البام يخلف كريمين بجزئيات بنسليمان و"الحصان" يحافظ على مقعد سيدي سليمان    أزيد من 36 مليار درهم تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج عند متم أبريل    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الأغلبية تبارك ضخ 14 مليارا في الميزانية والمعارضة تنادي بتعديل قانون مالية 2024    قبل مباراته ضد مولودية وجدة.. الرجاء يطالب بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص ويطالب العصبة ببرمجة مباراة اتحاد تواركة والحسنية في 14 يونيو بدل 13 يونيو    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    أسباب شخصية تُغيّب مزراوى وريتشاريسون عن معسكر الأسود    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    منصة "إكس" تسمح رسمياً بنشر محتويات إباحية    الرقص على الجراح    الطالبي العلمي…الشراكة الإفريقية-الكورية تشكل إضافة أساسية لجهود تقدم القارة    النفط يواصل تراجعه بسبب مخاوف من زيادة المعروض    المغرب يؤيد مقترحات الرئيس الأمريكي بشأن غزة    كحول فاسدة تودي بحياة 3 أشخاص وتسمم 18 آخرين بالقنيطرة    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    الحسيمة.. 6531 مترشحا ومترشحة لامتحانات البكالوريا الجهوية والوطنية    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    الحكومة ‬الفرنسية ‬تشدد ‬الخناق ‬على ‬المستفيدين ‬من ‬المعاش ‬خارج ‬فرنسا‮    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    أول تعليق لمبابي بعد انضمامه الرسمي إلى ريال مدريد    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    فضيحة السلامة تلاحق سيارات تويوتا .. والشركة توقف بيع كورولا وياريس    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    تنصيب المدير العام الجديد للمكتب الوطني للمطارات    سيارة تدهس شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة ضواحي طنجة    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    رسميا.. كيليان مبابي ينضم إلى صفوف ريال مدريد    الأمثال العامية بتطوان... (615)    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    «البوطا» تلهب الجيوب وتحرق القلوب!    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد السالمي يكتب: في ذكرى رحيل المهدي المنجرة.. المثقف المظلوم!
نشر في لكم يوم 13 - 06 - 2018


13 يونيو, 2018 - 08:10:00
اليوم تكون قد مرت اربع سنوات على وفاة أستاذي المهدي المنجرة، أحد أبرز المثقفين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ المغرب الراهن إلى درجة جعلت اسمه مقترنا لدى الكثيرين بالمثقف العضوي العالمي الذي ظلم في بلده، رغم أن آخرين يرون في هذا الوصف نوعاً من التضخيم المبالغ لأنهم يعتبرون أن الرجل كان مناضلا ذا مواقف قوية فعلا، إلا أنه على المستوى الأكاديمي كان باحثا عاديا. وإذا كان هذا الفريق الاخير محقا في بعض أوجه الأسطرة التي نسجت حول الراحل فإن محاولة التقليل من قامة الرجل إجحاف في حقه وتنكر لموروثه.
الراحل من المثقفين القلائل الذين كانوا قريبين جداً من الشباب، وكان إذا دعي إلى محاضراتهم لا يتردد ولو للحظة واحدة في تلبية دعواتهم، وكان يقضي وقتا كثيرا في الإصغاء إليهم وتبادل وجهات النظر معهم، وعندما أنشأ موقعه الإلكتروني كان يقضي الكثير من الوقت في الرد على ايميلاتهم، لأنه كان موقنا بأن الشباب هو الأمل، وأن الحياة مواقف، وأن الهروب من الناس عار على جبين المثقفين الذين يحملون في قلوبهم حرقة شعوبهم وأوطانهم..
تعرفت عليه أول مرة أواخر التسعينات عندما كنت طالبا في المغرب، وبعد ذلك تربي بيننا نوع من الألفة التي استمرت إلى أن وافته المنية رحمه الله.
ذات مرة رافقته في محاضرة ألقاها في ورززات في نوفمبر 2002، وبعد المحاضرة استوقفني كاتب من أبناء المدينة ليسألني إن كان بإمكاني أن أرتب له لقاء مع المنجرة لكي يقدم له كتابه الجديد الذي أصدره في موضوع يخص المرأة إن لم تخني الذاكرة. عرضت الفكرة على الأستاذ فلم يمانع وضربنا معه موعدا في بهو الفندق في اليوم الموالي.
أذكر أن أول ما قاله السي المهدي خلال هذا اللقاء، بلكنته المعهودة، بعد أن شكر الكاتب ووقع في الصفحة الأولى "راه ايّ واحد خذا قلم وكتب حرف واحد له أجر"..
ولأن بوش ورامسفيلد وكل "جماعة الموت" في البيت الأبيض كانوا وقتها يحشدون الدعم الدولي لغزو العراق فإن النقاش انتقل مباشرة إلى مربع السياسة الدولية والجيوبوليتيك.
