مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    طقس الخميس: الحرارة مستمرة رغم بعض الرياح    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    بروكسيل.. معرض متنقل يحتفي بمساهمة الجالية المغربية في المجتمع البلجيكي    طقس الخميس.. حرارة وهبوب رياح بهذه المناطق    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    فتح بحث قضائي حول تعرض بعض المواطنين المغاربة للاحتجاز من طرف عصابات إجرامية ناشطة بميانمار    الجيش والمولودية يكملان ركب المتأهلين إلى نصف نهائي كأس العرش    أخنوش يلتقي الرئيس العراقي والارتقاء بعلاقات البلدين في صدارة المباحثات    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    تعزيز التعاون القضائي محور مباحثات السيد الداكي مع نائب وزير العدل الصيني    الحسيمة.. درك النكور ينهي نشاط مروج مخدرات مبحوث عنه وطنيا    يعالج حموضة المعدة ويقي من الاصابة بالسرطان.. تعرف على فوائد زيت الزيتون    النيابة العامة تدخل على خط احتجاز مغاربة بميانمار    "بلومبيرغ": المغرب يُثبت أسعار الفائدة بينما يُواجه الفاتورة الباهضة لإعادة إعمار الزلزال    وزير النقل يعلن عن قرب إطلاق طلبات العروض لتوسيع مطارات طنجة ومراكش وأكادير    جامعة كرة القدم تصدر عقوبات تأديبية    الجيش يتأهل لنصف نهائي كأس العرش    قمصان جديدة ل"أديداس" بلمسة مغربية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و 2033    وزير الفلاحة يفتتح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    الجيش الملكي يقتنص تأهلا مثيرا لنصف نهائي كأس العرش على حساب أولمبيك الدشيرة    الأمثال العامية بتطوان... (599)    أخنوش يحل بالمنامة لتمثيل الملك محمد السادس بالقمة العربية    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    النصيري على رادار مدرب إشبيلية السابق    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    رسالتي الأخيرة    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    الأمثال العامية بتطوان... (598)    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    الأمثال العامية بتطوان... (597)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحسن الثاني وبركة آل البيت
نشر في هسبريس يوم 29 - 04 - 2008

ست محاولات اغتيال تعرض لها الراحل الحسن الثاني وال مدة حكمه 38 نجا منها كلها بأعجوبة أرجعها البعض وهو بذاته إلى بركة آل البيت باعتبار نسبه الشريف الذي ينحدر من العلويين. ويبقى انقلاب الصخيرات والهجوم على طائرته أبرز المحاولات الانقلابية التي نفذها منها الملك الراحل بعد أن كان قاب قوسين من الموت، وكان المغرب قريبا من التحول من الملكية إلى الجمهورية. ""
محاولة الصخيرات: عبد الحليم يرفض قراءة بيان الثورة وملك الأردن يحضر إعدام الانقلابيين
عام 1971 وأثناء حفل بهيج لتخليد الذكرى ال42 لميلاد الحسن الثاني ببلدة الصخيرات الواقعة قرب الرباط العاصمة، هاجم 1400 جندي الحفل مخلفين 100 ضحية من بينهم سفير بلجيكا في المغرب، كما جرح أكثر من 200. ونجا الملك الحسن عندما اختفى
في أحد جوانب المكان، وقد سحقت قواته الموالية المتمردين في الساعات نفسها التي تلت الهجوم. أدى الحادث الى مقتل عشرات الضحايا الذين كانوا مدعوين الى الحفلة، وضمنهم سفراء ووزراء مدنيون وعسكريون. وسيقول عسكريون متورطون في المحاولة إن عقيدا يدعى محمد عبابو جلب العسكريين من قاعدة عسكرية تبعد عن فاس بحوالي 60 كيلومتراً في منعرجات الأطلس المتوسط، الى الرباط بزعم المشاركة في "تنظيم مناورة بالذخيرة الحية". لكن العقيد كان ينسق مع الجنرال محمد المذبوح، كبير الضباط المرافقين للملك، وشقيقه امحمد عبابو الذي برز دوره في تفاصيل المذبحة التي جرت في فناء القصر في يوم مشمس. وثمة من يذهب الى كون الجنرال محمد أوفقير كان الرأس المدبر للعملية، ما حدا به الى الضغط من أجل التخلص من جميع الجنرالات الذين اعتقلوا على خلفية الحادث بعد فشل محاولته الانقلابية. وبحسب شهود عيان، فإن خلافات وقعت بين الجنرال المذبوح والعقيد عبابو حول وضع الملك الذي كان توارى عن الأنظار بمجرد بدء اطلاق الرصاص وانتشار الجنود الذين كانوا يحطمون أي شيء يجدونه أمامهم.
