الملك يهنئ كلاوديا شينباوم بمناسبة انتخابها رئيسة للولايات المتحدة المكسيكية    مناسك الحج تغيب مزراوي عن معسكر الأسود و"سوء التنسيق" يورط الركراكي    مونديال أقل من 20 سنة.. القرعة تضع لبؤات الأطلس في المجوعة الثالثة    ارتفاع عدد ضحايا "الكحول المغشوشة"    من بينها منع السباحة ليلا.. إجراءات جديدة تنظم موسم الاصطياف بالحسيمة    رياض مزور يوقع مع نظيره الفلسطيني مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الصناعي    الحسيمة .. انطلاق الامتحان الجهوي للسنة الأولى بكالوريا بمختلف راكز الإجراء بالإقليم    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    انطلاق عملية العبور "مرحبا 2024" بميناء طنجة المتوسط    الكاف ينفي ما تم ترويجه بخصوص تأجيل "كان 2025" المقرر تنظيمه بالمغرب    قرض ألماني لإعادة إعمار مناطق الزلزال    الأمثال العامية بتطوان... (617)    حماس تحسم موقفها من المقترح الأمريكي الذي يدعمه المغرب    علاج جيني في الصين يوفّر أملا للأطفال الصمّ    هل يحد قانون العقوبات البديلة من اكتظاظ السجون؟    الدار البيضاء سطات- عيد الأضحى.. العرض وفير والأضاحي في صحة جيدة    ولاية أمن تطوان تتفاعل بجدية مع مقطع فيديو يوثق لتبادل الضرب والجرح    بورصة البيضاء تنهي التداولات على وقع الأحمر    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    الاتحاد السعودي يوافق على رحيل لاعبه المغربي حمد الله    دفاع "مومو" يطالب بالكشف عن الخبرة التقنية على هاتف موكله    نصف نهائي كأس العرش يومي 21 و23 يونيو بأكادير    ترقب في القدس لمسيرة الأعلام الإسرائيلية وبن غفير يهدد بدخول باحات المسجد الأقصى    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    مطالب بإنصاف حراس الأمن المدرسي    يونس البحاري كاتبا إقليميا بتازة    الاضراب يشل المؤسسات الصحية بإقليم الحسيمة للأسبوع الثاني    صديقي يكشف عدد الأغنام المستوردة الموجهة لأداء شعيرة عيد الأضحى    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    ماركا تُرشح دياز للفوز بالكرة الذهبية الإفريقية    أنتونيو كونتي مدربا جديدا لنابولي الإيطالي    إطلاق نار يستهدف سفارة أمريكا في بيروت    "اتفاق الرباط" يوصي بالاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    دراسة…حرارة المياه الجوفية ستجعلها غير قابلة للاستهلاك بحلول نهاية القرن    تعزية في وفاة زوجة محمد الحمامي رئيس مقاطعة بني مكادة بطنجة    إقليم برشيد…أونسا تكشف سبب نفوق رؤوس الأغنام    الأكاديمية فاتحة الطايب تُشرّح واقع الأدب المقارن بجامعة محمد الخامس    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    تقصي الحقائق: ماذا يحدث على حدود رفح بين مصر وغزة؟    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الأربعاء    مراكش.. شاب يقتل والده بطريقة بشعة ويلوذ بالفرار    ارتفاع أسعار الذهب بدعم من ضعف الدولار    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    سلوفينيا تعترف بدولة فلسطين    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    الرجاء يتلقى ضربة موجعة قبل موقعة مولودية وجدة    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الشارع وشرعية الانتخابات
نشر في لكم يوم 10 - 07 - 2013

يعاتبنا إخواننا الإسلاميون المغاربة على أننا نحن العلمانيون لم نكتف، في مواقفنا مما يجري في مصر، بتبني أطروحتهم بحذافيرها وإدانة "الانقلاب العسكري ضد الشرعية"، أي أن علينا في رأيهم أن نتغاضى عن تواجد 36 مليون من أبناء الشعب المصري في الشارع ضد محمد مرسي رئيس الإخوان، وأن نتهم الجيش وحده بإفساد "الحكم الراشد" الذي كان يتزعمه مرسي وجماعته في مصر، ورغم أننا أوضحنا بأن تدخل الجيش هو من أجل إجهاض الثورة المصرية المستمرة، والتي لم تصل بعد إلى أهدافها المعلنة في الشارع منذ 25 يناير، إلا أن هذا اعتبر "تحليلا خاطئا" والصحيح هو أن نقول إن مرسي كان بصدد تحقيق المعجزات في الاقتصاد ومحاربة الفساد، وأن الجيش فجأة وبدون سابق إنذار، تدخل بانقلاب عسكري وأزاحه من السلطة نكاية في الإخوان وعداء للدين الحنيف.
