هوية بريس – الخميس 05 مارس 2015 اعلم أن خيرية السلف من الصحابة والتابعين معلومة عند كل مسلم بنصوص كثيرة من الكتاب والسنة، قد لا تكون خافية عنك، قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100). وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، وخيريتهم المذكورة تعني تفضيل الله جل وعلا لهم كجيل فريد لم يعرف التاريخ مثله بما قدموه من تضحيات في سبيل نصرة دين الله وإعلاء راية التوحيد والسنة (صحبة وطاعة وحب وحماية وجهاد ونفقات و..و..)… ولا تعني الخيرية أبدا العصمة أو التنزه عن الخطأ كما ينشر بعض المغرضين، بل هم بشر فيهم المجتهد المصيب والمجتهد المخطئ.. وخطأهم مغفور مغمور في بحر حسناتهم.. ولست أدري ما غرض من يسعى لنبش الماضي الذي أجزم أنه لم يطلع على حقائقه ولم يتحقق من وقائعه.. فلا وسعه ما فصله وأقره علماؤه الأجلاء قبل أن يرميهم بالسهام الطائشات ولا ما حققه العلاء الثقات… ولو أراد الحق لكفته آيات بينات وأحاديث نيرات ونقولات باهرات وشواهد ساطعات.. ولكن كما قال المتنبي: ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ***يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ويمسكون عما شجر من الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه، ونقص، وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون ؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون..، ولهم من السوابق، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم… ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم، ومحاسنهم من الإيمان بالله، ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله ) (العقيدة الواسطية؛ 43)… صدق رحمه الله.. وهذا هو القول السديد ومن رام نشر غير هذا أو سعى لبث شبهة على العوام من الناس بدعوى التحقيق الزائف والتحري المكذوب فقد ارتقى مرتقى صعبا وحاد عن المنهج السوي والطريق المستقيم.. ورحم الله القاضي عبد الوهاب المالكي حين قال: متى تصل العطاش إلى ارتواء***إذا استقت البحار من الركايا ومن يثني الأصاغر عن مراد***إذا جلس الأكابر في الزوايا وإنّ ترفع الوضعاء يوماً***على الرفعاء من أقسى البلايا إذا استوت الأسافل والأعالي***فقد طابت منادمة المنايا فهذا جوابي على من تساءل عن معنى خيرية الصحابة وربطها بما حصل من الفتن في إشارة خادعة لنفي الخيرية بدعوى ما حصل بينهم.. رغبة في التشويش على العوام الذين لم يعرفوا أصلا ما حدث وزعزعة لبعض طلبة العلم ممن أخذوا المسائل بعمومها ولم يدخلوا في تفاصيل المسألة.. وإلا ما فائدة طرحها على من يعلم ومن لا يعلم ناسيا (حدثوا الناس بما يعقلون).. لو أرادوا الحق لطرحوها على أهل العلم ولكن هو سير على خطى أناس حملوا لواء التجديد الزائف للتراث الإسلامي ممن حلوا بأوصاف المشيخة والسلفية المزعومة!!! والله المستعان.. أما نحن فيشهد الله أنا لا نقول إلا كما قال الله جل وعلا: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)… فرحم الله من عرف قدره ولزم غرزه.. والله أسأل أن يلهمنا السداد والرشاد وأن يهدينا إلى أقوم سبيل إنه ولي ذلك والقادر عليه..