مدغشقر ترحب بقرب افتتاح سفارتها بالرباط    دياز يؤكد تطلعه لإهداء الجمهور المغربي لقبا قاريا    الماكينات الألمانية تبحث عن انطلاقة قوية في افتتاح اليورو أمام اسكتلندا    هيفاء وهبي تخرج عن صمتها بخصوص الانتقادات التي طالتها في مهرجان "كان"    يوم الحسم.. حسابات اللقب تقرب الرجاء من التتويج وصراع لتفادي النزول    المنتخب المغربي للسيدات يتراجع بمركز واحد في تصنيف "الفيفا"    "النارسا" تدعو مستعملي الطرق إلى مضاعفة الحيطة وتوخى الحذر بمناسبة عيد الأضحى    عيد الأضحى.. مناسبة مترسخة في العادات والتقاليد المغربية    السكوري يبحث تسريع فرص الشغل مع المنتدى الاقتصادي العالمي    عملية حياكة كسوة الكعبة المشرفة: رحلة تمتد لأشهر تحت إشراف أمهر الحرفيين    ابتدائية مراكش تؤجل النظر في ملف كريمة غيث    إدانة شديدة للتجنيد العسكري للأطفال في مخيمات تندوف..    البحث جارٍ عن ق.اتل "فرطيوة" بعد ج.ريمة م.روعة في طنجة    بمناسبة عيد الأضحى.. ابتسام بطمة تدعو لشقيقتها دنيا بالفرج    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تدعو إلى مقاطعة أنشطة وكالات الإشهار المتعاملة مع المؤثرين    المجلس العلمي يحذر من شراء أضحية العيد عبر هذه الطريقة    شادي رياض ينضم إلى كريستال بالاس    البيجيدي يحذر أخنوش من خطورة الاستعلاء والاعتداد بالنفس والمال والسلطة    طلبة كلية الطب يشترطون توقيع محضر اتفاق لانفراج الأزمة    مغاربة يدعون إلى مقاطعة منتجات دول داعمة لإسرائيل    الخزينة العامة تكشف المداخيل الجمركية    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    يقطنه مهاجرون من الحسيمة والدريوش.. ارتفاع عدد قتلى انهيار مبنى بانتويربن    عيد الأضحى يُغير مواعيد حافلات الدار البيضاء    الصناعة التحويلية.. ارتفاع الرقم الاستدلالي للإنتاج بنسبة 2 في المائة    أسعار النفط تتجه صوب تسجيل أفضل أداء أسبوعي في شهرين بدعم من توقعات الطلب    الانسحاب الجماعي من "كنوبس"!    " الوادي الكبير" بانُوراما روائيّة مُشوِّقة ومُؤلِمة عن الأندلس    أنواع الكتابة النقدية    مطار مراكش -المنارة يستقبل أول رحلة مباشرة قادمة من مونتريال    الأمم المتحدة تحذّر: إرسال فتيات إلى بلدان تسمح بختان الإناث يُعيق الجهود العالمية        زهير لهنا: غزة لها بصمة خاصة والمغرب يحظى بتقدير كبير في فلسطين رغم التطبيع (فيديو)    رئيس هيئة ضبط الكهرباء يشارك في افتتاح تجمع هيئات ضبط الطاقة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط    جنود إسرائيليون يحولون مسجد رفح إلى مكان ل"الطبخ" وإساءة للنبي محمد (فيديو)    الطريق معبدة أمام فون دير لاين للظفر بولاية ثانية على رأس المفوضية الأوروبية    أربعة قتلى في انفجار مبنى بأنفيرس البلجيكية    سوق الأكباش..