"ألوان القدس" تشع في معرض الكتاب    المغاربة يتصدرون قائمة العمال الأجانب المساهمين في الضمان الاجتماعي    أكادير.. افتتاح الدورة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني    إسبانيا تمنع السفن المحملة بالسلاح لإسرائيل من الرسو بموانئها    الحسيمة .. الاحتفاء بالذكرى الثامنة والستين لتأسيس الأمن الوطني    لجنة النزاعات تصدم المغرب التطواني بحكم جديد    موعد مباراة نهضة بركان ضد الزمالك المصري في إياب نهائي كأس الكاف    بعد مقال "العمق".. إرسال كميات مهمة من أمصال "داء الكلب" لمراكز الصحة بجهة كلميم    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    احذر وضعيات النوم الأكثر ضررا على صحة الجسم    طقس الجمعة.. نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق من المملكة    جهة الشمال سجلت 182 حريق للغابات خلال سنة 2023    قمة العرب تختتم أعمال دورتها ال33 بتبني "إعلان البحرين"    تلاميذ القدس في ضيافة المجلس الأعلى للتربية والتكوين    أُسر "ضحايا ميانمار" تكشف تفاصيل "جحيم الاحتجاز".. أمل في تحرير الأبناء    إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية بجهة طنجة    تزنيت.. الاحتفاء بالذكرى ال 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    ميناء طنجة : تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    الأمثال العامية بتطوان... (600)    القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية في فلسطين وعقد "مؤتمر دولي للسلام"    الملك محمد السادس: نتأسف على عدم قيام اتحاد المغرب العربي بدوره الطبيعي    كاتب كاميروني يبحث "خلود" الأدب الإفريقي ويدعو إلى تكريم الإبداع في القارة    الملك محمد السادس يرفض محاولات تهجير الفلسطينيين ويدين "الأعمال الانتقامية" بغزة    تسرب للغاز يخنق عشرات التلاميذ بمؤسسة تعليمية بالبيضاء    سعر الذهب يتراجع بعد مكاسب الدولار    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    ما دخل الأزهر في نقاشات المثقفين؟    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    توحيد الجهود الدولية الهادفة إلى محاكمة الاحتلال    حرب تبحث عن مشروع سياسي    الجزائر.. داؤها في قيادتها    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    الصين وروسيا توقعان إعلانا مشتركا لتعميق الشراكة الاستراتيجية    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُعتقل أكذز: معتقل "سرّيّ" وسط "مُعتَقل علنيّ"..
نشر في هسبريس يوم 25 - 02 - 2013

أَنَّى لهذه الملابس (أيمن الصورة) أن تنعم بشعاع شمس في زمن أوج هذه " المعلمة" الشهيرة. بل أَنَّى لتلك السيدة نفسها أن ترى الشمس مجدّدا وقد تجرأت وعلقت طرف حبل الغسيل على حائط إقامة فخامة الباشا الڭلاوي بجلال قدره. من كان يجرؤ من الاقتراب من هذه القصبة التي تحولت فيما بعد إلى ما بات يعرف بسجن أڭدز أو "سجن الْحَدْ "، نسبة إلى سوق اسبوعي يقام يوم الأحد على مقربة من هذا المكان في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي. فبين هذه المَعلمة ومقبرة قديمة خيط رفيع، طريق كان وما يزل ممرا لسكان أفلّا ن درا و أسليم ودواوير أكذز نحو السوق الأسبوعي المقام كل خميس قرب مركز أكذز. وكأن المقبرة كانت رسالة واضحة لكل من يهمه الأمر في ذلك الزمن الذي لم يمض عليه كثيرا: لا يوجد بين الحياة والموت سوى الاقتراب من هذه القصبة التي ارتبطت بها اللعنة وما حملت سوى الوبال وما تزال..
في عهد الحسن الثاني، تم "تشييد " معتقلات سرية بالجنوب الشرقي مثل معتقل أڭذز الشهير، معتقل قلعة مڭونة، معتقل تاكونيت، معتقل تازمامارت، لتعذيب وإيواء المعتقلين من معارضي النظام والمشكوك في ولائهم.
في عهد محمد السادس، تم حل هذه المعتقلات، وفتحها والسماح بالحديث عنها، وتحرير المعتقلين بها، لكن ما يزال الجنوب الشرقي معتقلا كبيرا علنيا بلا أسوار، تتم معاقبة كل رجل أمن يراد تأديبه يتم إرساله إلى زاكورة أو أحد الأقاليم الأخرى.
