اليمين المتطرف يحقق مكاسب "غير متوقعة" في انتخابات البرلمان الأوروبي    الحج ب "التهريب": "اضطررنا إلى التحايل لأداء الفريضة"    الركراكي يتقدم بطلب خاص للصحافة قبل مواجهة الكونغو    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الثلاثاء    مديرية الحموشي توضح بشأن فيديو "ابتزاز شرطي لمبحوث عنه"    استطلاع: ثقة المغاربة في مؤسستهم الأمنية تصل الى 80 في المائة    اجتماع يُنهي أزمة فريق المغرب التطواني    من طنجة.. أطباء وخبراء يدقون ناقوس الخطر حول أوضاع مرضى السكري بالمغرب    مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار في غزة    منظمة الأمم المتحدة للطفولة تشيد بتكامل جهود السلطتين القضائية والتنفيذية لحماية الطفولة بالمغرب    المغرب يستعرض بواشنطن تجربته في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية    سيدة أعمال تعلن ترشحها لانتخابات الرئاسة الجزائرية    ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي للأحداث    "الأسود" يختتمون التحضير للقاء الكونغو    جثة إطار بنكي تستنفر السلطات بطنحة والامن يتحرى أسباب الوفاة    جمهورية إفريقيا الوسطى تعرب عن تشبثها بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعتبر    كأس العرش (نصف النهائي) .. تأجيل مباراة الرجاء الرياضي أمام مولودية وجدة إلى 25 يونيو الجاري    وليد الركراكي : "هدفنا هو البقاء على رأس مجموعتنا والاقتراب من التأهل"    اللجنة المؤقتة تُراضي أبرون وتنجح في مهمة معقدة    أطعمة تخفض خطر الإصابة بقصور القلب    مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا بوقف إطلاق النار بغزة وحماس ترحب    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    رقم قياسي لزوار معرض الاقتصاد التضامني والاجتماعي بتطوان    هل تخدم الجزائر مخططات التقسيم الاستعمارية؟    الأغلبية تحمل الحكومات السابقة مسؤولية أزمة التشغيل وتربط حل البطالة بتحفيز الاستثمار    أخنوش: نمتلك الشجاعة لمواجهة معضلة التشغيل ولن يمنعنا أحد من التواصل مع المغاربة    المعارضة تشتكي "التضييق" عليها وتنتقد الاعتماد على برامج "ظرفية وهشة" للتشغيل    السجن المحلي عين السبع 1 : 129 مترشحة ومترشحا من النزلاء يجتازون امتحانات البكالوريا    رسميا.. ريال مدريد يعلن المشاركة في كأس العالم للأندية    بعد إغلاق باب الترشيحات.. 3 أسماء تتنافس على رئاسة نادي الوداد الرياضي    الأمثال العامية بتطوان... (621)    الحكومة تدرس حل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب    عناد نتنياهو.. هل هو ضعف أم استبعاد لنهاية المشوار السياسي؟    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    الأحمر يُغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    بوانو: أخنوش قام بتخفيض رسوم الاستيراد لشركات أقربائه ورفع من نسبة تضريب المقاولات الصغرى    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    الناظور.. لقاء تشاوري حول مستقبل الأمازيغية بالمغرب    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    وزير الخارجية اللبناني يشدد على موقف بلاده الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها    مجلس الحكومة يدرس إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استخدام السكة الحديدية لاحتلال اتوات وكوراري 1900م
نشر في هوية بريس يوم 04 - 10 - 2021


هوية بريس – ذ.إدريس كرم
ملخص:
احتلال واحات جنوب وهران، ومد الخط الحديدي للززفانة في تطلع لمده في اتوات، لم يمنع القبائل المغربية من مهاجمات القوات الفرنسية بالمراكز المحتلة، وعلى الطرق التموينية لها، وقيام التواتيين والكوراريين، بنهج خطة تنويمية للسلطات الفرنسية بالتظاهر بالخضوع للقوات الغازية، حتى إذا ما اطمأنت، جاءتها حركات جهادية محلية، وجهوية وسلطانية، من قبيل حشد 30000 مقاتل عند انتقال السلطان من مراكش لفاس، بعد وفات الوزير ابا اماد للزحف نحو الززفانة، مركز تجميع القوات الفرنسية وتموينها.