المتضررون والمستفيدون    أبرز النجوم خلال 16 نسخة من كأس الأمم الأوروبية    أوروبا 2024: بيدري ومودريتش في مواجهة تحمل نفحة الكلاسيكو    الإعلام الفرنسي ينتقد "الانجراف الشديد" لإيمانويل ماكرون    الشرطة القضائية بالبيضاء تفتح بحثا قضائيا بعد فرار سجين    التعاون الثقافي بين الرباط وبكين يجمع بنسعيد بنظيره الصيني    العطش يتربص بسكان تاكونيت بزاكورة تزامنا مع عيد الأضحى ومطالب بحلول عاجلة    لتفادي الخصاص.. بنك المغرب ينسق مع الأبناك لتأمين التموين الكافي للشبابيك البنكية بالأوراق النقدية في أيام العيد    المحكمة العليا الأميركية تلغي حكما فرض قيودا على "حبوب الإجهاض"    مطالب بتدخل الداخلية في تسمية رئيس مقاطعة المرينيين بفاس لشارع باسم والده    الاتحاد الدولي للكرة الحديدية يُقر عقوبات ثقيلة بحق رئيس الجامعة الملكية المغربية ولاعبين بالمنتخب    وفيات في صفوف الحجاج المغاربة تسائل القدرة على الإقناع بالتوصيات الصحية    انطلاق أولى رحلات قطار المشاعر المقدسة لموسم حج 1445ه    دسم احتفالية عيد الأضحى يحتاج الحيطة للعناية بالصحة    غابة سَحيقة من الانْتِظار    إضرابات الشغيلة الصحية ترهن تلقيح الأطفال ومخاوف من انتشار الحصبة    مخاوف ‬في ‬أوساط ‬علمية ‬عالمية ‬من ‬انتشار ‬فيروس ‬يعيد ‬شبح ‬كورونا..    وفاة 5 حجاج مغاربة قبيل انطلاق مناسك الحج لموسم 2024    إنتاج أفلام جيمس بوند يحصل على "جائزة أوسكار فخرية"    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقتل "عبان رمضان" يطفو على سطح السياسة في الجزائر
شهادات اعتبرته قائدا فذا وأخرى أرجعت نهايته إلى مواقف متسرعة
نشر في مغارب كم يوم 14 - 03 - 2012


الجزائر "مغارب كم ": نسرين رمضاني
عبان رمضان..اسم لم يبق منه سوى ما يتذكره الجزائريون أثناء المرور بأحد شوارع عاصمتهم أطلق عليه اسم الرجل، إقرارا بدوره الثوري الكبير.. كما أطلق على محكمة قضائية تقع بالشارع نفسه، يقصدها المواطنون من اجل استخراج وثائق لإغراض إدارية.
لكن بين الذكرى وتاريخ هذا الثائر من أجل التحرير حكاية تنسج خيوطها وسط جدل يثار في كل مرة حول هذه الشخصية، انطلاقا من خلفيات سياسية وإيديولوجية طغت على توجهات الثورة الجزائرية رغم التقائها عند هدف تحقيق الاستقلال .
وجاءت إثارة قضية "عبان رمضان" خلال السنوات الأخيرة، في سياق الاعترافات والشهادات التاريخية لبعض مناضلي الكفاح إبان الثورة التحريرية. وردت على شكل مذكرات تتضمن معلومات وإضاءات عن أطوار الثورة والتي ظلت خافية عن الجزائريين طيلة عقود من الزمن،من باب ما يسميه بعض ثوار نوفمبر "الحرص على المصلحة الوطنية".
غير ان هذا التكتم عن سرد مجريات التاريخ ووقائعه كان محل رفض العديد من المؤرخين والسياسيين الذين رأوا حتمية سرد كل الحقائق للأجيال القادمة،على اعتبار إن ارتكاب الأخطاء أمر طبيعي في كل ثورات العالم، حين يبرز تباين الأفكار والإيديولوجيات أثناء خوض الكفاح .
ويكفي أن الثورة الجزائرية نجحت في تحقيق الاستقلال الذي ظل هدفا مشتركا بين كافة الأطياف السياسية.
