاجتماعية والثقافية، وقل أن يسلم منها قسم أو لا يشكو منها أستاذ، وهو مشكل يتكرر يوميا في مختلف الحصص الدراسية، والسبب في ذلك هو الثقافة والعقلية الاجتماعية المنتشرة التي تعتبر الشغب أحيانا ضربا من الشجاعة.
وهناك الكثير من سوء المعاملة للمشاغبين، وما تزال لغة الشتائم والتهديد والوعيد هي السائدة، وغيابها يكاد يفسر -من غير التربويين- بأنها نوع من أنواع الضعف، والحقيقة أن غيابها وإحلال اللطف محلها أمارة ثقة وصمام أمان.
ويتجاوز الشغب أحيانا حدوده، ويصبح عائقا أمام الأستاذ والمتعلم ويؤثر تأثيرا سلبيا على الطرفين؛ فتختلف مواقف الأساتذة من الشغب، وكل يعالجه بطريقته الخاصة، التي تعتمد في الغالب على التخلص من الشغب في تلك اللحظة والآن، دون استحضار المدى البعيد، وحمل المشاغب على أن لا يعود، وبسبب هذا الاستعجال؛ قد يلجأ بعض المربين إلى طرق غير سليمة من الناحية التربوية في معالجة الظاهرة؛ ككتابة التقارير، أو التوبيخ والزجر بالكلام الغليظ، أو الوعيد والتهديد بشتى الطرق والأساليب، وكل ذلك في نظري غير صائب ولا مستقيم. والسبيل الأمثل لاحتواء أي حالة كيفما كان نوعها الأسلوب الرحيم، وقد جربت الأمر واتبعته مع بعض تلاميذي الذي كانوا يشاغبون فألفيته نافعا ومفيدا، ولا يقتصر فقط على علاج المشكلة، بل يتجاوز إلى إصلاح تربوي شامل، يعيد التلميذ إلى الجادة.
والتغلب على الشغب يتطلب مهارات؛ سيما حين يتجاوز حدوده، فهو لا يخلو من حالين: أولاهما: أن يكون بشكل مزعج ويتكرر بشكل دائم، فيتطلب الأمر الاحتواء، وثانيهما: أن تعرض حالات استثنائية أحيانا، يستدعي الأمر التعامل بما يناسب المقام. وفي كلا الحالتين؛ يبقى للشغب أسبابه ودواعيه المشتركة بين الأستاذ والتلميذ.
أسباب الشغب:
السبب الأول: الأستاذ
ليس جزافا ولا تحاملا أن يعتبر الأستاذ هو سبب الشغب الذي يحدث في القسم أحيانا؛ ذلك أن الأستاذ كثيرا ما يكون هو المتسبب في الشغب دون أن يدرك ذلك، ويتجلى الأمر في طريقة أدائه؛ فالأستاذ الذي لا تكاد كلماته تسمع أو تفهم، لاشك أن التلميذ سيبحث عما يملأ به الفراغ ويشاغب بما تيسر له من وسائل حسية ومعنوية، لغياب عناصر الإثارة والتشويق التي تجذب التلميذ نحو الدرس. وقد يتعلل الأستاذ أحيانا بجفاف المادة أو الموضوع، وفي اعتقادي ان المادة أو الموضوع أيا كان نوعه بمقدور الأستاذ أن يجلب أنظار التلاميذ نحوه ويجعلهم يهتمون به، بوسيلة ما من الوسائل.
السبب الثاني: التلميذ
التلميذ لما يأتي للمدرسة يأتي ومعه أشياء كثيرة يحملها، ربما خطرت بباله أفكار فيريد لفت النظر إليها، وبعضهم يشتكي هموما ومشاكل متنوعة ألمت به، فيرغب في إفراغ ذلك داخل القسم؛ حيث الزملاء ينظرون ولربما بعض معجبيه حاضرون، فيحرص على لفت الانتباه إليه أو رد الفعل وتفريغ شحنته، ولو بما يسبب له الطرد واللعنة من الأستاذ، على طريقة الأعرابي الذي لطخ الكعبة بالقاذورات؛ فلما قيل له في ذلك، قال: "أحببت أن أذكر ولو باللعنة". وقد يكون ديدنه الحديث مع من يجلس حوله، دون شعور منه أنه يشاغب، أو لربما يعتبر الأمر عاديا، لعدم إدراكه الأثر المترتب على شغبه.
