زينب قيوح تترأس أشغال لقاء تواصلي حول برنامج التنمية الجهوي 2022-2027 لجهة سوس ماسة    بلدان أمريكا الجنوبية تشكل سوقا واعدة للمغرب.. وخبير يوضح أهميتها    إلغاء تصاريح الحج لمن يرفض تلقي اللقاحات    استطلاع.. تراجع في تأييد المغاربة للتطبيع مع إسرائيل    كولومبيا توقف بيع الفحم لإسرائيل بسبب الحرب في غزة    انطلاق المرحلة الأخيرة لطواف المغرب للدراجات من الرباط    جمعية سلا تُتوج بكأس العرش لكرة السلة    إدارة بايرن ميونخ تصدم مزراوي    بحضور أمزازي وأشنكلي .. النادي الملكي للتنس بأكادير ينظم، لأول مرة بأكادير، البطولة الدولية للتنس لفئة الشباب أقل من 18 سنة، بمشاركة 24 دولة.    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    طلبة الطب والصيدلة مدعون إلى اقتراع وطني للحسم في وساطة حكومية تمهد لحل أزمتهم    بليونش .. جنة ساحرة تجاور سبتة المحتلة وتشهد على مغربيتها منذ الأزل    عبد السلام بوطيب يكتب : في رثاء نفسي .. وداعا "ليلاه"    حقيقة وفاة سجين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش..    نقابة تدخل على خط منع مرور الشاحنات المغربية المحملة بالخضر إلى أوروبا    نتنياهو: لن نهدأ حتى نكمل المهمة ونعيد جميع الرهائن    هذه تدابير مهمة للحماية من هجمات القرصنة الإلكترونية    الفرنسيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع    رحلات أبولو: من هم رواد الفضاء الذين مشوا على سطح القمر ولا يزالوا على قيد الحياة؟    إعفاء مفاجئ لمدير ديوان الوالي أمزازي    العلامة التجارية الرائعة في تسويق السيارات المستعملة Auto 24 تفتتح فرعا لها بمدينة الجديدة    ندوة بالناظور تدرس ميزانيات الجماعات    هؤلاء أهم النجوم الذين يُتوقع اعتزالهم بعد يورو 2024    إقصائيات كأس العالم 2026 (المجموعة السادسة/الجولة الثالثة) .. غامبيا تفوز على السيشل (5-1)    شلل بمستشفيات المغرب بعد تصعيد 8 نقابات صحية    صحافة بيروفية: موقف البرازيل من مغربية الصحراء يعري فشل أطروحة الانفصال    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    إدارة السجن المحلي الأوداية تنفي ما تم ترويجه بخصوص وفاة سجين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    "القسام" تعلن مقتل أسرى إسرائيليين بغزة خلال تحرير 4 منهم    وفاة الأمين العام ل"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار عن عمر ناهز 53 عاما    قيمة "الأسود" تتجاوز 400 مليون يورو    حزب التقدم والاشتراكية يربط "التعديل الحكومي" بضرورة إصلاح المقاربات    الأمن يفكك عصابة مخدرات بالرشيدية    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    4170 مستفيدا من منحة الحج لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين    "لبؤات U17" يخسرن أمام زامبيا في تصفيات المونديال        الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    مطالب بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    "فوكس" المتطرف يصر على تصعيد التوترات بين إسبانيا والمغرب بسبب مليلية    الفنان خالد بدوي يستحضر فلسطين في المهرجان الدولي للعود في تطوان    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الباحثة أمينة الطنجي تحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا بتطوان    الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    مشروع مبتكر .. اطلاق أول مشروع مبتكر الالواح الشمسية العائمة بسد طنجة المتوسط    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    لاغارد: مصاعب ترتبط بكبح التضخم    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية        الأمثال العامية بتطوان... (619)    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميازاكي .. الرجل الذي جعل الرسوم المتحركة تُنافس أفلام البشر
نشر في هسبريس يوم 23 - 07 - 2013

من منا لم يشاهد الرسوم المتحركة في حياته، ومن منا لم يستمتع بالكابتن ماجد، ماوكلي، النمر المقنع وغيرها من المسلسلات التي كان الكثير منا يتسابق لمنزله كي لا يُفوّتها، تلك المسلسلات التي كانت القنوات الوطنية تحقق أكبر نسب المشاهدة من خلال تقديمها في وقت لم تكن فيه لا سبايس تون ولا الجزيرة أطفال، إلا أن أغلب من شاهدوا هذه البرامج، وبمجرد تقدمهم في الحياة، صارت تظهر لهم هذه الأعمال الكرتونية، صالحة لذهنية صبي صغير وليس إنسان دخل معترك الحياة، بل إن بعضنا قد يتساءل كيف كان ساذجا في صغره ليصدق أن ذئبا يتكلم مع نمر أسود.