يمثل عبان رمضان، احد أوجه هذا الاختلاف، كونه أثر تقديم الفكر على السلاح في تحديد منطلقات الثورة، غير انه اصطدم مع من رأوا إن السلاح هو الوسيلة الوحيدة والفعالة في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي، وحينها تبلورت في ذهن خصومه خطة اغتياله بعد أن اقتيد الى الحدود الجزائرية المغربية لتصفيته.
وتتعد القراءات بخصوص مقتل "رمضان"، هناك من يرى أن قيامه بهندسة مؤتمر "الصومام" في منطقة القبائل الصغرى (بجاية) كان سببا في اغتياله سنة بعد انعقاده في هذا الصدد يشير المجاهد "احمد محساس" ان"رمضان" وجد نفسه وحيدا في لجنة التنسيق والتنفيذ والمجلس الوطني للثورة، علما إن "محساس" نفسه كان احد المعارضين للمؤتمر الى جانب احمد بن بلة، لكون المؤتمر"خليط مركب" كاد برأيهما أن ينسف الثورة ويؤدي بالبلاد إلى المجهول.
إما الراحل عبد الحميد مهري، فقد اعتبر عبان رمضان، واحدا من القادة البارزين في الحركة الوطنية والثورة الجزائرية، ومن الطبيعي أن تبقى قضيته مثار البحث والتساؤل•وابدي رأيا مخالفا في مسالة تصفيته بالقول إنها ليست قضية ذات طابع شخصي، بل ذات جوانب سياسية وتنظيمية معقدة .
ويعتقد مولود حمروش، رئيس الحكومة الأسبق أن رمضان، لم يأت بفكرة عقد مؤتمر "الصومام" لكنه قام بتنظيمه وأعطى بعدا للثورة، ورسم معالم الدولة من خلال النصوص التي وضعها، إذ أعاد هيكلة الثورة والمجتمع بكامله، من خلال إحداث تنظيمات عمالية وطلابية ذات علاقة بالثورة . وفي نظر"حمروش" فإن نصوص مؤتمر "الصومام"حملت بعدا قانونيا، نافيا كل ما نسب لعبان رمضان، من محاولة الاستيلاء على قيادة الثورة، عبر الانفراد بتنظيم مؤتمر "الصومام" اقتداء ب مصالي الحاج، في الأربعينيات.
وأوضح حمروش، أن مجموعة 22 التي قررت تفجير الثورة، اتفقت على اللقاء مجددا بعد أشهر من انطلاق العمل المسلح، لتقييم الأوضاع ، وكان ذلك من خلال عقد مؤتمر الصومام.
وعلى عكس، حمروش يرى بلعيد عبد السلام، رئيس الحكومة الأسبق أن المشاكل بدأت بعد اتضاح نية،عبان ورغبته الجامحة في مزاحمة القيادات التاريخية الكبيرة التي فجّرت الثورة، وطموحه العلني والمتزايد في الاستحواذ على القيادة والتربع على هرم السلطة الثورية، بعدما تشكلت لديه قناعة خطيرة بأنه المؤهل والجدير بالقيادة، بحجة تفوقه في المستوى الثقافي، مقارنة ببقية القادة الميدانيين الشعبيين، مما دفع بالقيادات المناوئة له إلى اتخاذ قرار تصفيته.
أما، لخضر بورقعة، أحد أهم قادة الولاية الرابعة التاريخية، فنفى أن يكون عبان رمضان، قام بانقلاب على مشروع الثورة، مؤكدا أن "اغتياله كان خطأ جسيما في التقدير السياسي" وأنه هو الذي ملأ فراغ الثورة بعد مرحلة الغموض التي سادتها خلال الفترة الممتدة بين 54 و56، بسبب غياب الاستمرارية بين نداء أول نوفمبر والواقع الذي فرضته تطورات الأوضاع، و هو نفس ما أكده ، ياسف سعدي، أحد "كوادر" الثورة التي فجرت معركة الجزائر، بالقول أن رمضان "لم يكن أبدا خائنا للثورة، بل اعتبره واضع الأسس الأولى الدولة الجزائرية" المستقلة بفضل الجهود التي بذلها في مؤتمر الصومام.