يبدو إذن أن إخواننا الإسلاميين لم يكونوا مهيئين لتقبل الصدمة التي مثلتها انتفاضة الشارع العارمة ضدهم، فقد مضى عليهم زمن غير يسير وهم يعتقدون أنهم وحدهم من يؤطر الشارع ويحركه ويمثل "الشعب"، ولم ينتبهوا إلى أن ممارسة السلطة هي المحك الحقيقي للشعبية وللمصداقية، ولهذا السبب يعتبر التناوب على الحكم وإدارة الاختلاف المبدأ الأساس للديمقراطية.
يتمسك الإخوان وفروعهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ب"الشرعية" التي تعني عودة الرئيس مرسي وحكم حزب "الحرية والعدالة "، معتبرين أن ما حدث في مصر هو انقلاب على "الشرعية" التي تأسست مع "صناديق الاقتراع". وقد أعطى التدخل المباشر والخاطئ للجيش في مسار الانتفاضة الشعبية مبررا واضحا للإخوان ليتشبثوا بالحكم ويخفوا حقيقة التذمر الشعبي العام ضدّهم، ويضعوا أنفسهم من جديد في موقع الضحية.
وأخطر ما في موقف الإخوان ومن آزرهم أنه يساهم بجانب ما يقوم به الجيش والنخب التقليدية في طمس صوت شباب الثورة، الذين لم يخرجوا بأعداد غير مسبوقة لإسقاط رئيس مستبد فقط، بل وضدّ النظام الذي ما زال قائما بمافياته الإدارية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وهذا يجعلنا نطرح السؤال: أليست شرعية الشارع وسيادة الشعب أسبق من شرعية صناديق الاقتراع، وألا يمكن للأولى أن تلغي الثانية عند الضرورة ؟ وهو ما يرتبط بسؤال ثان نطرحه على الشكل التالي: ماذا على الشعب فعله إذا تمخضت صناديق الاقتراع عن فوز من تبيّن بعد مدة وبالملموس أنه لم يحترم حقوق الناس وحرياتهم الأساسية، وأنه شرع في وضع قوانين لحرمانهم منها باسم الشرعية الديمقراطية وصوت "الأغلبية"، سيقول قائل على الشعب انتظار الانتخابات ليقول كلمته ضدّ من في الحكم ويسقطه وينتخب غيره، وهو كلام مردود عليه في حالة مصر لسببين: أولا لأن من حق الشارع أن يطالب برحيل الحاكم وبانتخابات سابقة لأوانها عند وجود أزمة خانقة تهدد استقرار البلاد، ومن جهة أخرى لأن الأمر لا يتعلق بحزب فاز في انتخابات مرّت في ظروف عادية وروتينية، ليمارس تسييره للشأن العام بشكل طبيعي في إطار ديمقراطية مرسّخة وقائمة بتقاليدها العريقة والمثبتة في الأذهان وفي المؤسسات، بل يتعلق بحزب فاز في ظروف ثورة شعبية ما زالت مستمرة، ويطمح فيها الناس ويتطلعون إلى بناء الديمقراطية وترسيخها في القوانين والمؤسسات وفي العقليات والأذهان كذلك، والحال أن ما شرع في القيام به حزب الإخوان بدءا بالدستور وانتهاء بالتدابير المبالغ فيها لإحكام القبضة على الدولة بالطريقة النازية، وإلغاء كل الأطراف الأخرى والحلول محلها عوض انتهاج سياسة ديمقراطية تشاركية، هو العكس من ذلك تماما، وهذا معناه أن الشعب وشرعية الشارع ما زالت قائمة في ظل هشاشة الوضع ووجود خطر إمكان العودة إلى الوراء وتكريس الاستبداد من جديد.
إن للشعب إذن كلمته سواء في الانتخابات أو في الثورة وجميع أشكال التمرد والعصيان السلمية، إلى أن تستوي الأمور وترسو عند ترسيخ البناء الديمقراطي القائم على احترام الحقوق والحريات الأساسية سواء للأغلبية أو للأقلية، ونعني بها هنا الحقوق والحريات التي لا تخضع لمنطق الأرقام والعدد، ولا لعقيدة أو عرق أو لون، بل ترتبط أساسا بمنطق المواطنة ودولة القانون التي تساوي من حيث المبدأ بين جميع أبنائها، وتمثل الضمان الحقيقي للاستقرار الفعلي .
من هذا المنطلق فصوت الشارع المصري سيكون بالمرصاد لكل التفاف على ثورته المستمرة سواء من طرف الجيش أو من طرف القوى المحافظة، وإذا كانت انتفاضة الشارع ضد مرسي مجرد وهم أو مؤامرة، فمن المؤكد أن الرجل سيعود مرة أخرى هو أو عضو آخر من جماعته و عبر انتخابات رئاسية تنظم بعد بضعة شهور.
لا توجد ثورة في العالم بلغت مآربها وحققت أهدافها في سنة أو سنتين. علينا إذن أن نصغي إلى صوت الشارع المصري لا إلى الزعماء التقليديين الذين يحتكرون وسائل الإعلام وقنوات التواصل، وعلينا أن نحدس من خلال نبض الواقع العميق الأحداث القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.