كلمات مفاتيح:
الززفانة، إيكل. دوي امنيع. المنكار. اجنان بوريزق تيميمون. بيوض سيدي الشيخ. فكيك. فاس. تيديكل كورارى، اتوات، أدرار، تيمِّي، دفرييي، نخلات قرماش، محمد ولد علي.
1- شؤون اتوات
لم ترد أنباء عن وقوع أي حادث خطير، ناتج عن احتلال الواحات، في أقصى جنوب وهران، إذا ما سادت الأطروحة الفرنسية القائلة بأن احتلال اتوات والجماعات المجاورة لها، ليست إلا شأنا من شؤون البوليس الجزائري، بيد أنه يخشى من أن تترتب عليه صعوبات على الأرض نفسها، مع القبائل المجاورة
ذلك أننا نتوفر مند مدة، على قوة عاملة كبير في الززفانة يصعب إبقاؤها غير مستعملة، وقد سبقت الإشارة في آخر عدد من هذه المجلة، بأنه بعد عودة الجزء الأكبر من قوات إيكلي، هاجمت حرْكة مكونة من 400 مسلح من دوي امنيع بالمنكار، الفرقة الحامية المرافقة لفيلق اللفيف الأجنبي لجنان بوريزق، ولم يتحرك إلا بعد نشوب معركة معهم، فقدوا فيها 8 قتلى، ومنذ المعركة التي سيَّر حركتها ادوي امنيع، لاعتراض قافلة تموين صغيرة، أغلب جمالها غير محمَّلة موجهة لتيميمون مخفورة من قوات فرنسية قليلة العدد، مكونة من اصباحية وحوالي 20 من الكوم، سقطوا جميعا بين أيدي الغزاة، في بيوض سيد الشيخ.
لقد كانت بلا شك حادثة مؤسفة، بيد أننا نكرر، بأنه لا شيء فيها يشبه المغامرات الكبيرة، التي خاف البعض من وقوعها، عندما تقرر تجميع قوات كبيرة، لتسخيرها نحو الززفانة والتي كانت ستحدث حتما، بدون هذه الاستعدادات العسكرية الجادة للغاية.
بالإجمال بعد بعض التجمعات التي قامت بها، قبائل الجنوب الشرقي الغربية، التي لم تتجرَّأ حكومة السلطان على تشجيعها لإعلان الجهاد، قبل عودتها لأراضيها المعتادة، قسم فقط من دوي امنيع مكون من 400 رجل، هم الذين تقدموا لمهاجمة شركة جنوب فكيك، في حين أنه كان بإمكان القبيلة، أن تجند أكثر من 5000 مقاتل.
يعتبر دوي امنيع من المتعصبين ككل الصحراويين، ويمكنهم إيجاد بدائل لتواجدهم فيما إذا قمنا بمد السكة الحديدية، وعرفنا كيف نستخدم هذه الآلة العجيبة في التهدئة، بشكل ملائم.
وقد سبق بالفعل لأهالي فكيك، أن جاؤوا لنهاية الخط عادة، للحصول على المواد الغذائية الضرورية المستوردة المحمَّلة في عربات القطار لتلك النقطة، والتي كانت تأتي عبر القوافل من قبل، وذلك بمعدل وقت أفضل وكلفة أقل، نتيجة حذف رسوم الوسائط والمحطات، بين ميناء مليلية والقصور، لدرجة رأينا أهل تافلالت قد بدأوا يسيرون لجنان بوريزق، عندما يصل القطار، لقصر ألزُّوج وخاصة لإكلي، وسيفضل مجموع ساكنة الواحات التزود بالمواد من محطات القطار، على استجلابها من فاس عبر طريق أقل أمنا، وأكثر صعوبة، أثناء اختراقها جبال الأطلس.