كما يتم فيه تصوير أفلام الحرب والقرون الوسطى، وأحيانا إنجاز تجارب علمية وهبوط مقلد عن المريخ و زحل وذلك للتشابه الحاصل بين قرى الجنوب الشرقي بقرى القرون الوسطى، ومشابهة صحاريه وقفاره لتضاريس المريخ وزحل.
معتقل أكذز : اللعنة التي حلت بسكان المنطقة
قصبة القايد علي ؛ على بعد أمتار من المعتقل الشهير، وكان تنحيه عن الحكم ورفضه القبول بمنصب "الخْليفة " السبب في بناء قصبة الكلاوي التي تحولت إلى معتقل.
عندما رفض " القايد علي " -آخر القياد الدرعاويين- قبول المنصب الجديد الذي لم يكن سوى منصب " خليفة " الباشا التهامي الڭلاوي بمنطقة أكذز، وتم تخييره بين قبول المنصب الجديد أو تقديم استقالته.
قدّم القايد علي استقالته من منصبه كقائد بالمنطقة، حيث يشعر أنه يجب أن يتلقى أوامره مباشره من السلطان وليس من الڭلاوي باشا مراكش. واعتكف داخل قصبته.
تم استقدام خَليفة جديد يدعى " الخْليفة أوحمد " وأقام في منزل بقصر أكذز في انتظار بناء منزل فخم يليق بخليفة الباشا الڭلاوي.
منذ بداية أشغال بناء قصبة الباشا الڭلاوي بداية سنة 1948 ولعنتها تحل على البسطاء من الفلاحين والتجار الصغار وعموم السكان بأكذز ونواحيها. فقد أجبر الجنود الغلاظ من زبانية الڭلاوي ورجاله جميع السكان بالمساهمة في البناء، بالمجان وتحت تهديد الضرب والتنكيل.
بين من تم إجباره على الحفر ومن أُرغم على البناء، وبين من كُلِّف بحمل جذوع النخيل من مسافات كبيرة من أجل طوابق هذه البناية التي يتم تشييدها لتناسب جلال خْليفة الباشا التهامي، هناك من أجبر على إطعام العمال وإيوائهم. فاستمرت الأشغال في تشييدها قرابة خمس سنوات، يتذكرها الذين لم يغادروا هذه الدنيا بالكثير من الأسى والحزن.
مع بداية السبعينيات تحولت هذه البناية إلى جحيم وأصبحت تحيط بها أسرار وقصص تزرع القشعريرة في الأبدان، بل أصبح حتى المرور إلى جانبها مخيفا، خاصة بعد أن لاحظ السكان شاحنات محكمة الإغلاق ترتاد المكان بين الحين والآخر.
الشاحنات لم تكن تحمل سوى عشرات المعتقلين والمختطفين للزج بهم في هذا المكان الموحش البعيد عن أعين العالم.
ككل المعتقلات السرية التي بلغ عددها في المغرب 30 معتقلا سريا كتزمامارت ، وقلعة مڭونة، ودرب مولاي الشريف ، ومعتقل تاكونيت، وغيرها يعد معتقل أكذز من الأماكن الذائعة الصيت والذي احتضن مجموعة 3 مارس تنغير الذين تم استقدامهم من تاكونيت، كما ضم بين أسواره العالية وزنازنه المتعفنة صحراويين تم اعتقالهم بين 1974 و1984، كما ذاق من وحشته وعذابه مجموعة بنوهاشم الطلابية وغيرهم من المختطفين الذين قدرهم مصدر حقوقي ب400 معتقل، توفي منهم 32 فردا داخل المعتقل وتم دفنهم في المقبرة المجاورة المذكورة أعلاه، ليلا ودون إخبار ذويهم ولا تحرير شهادة وفاة وذكر أسبابها.
سكان المنطقة وضريبة تواجد هذه المنشآت السرية
يتم اختيار أماكن كمعتقلات سرية بناءًا على معايير عديدة، أهمها بعدها عن أعين العالم، ولا غرابة أن يكون الجنوب الشرقي يضم عددا كبيرا من هذه المعتقلات السرية، أولا لتأخره اقتصاديا عن جهات المركز، ذلك حتى يضمن النظام عدم اكتشاف هذه المعتقلات من طرف المنظمات الحقوقية مما سيشكل له حرجا وضغطا من الدول المتقدمة، خاصة الأوروبية منها.