ويصف الملك الراحل اللحظات الحرجة في حادث الصخيرات قائلاً: "عندما شرع التلاميذ ضباط الصف في اطلاق النار، توجهت الى جانب آخر في القصر برفقة بعض المقربين، وهناك أخذ المذبوح بيدي قائلا:ً تعال معي يجب أن انقذكم، لذا يتعين أن نذهب لرؤية عبابو، فأجبته: لا، أنا لا اتفاوض مع ضابط تحت إمرتي، فابعث في طلب عبابو هذا ليأتي الي إذا أردت، أما أنا فلن أخرج من هنا".
ويروي الضابط محمد الرايس الذي أدين في المحاولة الانقلابية الى جانب عسكريين آخرين نقلوا عام 1973 من سجن القنيطرة الى المعتقل السري "تازمامرت"، انه في لحظات الصخب المرعب والفوضى العارمة خرج الجنرال المذبوح من زاوية ما ووجه كلامه الى عبابو قائلاً: "ماذا تفعل؟ أنت لم تحترم اتفاقنا"، فأجابه اعبابو: "لا بأس. لقد أنهيت المرحلة الأولى وعليك الآن الانتقال الى المرحلة الثانية".
واستمر الحديث بين الرجلين، فسأل أعبابو أين هو الآن؟ هل تنازل؟ فرد المذبوح "انه في مكان آمن ويريد رؤيتك للحديث معك، وان تنازله في جيبي". لكن اعبابو استدرك: "لماذا أذهب لرؤيته إن كان قد استسلم؟". وفي الطريق الى المكان المفترض لوجود الملك، انتاب اعبابو الارتياب، خصوصاً ان الجنرال المذبوح فاجأه بالقول: "أفسدت خطتي بتغيير الأوامر، ولم يكن عليك أن تصدرها لإطلاق النار، لقد كنت اريد انقلاباً أبيض". وتبادل الرجلان تهم الخيانة بينهما، لكن العقيد أعبابو أصدر أمراً بقتل الجنرال الذي كان همّ بالانصراف الى مصير تصوره منقذاً من ورطته. وسيواصل أعبابو تنفيذ جوانب الخطة من خلال المناداة على أسماء جنرالات كانوا ممددين في إحدى الخيام المنصوبة، وخاطبهم بالقول: "الانقلاب نجح والمذبوح قُتل جراء رصاصة طائشة بعد أن انتزع تنازل الملك، وعلينا أن نرحل الى الرباط لتشكيل مجلس ثورة". بيد أن انهيار الخطة الأصلية التي وضعها الجنرال مذبوح، دفع العقيد محمد عبابو الى تغيير لهجته. وكان في كل مرة يواجه كلاماً الى العسكريين الآتين من "أهومومو" مفاده أن هناك "خونة يريدون قتل الملك وعلينا أن نبحث عنه لإنقاذه"، ما يؤكد رواية الملك الحسن الثاني حين قال إن مجموعة صغيرة من العسكريين أحاطوا به، وحين سألهم ماذا تفعلون قالوا نحن هنا لحمايتك، فطلب اليهم ترك السلاح وتقديم التحية العسكرية.
لكن جنرالاً في قوات الدرك كان محافظاً في مدينة طنجة شمال البلاد سيأمر الإذاعة المحلية هناك ببث أخبار تفيد أن الملك ما زال على قيد الحياة، وانه سيخاطب الشعب بعد قليل. وسينتقل الجنرال حسني بن سليمان بعد ذلك ليصبح محافظاً على مدينة القنيطرة، وهو قائد قوات الدرك حالياً. وكانت مبادرته جاءت رداً على بث الإذاعة المركزية في الرباط خبراً مفاده أن الجيش استولى على السلطة.
