أسرة الأمن الوطني بالناظور تحتفل بالذكرى ال68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    الملك محمد السادس يرفض محاولات تهجير الفلسطينيين ويدين "الأعمال الانتقامية" بغزة    الداخلة.. الاحتفاء بالذكرى ال 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    هلع واستنفار بالبيضاء.. تسرب غازي يخنق عشرات التلاميذ (فيديو وصور)    استخراج جثة دفنت منذ أيام في الحسيمة ونقلها إلى الدار البيضاء لهذا السبب    "إعلان البحرين" يُشيد بأدوار المغرب في لجنة القدس وأزمة ليبيا والتصدي للإرهاب    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لحين تنفيذ حل الدولتين    ميارة يشيد بالشراكة المغربية البرتغالية    سعر الذهب يتراجع بعد مكاسب الدولار    الملك محمد السادس: الأعمال الانتقامية في غزة تتعارض مع القانون الدولي    محمود عباس يتهم حماس ب"توفير ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزّة    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    برئاسة المغرب .. مجلس حقوق الإنسان الأممي يرفض الإعادة القسرية للمهاجرين    ميناء طنجة.. تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    تقرير: إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية نشطة بجهة الشمال    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    طقس الجمعة.. أمطار ضعيفة و متفرقة وتشكّل سحب بالشمال وحرارة بالجنوب    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    القمة العربية: الملك محمد السادس يعتبر محاولة إسرائيل فرض واقع جديد في غزة "أمرا مرفوضا"    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    عائلات "مغاربة ميانمار" تحتج بالرباط .. وناجية تكشف تفاصيل "رحلة الجحيم"    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"التربية الإسلامية" أم "التربية الدينية" ما الفرق؟
نشر في خنيفرة أون لاين يوم 06 - 07 - 2016

أثير نقاش حول تسمية المادة الدينية المقررة في النظام التربوي المغربي، حيث نشرت بعض المنابر الإعلامية خبرا مفاده أن وزارة التربية الوطنية قررت إطلاق تسمية "التربية الدينية" على المادة التي كانت تعرف ب "التربية الإسلامية"، وذلك تنفيذا للقرار الملكي القاضي بمراجعة مقررات ومضامين ما سماه الخطاب الرسمي "التربية الدينية"، وقد أدّى هذا القرار بأساتذة التربية الإسلامية إلى الاحتجاج على الوزارة الوصية معتبرين قرارها مخالفا للدستور ولتوجهات الدولة ؟ فما هو الفرق بين التسميتين يا ترى؟ وما سبب رفض الأساتذة للتسمية الجديدة ؟ وهل هذا التغيير خطوة إلى الأمام في طريق دمقرطة النظام التربوي، أم هو مجرد إجراء شكلي لا علاقة له بجوهر ما هو مطلوب في مراجعة المادة الدينية المقررة ؟
تعني "التربية الإسلامية" حسب ما خبرناه وشاهدناه وتلقيناه كذلك ونحن صغار تعليم مبادئ الإسلام والتعريف بأحكامه وأركانه ومبادئه، انطلاقا من نصوص القرآن والأحاديث النبوية، وذلك بغرض جعل التلاميذ مسلمين منتمين إلى ما يسميه الدرس "جماعة المسلمين" أو "الأمة الإسلامية"، ولأجل بلوغ هذا الهدف يستعمل الدرس جميع الوسائل سواء منها البيداغوجية أو تلك التي تتنافى تنافيا تاما مع البيداغوجيا، مثل تدريس العنف والغزوات والترهيب والتمييز باستعمال الدين والجنس وتبخيس المعتقدات الأخرى والتحريض على غير المؤمنين والتشكيك في مبادئ حقوق الإنسان وتحريفها عن معانيها الأصلية، وإغراق التلاميذ في تفاصيل لم يعد معمولا بها ولا علاقة لها بحياتنا المعاصرة ولا بقيم المجتمع الحالي الذي نعيش فيه.
وتعني "التربية الدينية" تعليم المبادئ الكبرى للحياة الأخلاقية بناء على القيم التي تلتقي عندها جميع الأديان، والتي تعتبر مكارم وقيما نبيلة أجمعت عليها الحضارات الإنسانية وتم استلهامها في بناء نسق ما يسمى اليوم ب"القيم الكونية"، والتي تخصّ كل إنسان حيثما وُجد بغض النظر عن لونه أو وطنه أو عقيدته أو نسبه وعرقه، وتشبه التربية الدينية ما كان يسمى في النظام التربوي سابقا "الأخلاق"، حيث كان التلاميذ يستفيدون من دروس راقية تعلمهم القيم النبيلة باعتماد العقل والدين والتجارب الإنسانية من مختلف الثقافات التي راكمت هذه القيم وساهمت في بروزها .
