تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطالب: الممثلون الوقحون قلة، والسينمائيون المزيفون لا رسالة لهم
نشر في هسبريس يوم 29 - 03 - 2012

اعتبر الناقد السينمائي المغربي مصطفى الطالب أن هناك تيار جارف يسير في اتجاه تغريبي يهدف إلى إقصاء الهوية الإسلامية المغربية بشقيها الأمازيغي والعربي، وإحلال مكانها قيم الانحلال واللا أخلاقية والحرية المطلقة في الفن والإبداع السينمائي.
وتحدث الناقد، الذي يشتغل حاليا على كتاب يرصد علاقة السينما المغربية بالهوية والقيم، بشكل مستفيض في حوار مع هسبريس عن سؤال الهوية الذي يفرض نفسه على الساحة الفنية والثقافية، خاصة أن السينما المغربية في مجملها أصبحت رافدا لقيم دخيلة على المجتمع المغربي المسلم.
ويرى الباحث، الذي يشتغل على النقد الفني والسينمائي منذ عدة سنوات، بأن قلة من الممثلين المغاربة من يحرصون على الظهور في أدوار مخلة بالحياء وغير لائقة بهم، بسبب رغبتهم في البحث عن الشهرة السريعة بدون تعب، أو لأسباب مختلفة أخرى..
وحمّل الطالب المسؤولية المعنوية والمادية للمركز السينمائي المغربي في تردي السينما الوطنية على مستوى المضامين وتناول المواضيع الجادة، و في إفساد الذوق العام من خلال التركيز على جرعات زائدة من الإثارة الجنسية..وفي الحوار قضايا هامة أخرى..لنتابع:
تعد أنت بمعية نقاد سينمائيين قلائل، ممن يركزون على جانب الهوية في السينما المغربية... سؤالي: ما أسباب هذه القلة في عدد النقاد الذين يدافعون عن مسألة القيم والهوية في السينما الوطنية؟
أعتقد أولا أنه على الناقد السينمائي (مثله مثل باقي النقاد) مسؤولية فكرية جسيمة اتجاه القارئ أو المشاهد، أو لنقل اتجاه المجتمع الذي ينتمي إليه. ومن المفروض أن يكون قنطرة وصل بين الإبداع السينمائي والمتلقي، بحيث عملية النقد تكون شمولية في تحليلها لجميع مكونات الشريط الذي لاشك أنه يحمل قيما ورؤية معينة للوجود وللإنسان، قد تتماشى مع محيطه الاجتماعي، كما قد تكون مخالفة له. لأن كل إبداع يحمل هوية مجتمعه الثقافية، إلا إذا أراد أن يحدث قطيعة مع هذه الهوية؛ وكما قال أحد النقاد الفرنسيين "السينما تعكس ثقافة وحضارة مجتمع ما، فهي سفيرة ذلك المجتمع".
وأنا أرى أن العديد من السينمائيين ساروا في هذه القطيعة التي ليست في صالحهم ولا في صالح المتلقي المغربي ولا حتى في صالح السينما المغربية. ولذلك فموضوع الهوية ذو أهمية قصوى في نظري لأنه معطى أساسي في الإبداع، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك. من هنا يأتي اهتمامي بمسالة الهوية التي يشاطرونني فيها قلة قليلة من النقاد. وإذا كنا قلة فلربما الآخرون يهتمون بجانب آخر من الإبداع، أي ليست من الأولويات بالنسبة لهم، أو لأنهم يرون أن الهوية هويات، علما أن الهوية فيها ما هو تابث مشترك بين جميع مكونات المجتمع وفيها ما هو متحول يعانق الكونية والحداثة وتحولات العصر. والحقيقة أنهم إذا لم يكتبوا عنها فإنهم يتحدثون عنها في المهرجانات والنقاشات...فالمسالة تفرض نفسها، بل إن المجتمع المغربي يتفاعل معها.
