بعيدا عن منصة السهرات حيث أجساد المصطافين تتمايل على ايقاعات الموسيقى في المهرجان المتوسطي اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان مكانا هادئا للحديث عن "النموذج المغربي في مواجهة الإرهاب" استضاف كلا من أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية ومحمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وإدريس الكنبوري، الكاتب الصحافي المتخصص في الحركات الإسلامية. أحمد الخمليشي دعا في الندوة، التي احتضنتها قاعة المجلس البلدي بالحسيمة، الى اعتماد ما أسماه ب"الفقه القٌطري" كحل من الحلول للحد من التطرف الذي تعرفه المجتمعات الإسلامية. الخمليشي قال إن هذا الفقه يحكم مجتمعا سياسيا ودولة سياسية ويأخذ بعين الاعتبار خصوصية هذه المجتمعات وتطورها كما يغلق الباب أمام فقه عابر للحدود. الخمليشي انطلق من مشاهدته لإحدى الفضائيات الدولية حيث تسأل سيدة مغربية أحد شيوخ المشرق عن حالة مرتبطة بإثبات النسب حيث علق مدير دار الحديث الحسنية على هذا المشهد بالقول "لقد نسيت هذه المواطنة المغربية أنها محكومة بمدونة الأسرة وبنودها وذهبت تتوسل الفتاوى من رجل لا علاقة له بواقعها وواقع مؤسسات الدولة التي تعيش فيها". المحاضر اعتبر أن إشراف الدولة على الشأن الديني منذ إدريس الأول، الذي قرأ المبايعة في الأسواق وحدد فيها الالتزامات الدينية للجالس على العرش، أضمن للسلم من إشراف الجماعات التي ترى في فهمها للدين صوابا وفي فهم غيرها من التيارات الدينية خروجا عن الملة، غير أن الخمليشي طالب في نفس الوقت بالحذر وضرورة التعامل مع مجموعة المواضيع بجدية وشجاعة حتى يتم الحد من انتشار ظاهرة التطرف. من ضمن ما يستوجب الحذر، حسب المحاضر، تسلل مفهوم "القانون الوضعي" للواقع المغربي والذي جاء من باكستان وشاع مع سيد قطب، منظر حركة الاخوان المسلمين، فأصبح ينظر للقواعد التي يتم إنتاجها لتنظيم حياة الناس بوصفها قوانين طاغوت مخالفة للشريعة السماوية، وفق تعبير الخمليشي الذي أوضح أن أول التنظيم المكتوب لمرافق "الدولة الإسلامية" جاء عندما استورد عمر ابن الخطاب السجلات الأربع من الفرس والروم لتنظيم واردات ونفقات بيت المال وتعويضات العاملين في الجيش والدواوين. نقاط أخرى تستوجب الحذر حسب مدير دار الحديث الحسنية وهي قاعدة تقول "الاجتهاد لا يلغي الاجتهاد"، بالإضافة إلى عدم طرح النقاش حول مراحل حساسة في تاريخ الإسلام ومنها الإعدامات بالحرق والإغراق والرمي من أعلى الجبل التي ظهرت على عهد أبوبكر الصديق أيام حرب الردة خاصة تلك التي ذهب ضحيتها مسلمون رفضوا دفع الزكاة، و التي اعتمدتها "داعش" في قتلها لعدد من اسراها. من جهته فصل ادريس الكنبوري في تاريخ التضييق على الحركة الإسلامية التي طالبت بالاجتهاد وقراءة النص الديني على ضوء متغيرات الواقع حيث أشار المتحدث إلى نهاية محمد عبدو "التي لا تصر حبيبا ولا عدو"، والطابع الجرمي لوفاة الكواكبي الذي مات مسموما. الكنبوري اختصر وضعية العالم الاسلامي بالقول "إننا في وضعية العراك بالأيدي في الظلام حيث لا أحد يعرف من يضرب ولا من يضربه".