مقترح حزب إسباني يُنذر بتوتر دبلوماسي بين مدريد والرباط        الأمن يشن الحرب على مروجي "الماحيا"    توقيف 3 مستبه بهم في ترويج المخدرات بالراشيدية    خبراء برنامج "نخرجو ليها ديريكت": المغرب مقبل على أغلى عيد أضحى في تاريخه بسبب ارتفاع الأسعار    السلاح المغربي المتطور يغري الرئيس التونسي قيس سعيد    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    22 إصابة جديدة ب "كوفيد-19" (النشرة الأسبوعية)    80 شهيدا في مجزرة النصيرات بغزة وحصيلة العدوان تناهز 37 الف شهيد.. وإسرائيل تدعي تحرير 4 من أسراها    الأمم المتحدة تقرر إدراج جيش الاحتلال الإسرائيلي على "قائمة العار"    استئناف المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي سيتم في الأيام المقبلة    أشرف حكيمي أعلى اللاعبين قيمة سوقية عربيا ونايف أكرد ثالثا    مصنع السيارات المغربي الأول يفتتح صالته للعرض بالرباط    بووانو: ما قامت به الحكومة ليس إصلاحا للمقاصة بل زيادة في الأسعار فقط    الغلوسي: فاس تعيش التهميش والإهمال ومسؤولوها الفاسدون اغتنوا بشكل غير مشروع    الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الباحثة أمينة الطنجي تحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا بتطوان    وفاة الفقيه الدستوري عبد الرزاق مولاي رشيد    الامتحانات الجهوية للباكالوريا.. ضبط 66 شخص في حالة غش    بنعبد الله: حكام الجزائر يُغَذُّون العداء والكراهية ضد كل ما هو مغربي مؤسساتيا وشعبيا    بنعبد الله: خطاب الحكومة منفصل عن الواقع ويتجاهل الأوضاع الصعبة للشعب المغربي    مطالب للحكومة بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    مراكش.. كمين يطيح بعميد شرطة في حالة تلبس بتلقي رشوة    وزارة الصحة تعلن عن تسجيل حالة وفاة بفيروس كورونا    المغرب يسجل 22 إصابة جديدة ب "كوفيد-19" وحالة وفاة واحدة    4 أندية أوروبية في منافسة للتعاقد من نجم البطولة المغربية    المنتخب المغربي ينجو من فخ زامبيا ويؤمن صدارة المجموعة    وزارة الأوقاف: عيد الأضحى يوم الإثنين 17 يونيو 2024    مشروع مبتكر .. اطلاق أول مشروع مبتكر الالواح الشمسية العائمة بسد طنجة المتوسط    هل يرحل إبراهيم دياز عن ريال مدريد؟    أداء "روبوتات الدردشة" كأداة تعليمية يسائل الفرص والعقبات    رئيس الأرجنتين يتجنب "ممثل فلسطين"    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    السلطات الدنماركية توقف رجلاً اعتدى على رئيسة الوزراء في كوبنهاغن    لاغارد: مصاعب ترتبط بكبح التضخم    بنكيران مهاجما وهبي..لا نريد أن تصبح فنادقنا أوكارا للدعارة والفجور وإشاعة الفاحشة    زياش والنصيري يُوقّعان الركراكي في المحضور    كأس أوروبا 2024: كوبارسي ويورنتي وغارسيا خارج القائمة النهائية لمنتخب اسبانيا    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    بطولة إنجلترا: فاردي يمدد عقده مع ليستر سيتي    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية    الحسيمة.. اختتام فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان إبداعات جوهرة المتوسط    وفاة شاب غرقا في وادي اللوكوس    بن كيران يدعو إلى حل حزب الأصالة والمعاصرة    إدارة الرجاء تلعب ورقة المال للفوز بالبطولة    المخابرات المغربية تفكك لغز تحركات شخص خطير في إسبانيا        الأمثال العامية بتطوان... (619)    تظاهرة "نتلاقاو في وزان" تعود بنسختها الثالثة لتعريف بالتراث المحلي    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم " أزول " ⴰⵣⵓⵍ وتوثيق الوعي العصري الأمازيغي بتونس
نشر في خنيفرة أون لاين يوم 01 - 08 - 2013

مرة أخرى يتأكد أن الربيع الديمقراطي الذي عرفته الكثير سنة 2011 بالشمال الإفريقي والشرق الأوسط ، كانت له نتائج إيجابية على مستويات كثيرة منها : ما يتعلق بالحقوق الثقافية والاقتصادية والسياسية لشعوب هذه البلدان. مع أن نتائجها لم تتحقق على أرض الواقع بعد ، إلا أن الربيع الديمقراطي سمح بمناقشتها وصعودها إلى دائرة النقاش السياسي على الأقل . هذا ما يتأكد لنا مع المخرج التونسي وسيم القربي في فيلمه الوثائقي " أزول" عن الأمازيغ في تونس ، العرض الأول سيكون يوم 10 غشت 2013 في مدينية نيويورك في إطار فعاليات مهرجان الفيلم الأمازيغي، كما أن المخرج تحمل مسؤولية إنتاج الفيلم بشكل ذاتي. اختيار العنوان لم يكن اعتباطيا فكلمة " أزول" تشير مباشرة إلى قضية تهم جميع بلدان الشمال الإفريقي ، كما أنها ذات دلالة وحدوية عند الأمازيغ في كل الأقطار المغاربية.