نفس السؤال في ما يخص الفنانين والممثلين...نجد القليلين ممن يحرصون على الظهور بأدوار تمثيلية لا تخدش حياء المشاهدين؟... إلى ماذا يعزى هذا أيضا..؟
الواقع يؤكد العكس، فقلة قليلة من الممثلين والممثلات الذين يحرصون على الظهور في ادوار غير لائقة بهم. وهذه القلة غالبتها من الشباب الذين يبحثون عن الشهرة السريعة بدون تعب، أو على "كاشي" عال أو بإيعاز من بعض الجهات التي تحمل إيديولوجيات هدامة لثقافتنا، أو أحيانا من بعض السينمائيين الذين يريدون أن يغطون عن فشلهم الفني باستفزاز الجمهور وخلق ضجات إعلامية لاستقطاب الجمهور، لكنها سرعان ما "تنطفئ". وأنا احيي هنا جل الفنانين والفنانات المغاربة من الجيل السابق والجيل الحالي الذين ظل تاريخهم الفني نظيف ولامع، واثبتوا للجميع على أن للفنان كرامته التي لا تساوم وان للممثل رؤيته الفنية لأي عمل سينمائي، وان جسده لا يباع ولا يشترى مهما كانت الظروف.
طيب.. قال الممثل الشاب ربيع القاطي في تصريحات صحفية أخيرا إنه "إذا كانت السينما المغربية بأفلامها الحالية مؤشرا على التقدم والانفتاح فأنا أعتز بالتخلف والرجعية"، وهي إشارة إلى انتقاده لأفلام مغربية تحفل بالعنف المجاني والعري، حيث تمسخ هوية المجتمع المغربي... " ما ردك بخصوص تصريح هذا الممثل الشاب؟
هذا دليل على ما قلته الآن عن الممثلين المغاربة الذين يفضلون أن يقال عنهم متخلفون أو رجعيون على أن يبيعوا ضمائرهم. أنا هنا أتذكر ما قالته لي ممثلة مغربية مشهورة خلال حديث دار بيننا حول السينما المغربية: "السينما تاريخ، وإذا دخله الممثل يجب أن يحافظ على سمعته فيه". وعليه، فما قاله الممثل ربيع القاطي ينم عن وعيه بما يدور حاليا في الواقع السينمائي، وبمسؤولية الفنان اتجاه جمهوره وعمله. وهو كما صرح في إحدى حواراته، فإن أحسن جائزة هي الاحترام المتبادل بينه وبينه جمهور واحترام مبادئه.
والحقيقة أنه في الآونة الأخيرة رأينا تصريحات مشابهة من طرف ممثلين وممثلات شباب يعتزون بهويتهم المغربية و باتجاههم الفني؛ وهذا سينعكس إيجابا على الواقع السينمائي ببلادنا.
تشتغل أستاذ الطالب على تأليف كتاب يُعنى بالقيم والهوية في السينما المغربية...ماذا يمكن أن تقول بخصوص أزمة القيم والهوية إن صح التعبير في العديد من الأفلام المغربية؟
نعم، بالفعل أشتغل على تأليف كتاب يتطرق إلى موضوع القيم والهوية في السينما المغربية من خلال ممارستي للنقد والتحليل الفيلمي طيلة سنوات عدة، لأن هناك بالفعل أزمة هوية تعيشها السينما ببلادنا، كما يعيشها مجموعة من السينمائيين والمثقفين. وهذا الطرح ليس وليد اليوم بل منذ سنوات، أتذكر هنا ما كتبه الأستاذ نور الدين افاية في إحدى مقالاته النقدية حول السينمائيين المغاربة ما بين 1989 و1999 :" المخرج المغربي، بشكل عام يعيش في ما يشبه حالة انفصال واغتراب عن الواقع الأدبي والفني بالمغرب".
تركيزي على مسألة الهوية ناتج أيضا عن أن المغرب في السنين الأخيرة عرف تحولات اجتماعية وثقافية وقيمية لم تبق السينما بمعزل عنها، وذلك تحت تأثير هيمنة العولمة الاقتصادية والثقافية الاقصائية لثقافات الدول الضعيفة وكذلك الدول العربية الإسلامية. لذلك أصبح سؤال الهوية يفرض نفسه على الساحة الفنية والثقافية، سيما أن السينما المغربية في مجملها، أضحت رافدا لقيم دخيلة على المجتمع المغربي المسلم.