الكاتب إياه استرسل في عرض حججه التي جعلته يقول إن أمريكا لن تغزو العراق، وبقي المنجرة على عادته صامتا يصغي إليه باهتمام دون أن يقاطعه حتى اتمم فكرته.. من جهتي، طبعا، لم تكن لدى أي وجهة نظر وقتها ما عدا ما يتداول في الإعلام، لهذا التزمت الصمت ولم أكن أنوي الكلام في الموضوع إطلاقا.. وهنا قوة الراحل التي ميزته عن الكثيرين.. التفت نحوي وسألني وأنت "ما رأيك؟" إذاك تشجعت وارتجلت "رأيا" شبيها بما قاله جليسنا تماما بأن أمريكا لن تقصف لأنها ستخاف على مصالحها في المنطقة الخ..
بدأ المنجرة يشرح أن الامور لا تسير على هذا النحو.. وأن اقتصاد أمريكا منهار لهذا فإنها في حاجة ماسة إلى النفط العراقي وبالتالي فإنها مجبرة على غزو العراق وبعده ستمر إلى دول أخرى في المنطقة..
ميزة المنجرة أنه كان يطوع التاريخ والاقتصاد والجغرافيا والسياسة والدبلوماسية والديمغرافيا والعوامل الثقافية لتحليل مجريات الأحداث، واستشراف المستقبل المتوسط والبعيد، بعيدا عن المعادلات الجيوبوليتيكية المبسطة.. هذه الميزة هي التي جعلته يتبوأ مكانة مرموقة في الأوساط الفكرية السياسية الدولية، ولا أدل على ذلك من حكاية "الحرب الحضارية" التي جمعته بالمفكر الأمريكي صمويل هنتنغتون، وهي الواقعة التي كان يؤثر أن يعود إليها كل مرة مع أن هناك حلقة في الموضوع قلما يشير إليها..
خلاصة هذه الواقعة أن المنجرة أدلى بتصريح لمراسل مجلة "دير شبيغل" الألمانية في المغرب صبيحة الغزو الأمريكي على العراق سنة 1991 قال فيه إننا بصدد "حرب حضارية أولى"، وهي العبارة التي التقطها الصحفي وجعلها عنوانا للتقرير، وكانت تلك واحدة من الخرجات الإعلامية التي سطع فيها نجمه وانتقل بها إلى العالمية..
أثارت خرجة المنجرة انتباه الكثيرين لان العالم وقتها قد خرج لتوه من الحرب الباردة، وبدأ السؤال يطرح حول البديل الذي سيقوم مقام الأيديولوجيا في تحديد الاصطفافات الدولية، وفي هذا الصدد ظهرت أطروحة نهاية التاريخ لفوكوياما، وبعدها بسنتين ظهر مقال لهنتنغتون على فورين افيرز يتحدث فيه عن أطروحة "صدام الحضارات" رداً على فوكوياما، واعتبر أن الحروب في المستقبل لن تقوم على أساس الأيديولوجيا أو الاقتصاد أو العرق... بل إن الحروب في المستقبل حروب بين الحضارات، ما اعتبره المنجرة مسا بحقوقه الفكرية خصوصا أن هذا المقال هز العالم وقتها..
وفي خطوة تليق بالاخلاقيات الأكاديمية سيستدرك هنتنغتون في كتابه المعروف، الذي أصدره بعد ذلك بثلاث سنوات بنفس العنوان، وشدد في مستهل الفصل العاشر منه أن هناك آخرون سبقوه إلى الحديث عن الحروب الحضارية ومنهم "المفكر المغربي البارز المهدي المنجرة"..
المنجرة سبقه فعلا إلى هذه الفكرة ولكنه ليس أول من طرحها. أول من طرحها هو برنار لويس وكان ذلك سنة 1956، وبعدها أثيرت مرة أخرى في الحرب الأفغانية السوفيتية، غير أن ميزة المنجرة أنه أول من أشار إليها عندما كان العالم كله تائها يبحث عن نظرية جديدة في السياسة الدولية تعتمد على متغيرات بديلة للايديولوجيا.
بل أكثر من ذلك، لأنني اشتغلت كثيرا على هذه النظرية، أي صدام الحضارات، وناقشت نقط قوتها وقصورها مع مفكرين عالميين، موالين ومناهضين لهنتنغتون، في فيلم وثائقي عن كتاب هنتنغتون سيبث قريبا على الجزيرة ضمن برنامج "خارج النص"، فإن هناك شعور بالغبن يتولد لدى المرء عندما يضع هذا الكتاب الضخم تحت مجهر علم التاريخ وعلم السياسة والانثربولوجيا ليتضح أنه كتاب مليء بالمغالطات والأخطاء حتى أنك تخرج بانطباع مفاده أن الفكرة الوحيدة فيه هي منطوق النظرية التي يلخصها العنوان إلى حد بعيد، ويبقى السؤال المطروح هو الآتي :
لو كتب المنجرة كتابا للدفاع عن فكرته فهل سيكون بهذه الرداءة؟
الله أعلم. رحمك الله يا أستاذي العزيز وأسكنك فسيح جنانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.