واللافت أن الانقلابيين بقيادة عبابو توجهوا الى مركز الإذاعة في العاصمة الرباط من دون ان يكون لديهم أي تصور عن ذلك البيان، الى درجة أنهم اقتحموا قاعة لتسجيل الاغاني كان يوجد فيها المطرب المصري الراحل عبدالحليم حافظ وطلبوا اليه قراءة البيان، لكنه اعتذر كونه ضيفاً على المغرب وصوته معروف، إضافة الى كونه مطرباً لا يتدخل في السياسة. لذلك اختاروا الملحن الراحل عبدالسلام عامر وهو ضرير لقراءة بيان تحت تهديد السلاح.
وستنعقد محكمة عسكرية طارئة في اليوم ذاته بعد تحقيقات مع عدد من الجنرالات الذين وجهت اليهم تهم التورط ليصار في الثالث عشر من يوليو الى إعدامهم بالرصاص في خلاء في ضواحي الرباط في مكان غير بعيد عن قصر الصخيرات. ويروي قريبون الى الجنرال محمد أوفقير انه ارتدى زيه العسكري ذلك الصباح وبدا أكثر تشنجاً. فقد طلب اليه الملك الإشراف على عملية الإعدام، بحضور الملك الحسن الثاني والملك الحسين .
الانقلاب الثاني: الملك يسخر من قلة براعة الانقلابيين في قصف طائرته جوا
بعد أقل من سنة من محاولة الصخيرات وعند رجوع الملك من زيارة لفرنسا، تعرضت طائرته لهجوم من أربع طائرات مقاتلة من نوع إف/5 في محاولة اغتيال من تدبير قوات الطيران المغربية،حيث أصيبت الطائرة بأضرار جسيمة، فهبطت طائرة الملك اضطراريا بمطار القنيطرة مما دفع المقاتلات إلى قصف المطار. ولم يتوقف القصف إلا بعد إعلان الملك نفسه وبصورة تمويهية أنه قد مات وأن محاولة اغتياله نجحت.
وما أن توقف القصف حتى شملت الاعتقالات جميع الانقلابيين وأعدموا، كما أعدم في ظروف غامضة محمد أوفقير وزير الداخلية يومئذ لاتهامه بالضلوع في المحاولة.
تعرضت الطائرة التي كانت تقل الملك الحسن الثاني لدى عودته من زيارة لفرنسا الى هجوم شنّته طائرات مقاتلة بقيادة كومندو كويرة و الطيار أمقران, انطلقت من قاعدة القنيطرة، غرب البلاد. ولولا ان الملك اختار لدى عودته التوقف في مدريد بعض الوقت من غير ان يكون ذلك مقرراً، ما أربك خطة الهجوم على طائرته في الجو، لارتدت الأحداث مساراً آخر بالتأكيد. مساء ذلك اليوم هبطت طائرة الملك في مطار الرباط - سلا. كان الجو عاصفاً. وحرص الملك على أداء كل المراسم البروتوكولية عبر تحية العلم والسلام على الشخصيات التي تكون في استقباله. غير ان أول سؤال وجهه ورجله تطأ أرض المطار: "أين الجنرال أوفقير؟"، فقيل له انه كان هنا وذهب لتفقد القيادة العسكرية. وفهم الجميع انه متورط في المحاولة الانقلابية الثانية. غير ان الملك لدى مغادرته المطار اختار سيارة عادية للتوجه الى الرباط، وتحديداً الى قصر الصخيرات، بينما شقيقه الأمير عبدالله توجه الى قرية صغيرة مجاورة للمطار. استمرت طائرات عسكرية في الإغارة وقصف القصر الملكي في الرباط، فيما اختفى الجنرال محمد أوفقير. وكانت آخر مكالمة أجراها وزوجته فاطمة التي كانت تقضي عطلة الصيف في منتجع في الشمال، ان "الملك بخير" ودعاهم الى العودة الى الرباط او الذهاب الى اقامة أحد اصدقائه في المنطقة. بيد انه لدى عودة أفراد الأسرة ليلاً سيخبرهم أحد حراس الجنرال انه جاء الى مسكنه واختلس بعض الوقت الى نفسه ثم ارتدى زيه العسكري وزيّنه بمختلف الأوسمة الحربية التي كانت في حوزته وتوجه الى القصر الملكي في الصخيرات. هناك تركه سائقه عند المدخل، لكنه لم يخرج سوى جثمان حُمل الى مقر اقامته حيث بُدء في تقبل التعازي، فيما كان بيان رسمي يخبر الرأي العام ان "أوفقير انتحر". وقتها اتخذ الملك قراراً بحذف منصب وزير الدفاع في الحكومات المتعاقبة الى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.