في كتابي هذا أنطلق من عدة أسئلة جوهرية : هل تستجيب السينما المغربية للمعطيات القيمية والهوياتية المتعارف علها مغربيا؟ هل تستند السينما المغربية إلى خلفية ثقافية مغربية أو وطنية؟ كيف تتعامل السينما المغربية مع العقيدة أو الدين؟ مع اللغة؟ مع التدين؟ مع المجتمع؟ مع القضايا الفكرية التي طرح علينا كمغاربة؟ وأيضا مع قضايا الأمة العربية الإسلامية؟ مع العولمة؟...أتمنى إن شاء الله أن يصدر الكتاب قريبا، وأن يساهم في إغناء النقاش حول السينما المغربية.
برأيك ما هو المخرج من وجود هذا "تسونامي" من الأفلام المغربية التي تجرف قلاع الهوية والقيم للمغاربة؟
صحيح أننا منذ مطلع الألفية الثالثة عشنا "تسونامي" سينمائي سار في اتجاه تغريبي معولم يهدف إلى إقصاء الهوية الإسلامية المغربية بشقيها الامازيغي والعربي، وإحلال مكانها قيم الانحلال والااخلاقية والحرية المطلقة في الفن والإبداع السينمائي. في الوقت الذي نرى فيه أن الغرب انخرط في الدفاع والحفاظ عن قيمه المسيحية- اليهودية أكثر من قيم العلمانية في إنتاجاته السينمائية. وهذه العودة تنبأ لها مفكرون وعلماء اجتماع حينما أعلنوا في أواسط تسعينيات القرن الماضي أن القرن الواحد والعشرون سيكون قرن الرجوع أو التمسك بالهوية الدينية في العالم.
وقد تم الدفع بهذا الاتجاه سواء من طرف القائمين على الشأن السينمائي المغربي أو من طرف صحافة مسخرة تهوى الإثارة والاستفزاز لتحقيق مبيعات واسعة أمام ضعف المقروئية ببلادنا. وقد واكب هذا التوجه استعداد ممثلات وممثلين شباب لأداء تلك الأدوار الجريئة التي أثارت حفيظة المجتمع المغربي، بل منهم من اتجه نحو الخروج إعلاميا بتصريحات فجة مجانية لا تخدم قضايا الفن أو السينما في شيء.
هذا لا يعني أننا لا نتوفر على أفلام متميزة شكلا ومضمونا، بالعكس فهناك مخرجون قدموا إبداعا ذا عمق فكري وفني نابع من محيطهم الاجتماعي والثقافي، ومن إحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم أمام المجتمع وأمام التاريخ.
قال لي أحد النقاد يوما إن هناك شركات صهيونية توجد في أوروبا تدعم إنتاج هذا النوع من الأفلام السينمائية المغربية التي تحمل معاول هدم القيم الأصيلة بالمغرب، وتخدم أجندة تلك الشركات الإسرائيلية.... ما رأيك في هذا الطرح؟
من المؤكد أن اللوبي الصهيوني يسيطر على كبريات المحطات الإعلامية العالمية و كبريات الاستوديوهات السينمائية خاصة هوليوود، وكيف لا وهو يتحكم في السياسة الأمريكية برمتها. وهذه حقيقة لا ينكرها احد حتى من داخل المجتمع الأمريكي. والعديد من الدراسات أقيمت حول هذا الموضوع.
ولا شك أن هذا اللوبي يحاول أن تكون له امتدادات في العالم لفرض هيمنته على قطاع حيوي يسهل الترويج لرؤاه الثقافية والفنية والسياسية، أو لهدم الثقافات الأخرى. وقد يسقط أحيانا المخرجون العرب في فخ هذه اللوبي من خلال الانتاجات المشتركة. لكن بصراحة ليس لدي أي علم أن هناك مخرجين مغاربة يتعاونون مع شركات صهيونية من أجل هدم ثقافتنا المغربية؛ وإلا فهذا يحتاج إلى بحث وأدلة.
لكن ما أعلمه أن السينما ببلادنا استغلت أحيانا من أجل التطبيع مع العدو الإسرائيلي، من خلال أفلام روائية و وثائقية تحاول أن تكسر ذلك الحاجز النفسي بيننا وبينه، لتقبل وجوده القائم في الواقع على التقتيل والتشريد والاستيطان. كما استغلت مهرجانات لاستقطاب أفلام إسرائيلية تصب في نفس الاتجاه، فضلا عن اتفاقية "ميدا" للتعاون في المجال الفني والسينمائي والفكري، والتي تضم دول عربية وأجنبية إضافة إلى الكيان الصهيوني. وهذه المعلومات موجودة على مواقع الانترنيت الأجنبية، يمكن الحصول عليها بسهولة.