لذلك فمعتقل أكذز كغيره من هذه " المركبات السجنية " كان محيطه إلى عهد قريب لم يكن سوى خراب وأطلال بنايات هجرها السكان وتركوها هربا من جحيم يومي، سواء قسرا أو عن طواعية. فليس المعتقل داخل هذا السجن وحده من يعاني من التعذيب بل حتى الذين يتواجدون خارج أسوار السجن يعانون في صمت، " فقد قطعت الدولة عروق التنمية بهذه المناطق حتى تضمن تخلفها، وتصبح معتقلا كبيرا بلا أسوار، وإلا لماذا يتم تنقيل كل رجل أمن يراد تأديبه إلى زاكورة أو نواحيها؟ " يتسأل مصدر محلي. " أليس هذا اعترافا من الدولة وسوء نية منها " يضيف نفس المصدر.
أثناء عمليات نقل المعتقلين من وإلى سجن أكذز ، وأثناء عمليات الدفن السرية ، يتم إغلاق كل المنافد القريبة من هذه " المعلمة " ، ويتم نشر الرعب في نفسية السكان.
لذلك فقد كان الجميع واعيا بضرورة التفكير في صيغة لاعادة الاعتبار للسكان الذين ذاقوا الويلات من جراء احتواء أراضيهم على هذا السجن. سواء بالتعويض المالي للأشخاص المتضررين وتسوية أوضاعهم المهنية والادارية، وإلحاق المفصولين بأعمالهم، ثم يأتي جبر الضرر الجماعي والمتعلق بإعادة الاعتبار للمناطق التي بُنيت فيها هذه المعتقلات.
لجنة تصحيح وتتبع مسار جبر الضرر بأكذز تطالب بفتح تحقيق في مشاريع جبر الضرر الجماعي بالمنطقة.
في 07 يناير 2004 تم تنصيب هيئة الانصاف والمصالحة من طرف الملك محمد السادس، وذلك بهدف الاشتغال على انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الممتدة من 1956 إلى 1999 . وقد قدمت هذه الهيئة تقريرها النهائي سنة 2005، التقرير الذي تضمن توصيات، منها ما يتعلق بجبر الضرر الجماعي والفردي للأشخاص والسكان، خاصة تلك المناطق التي تضم هذه المعتقلات السرية. و منطقة أكذز تعتبر من المناطق المعنية بهذه المسألة، ذلك لتضررها الكبير من إيوائها لسنوات هذا المعتقل الرهيب سيئ السمعة. فهل استفادت منطقة أكذز من ملف جبر الضرر؟
يقول السيد لحسن بوط عضو لجنة التصحيح والتتبع لمسار جبر الضرر بأكذز التي تم تأسيسها في 31 يناير 2009 بأن منطقة أكذز "لم تستفد بشكل بأي شكل من الأشكال من مشارع جبر الضرر الجماعي أكذز لم يستفد أكذز نهائيا من أي مشروع من مشاريع جبر الضرر، رغم أن جمعيات المجتمع المدني منها لجنة التصحيح والتتبع قد تقدمت بمشاريع للجهات المختصة، لكن يتم إقصاء هذه المشاريع بشكل ممنهج ومقصود، ولم يتم قبول سوى مشاريع كلها لنفس عائلة شخص ينتمي للمجلس الذي يقرر في هذه المشاريع. أي أن هناك تلاعب بهذه المشاريع، بل إن المسؤولين عن ملف جبر الضرر الجماعي وطنيا وجهويا وإقليميا ينهجون سياسة التعتيم، ويمارسون الاقصاء في حق أكذز مع سبق اصرار وترصد" بتعبير السيد بوط.
وعن هذه الجهات التي يقول عنها السيد بوط بأنها تقصي أكذز وجمعيات مجتمعه المدني، يقول بأنها هي "المجلس الوطني لحقوق الانسان، والتسيقية المحلية المكلفة بملف جبر الضرروباقي المسؤولين عن المف وطنيا وجهويا ومحليا".
وعن تحويل سجن أكذز إلى مركب سوسيوثقافي كما يتم الترويج لذلك منذ مدة مما يحفظ ذاكرة المنطقة وفتحه أمام الزوار، يقول السيد بوط في تصريح لهيسبريس : "إن كل ذلك مجرد حبر على ورق وكلام يقال في الندوات. أولا المعتقل معرض للإنهيار، ولم يتم ترميمه ولا إصلاحه، وحالته لا تسر أحدا. والغريب في الأمر أنه في ذلك اللقاء الذي تم عقده في الرباط حول نفس الموضوع يوم13 و14 يناير 2013، تفاجئنا في مداخلة لمسؤولين في المجلس الوطني لحقوق الانسان وهم يتحدثون عن متحف بأكذز ! رغم أنه لا وجود لمتحف في أكذز، بل إن المعتقل السابق في حالة مزرية ومعرض للانهيار، ولم يُفتح في وجه أحد، ولم يصلح أو يُرمم نهائيا" يضيف نفس المصدر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.