لم يطرح سؤال الثقافة والهوية الأمازيغية بتونس بشكل عصري إلا بعد ثورة 14 يناير 2011 حينما هرب الرئيس زين العابدين بن علي خوفا على روحه بسبب الغليان الذي عرفه الشارع التونسي بعد وفاة ما أصبح يعرف بشهيد سيدي بوزيد. طرح سؤال الأمازيغية جاء في سياق إحساس الشعب التونسي بنوع من الانفراج الديمقراطي وبالتالي كثرت المطالب بعدما تم قمعها لعقود من الزمن مثلما حدث في بلدان أخرى، كان تأسيس أول جمعية ثقافية أمازيغية أول إشارة رسمية في طرح القضية الأمازيغية بشكلها العصري ، تلتها مبادرات أخرى ، يندرج ضمنها فيلم المخرج وسيم القربي الذي يسلط الضوء على معاناة الأمازيغ في الأراضي التونسية .
رغم أن المخرج وسيم القربي ينتمي لأسرة تستقر في الشمال التونسي بعيدا عن المناطق التي لازالت تقطنها الساكنة التونسية الناطقة بالأمازيغية، إلا أن اشتغاله في جامعة قابس جنوب تونس لسنوات جعله يقف بأم عينيه على جزء مغمور من الثقافة الوطنية التونسية يلفها النسيان بعيدا عن كاميرات وأعين السياسيين في الشمال، كما انفتح المخرج على الثقافة المغاربية المتنوعة من خلال لقاءاته وحضوره للكثير من المهرجانات والتقائه مع الكثير من الأمازيغ في المغرب والجزائر، كل هذه العوامل شجعت المخرج وسيم القربي لركوب مغامرة تصوير فيلمه الوثائقي الطويل الأول بعد تجربته الأولى في الفيلم الروائي القصير في فيلم " أزهار تيويلت ".
بتصويره لفيلم " أزول" يكون المخرج وسيم القربي قد طرح سؤالا جريئا للمسؤولين على الثقافة التونسية من باب الإبداع السينمائي لابد من التفكير مستقبلا في كيفية تدبيره، ونحن نعلم أن خطاب الصورة أصبح اليوم ضروريا لتبليغ كل الرسائل إلى المعنيين بالأمر. رغم أن الفيلم لا تتجاوز مدته 45 دقيقة إلا أنه نجح في طرح الكثير من الأسئلة المقلقة للأمازيغ ليس في تونس وحدها، بل في كل الأقطار المغاربية .
فرض موضوع الفيلم على المخرج وسيم القربي العودة إلى التاريخ قصد التأسيس لفكرة التواجد الأمازيغي بتونس، خاصة وأن التاريخ الرسمي بتونس يقصي التاريخ الأمازيغي، و هكذا ضمن المخرج فيلمه بعض المعطيات حول التاريخ القديم لتونس وقدم لنا صورا جميلة للمآثر العمرانية الأمازيغية بالجنوب التونسي، دون أن ينسى الاشتغال في الكثير من اللقطات على لغة الرموز على اعتبار أن موضوع الفيلم يعتبر من الطابوهات السياسية بتونس ، خاصة بعد صعود الإسلاميين للحكم المعروفين بمواقفهم المناهضة للمطالب الأمازيغية. انطلق الفيلم بلقطة لباب قديم به قفل ضخم، وهي استعارة عن التعامل غير السليم مع الثقافة الأمازيغية في العقود السابقة من طرف النظام التونسي وإغلاق الأبواب أمام أي تحرك في هذا الإطار. بعد ذلك انتقل المخرج بنا إلى جغرافية الجنوب التونسي في لقطات عامة ترصد مختلف فضاءات القرى الأمازيغية .
