الرجاء يطرح تذاكر افتراضية لمباراة مولودية وجدة    تقرير رسمي: أزيد من 100 ألف طفل يشتغلون بالمغرب وأغلبهم يقومون بأشغال خطيرة    بعد آسفي.. انتحار تلميذة بتطوان    تقرير أمريكي يصنف طنجة في المرتبة 17 ضمن أكثر المدن غلاء في افريقيا    الاتحاد المصري يجمد عقوبة المغربي الشيبيي    إسبانيا المصدر الأول من الاتحاد الأوروبي إلى المغرب في سنة 2023    السكوري: المغرب قلص عدد الأطفال العاملين ب 94 في المائة    إسبانيا تلغي الاختبار النظري للسائقين المغاربة.. خطوة نحو استقدام 26 ألف سائق    رئيس مقاطعة المرينيين يرد على ضجة تسمية شارع باسم والده: "لم نحذف اسم يوسف بن تاشفين... ولم أقترح اسم والدي"    إذا كان نظام الكابرانات يؤمن بتقرير المصير فليفتح مخيمات تندوف!!    العرائش.. تنسيق أمني يُطيح بمطلوب وطنيا في الاتجار بالكوكايين    مركز الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم بالجديدة يحتفي بتلاميذه في حفل اختتام الموسم الدراسي    بايتاس: ملتزمون بتعهداتنا مع طلبة الطب والصيدلة    الحكومة تعيد تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين    الحكومة تحل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    أسعار النفط ترتفع بدعم من توقعات انخفاض المخزونات العالمية    عشرات القتلى في حريق مهول بمنطقة سكنية بالكويت    السعودية تطلق تجربة التاكسي الجوي لأول مرة في موسم الحج    الملك محمد السادس يهنئ بوتين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    غلاء أسعار الأضاحي.. بايتاس: الحكومة قامت بمجهود كبير واتخذت إجراءات    النيابة العامة تمنح "مومو" خبرة الهواتف    الأرصاد الجوية تفسر أسباب تقلبات الطقس مع بداية فصل الصيف بالمغرب    للمرة الثالثة على التوالي.. عصبة الهواة تؤجل الجولة الأخيرة من المباريات بسبب شكوك في وجود تلاعبات    مهرجان أكورا للسينما والفلسفة: فيلم بلجيكي يحصد جائزة ابن رشد للفيلم الطويل    بايتاس: القطيع الوطني في حالة صحية جيدة وسيتم الإعلان عن امتحانات طلبة الطب قريبا    أول تعليق لعموتة بعد قيادته الأردن للفوز على السعودية في عقر دارها    دياز: المغرب يختم الموسم بفوز كبير    تزايد الإقبال على اقتناء الملابس التقليدية بمناسبة عيد الأضحى    الإيسيسكو تجدد التأكيد على التزامها بالمساهمة في القضاء على تشغيل الأطفال    "تقرير أممي يكشف عن كمٍ غير مسبوق من الانتهاكات ضد الأطفال في غزة والضفة الغربية وإسرائيل" – الغارديان    توقيع اتفاقية تعاون بين جهة الشرق وجهة اترارزة الموريتانية    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    أول تعليق لمدرب الكونغو بعد الهزيمة الثقيلة أمام "أسود الأطلس"    رغم المرض .. المغنية العالمية "سيلين ديون" تعد الجمهور بالعودة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قدوم أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج السعودية عبر المنافذ الدولية    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    إذاعة فرنسا العامة تطرد كوميديا بسبب نكتة عن نتنياهو    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    تحقيق للأمم المتحدة: النطاق "الهائل" للقتل في غزة يصل إلى جريمة ضد الإنسانية    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آمال موسى – "الشرق الأوسط": هل ما يجري في تونس شبيه بكرة الثلج؟!
نشر في مغارب كم يوم 08 - 12 - 2012

كرة الثلج: تعبير مجازي بليغ يصف حدثا يبدأ صغيرا وهامشيا ثم يتطور إلى أن يصبح ضخم الحجم والتداعيات، وهو ما يشبه كرة ثلج صغيرة تتدحرج من أعلى قمة ثلجية، وتتحول أثناء عملية التدحرج هذه إلى كرة سميكة كبيرة. فهل ما يحدث في تونس اليوم وتحديدا في هذه الأيام تنطبق عليه قصة كرة الثلج ومعانيها المجازية أم أن الأمر مختلف؟
إن دخول عدة ولايات تونسية في إضراب مفتوح، إضافة إلى إمكانية دخول كل البلاد في إضراب عام، وأيضا استفحال لغة العنف، كلها نتائج وخيمة وتشير إلى واقع تونسي حالي سمته الأساسية التوتر في درجاته القصوى.