هناك من يتهم المركز السينمائي بأنه من بين أسباب إفساد السينما المغربية...هل هذا صحيح برأيك؟؟
يجب الاعتراف أن إدارة المركز السينمائي المغربي عملت على خلق ديناميكية سينمائية بالمغرب سواء من حيث الإنتاج المتزايد أو من حيث جعل السينما قلب اهتمامات المغاربة وتشجيع الشباب عليها، ومن حيث جعل المغرب قبلة للانتاجات السينمائية العالمية. وأيضا من حيث الدعم المادي الذي يقدم لهذا المجال والذي يزداد سنويا. والحقيقة لو لم تنخرط الدولة في هذا الدعم لما وصلت السينما المغربية إلى هذا المستوى.
لكن المركز السينمائي المغربي يتحمل المسؤولية المادية والمعنوية في تردي السينما المغربية على مستوى المضامين وتناول المواضيع الجادة، وفي إفساد الذوق العام بمزيد من الجرأة والإثارة المجانية، لدرجة أن المشاهد الجنسية أصبحت لازمة لجل الأشرطة المغربية.
وإذا كان المركز السينمائي المغربي يتعلل بمبدأ حرية التعبير المكفولة للمخرجين، فحرية التعبير لا تعني التهكم على الدين وعلى اللغة وعلى قيم المجتمع المغربي، وعدم احترام ثوابت المغاربة، حرية التعبير لا تعني تصوير المغرب كله بصورة سوداوية قاتمة وكأنه لم يشهد أي تطور، وعلى أنه ماخور كبير وعلى أن منطقة الأطلس خاصة بالدعارة، وأن أهل الريف لا كرامة ولا شرف لهم، حرية التعبير لا تعني أن يجعل من كل فقيه منافق ومهووس بالجنس ومتتبع للنساء المتزوجات، وكل متدين ملتحي متطرف وإرهابي وكل متحجبة متطرفة و "مكبوتة"، حرية التعبير أو الإبداع لا تعني السقوط في البورنوغرافية والتفريغ عن المكبوتات والاستيهامات. وهل حرية التعبير تعني تهميش كل سيناريو يتطرق للتاريخ المغربي وللقضايا الوطنية وللرموز الوطنية التي لم نشاهد منها حتى الربع؟
فالأمر إذن واضح حيث يتم التشجيع على مواضيع معينة يغيب فيها العمق بإخراج معين، وعلى إنتاج سينمائي يفتقد إلى مواصفات المغربة. وعليه فالمركز السينمائي المغربي يتحمل مسؤوليته في ذلك، وكذلك في تراجع نسبة المشاهدة وتراجع القاعات السينمائية التي أصبحت تعد على رؤوس الأصابع. للأسف أمام هذه المعضلة، فالمركز السينمائي فشل في إيجاد الحلول الناجعة لتجاوزها. وهذا دليل على غياب تصور سينمائي شامل (ماذا نريد من السينما؟) وعلى استراتيجية وطنية لتخطي المعيقات.
وأنا أقول هذا بدون أية خلفية، وإنما من باب الغيرة على إبداعنا السينمائي.
اشتهر المغرب بكثرة مهرجاناته السينمائية...هل هذه ظاهرة سليمة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تبذيرا للمال العام؟
يتوفر المغرب اليوم على 53 تظاهرة سينمائية، والرقم مرشح للارتفاع. أي لكل مدينة تظاهرتها السينمائية. لكن عمليا يجب أن نفرق بين المهرجان السينمائي وبين تظاهرة سينمائية أخرى قد تكون ملتقى أو أياما سينمائية. وهنا يختلف الأمر لان المهرجان له خصوصياته التنظيمية والاحتفالية والتكوينية... وبالتالي من بين 53 تظاهرة كم مهرجانا وطنيا ودوليا ناجحا يتوفر عليه المغرب؟
لكن بالفعل في الآونة الأخيرة لاحظنا تناسل المهرجانات السينمائية ببلادنا...في اعتقادي قد تكون هذه الظاهرة ايجابية إذا استطاع كل مهرجان أن يأتي بالجديد، وأن يساهم في تنمية المنطقة المولود فيها، وأن يركز على خصوصياتها الجغرافية والثقافية، وأن يحسس بأهمية السينما في حياة المواطن، مع التشجيع على الذهاب إلى القاعات السينمائية والمطالبة بتشييدها.
