( بقلم عبد الرزاق طريبق ) يستعد الملايين في آسيا التي تضم 60 في المائة من سكان العالم لمشاهدة مباريات كأس العالم في كرة القدم، والتي كانت إلى عهد بعيد رياضة غير شعبية في بلدان المنطقة ، وأصبحت حاليا تحظى بالاهتمام بفعل حملات الترويج الكبيرة ، والاحتضان الواسع للشركات الآسيوية الضخمة. وأنفقت شبكات التلفزيون المحلية ملايين الدولارات لشراء حقوق البث، وتكلفت الشركات الاقتصادية الضخمة في المنطقة التي تعرف نموا هاما وتضم ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم ، علاوة على عدة نمور صاعدة تحتكر احتياطيات ضخمة من تريليوني دولار، بإبرام صفقات إشهارية بملايين الدولارات جعلت جميع شبكات التلفزيون صاحبة الحقوق تبث مختلف المباريات أل 64 مجانا. وعلى خلاف القارة الإفريقية حيث يسجل باستغراب منح الاتحاد الدولي ( الفيفا ) لحقوق البث لمتعهدين من خارج المنطقة، جعلوا من الحدث الرياضي فرصة ابتزاز مقيتة للشعوب والحكومات خصوصا في منطقة شمال إفريقيا، ففي آسيا منحت الحقوق للتلفزيونات المحلية، وكانت الأسعار في الغالب في المتناول بالنظر للوضع الاقتصادي للبلد وحجمه السكاني وامتداده الجغرافي. - 292 مليون دولار لتمكين الصين ربع سكان العالم من مشاهدة المونديال حصل التلفزيون المركزي الصيني على حقوق البث لمجموع المباريات أل 64 والتي سيبثها مجانا ولعموم الصينيين البالغ عددهم مليار و300 مليون بمبلغ 292 مليون دولار. وحسب صحيفة "تشاينا ديلي " فإن هذا المبلغ الضخم يعكس مدى اهتمام الصينيين ولكن بالخصوص الشركات الضخمة المعلنة بهذا الحدث الرياضي الهام الذي أصبح يحظى باهتمام بالغ في الصين ، هذا رغم كون المنتخب الكروي الصينى أخفق فى التأهل لمونديال 2010 وعرفت كرة القدم في البلاد انتكاسة خلال عام 2010 بعد سلسلة فضائح الرشوة والفساد والترتيب المسبق لنتائج مباريات الدوري وهي الفضيحة التي أطاحت بكبار المسؤولين الكرويين في البلاد. وفي الهند التي تعد سوقا ضخمة ناشئة، ورغم أن رياضة الكريكيت تحظى بشعبية كبيرة إلا أن الاهتمام برياضة كرة القدم يوجد في تزايد مستمر، وقد دفعت شبكة "إي إس بي إن ستار" مبلغ 40 مليون دولار لنقل مختلف المباريات ويبدو هذا الرقم ضعيفا في الواقع إذا ما قورن بعدد سكان البلاد الذين يفوقون المليار نسمة، لكن برأي المراقبين فإن اهتمام المعلنين ظل فاترا بالنظر لكون العدد المتوقع لمتابعة المباريات سيكون في حدود 125 مليون نسمة لا غير. وفي أستراليا فإن قناة "إس بي إس" والتي لديها شبكة قنوات تلفزيونية وإذاعات ومواقع أنترنيت هي التي تملك الحقوق دفعت حسب صحيفة "ذي أوستراليان" مقابل ذلك 20 مليون دولار أسترالي أو نحو 16 مليون دولار أمريكي . وأضافت الصحيفة أن الشبكة التي ستبث جميع المباريات أل 64 مجانا وبدون تشفير قد استردت تقريبا كل المبلغ من صفقات الإشهار التي أبرمتها لحد الآن. وفي اليابان فإن مالكي الحقوق وهما تلفزيون "إن إتش كي" العمومي وقناة أخرى خاصة دفعا 190 مليون دولار للحصول على الحقوق، وتتولى شركة الإشهار المحلية الضخمة "دينستو" احتكار عمليات بيع المساحات الإشهارية والتي يتوقع أن تبلغ مئات الملايين من الدولارات بالنظر للشعبية الكبيرة التي تحظى بها رياضة كرة القدم في اليابان وللإمكانيات الاقتصادية الضخمة التي يتيحها ثاني أكبر اقتصاد عالمي حيث تتوقع محطات التلفزيون ملايين الدولارات من العائدات الإشهارية. وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قد توقع أرباحا تقدر بنحو 5ر2 مليار دولار من البث التلفزيوني، من إجمالي 5ر3 مليار دولار هو الدخل التجاري للمونديال برمته.
--- سيول تعرض على جارتها الشمالية مجانية المباريات
ويمتلك تلفزيون "إس بي إس" الكوري الجنوبية حقوق بث المباريات أل 64 في شبه الجزيرة الكورية، وعليه يتوقف أن يشاهد الكوريون الشماليون المشاركون في مونديال جنوب إفريقيا لثاني مرة في تاريخهم المباريات ( أول مشاركة تعود إلى مونديال 1966 في أنجلترا) . وقد اقترح تلفزيون "إس بي إس" أن يمكن التلفزيون الشمالي من نقل مجاني للمباريات لكن شريطة أن تسمح كوريا الشمالية لفرق تلفزيونية تابعة ل"إس بي إس" بتصوير روبرتاجات حول الجماهير الشمالية وهي تشاهد المباريات في بيونغ يانغ. لكن بيونغ يانغ لم تواقف بعد على العرض. وكان التلفزيون نفسه قد نقل المباريات مجانا إلى الشمال في عام 2006، وخلال تلك السنة ساهمت حكومة سيول بميزانية قدرها 132 ألف و500 دولار لنفقات الربط عبر الأقمار الاصطناعية. لكن الوضع هذه السنة متوتر نسبيا وبإمكان الجنوبيين حرمان الشماليين من مشاهدة المباريات كإجراء قد يعتبر انتقاما من غرق البارجة الحربية الجنوبية التي غرقت على الحدود الشمالية في 26 مارس الماضي وقتل 46 من أفراد سلاح البحرية، واتهمت سيول رسميا بيونغ يانغ بالضلوع في الحادث. وقال وزير الوحدة الكوري الجنوبي في وقت سابق إن بلاده لها الحق في وقف البث، لكن يتعين انتظار نهاية المباحثات التي ستجري بين مؤسسة تلفزيون "إس بي إس" والتلفزيون المركزي الكوري الشمالي. وستواجه كوريا الشمالية البرتغال والبرازيل والكورت ديفوار ضمن المجموعة المجموعة السابعة التي أطلق عليها "مجموعة الموت". ويذكر أن منتخب كوريا الشمالية كان قد بلغ دور ربع النهاية في مشاركته الأولى في مونديال أنجلترا عام 1966 .