كشف الشريط عن معالم الحضارة الأمازيغية على مستويات كثيرة أولها ، المعمار الأمازيغي الأصيل الذي لا تختلف خصائصه في تونس عن باقي البلدان المغاربية الأخرى، واقتربت الكاميرا من جدران القرى الأمازيغية وتفاصيل دروبها مركزة في بعض اللقطات على الأقواس الجميلة. استحضر المخرج مختلف وظائف المنازل المحفورة في المغارات ودورها في الحماية من الحرارة المفرطة صيفا. وثانيهما ، الزي الأمازيغي الذي يتلاءم مع خصوصيات المنطقة مناخيا ، مثل الغطاء الذي يضعه الرجال على رؤوسهم ليقيهم من حر الشمس، كما التقطت الكاميرا صور مختلفة لنساء أمازيغيات بأزياء مختلفة تعبر عن اختلاف انتماءاتهن الاجتماعية. والمستوى الثالث يرتبط بالتعابير الثقافية والرمزية مثل طقوس الزواج والمواد التي تستعمل فيها كالحناء والبيض، والوشم الذي يشكل عند الأمازيغ وسيلة تواصلية بالإضافة إلى كونه يعبر في بعض الأحيان عن الهوية الدينية أو القبلية. برزت أيضا في الفيلم لقطات عن التراث الغنائي الأصيل والعصري بالجنوب التونسي ، هذه الأخيرة يعتمد عليها في النضال لكسب الاعتراف الرسمي.
اعتمد المخرج وسيم القربي في رصده لوضعية الثقافة الأمازيغية بتونس على آراء بعض الباحثين وثلة من سكان القرى الأمازيغية، الذين اتفقوا على خلاصة مفادها أن الأمازيغ كانوا ولا زالوا في تونس من خلال استمرار مقومات حضارتهم في مجالات كثيرة، على رأسها أسماء الأماكن مثل المدن والقرى والعيون المائية والأودية، ولم ينسوا الحديث عن السياسة الرسمية للدولة التونسية التي فرقت القبائل الأمازيغية عن طريق سياسات التهجير القسري، وتعريب جغرافيتهم و لسانهم و حياتهم العامة، بدعوى الحفاظ على وحدة الأمة التونسية في مواجهتها للسياسة الاستعمارية الفرنسية.
أمام غض الدولة التونسية الطرف عن الثقافة الأمازيغية رغم الانفتاح السياسي الذي سجل بعد ثورة 14 يناير 2011 طرح الفيلم أرضية مختصرة لمطالب الأمازيغ في تونس والتي يمكن أن نميز فيها بين نوعين من المطالب :
أولا، مطالب شعبية تقليدية جاءت على لسان بعض السكان الأمازيغ الذي يطالبون الدولة التونسية الاعتراف بثقافتهم وهويتهم ، باعتبارها ثقافة وطنية لا يجب أن تتعرض للمزيد من الطمس والتهميش.
ثانيا، مطالب يمكن أن نسميها بالمتقدمة أو العصرية وقد جاءت على لسان بعض المناضلين الذين ركزوا على ضرورة إعادة كتابة تاريخ تونس بأقلام وطنية موضوعية ويطالبون بضرورة الاعتراف بالهوية الأمازيغية لتونس، ويطالبون في مواقع أخرى بدسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية بالدستور التونسي مثلما تم في المغرب سنة 2011 .
أنهى المخرج فيلمه بلقطة لها أبعاد كثيرة حضر فيها العلم الأمازيغي ذو الدلالات العميقة عند الشعب الأمازيغي بالشمال الإفريقي لأنه يجسد وحدتهم ، وبتسليم العلم للأطفال الصغار وجعله فوق رؤوسهم يكون المخرج قد طمأن كل من سيشاهد فيلمه على مستقبل الأمازيغية في تونس ، ما دام أن الأجيال الصاعدة قد أكدت عشقها واحترامها للعلم الأمازيغي.
محمد زروال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.