أما إذا غاب الإبداع و ساد التكرار والتشابه في البرمجة وفي استضافة نفس الوجوه، دون المساهمة في ما ذكرناه سالفا، وهذا هو السائد في العديد من المهرجانات، فلا شك أن الظاهرة ستكون سلبية على جميع المستويات. وأنا في هذا الباب عندي اقتراح: إذا كان المغرب يسير في اتجاه الجهوية الموسعة، لماذا لا تكون لكل جهة مهرجانها المتميز التي تدمج فيه بعض التظاهرات الصغرى، وتعطاه كل مقومات النجاح مع إبراز خصوصية كل جهة؛ بالطبع مع الحفاظ على المهرجانات السينمائية الدولية المعروفة لدى الجميع،
وبهذه الطريقة قد نساهم في تقنين وترشيد هذه المهرجانات.
كثيرون يتحدثون عن صعوبة الموازنة بين ما يمكن تسميته ضوابط القيم الأخلاقية وبين حرية الإبداع في السينما المغربية... برأيك هل تستقيم هذه المعادلة؟
هذا الأمر مرتبط ببعض الأصوات الشاذة التي تنادي بأنه لا مجال للأخلاق في الفن أو في الإبداع. والدارس لتاريخ الفن ولسوسيولوجيا الفن يعرف أن القيم الأخلاقية والروحية كانت ولا تزال قلب العملية الابداعية.
وجوابا على السؤال، فإن المسألة ليست مسألة موازنة أو صعوبة الموازنة، إنما هي مسألة منطلق، مسألة مبدأ، ومسألة رؤية. فالمبدع أيا كان أو المخرج أو السينمائي بصفة عامة المنسجم مع ذاته ومع مجتمعه وهويته والمستشعر لمسؤوليته اتجاه ذلك المجتمع والمؤمن بإنسانيته وإنسانية الآخرين، المؤمن بأن للكلمة رسالة وللصورة جمالية
ورسالة، لا يتحدث عن صعوبة الموازنة بين الضوابط الأخلاقية وحرية الإبداع لأنه يعرف حدوده ومبتغاه. بعبارة أخرى، الأمر غير وارد عنده، ولا يشكل له أدنى عائق. والتجربة أثبتت أن هذا النوع من المبدعين هو الذي يحترمه المجتمع أو المتلقي ويمنحه ثقته.
لكن أشباه المبدعين الزائفين والوصوليين، أو لنقل السينمائي المنفصل عن بيئته الثقافية التي ترعرع فيها، السينمائي الذي يعيش العبودية، عبودية الاغتراب الفكري والتقليد واستيراد المفاهيم الجاهزة وعدم التمحيص، أو الذي يفتقد لرؤية وجودية واضحة وينطلق من العبث ومن الاستفزاز المجاني، ولا يستشعر كينونته وحريته وكينونة الآخرين، فهذا لا محالة لا ضوابط له ولا رسالة له، ويستغل حرية الإبداع من أجل التمرد على كل شيء بغية تحقيق مآربه. وللأسف فإن السينما في العالم العربي أريد لها أن تكون متمردة على مجتمعاتها وقيمها. وإن كنت أؤمن بأن الإبداع فيه شيء من التمرد، لكن التمرد الايجابي والخلاق. وهذا مانحتاج إليه في فننا وأدبنا وسينمانا.
وخلاصة القول، نحن نمر بمنعطف تاريخي هام يتمثل في الربيع العربي الذي جمع كل القوى الوطنية الحقيقية، فإن بروز إبداع سينمائي مغربي بكل ما للكلمة من دلالات، مرهون بتصالح النخبة السينمائية المتموقعة في أبراج عاجية مع جمهورها وهويتها المغربية المتعاقد عليها سياسيا واجتماعيا وثقافيا، دون الدخول في مغالطات ومتاهات عن مفهوم الهوية أو الحرية؛ فالكل يعرف أن المجتمع المغربي مجتمع مسلم محافظ، وفي نفس الوقت منفتح على جميع الثقافات الأخرى التي تشكل رصيد الإنسانية جمعاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.