إذا كان لدينا الذكاء لإنشاء خزانات حرة في المنطقة الصحراوية، على مدا سير خط السكة الحديدية جنوب وهران، والسماح بجلب ووسق البضائع التي يطلبها سكان الجنوب، وتصدير ما يودون بيعه من منتوجاتهم بدون رسوم في الأسواق الواقعة تحت سلطتنا، وفي الخارج، وإنعاش الحركة المرورية لسكتنا الحديدية التي لا تجلب لنا اليوم شيئا، حيث سيتم ربطها بالمحيط وفاس، والعودة لدوي امنيع، فإن هؤلاء الرحل سيستخدمون في التنقل الخط الحديدي الصحراوي بدل القوافل للذهاب لتافلالت، وإيكلي، وغيرها من المحطات السككية في اتوات، في انتظار انسياب الخط الحديدي نحو هذا البلد الأخير، حيث يجب تأسيس سلطتنا به.
الانتصارات التي حققناها في تيديكلت، وكورارا، فتحت لنا اتوات، دون أن نضطر للقيام بتوجيه ضربات جديدة لها.
الجنرال سيرفيير العائد من تفتيشه تيدكلت، برفقة كوكبة بسيطة من الكوم، بقيادة القبطان باين، الذي قام باحتلال أدرار بسهولة، المدينة الرئيسية لتيمِّي وهي من أهم نواحي اتوات، على مسافة متساوية تقريبا بين تادكيلت، وكورارا، حيث يسيرها باشا، دون أن يذكرنا بالهجوم السابق للتواتيين، الذي تصدينا له في عين راهِر بتاديكلت.
من المحتمل أن الدبلوماسية الصحراوية، للقبطان باين بالإضافة لجرأته، التي ساهمت بشكل كبير في هذا النجاح الأخير.
الجنرال سيرفيير كتب في تقريره، بأنه وجد في اتوات خلافة متوارثة من غير انقطاع لواحات آهلة بالسكان جيدة الفلاحة، سهلة التموين للناس والدواب، أدرار نفسها مكونة من 24 قصرا محمى كل منها بقصبة متوفرة على عدة عيون للماء، مناخها صحي، ليس لديه مريض، ولم يفقد منذ دخوله اتوات لا فرسا ولا جملا.
الآن وقد أصبح هذا البلد خاضعا لنا، فإنه سيعيش في ظل نظام الأمن الفرنسي، وستستخدم موارده الطبيعية بشكل أكبر، ولدينا فرصة لإصلاح ما خربته الحرب في العديد من الواحات وإحيائها.
———-
(إفريقيا الفرنسية 1900/ص204-205).
******
2- عودة البلاط الملكي لفاس
خلال الشهر الماضي أطلقت بعض الصحف عدة إشاعات مثيرة تقول بأنه لا أحد يتحدث عن سير قوات فرنسية وشيك لفاس (يقصد به البعثة العسكرية الفرنسية للتدريب وتنظيم القوات المخزنية) في حين يرى آخرون بأن قوات مغربية مكونة من حوالي 30000 مقاتل، تجمعوا من أجل مهاجمتنا في الززفانة وطردنا منها.
الوضع في المغرب عموما هادئ، والبلد يرحب بالأجانب لشغل مهام استشارية، الجديد المثير للاهتمام والوجب تسجيله، هو الإعلان عن عودة وشيكة للبلاط بفاس، من المؤكد أن القادة الذين سيوضعون رهن إشارة السلطان، (يقصد البعثة العسكرية الفرنسية) قد تلقوا بالفعل أوامر لإعداد فرقهم، والاستعداد لنصب خيامهم.