إلا أن هاياو ميازاكي، نجح في المعادلة الصعبة، أن يبتدع نوعا جديدا من السينما قائما على أفلام الكرتون، لكن بإبداع ومضمون قد يعجز عن استيعابه حتى بعض الكبار، فهذا المخرج، أعطى دليلا جديدا، على أن اليابان لم تتقدم فقط بقوة صناعتها وتكنولوجيتها، ولكن كذلك، برسومها المتحركة التي تعد من الأفضل في العالم إن لم تكن الأفضل.
قد تكون ولادة شخص ما في عز الحرب العالمية الثانية أمرا صعبا للغاية، إلا أن ولادة ميازاكي سنة 1941، في وقت كانت فيه اليابان من المشاركين الأساسيين في هذه الحرب المدمرة، وترعرعه وسط الدمار والقتل، إضافة إلى كونه ابنا لصاحب شركة لإصلاح الطائرات الحربية، أمور جعلت من ذهنه مخزنا لتكديس صور الطائرات والآلات الحربية، ورغم أنه مرّ بطفولة صعبة كانت فيها الحرب وآثارها، ثم انتقل من مدرسة لأخرى في عز مرض والدته، إلا أنه قرّر، ومنذ صغره، أن يشتغل في ميدان "المانجا" أي تصميم الرسوم المتحركة، لا سيما وهو يشاهد فيلم "حكاية الثعبان الأبيض"، الذي يعتبر أول فيلم مانجا في كل تاريخ اليايان.
بعد تخرجه من جامعة يابانية سنة 63 في شعبة العلوم السياسية والاقتصادية، اشتغل ميازاكي في استوديوهات توي أنيميشن، وبزغ نجمه هناك، خاصة وهو يقرر، في قرار جريء، تغيير نهاية أحد المسلسلات الشهيرة، وساهم طوال المنتصف الثاني من الستينات، في إعداد وإخراج مجموعة من المسلسلات الكرتونية كجزيرة الحيوانات الثمينة، علي بابا والأربعون حرامي، مغامرات غوليفر، ليستقيل سنة 71 من هذه الشركة التي قدّمت فيما بعد مجموعة من السلسلات المعروفة لدى المشاهد المغربي كالنمر المقنع، داي الشجاع، دراغون بول، وينتقل بعدها إلى نيبون أنيميشن، وهو أستوديو معروف بتحويل الروايات الأدبية إلى مسلسلات وأفلام كرتونية، واشتغل هناك طوال سنوات السبعينات وجزء من سنوات الثمانينات، وهي السنوات التي جعلته يشتهر كواحد من أشهر رسامي أفلام الكرتون بالعالم.
أول أفلامه السينمائية هو "قلعة كاغليوسترو" سنة 79، إلا أن بداياته الحقيقة كانت مع فيلم "نوزيكا: وادي الرياح" سنة 84، وهو فيلم يحكي قصة الأميرة شايماموتو، التي تحاول ردع إحدى المملكات القوية، بسبب رغبة هذه الأخيرة القضاء على الحشرات الضخمة بالغابة، وقد كان رهان ميازاكي في هذا الفيلم، هو إثارة النقاش حول البيئة وتعطش الإنسان إلى القضاء عليها من أجل مصلحته، وقد حقق الفيلم جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة تلك السنة باليابان، الأمر الذي حذا بميازاكي إلى تأسيس شركته الخاصة، "غبلي" التي أنتجت مجموعة من أفلامه المميزة: قلعة في الهواء (86)، جاري تاتوري (89)، بوركو روسو (92)، بونيو (2008).
