03 يونيو, 2016 - 09:00:00 "قد لا تتصورون في هذه اللحظة بالذات، مدى ما يغمرني من سرور صادق وعميق ونحن نجتمع في هذا البيت الإعلامي على ذكر أخينا المرحوم محمد باهي.. لنشكره على فضله الفائض على المغرب وحركته الوطنية التقدمية الدمقراطية، وعلى إثرائه وتطويره لسيرورة الممارسة الصحفية الملتزمة في المغرب"، كانت هذه كلمات عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول المغربي السابق، والزعيم الإشتراكي التاريخي، وهو يفتتح مناسبة تخليد الذكرى العشرين لرحيل الصحافي المغاربي محمد باهي (توفي سنة 1996)، والذي وصفه رفاقه بالمناضل الذي "عاش حياته حاملا للقلم والبندقية". وبهذه المناسبة احتضن مقر وكالة "المغرب العربي للأنباء"، مناسبة إحياء الذكرى العشرين لرحيل الصحافي محمد باهي، في حضور عدد من المناضلين اليساريين الذين كانت تجمعهم بهذا الرجل علاقات تنوعت ما بين الزمالة في عالم الصحافة (جريدتي المحرر والتحرير ومنابر أخرى)، والنضال الذي بدأه مع جيش التحرير، وأكمله في صفوف اليسار المغربي. وتم بمناسبة هذا اللقاء المنظم بشراكة مع "حلقة أصدقاء باهي محمد"، الإعلان عن الإصدار الرسمي للأعمال الكاملة للصحافي، المعروفة تحت إسم "رسالة باريس"، وهي مراسلة كانت تصدر كل ثلاثاء بجريدة "الاتحاد الاشتراكي" ما بين سنتي 1986 و 1996. وعبر عدد من أصدقاء المرحوم باهي عن فخرهم بالصداقة التي جمعتهم به، ليؤكدوا أنه كان "شخصا يرمز إلى الوحدة في وقت التفرقة، ولم يمل من الدفاع عن الديمقراطية والوحدة الوطنية". وأشار عدد من المتدخلين خلال هذا اللقاء إلى العلاقات التي كانت تجمعه بالنخب الفكرية عبر العالم، ك"جون بول سارتر" و"عبد الرحمان منيف"، الذي قال فيه "صحيح أن لباهي أعمالا تستحق أن تجمع، لكنه ذهب وذهبت معه أشياء أخرى لم يقلها"، ليشكروا رفاقه الذين سهروا على العمل على مشروع إخراج أعماله الكاملة على شكل كتب، والتي كان أولها "يموت الحي ولا يموت الحلم"، الذي يتطرق إلى حلم باهي في تحقيق وحدة "المغرب الكبير". وقال عباس بودرقة، المناضل الاتحادي، وأحد رفاق الراحل، إن الكاتب عبد الرحمان منيف وهو في فراش الموت كان لا يزال يدعو رفاق باهي إلى جمع أعماله، باعتبارها تراثا فكريا للعرب وغيرهم، مضيفاً أن هذا الرجل كان كريما في عطائه الفكري، لكن بخيلا على نفسه ورفاهيته، بحيث كان يصرف كل راتبه على شراء الكتب وكانت وجباته الغذائية تتنوع ما بين "الخبز والزيتون والخبز والسمك المعلب". وأشار رفيق درب باهي إلى أن لهذا الأخير قصصا كثيرة يصعب حيكيها خلال بضع ساعات، ليستطرد أن الهواري بومدين كان قد طلب من الراحل باهي أن يكون أول رئيس لما يسمى ب"الجمهورية الصحراوية" سنة 1976، خلال الفترة التي كان يشغل فيها منصب رئيس تحرير جريدة "المجاهد" الجزائرية، ليرد عليه باهي بالقول أنه "الآن في مهمة بباريس وسيفكر بالأمر"، فمرت بضعة أيام فبعث برسالة إلى الرئيس الجزائري يقول له فيها "لا أريد أن أكون عبداَ لفرانكو". ووفقاً لرفاق محمد باهي فقد كان دائما يقول إن "المغرب ليس في حاجة إلى فرنسا وأمريكا في ملف الصحراء"، فقد كتب وقتئذ مقالا تحت عنوان الخطايا التسع للدبلوماسية المغربية، والذي قال فيه أنه كان للمغرب فرصة لطي ملف الصحراء سنة 1960، لكنه ضيعها.