في الظروف الحالية، يشكل تغيير مكان إقامة السلطان حدثا هاما بالمغرب، فلم يحدث لسلطان من السلالة الحاكمة أن أقام في مراكش أطول حقبة مما فعله مولاي عبد العزيز، صحيح أننا نعرف مرد ذلك راجع للوزير ابا احماد، الذي هو من مواليد المدينة، وبعد موته سيعود الحكام الفيلاليون لمقر إقامتهم الاعتيادية.
(إفريقيا الفرنسية 1900/ص309-310).
3- في أقصى الجنوب
طيلة غضون شهر أكتوبر توالت البرقيات الواردة علينا بأخبار عن تعزيزات تبعث للجنوب الشرقي من الجزائر، تؤكد أن عمليات ما سيتم القيام بها في هذا الجانب، والذي يبررها وقوع أحداث مختلفة على طول خط المواصلات، بين اجنان-بوريزق وإكلي، ودخول قسم كبير قوي من البرابر لكورارى، على دفعتين، تم صدهم بتكلفة مرتفعة من الخسائر في صفوف قواتنا بساحل ميطارفا.
بأمر من القائد العام للفيلق 19 لن تعود كتيبة الرماة الأولي المعسكرة في الجنوب، والتي كان من المقرر مغادرتها للتَّل، وكذلك الكتيبة التي كانت ستحل محلها هي أيضا ستبقى حيث هي في الجنوب بتيميمون.
كتيبة أخرى من الرماة، ستتوجه لإكلي عبر طريق سريع، وسرية قناصة بدورها تستعد للمغادرة، كما غادرت قافلة تموين كبيرة قوامها 4500 جمل في نهاية أكتوبر، اجنان-بوريزق لإيكلي، ترافقها كتيبة رماة وسريتين من الفوج الإفريقي، تحت إمرة الكولونيل بيليت، هذه التعزيزات سيتم توزيعها بين بين إيكلي وتاجيت، لتحل محل القوات الهامة التي سيتم إعادتها للتل.
من فرنسا نفسها تم إرسال تعزيزات هامة من الفيلق 121 وغيرها من قوات الفيلق 12 التي أمرت بالاستعداد للمغادرة.
في نفس الوقت سيتم إرسال كمية هامة من التموين للمراكز الجنوبية، لتجميعها هناك، استعدادا للطوارئ.
من ناحية أخرى يجري العمل حاليا بمنتهى الجدية لإتمام مد السكة الحديدية، من اجنان-بوريزق لدفريي كي يتم الانتهاء منه في شهر نونبر، بعدما كان يجب دفعه لأكثر من ذلك، مما كان سيتيح لنا عوائد اقتصادية هامة.
مما سبق نشره، يتبين أن الخطة المعتدة، ستستند على نتائج الظروف الفعلية، التي ستتواجد فيها القوات العاملة، في كل من كورارى، بقيادة الكولونيل كوميز، الذي غادر مؤخرا لغواط لتيميمون، للقيام بتمشيطها من عصابات البرابر، التي غزتها، وإقرار النظام بها، وتلك العاملة في الززفانة، بناحية دوي امنيع، التي يجب معاقبتهم، والسيطرة عليهم، ليتسنى إقامة مؤسساتنا العسكرية الرئيسية هناك، بالقرب من الخطر المغربي، وليس في المناطق الأكثر بعدا منه، والغير ملائمة بإيكلي.
ترى هل سيتمكن موظفونا من إصلاح خط اتصالاتنا بالززفانة، وقد أقبل فصل الشتاء؟ والذي لم نشرع فيه إلا في فصل الربيع غداة بداية اشتداد تصاعد الحرارة الشديدة، في هذا الفصل والذي يليه من الأيام، وهي المدة التي مرت، قبل أن تتخذ الحكومة قرارها بقبول الوضعية الناجمة عن احتلال تيدكيلت
فلو كانت الأمور تجري بشكل طبيعي، ونتيجة لمخطط مطلوب به من الحكومة، وليس نتيجة مفاجآت، لكنا قد بدأنا من الززفانة باحتلال إيكلي، وأخْذِ اتوات من الرأس وليس من الذيل.