يعني هذا أن تغيير إسم المادة المُدرّسة من التربية الإسلامية إلى الدينية ليس إجراء شكليا بل له علاقة بجوهر المضامين التي تلقن للتلميذ، فالتربية الإسلامية تهدف إلى صناعة المسلمين، بينما تهدف التربية الدينية إلى صناعة المواطنين.
تتعارض التربية الإسلامية بالصيغة التي تدرّس بها تعارضا تاما مع مفاهيم الوطنية والمواطنة، لأنها تربي الطفل على الانتماء إلى "الجماعة" التي يربط بينها اللحام العقدي الديني، وليس إلى الوطن الذي هو لجميع أبنائه مهما كانت عقيدتهم واختلافاتهم، كما تضرب التربية الإسلامية مبدأ المواطنة في الصميم حيث تؤكد على أن قيمة الفرد هي في إيمانه الديني وليس في إنسانيته وانتمائه إلى المجتمع والدولة الوطنية، وفي عمله وإنجازاته من أجلهما، مما ينفي مبدأ المساواة أمام القانون، كما يضعف رابطة المواطنة لصالح الرابطة الدينية التي لا يمكن أن تشمل الجميع.
يتضح مما ذكرناه السبب الذي جعل مدرسي التربية الإسلامية ومفتشيها يحتجون على تغيير التسمية، حيث أدركوا بأن التسمية تحمل نظرتنا إلى العالم كما تعني استراتيجية ونهجا مخالفين، وبحكم ما أتاحته مادة التربية الإسلامية للتيار المحافظ من هيمنة على المؤسسات التعليمية عبر السعي إلى إشاعة النزعة المحافظة المضادة للقيم الديمقراطية والحداثية، والتمكين للمشروع السياسي الذي يهدف في أقصى غاياته إلى استعادة الدولة الدينية ووصاية الفقهاء على المجتمع، فقد خشي هذا التيار من أن تكون مراجعة مضامين المادة الدينية أو تغيير تسميتها تمهيدا لضرب مناطق نفوذه داخل المدرسة المغربية.
ومعلوم أن ارتباط درس التربية الإسلامية بالمشروع السياسي للإسلاميين قد أدّى إلى جعل هذا الدرس مؤدلجا بإفراط حتى بدأت أضراره تبدو واضحة على الدروس الأخرى العلمية منها والأدبية، (فما زلت أذكر مهازل غريبة في هذا الصدد مثل ما حصل في كتاب التربية الفنية الذي يتوجه إلى التلميذ بعبارة "أرسم كافرا (كذا!) ". فالتصور الذي اشتغل به التيار المحافظ الذي يهيمن على التربية الإسلامية هو محاولة جعل جميع المواد خاضعة للمنظور الديني من الرياضة البدنية إلى الفلسفة والتاريخ والأدب والعلوم الحقة الفيزيائية والطبيعية (التي أصبحت تدرس كما لو أنها "إعجاز علمي" للقرآن)، وهو أسلوب ينتهي إلى إشاعة الخلط والفوضى والسطحية مما يجهض أهداف المدرسة العصرية التي ترمي إلى تكوين مواطنين منخرطين في عصرهم وذوي تكوين جيد في المواد المختلفة. ومن تمّ فالتربية الدينية هي التي ينبغي أن تخضع لتوجهات وقيم المدرسة العصرية وليس العكس.
إن مراجعة مضامين مادة التربية الإسلامية إذن أو تغيير تسميتها ليس صراعا حول قضايا هامشية كما تزعم جمعية مدرسي هذه المادة، بل هي قضية جوهرية في مسار دمقرطة نظامنا التربوي وتحريره من سلبيات التربية التقليدية المبنية على حفظ واستظهار نصوص في لغة مستعصية على الأطفال، وعلى الترويض العقدي والتربية على العنف ونبذ الآخر المختلف. إن إنقاذ أبنائنا من التربية على الكراهية واللاتسامح هو أولى الأولويات، لأنه لا خير في تكوين أجيال بكاملها غريبة عن عصرها مصادمة لواقعها ومقاطعة للمكتسبات الإيجابية للإنسانية .
من هذا المنطلق فسواء تم تغيير إسم مادة التربية الإسلامية أو لم يتم، فهذا لا قيمة له في حدّ ذاته إذا لم يتم تغيير التصور العام وفلسفة تدريس هذه المادة، بملائمة مضامين المقررات والبرامج الدراسية مع ذلك التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.