ومن جهته أكد، رئيس المجلس الأعلى للدولة الأسبق، علي كافي، في مذكراته التي أصدرها إبان صائفة 2004 أن رمضان "انحرف عن خط الثورة وحاول تجاوز القرار الجماعي وأنه دخل في مفاوضات مع فرنسا بشكل منفرد ودون استشارة القيادة السياسية للثورة"، وهو موقف دفع بعائلة عبان رمضان، إلى رفع دعوى قضائية ضد "كافي" والمطالبة بسحب مذكراته من السوق، وذلك ما انتهت إليها القضية.
ويبدو أن الجدل حول الشخصية المثيرة، ما دفع، بلعيد عبان، ابن عم "رمضان" إلى إصدار كتاب يحمل عنوانا مثيرا "بن بلة، كافي وبن نبي.. ضد عبان رمضان ..الأسباب الخفية للحقد" لتصحيح النظرة تجاه قريبه، واصفا الحملة التي قادها المذكورون في العنوان "بالحاقدة والمغرضة"
غير إن الجديد في الجدل الذي طفا على السطح بشأن القضية، يتمثل في إدراج اسم المفكر "مالك بن نبي" في خضم الحملة التي تستهدف مهندس مؤتمر الصومام، بل يمكن القول ان العديد من المهتمين بتاريخ الجزائر يجهلون طبيعة العلاقة بين المفكر الإسلامي الفرنكفوني والشخصية الثورية.
وأشار مؤلف الكتاب الذي صدر مؤخرا الى إن الحملة كانت تخفي كثيرا من الحقد وقليلا من الاختلاف الإيديولوجي، معتبرا، مالك بن نبي، دخيلا على الثورة التحريرية، في حين فسر حملة،علي كافي، على ابن عمه بكونها تندرج في سياق تصفية الحسابات، على اعتبار ان عبان رمضان، ابعد "كافي" من حضور مؤتمر الصومام عام 1956.
أما احمد بن بلة، رئيس الجمهورية الأسبق، فكشف الكاتب بشأنه ان مسؤول المخابرات المصري السابق "فتحي الديب" منعه من حضور إشغال مؤتمر الصومام.
وهكذا يبقى اغتيال عبان رمضان، لغزا محيرا مع انه أحد قادة الثورة المشهود لهم بالحنكة السياسية والخبرة
العسكرية . ولم تجب الشهادات التي أدلى بها رفاقه، عن أغلب التساؤلات العالقة بخصوص خلفيات مصرعه. فهذا العقيد،عمار بن عودة، احد المشاركين في الثورة يرد على كتاب بلعيد الذي اتهمه فيه بالتشفي لمقتل ابن عمه، حينما صرح بن عودة، انه لا احد يشكك في وطنية عبان وأفكاره الثورية ولكنه دفع ثمن أخطائه دون إن يبين حقيقة ونوعية الأخطاء التي كلفته حياته.
وما يمكن استخلاصه من هذا الجدل، ان عبان رمضان، دفع ثمن تبعات مواقفه منذ مؤتمر الصومام بتغليب فكره السياسي على العسكري والداخل على الخارج، كما يعود سبب المشكلة إلى المنطلقات الفكرية للثورة الجزائرية.
هل يتم الاقتداء بمبادئ أول نوفمبر التي يراها البعض ذات بعد عربي إسلامي أم مبادئ مؤتمر الصومام 1956 التي تبنت منحى يساريا ؟
ولحد الآن يظل الجدل قائما بشأن ما إذا كان ذلك المؤتمر انحرافا عن الثورة.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.