لو فعلنا ذلك لكان احتلالنا صلب وفعال في الفصل المناسب، لكن بالنظر لما كان يجري منذ سنوات، حيث كانت الحكومة منوَّمة حقا من التواتيين، يمكننا أن نعتبر أنفسنا محظوظين جدا، لأن العملية بدأت مؤخرا على أيِّ حال، ولو كان سيئا.
خلال موسم الصيف كله، وقعت في الزوزفانة خاصة في اتجاه فكيك، اعتداءات تحدثت عنها نشرتنا هذه، بعد مرور الوقت عليها، ذلك أنه في ليلة 30 شتنبر، حاول المغاربة شن هجوم ضد مركز الحراسة بدوفيي، لم يكن خطيرا، ومن أجل تطهير المنطقة من العناصر المهاجمة، تم على الفور بعث قوة من الأهالي قوامها 1300 عنصر و800 كومي، و300 عنصر مشاة.
يوم 5 أكتوبر تلقى مركز عين الصفرة البرقية التالية مؤرخة في 3 أكتوبر توضح تفاصيل عمليات هذا الكولون الخفيف:
وصلنا -حيث أقمنا معسكرنا مجتمعين، يومه على الساعة السابعة- لمكان يبعد بأربع كلم من نخلات بن قرماش، به جدول ماء صغير جار، وقد التحق بي ليوطنا مارتين في الساعة الحادية عشرة، في رُسْيت اعْباعبا، كما انضم لي أيضا ليوطنا روسي، وكانت عملية التجمع ناجحة لحد ما بالنظر للصعوبات الناتجة عن الطقس الرهيب الذي منعنا من تنسيق حركتنا على الوجه الأكمل.
لقد قَتَل ليوطنا روسي في طريقه محمد ولد علي، قائد قبيلة بني اسمير، وإثنين من أبنائه، وانتزع من القبيلة 250 رأسا من الغنم والماعز، و6 من الجمال، و 15 حمارا، و 3 خيام.
أما ليطنا مارتين، فقد قتَل في طريقه ثائرا، وأسر 8
فيهم 6 نساء ونهب من القبيلة 205 رأسا من الغنم و166 من الماعز و14 جملا و31 حمارا و14 رأسا من البقر و3 خيام.
المجموعة التي سارت معنا هذا الصباح كان بها 3 مساجين بينهم أخوين لمحمد ولد علي السابق قتله، وبقرتين، و18حمار، و 35 رأس ماعز، وخيمة.
لسوء الحظ قتل في مجموعة مارتان اثنان من أشجع الأهالي المساعدين لنا، وأصيب آخر بجروح بليغة، وفي كتيبة ليطنا روسي أصيب ثلاثة بجروح بليغة وقتل ثلاثة خيول وجرح ثلاثة آخرون
تقع قريتا نخلات بن كرماش ورُصفت خيامها بناحية الفكيكيين الأولى على بعد عشرين كلمتر من دوفيريي حيث الزوبيا، مركز فرنسي، والثاني على بعد حوالي ثلاثين كلم.
ويشار إلى أنه في كل هذه التحركات، لم يكن الأمر يتعلق باتوات خاصة، وإنما طبعا لإظهار قدرتنا على أن نرى في تلك الواحات البعيدة بقوات ضخمة، وعندها سيخضع التواتيون بلا شك لمفارزنا الخفيفة والسريعة فيما لو كونت من معمرين فرنسيين جادين بجانب إيكلي.
