تجلس فتيات محجبات يرتدين عباءات سوداء في صف مدرسي في مدينة هرات في غرب أفغانستان بعدما سيطرت حركة طالبان على الحكم، وهن يشعرن بالسعادة لتمكنهن من مواصلة الدراسة. تسارع الطالبات عبر الأروقة وهن يثرثرن في الملاعب غير آبهات بالصخب الذي أثارته عودة طالبان إلى السلطة بعد عقدين. المشهد الذي ظن كثيرون أنه لا يمكن تصوره مع عودة الإسلاميين المتطرفين، صوره هذا الأسبوع في هرات صحافي من فرانس برس بعد أيام فقط من سيطرة طالبان على المدينة. وقالت إحدى الطالبات وتدعى رقية: "نريد أن نتقدم مثل البلدان الأخرى. ونأمل أن تحافظ طالبان على الأمن. لا نريد الحرب، نريد السلام في بلادنا". عُرفت هرات، الواقعة على بعد 150 كلم من الحدود الإيرانية غربا، بأنها مدينة متنوعة إلى حد ما في أفغانستان، مقارنة بالمناطق الأخرى المحافظة. شوهدت النساء والفتيات يسرن بحرية أكبر في الشوارع مقارنة مع أماكن أخرى، وتوجهن إلى المدرسة بأعداد أكبر في مدينة معروفة بفنونها وبالشعر. لكن المستقبل لا يزال غير أكيد بالنسبة لنساء هرات. كانت طالبان قد فرضت أثناء سنوات حكمها من عام 1996 إلى 2001، نسخة مشددة من الشريعة الإسلامية؛ فحرمت النساء من العمل والدراسة. كان يتوجب على النساء ارتداء البرقع، وهو حجاب يغطي الجسم بالكامل مع شبكة من القماش على مستوى العينين، وكن يمنعن من الخروج بدون ولي ذكر. وكانت المتهمات بالزنى يجلدن ويرجمن حتى الموت. الغرب مشكك اعتبارا من نهاية الأسبوع، تحاول حركة طالبان إبداء وجه أكثر مرونة للعالم، مؤكدة أن البرقع لن يكون إلزاميا وأن نوعا آخر من الحجاب قد يكون كافيا، وأنه سيسمح للنساء بالعمل "مع التقيد بمبادئ الإسلام". خلال أول مؤتمر صحافي لطالبان من كابول، الثلاثاء، قال أحد المتحدثين باسمها ذبيح الله مجاهد إنهم تعلموا من مرورهم الأول في السلطة، وإن طريقة حكمهم ستكون "مختلفة". ولدى سؤاله عن أوجه الاختلاف بين حكومة طالبان التي أطاح بها تدخل عسكري غربي بقيادة الولاياتالمتحدة قبل عشرين عاما والحركة اليوم، قال: "إذا كان السؤال يستند إلى العقيدة والمعتقدات ليس هناك اختلاف... لكن إذا كان يستند إلى الخبرة والنضج والبصيرة، فمن دون أدنى شك هناك أوجه اختلاف كثيرة". لكن الناس اعتادوا أن يرتابوا من وعود طالبان وغامروا بحذر بالخروج في كابول حيث استبدل الرجال، اعتبارا من الثلاثاء، ملابسهم الغربية باللباس التقليدي الأفغاني. من جهته، يبقى الغرب مشككا جدا حيال طالبان بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان في ظل نظامها السابق والتصميم الذي أبداه أفغان يحاولون الفرار من البلاد. ولم تصدر الحركة توجيهات علنية في مجال التعليم. لكن في مقابلة من الدوحة مع شبكة "سكاي نيوز"، الثلاثاء، حرص متحدث آخر باسم طالبان هو سهيل شاهين على إعطاء ضمانات حول هذا الموضوع. وقال إن الفتيات "يمكنهن تلقي تعليم من المرحلة الابتدائية إلى الجامعة". وأضاف أن آلاف المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان، لا تزال مفتوحة. في هرات، أبدت مديرة مدرسة تدعى بصيرة بصيراتكا تفاؤلا حذرا، قائلة إنها "تشكر الله" للتمكن من إعادة فتح مؤسستها بمثل هذه السرعة. وأضافت أن "تلميذاتنا العزيزات يأتين إلى الصفوف بأعداد كبرى وهن يضعن الحجاب. الامتحانات مستمرة".