الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الملياردير آيت منا يضع ترشيحه لرئاسة الوداد    الركراكي يحسم الجدل حول "خلاف" زياش ودياز    ولي العهد يعطي انطلاقة إنجاز أكبر محطة في إفريقيا لتحلية مياه البحر    تفاصيل انتحار تلميذة بآسفي .. حالة غش في امتحان الباك ورسالة وداع    كرة القدم.. ريال مدريد يؤكد مشاركته في كأس العالم للأندية خلافا لتصريح مدربه أنشيلوتي    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    جمهورية إفريقيا الوسطى تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب    أخنوش: الحكومة نجحت في وضع اللبنات الأساسية لتحقيق العدالة الجبائية    والي جهة سوس ماسة يتفقّد المراكز المعتمدة لاستقبال المترشحات والمترشحين لاجتياز الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    ريما حسن "صوت فلسطين" داخل البرلمان الأوروبي.. من مخيمات اللجوء إلى أعلى هيئة سياسية أوروبية    بوابة رقمية لتعزيز الخدمات الاجتماعية للأمن    "الماحيا" يطيح بشخصين في الرشيدية    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    "البيجيدي": لا ثقة في إسرائيل وندين مجزرة النصيرات    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    أخنوش: الحكومة ضاعفت مخصصات الاستثمار العمومي إلى معدلات قياسية    شركة "كازا تيكنيك" تستهل عملها الرسمي بالحسيمة بمشاكل مع العمال    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الأربعاء    تهرب ضريبي واستغلال مفرط وغير قانوني.. تقرير يرسم صورة قاتمة عن "التسيب" في مقالع الرمال    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار بشأن غزة    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الحكم على ثلاثة مشجعين لفالنسيا بالسجن ثمانية أشهر بسبب إساءات عنصرية ضد فينيسيوس    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    بلينكن يطالب ب "الضغط على حماس"    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    الركراكي يعقد ندوة صحفية قبل مباراة الكونغو.. وهذا تاريخ مواجهات المنتخبين    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    المحامون يدعون لوقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    مصرع عامل موسمي أثناء صباغته لرصيف والسلطات توقف سائق حافلة    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    من سيحسم لقب البطولة الجيش أم الرجاء؟    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    المغرب يتجه لتحقيق اكتفائه الذاتي من البترول بحلول منتصف 2025    بعد استقالة غانتس وآيزنكوت من مجلس الحرب.. ما خيارات نتنياهو؟    منتخب المواي طاي يتألق في اليونان    العلامة بنحمزة.. الشرع لا يكلف الفقير ويمكن لسبعة أشخاص الاشتراك في أضحية    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصيد: "تيفيناغ" انتقل من المنع السلطويّ إلى التوافق الوطنيّ
نشر في هسبريس يوم 23 - 11 - 2013

بعد عشر سنوات من اعتماد حرف "تفيناغ"، حرْفاً رسميّا لكتابة اللغة الأمازيغية، شرعت جمعية باحثات وباحثي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التي تأسست سنة 2011، والتي تضمّ في عضويتها باحثات وباحثين مهتمّين بمختلف مجالات الثقافة الأمازيغية، (شرعت) في تسليط الضوء على حرف "تفيناغ"، وذلك من خلال عدد من الندوات العلمية، احتضنت المكتبة الوطنيّة بالرباط يوم الخميس المنصرم أولاها، وتستمرّ إلى غاية شهر ماي القادم.
الندوة الأولى، التي حاضر فيها الباحث في مركز الدراسات التاريخية والبيئية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أسمهري المحفوظ، تناولت الجذور التاريخية لكتابة "تيفيناغ"، وألقى في بدايتها الباحث أحمد عصيد مقدّمة اعتبر فيها أنّ الهدف من اللقاءات التي ستعقدها جمعية باحثات وباحثي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، هو إغناء النقاش العمومي حول الأمازيغية بالمعطيات العلمية.
وأضاف عصيد أنه منذ إدراج الأمازيغية في المؤسسات العمومية، خصوصا الإعلام والتعليم، بعد خطاب أجدري، وازاها نقاش عمومي في وسائل الإعلام، أخذ في الغالب طابعا إيديولوجياً وسياسياً، وغابت فيه المعطيات العلمية، "لأنّ منظمي اللقاءات حول الأمازيغية، يؤطرها فاعلون، سواء سياسيون أو مدنيون، لديهم رهانات سياسية، ويناقشون الأمازيغية من منظور إيديولوجي وسياسي، ونادرا ما يستعينون بالأخصائيين، وهذا ضعف كبير في النقاش العمومي".
غياب النقاش الأكاديمي والمعطيات العلمية في النقاشات التي واكبت اعتماد حرف "تيفيناغ" لكتابة اللغة الأمازيغية، عزاه الباحث أحمد عصيد، إلى تهميش الفاعلين المعنيين بشكل مباشر بالعمل الأمازيغي، وبالتالي غاب الصوت الأكاديمي حول القضية الأمازيغية، وهو ما أدّى، يقول عصيد، إلى تضخم الخطاب الإيديولوجي القائم على الانطباعات الشخصية، أو الصراع السياسي، في غياب المعطيات العلمية الدقيقة.
عصيد عادَ في كلمته إلى إقرار حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية بشكل رسميّ، قائلا إنّ القرار، وعكس ما يردّده البعض، لم يكن مفروضا من طرف مجموعة من الناس، في إشارة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بل كان نتاج توافق وطني بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والملك والأحزاب السياسية.