فما حصل يوم الثلاثاء من اعتداء على منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات التونسية وأكثرها عراقة، من قِبل مجموعات قيل إنها محسوبة على رابطات حماية الثورة، يمثل الاعتداء الأكثر خطورة من منطلقات عدة؛ أولها توقيت الاعتداء في حد ذاته، حيث تزامن مع إحياء هذه المنظمة الذكرى الستين لاغتيال الزعيم النقابي المؤسس للاتحاد فرحات حشاد. كما أن هذا الاعتداء استهدف مكونا أساسيا في المعادلة الوطنية السياسية في تونس.
والنقطة الثالثة التي تؤكد خطورة الأوضاع أيضا هي تواصل وجود ما يسمى رابطات حماية الثورة، مع ما تعنيه تسمية هذه الرابطات من مزايدات، ناهيك بتفويض ذاتي لحماية الثورة من خلال استخدام القوة التي يبدو أنها تعتبرها مشروعة وتستند إلى شرعية الثورة، وهو ما يعني أنها تتقمص - أي رابطات حماية الثورة - دور الدولة التي هي وحدها المخولة باستخدام العنف الشرعي كما يسمى في أدبيات العلوم السياسية.
كما أنه يصعب فهم هذه التوترات التي بلغت حد العنف دون استحضار أحداث ولاية سليانة التي عاشت الأسابيع الأخيرة على وقع أحداث وإضرابات تطورت في الاتجاه السلبي عندما استعمل رجال الأمن سلاح «الرش» الذي أصاب عيون عدة مواطنين من ولاية سليانة التونسية، وهي نقطة ولدت استهجانا على المستوى الشعبي ورفضا واضحا لإيذاء المواطن التونسي جسديا في تونس ما بعد الثورة.
ذكرنا في ما يشبه الحوصلة أهم أحداث الأسابيع الماضية، وهي في اعتبارنا مدخل مهم لفهم التوتر الاجتماعي الحاصل اليوم في تونس. والملاحظ أن أغلب الممثلين للحكومة في تدخلاتهم وتصريحاتهم في وسائل الإعلام عبروا عن استغرابهم ودهشتهم مما آلت إليه الأوضاع، التي كان شرارة انطلاقها شجارا نشب بين موظف ومواطن تطور إلى حد المطالبة برحيل الوالي.
وفي الحقيقة اختزال كل التوتر الحاصل في شجار بين شخصين هو اختزال ساذج ومجحف ويعبر عن قصور في قراءة الحركات الاجتماعية وفي مقاربة أسبابها، ذلك أن الشرارة التي أدت إلى أحداث سليانة ليست أقل نارا من الشرارة التي أدت إلى اندلاع الثورة التونسية. بمعنى أن الوقوف عند شرارة الحدث هو مقاربة سطحية للحدث، فلكل حدث لا بد من شرارة تعبر عنه، وكثيرا ما تكون تلك الشرارة صغيرة وضعيفة الأهمية.
لذلك، فالقراءة السليمة هي التي تركز على الأسباب التي لم تكن الشرارة فيها سوى ناقوس للإعلان عنها. ومن هذا المنطلق فإن الواقع الاجتماعي والاقتصادي التونسي ما زال أمامه الكثير من الشرارات القادمة ما لم تتم الإحاطة بالمشكلة الأساسية التي من أجلها قامت الثورة التونسية واندلعت، أي لقمة العيش والعمل والكرامة.
كل التوترات الصغيرة والكبيرة الحاصلة في مجال الإدارة والفضاء العمومي، إنما هي تعبر عن استمرار وجود طاقة احتجاجية لدى فئات عريضة من التونسيين، وهي طاقة مسؤول عن تأججها وازدياد احتقانها الحكومة والمعارضة وكل الأطراف التي تناست المضمون الاقتصادي المهيمن على مضامين الثورة التونسية ككل. فلقد انشغلت النخب بالصراع العلماني الإسلامي وسيطر التجاذب الآيديولوجي على مسودة الدستور وعلى البرامج الحوارية في القنوات التونسية، ووجد العاطلون والفقراء في تونس أنفسهم أمام اهتمامات إعلامية وسياسية وحزبية تركز بالأساس على مسألة تجريم المقدسات وتجريم التطبيع وغير ذلك من المواضيع التي مهما كانت مهمة فإن أذن الجائع وصاحب الجيب الفارغ لا تستطيع أن تكتفي بها.
وعندما نضع أرقام الفقر ونسبة العاطلين أمامنا، فإن ما حصل في سليانة إنما هو في واقع الأمر نتاج المطلبية الاجتماعية وليس شجارا بين شخصين، ولو كانت الأوضاع التنموية أفضل لظل الخلاف ضمن حدوده الضيقة. لذلك فإن تركيز جميع الأطراف على التنمية برامج ومشاريع ورؤية هو الحل، وإذا ظلت النخب تدور حول تجاذباتها فإن أمامها كرات كثيرة من الثلج!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.