كيف تتغلب على الشغب داخل القسم؟
حين تلاحظ الشغب؛ فلابد من احتوائه بالطرق المناسبة، وأقترح لذلك:
- لابد من توقع الشغب في كل لحظة وآن، فإنك إذا توقعته هان عليك وقوعه وسهل عليك التعامل معه.
- أن تعتقد أن نجاحك في احتواء حالة شغب، نجاح يعطيك الثقة في النفس، ومحفز لاحتواء الحالات الأخرى بنفس الطريقة؛ فتحب معالجة الشغب بارتياح كما تحب تبليغ المعلومة بأمان واطمئنان، وكيف لا ومعالجة الشغب نفسه عملية تربوية لا تنفك عن وظيفة المربي.
- من السهل ضبط القسم بالوعيد والتهديد، والصعب هو ضبطه باللين والرأفة التي ينبغي أن يتحلى بها الأستاذ في كل حين.
- التعلم من بعض الأخطاء التي قد تصدر منك أثناء معالجة بعض حالات الشغب؛ فذلك يفيدك في التجارب المستقبلية الأخرى.
- تعامل مع حالة الشغب بثقة في النفس وسكينة واطمئنان، واعتبر المسألة اختبارا لك، ولابد من النجاح فيه.
- احرص على القدر المعقول من العلاقات الاجتماعية بينك وبين التلاميذ؛ فذلك مدعاة احترامهم وتقديرهم لك.
- تعود على ظن الخير في كل تلميذ، وتخلص من الأفكار التي تتلقاها من محيط عملك بأن فلانا دائما مشاغب.
- إذا شعرت أن درجة القلق لديك عالية، فاحرص على تهدئة نفسك وكبح شغبها الداخلي المتمرد، وتذكر أن هذا الشعور يؤدي إلى معالجة الأمر بطريقة غير صحيحة، وعلاجه هو محاولة استعادة الهدوء، قبل علاج المشكلة.
- قبل الخروج من المدرسة احرص على اللقاء بالمشاغب في حديث ودي بينك وبينه، وانصحه سرا، وكن على يقين أنه سيستجيب.
- اضبط المشاغب بالأسئلة، وحتى لو تلعثم فحاول في كل محاولة شغب أن تستدرجه بالسؤال. وكلما حاول هو الانشغال اشغله بمزيد من المنبهات واعتبر ما تشغله به ستارا بينه وبين الشغب، وكل ذلك ينبغي أن يكون في حدود المعقول. ومن هنا تبدو أهمية الأسئلة التي يتوقف عليها نجاح احتواء الشغب.
- لا تذهب إلى القسم وأنت منزعج أو مضطرب، فينعكس ذلك سلبا على التلاميذ، وتذكر أن الطهارة وذكر الله عز وجل وتلاوة القرآن تقلل من التوتر.
- ربما تمر لحظات وأنت تشعر أنك مضطرب وغير قادر على الاستمرار في الدرس بسبب سلوك أو تصرف؛ رغم كل ذلك احتفظ بهدوئك وسوف يعود نشاطك العقلي بعد قليل من الوقت.
- تنشيط عقول التلاميذ واستفزاز تفكيرهم، ودفعهم بذلك إلى المشاركة الإيجابية والفعالة.
ومرة كانت لي تجربة مع تلميذ ظهر لي من خلال أول لقاء بالتلاميذ أنه قد ألف الشغب وصار له عادة، وهو بصورة عامة غير مبال ومتمرد ويرى أن لا سبيل لفرض ذاته ولفت الانتباه إليه إلا بالشغب، والجميع لا يعيره أي اهتمام لأنه مشاغب كسول، وقررت في أحد دروس الأنشطة أن يكون هو المسير وله الكلمة، ولما أخبرته بمهمته فوجئ هو وجميع زملائه من المسألة، فمن غير المتوقع أن يتولى التلميذ المشاغب مهمة تتطلب قدرا من المسؤولية والفطنة والذكاء، كان الأمر بالنسبة له غير عادي وأشرت أثناء تكليفه أني على يقين من حسن أدائه. وكان ذلك اليوم بمثابة ميلاد له للتفاعل مع الأنشطة؛ فكان حريصا على المشاركة في كل نشاط بعد، وحسن حاله، وتغير بشكل سريع ومفاجئ من تلميذ مشاغب كسول إلى تلميذ ملتزم نشيط.
[email protected]
صفحة الكاتب على الفيسبوك:
http://www.facebook.com/karimkallali
تويتر
https://twitter.com/#!/fata_rif


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.