إلا أن أكثر فيلمين اشتهر بهما ميازاكي، هما الأميرة مونونوكي (97)، والمخطوفة (2001)، الأول، الذي بقي ميازاكي يرسم شخصياته مدة سَنتين، يحكي قصة أمير، أشيتاكا"، يحاول التخلص من لعنة تسكن جسده بالبحث عن مكان تواجد ملك الغابة الذي سوف ينقذه من الموت، في طريقه يتعرف على مونونوكي، وهي فتاة تسكن الغاب مع الذئاب، تجمعها علاقة سيئة بملكة قرية وسط الغابة تسمى إيبوشي، بسبب رغبة هذه الأخيرة القضاء على حيوانات الغاب، لتكون مهمة الأمير هي التوسط بين الاثنين ومنعهما من قتل بعضهما بعضا، وقد حاز هذا الفيلم على جائزة أفضل فيلم باليابان تلك السنة، أما الفيلم الثاني، فهو يذهب بالمتلقي في عوالم الطفلة شيهيرو التي تلتقي بالأرواح وبمخلوقات عجيبة تمثل الجانب الآخر من الإنسان، بعد أن كانت في رحلة مع والديها ووجدا نفسيهما يدخلان إلى قرية أشباح، وقد حاز هذا الفيلم على جائزة أوسكار أفضل فيلم أنيميشن.
الأميرة مونونوكي مثلا، لا ينافس فقط أفلام الرسوم المتحركة، بل ينافس كذلك أفلام الأكشن العالمية، بل أن الكثير من المتتبعين، ينصح الأطفال بعدم مشاهدة هذا الفيلم نظرا لكثرة المعارك الدموية فيه، فروعته تظهر من خلال خُلوّه من الدروس النمطية حول الخير والشر، الخيّر ليس هو من يفوز، وليس الشرير كذلك، فهما يقتسمان في نهاية الفيلم الأضرار نفسها، كأن ميازاكي يريد أن يقول لنا إن الخير والشر يتجسدان في الجميع، ولا يوجد شرير بشكل مطلق، لأن الملكة إيبوشي داخل الفيلم، التي قد تظهر بمنظار الشريرة، هي الأخرى تريد اصطياد إله الغابة لكي تستطيع قريتها تطوير صناعتها دون خوف من الوحوش.
الأميرة مونونوكي يُظهر العلاقة المتوترة بين الإنسان والحيوان، فالذئاب، التي جعل منها ميازاكي كذلك آلهة الغابة، تكره الأمير أشيتاكا رغم محاولته مساعدتهم، فقرون طويلة صارع فيها الحيوان للهروب من قبضة الإنسان، وصارع فيها الإنسان للبقاء على قيد الحياة، جعلت من العراقيل تحكم علاقتهما بشكل واضح، دون أن ننسى أن ميازاكي من خلال هذا الفيلم المفتوح على الكثير من التأويلات والتخيلات، يقدم للمشاهد بطاقة تعريفية عن تراث وحضارة اليابان.
استقت هسبريس آراء بعض المغاربة الذين يتابعون أعمال ميازاكي، ومنهم غسان الكشوري، صحافي، حيث يقول:" يكفي أن تجرب مشاهدة فيلم واحد لميازاكي، وستجد نفسك متعقبا خطواته فيلما وراء فيلم. جرّب مثلا "الأميرة مونونوكي" أو "جاري توتورو" .. لن تستطيع أن تميز بين السريالية السينمائية والواقعية السحرية للحكاية. وان كنت محبّا لنمط سينمائي معين ، فلن تملك سوى الخروج منه، لأن عالم ميازاكي ليس كعالمك، فأفلامه لا تُوصف، بل تُزار !". وكذلك يتحدث لؤي قردوس، طالب :"انتاجات ميازاكي تبقى من أفضل ما شاهدت في حياتي. يُعالج هذا المخرج مواضيع اعتدناها كالحب،الصراع بين الخير والشر، السلم والحرب.. لكن ما يميزه عن غيره، هو خياله الخصب، والبحث في الشخصيات العجيبة والعوالم الغرائبية التي تكون مسرحا لأحداث أفلامه. إن مشاهدة فيلم من أفلام هذا المخرج تجربة رائعة جدا وفريدة، إنه نابغة بكل ما تحمله الكلمات من معنى".
أخرج ميازاكي قبل أيام فيلمه الجديد "ارتفاعات الرياح"، يقول إنه آخر أفلامه، ولن يعود بعدها مرة أخرى إلى عالم السينما، إلا أنه قد يعود مجددا، فقد قال نفس الكلام سنة 97، وأخرج بعد ذلك ثلاثة أفلام، فما دامت عروقه تنبض، لن يتوقف هذا المبدع الياباني عن الرسم وعن الإبداع، وعن إمتاع معجبيه عبر العالم، بأفلام لن تقول بعد مشاهدتها: "إنها مجرد رسوم متحركة !".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.