وأوضح عصيد أنّ إقرار حرف "تيفيناغ" لكتابة الأمازيغية ليس قرارا للمعهد الملكيّ للثقافة الأمازيغية، لأنّ المعهد لا يملك سلطة التقرير، وأنّ دوره انحصر في تقديم رأيه إلى الملك، بعد القيام بدراسات علمية على الحرف اللاتيني والعربي وتيفيناغ، وكان الإجماع داخل المجلس الإداري للمعهد، على اقتراح حرف "تيفيناغ"، لاعتبارات علميّة وسياسية وتاريخية متداخلة.
قرار اعتماد حرف "تيفيناغ" لكتابة اللغة الأمازيغية، يقول عصيد، لم يكن قراراً ملكيّا أيضا، لأنّ الملك بدوره، عندما توصّل باقتراح المعهد الملكيّ للثقافة الأمازيغية، لم يقرّر ولم يحسم في الموضوع، بل استدعى 33 حزبا سياسيا، من أجل التشاور، حيث وافق 33 حزبا على مقترح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باعتماد حرف "تيفيناغ"، وتحفّظ حزبان فقط، "وهذا مُعطىً يغفله الكثيرون"، يوضح عصيد، مضيفا أنّ حرف "تيفيناغ" انتقل "من المنع السلطوي حيث كان تابوهاً سياسيا، إلى التوافق الوطني".
وعن العمل الذي قام به المعهد الملكيّ للثقافة الأمازيغية، قال أحمد عصيد، إنّ المعهد اشتغل، من خلال سبعة مراكز، على جميع الجوانب المتعلقة بالثقافة الأمازيغية، سواء فيما يتعلق باللغة أو التاريخ أو مجال الأدب والفنون والترجمة والتوثيق، والانتروبولوجيا والسوسيولوجيا والمعلوميات، لملاءمة حرف "تيفيناغ" مع مرحلة الحاسوب، وكذا البيداغوجيا من أجل إدراج الأمازيغية في التعليم.
وأضاف أنّ المراكز السبعة التي اشتغلت على هذه المجالات، راكمت رصيدا علميّا مهمّا، ولكنه كان غائبا في النقاشات العمومية، ولم يُعرف لدى وسائل الإعلام، ولدى الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية، منبّها إلى أنّ البرلمانيين من المفروض أن يستوعبوا المعطيات العلمية حول الأمازيغية، أثناء مناقضة القانون التنظيمي المُؤطِّر للأمازيغية، "لأنّ وضعَ القانون التنظيمي لا يمكن أن يكون مبنيّا على قناعات سياسية أو اعتبارات إيديولوجية، بل لا بُدّ من حضور المعطى الأكاديمي العلمي، لأنه هو المؤسس لمثل هذه اللحظات التاريخية الهامّة"؛ يقول عصيد.
وبخصوص إشكال صعوبة تعلّم القراءة والكتابة بحرف "تيفيناغ"، أوضح عصيد أنّ الإشكال يعود لكون الجيل الحالي لم يتعلّم الأمازيغية، وهذا إشكال لا يتعلق بالأمازيغية لوحدها، بل عرفته جميع اللغات، في فترات التحوّل، مضيفا أنّ الكثير من الأمور التي تتأسس في الأمازيغية حاليا، من قبيل توحيد اللغة والمعجم يتمّ تحضيرها للأجيال القادمة، وليس للجيل الحالي، وأنّ الأجيال القادمة لن تواجه إشكال صعوبة القراءة والكتابة بالأمازيغية، "وهذا رهين بتعميم التعليم، حتى لا يكون هناك تفاوت بين من يتقن الأمازغية ومن لا يتقنها".
الباحث أسمهري المحفوظ، الذي تناول في مُحاضرته الجذور التاريخية لكتابة "تيفيناغ"، قال إنّ الاعتقاد السائد في المجتمع المغربي هو أنّ حرف "تيفيناغ"، على عكس ما أثبتته الدراسات العلمية، حرفٌ غريب، بدون جذور تاريخية، "وهذا راجع إلى عدّة عوامل، منها تغييب البُعد الأمازيغي في تاريخ المغرب، والذي لا تتناوله المقرّرات الدراسية"، يقول الباحث بمركز الدراسات التاريخية والبيئية بالمعهد الملكيّ للثقافة الأمازيغية.
وأضاف الباحث أسمهري أنّ الدراسات العلمية أثبتت أن الأمازيغية هي أقدم لغة في شمال إفريقيا، حيث كان الأمازيغ القدامي يسمون "les lybiens" (الليبيين) من طرف الإغريق، ويعود تاريخ اللغة الأمازيغية بالمنطقة إلى الألف السابع قبل الميلاد.
أقوى مُعطى يؤكّد على أنّ الأمازيغية ضاربة جذورها في شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، حسب الباحث أسمهري، هو النقائش الصخرية التي تمّ اكتشافها في كثير من المناطق، حيث كانت تُكتب الأمازيغية بشكل عمودي، ومن الأسفل إلى الأعلى، موضحا أنّ اللغة الأمازيغية تفاعلت مع عدد من اللغات التي كانت سائدة في المنطقة، وظلّت محافظة على مكانتها، في الوقت الذي انقرضت فيه اللغات الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.