لقد سبق القول بأن الجنرال سيرفيير صعد من تيدكلت نحو الشمال مخفورا فقط بكوم القبطان بِيِينْ، عابرا جميع واحات اتوات، التي أعلنت خضوعها له، وبذلك يكون هذا الجنرال قد صار يمثل ثروة نسبية لهذا البلد، فقد نصح بالقيام باحتلال فوري لبرج أدرار الهام بواسطة حامية صغيرة، مأخوذة من القوات المتمركزة في لقليعة وتيميمون، فلم يؤخذ بنصيحته، وهذا الإهمال الذي لا نرغب في البحث عن أسبابه البعيدة، أدى بنا لدخول البرابر لقلب كورارى، وهزيمتي ساحلا ميطارفا، ومقتل ثلاثة ضباط فرنسيين، ومع ذلك يمكن للمرء أن يأمل في أن هذه الأحداث، ستجعل الوضع أقل مواتاة، من الذي في قصور اتوات، بشكل سريع، نتيجة للتدابير المتخذة حاليا، والمتمثلة في الوضعية التصالحية التي أبداها الجنرال سيرفيير والقبطان بيين بعد بضعة أسابيع من انتصارنا في عَيْن رَغَا.
(افريقيا الفرنسية 1900/ص:305-306).
4- في أقصى الجنوب
كثر الحديث في بداية الشهر، عن رحلة استكشافية كبيرة يجري التحضير لها للجنوب، تم التأكيد على تجميع 7000 رجل، وما يلزمها من تموين، لتقوم بحملة جادة، ذلك أن إرسال قوات من هذا الحجم للجنوب،
قبل القيام بهذا التجهيز، سيجعلها تواجه صعوبة بالغة في العيش، والعمليات، وسيكون بمثابة حماقة خطيرة تشابه تلك التي ارتكبت، عندما رفض إرسال قوات صغيرة لتعزيز النتائج السريعة المحصل عليها ببراعة في اتوات، من قبل الجنرال سيرفيير والقبطان بيين الذي وجد نفسه وهو عائد لقاعدته، لا يتوفر على رصاصة واحدة لإطلاقها.
وقد تحدثت مختلف الجرائد عن استئناف عدد من المشاريع المتعلقة بالحملة الشتوية على الواحات الصحراوية (جنوب وهران، كورارى، توات وتِدِكلت).
لكن الدوائر المطَّلعة تعتقد أن تلك المعلومات سابقة لأوانها، خاصة وأن الحاكم العام للجزائر قد تلقى تعليمات دقيقة للغاية حول الموضوع، قبل مغادرته باريس، بعدما تم مناقشتها في مجلس الوزراء، تقتضي على العموم بالحفاظ، على غزو تهدئة في الحدود التي أقمناها الصيف الماضي، في حدود العمليات التي قد تكون ضرورية لأمن تجارتنا وممتلكاتنا.
الجنرال كريسو الذي كان متواجدا حينها في باريس لمتابعة جلسات اللجنة العليا للترتيبات، استنتج من التعليمات المعطاة له، تقول بأن عليه تقديم قرارات نهائية للحكومة، تتعلق تخليف القوات المتواجدة جنوب الجزائر، وأنه يجب أن تنطلق على الفور بعثة دراسية تحت حماية مشددة، لتحديد المعالم النهائية لانطلاق العمل في الخط الحديدي الممتد بين اجنان-بوريزق وإيكلي.
وقد اتفقت الحكومة مع قائد الفيلق 19 المرابط بالجزائر، باعتباره الحاكم العام بها، على تقديم بيان للوزارات المعنية، بتوقعات تكلفة المشروع الحديدي السالف ذكره، يكون دقيقا قدر الإمكان، ومدى تناسب التضحيات المطلوبة مع النتائج المتوقعة.
أما ما يتعلق باتوات فيجب احتلالها في هذا الشتاء،
أما بالنسبة لأمن ناحية الززفانة وإيكلي، فلن نحتاج إلا لحماية قوية، مرافقة لبعثة مد السكة، أثناء عملها، وفي إقامتها.
—————
(إفريقيا الفرنسية 1900/ص:394-395).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.