قدم خبير مغربي، أمس الأربعاء ببيروت، المحاور الاستراتيجية لإصلاح النظام الموازناتي في ظل القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 1998، مستعرضا أهمية اللجوء إلى ميزانيات الأهداف والبرامج في إصلاح النظام الموازناتي. كما قدم السيد محمد حداد نائب مدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية، خلال الاجتماع السنوي الرابع لكبار مسؤولي الموازنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي ينعقد يومي 21 و22 شتنبر الجاري، خصائص وأهداف المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية. فبخصوص المحاور الاستراتيجية للإصلاح، أوضح السيد حداد أن أولها يتمثل في تعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي من خلال اعتماد التوقع متعدد السنوات في الميزانية، وربط النفقات العمومية بتحقيق النتائج، واعتماد التقييم وتقديم الحسابات. وأضاف أن المحور الاستراتيجي الثاني، المتمثل في تقوية شفافية المالية العمومية، يقوم على تعزيز المباديء الأساسية المنظمة للمالية العمومية، واعتماد قواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي وشفافية تدبير الميزانية، وتبسيط قراءتها. أما المحور الاستراتيجي الثالث فهو تعزيز دور البرلمان في مناقشة الميزانية عبر تعديل الجدول الزمني وقوانين التصفية وقوانين المالية التعديلية، وإغناء المعطيات المقدمة للبرلمان، ومراجعة طريقة التصويت على قانون المالية. وفي ما يتعلق بتفعيل الإصلاح، أوضح السيد حداد أنه إصلاح تدريجي للمقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي لقانون المالية على مدى خمس سنوات بعد سنة نشره بالجريدة الرسمية، وإحداث وحدة إدارية تابعة لوزارة الاقتصاد والمالية تسهر على تفعيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية بتنسيق مع مختلف الإدارات المعنية. وأشار إلى أن تفعيل الإصلاح يكون من خلال نشر مضمونه وتعميمه على نطاق واسع، وإعداد وتتبع تفعيل مخططات التواصل والتكوين، وتحديد طرق تفعيل مقتضيات الإصلاح من أجل إنجازها في الإدارة العمومية. ويتم هذا الإصلاح أيضا من خلال تجريب المقتضيات الجددية من أجل تعزيز تبنيها من المديرين المعنيين، وتركيز دعائم الإصلاح، وتعميم الأنظمة المعلوماتية خاصة على المستوى اللاممركز ما سيمكن من توفر المزيد من المعلومات حول تنفيذ النفقات العمومية والنتائج المسجلة. وذكر السيد حداد بأن الإصلاح الأخير للقانون التنظيمي لقانون المالية (1998) جاء باعتماد جدول زمني جديد للمصادقة على قانون المالية، وتوضيح المباديء الموازناتية، وحذف الميزانيات الملحقة، وتخفيض عدد الحسابات الخصوصية للخزينة، وتوطيد الشفافية بالنسبة للبرلمان، وتبسيط مساطر تدبير الاعتمادات والمناصب المالية، وتأطير التأهيل المخول للحكومة. ورأى الخبير المغربي أنه، بالرغم من كل هذا، بقيت الإدارة تحت ضغط معيقات تتمثل في التمركز المفرط للكفاءات والوسائل في غياب أهداف واضحة وبرامج استراتيجية، والتدبير الموازناتي والمالي غير المعقلن والمراقبة الدقيقة والمكلفة، وغياب التدبير عن قرب وغياب ثقافة المحاسبة البعدية. وحول أهمية اللجوء إلى ميزانيات الأهداف والبرامج، قال إنه "أمام المعادلة الصعبة المتمثلة في تقليص المداخيل وارتفاع الحاجيات، أصبح من اللازم حسن استعمال الموارد من أجل تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وكذا منح المدبرين مزيدا من المرونة في التدبير". واعتبر نائب مدير الميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية أن ذلك "يستدعي اللجوء إلى مقاربة جديدة ترمي إلى تحسين فاعلية ونجاعة الإدارة وترشيد النفقات العمومية وتخفيف الرقابة المالية وتبسيطها مع تعزيز الرقابة الداخلية والرقابة البعدية على تنفيذ الميزانية". وأبرز السيد حداد أن هناك مقتضيات دستورية جديدة في مجال تدبير المالية العامة تهم أساسا المسؤولية المشتركة للحكومة والبرلمان في الحفاظ على توازن مالية الدولة (الفصل 77). وأضاف أنه يجب أن يحدد القانون التنظيمي لقانون المالية طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية (الفصل 75). وتحدث عن المسطرة الجديدة للتصويت على قانون المالية حيث يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها، في مجال التنمية، إنجاز المخططات التنموية الاستراتيجية، والبرامج متعددة السنوات، التي تعدها الحكومة وتطلع عليها البرلمان. كما تحدث عن انعقاد جلسة برلمانية كل سنة مخصصة لتقييم السياسات العمومية (فصل 101)، وعن إيداع الحكومة لقانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا وذلك خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون، ويتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانيات التجهيز التي انتهت مدة نفاذها (الفصل 76). ورأى أن كل هذا يستلزم إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 1998 من أجل ملاءمته مع المستجدات الدستورية الجديدة وحاجيات التدبير الحديث المبني على فاعلية ونجاعة التدبير العمومي التي تم تطبيقها وتجربتها بصفة تدريجية خلال السنوات العشر الأخيرة. أما عن خصائص وأهداف المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية، فأوضح السيد حداد أنها مقاربة شمولية ومدمجة لمسلسل تدبير الميزانية، وتدريجية وإرادوية تأخذ بعين الاعتبار قدرات المدبرين، وتشاركية على مستويي الإعداد والتطبيق، ومنتوج مغربي أخذ بعين الاعتبار التجارب الدولية الناجحة. ولخص أهداف هذه المقاربة الجديدة في تطوير منطق النتائج وثقافة تقديم الحسابات، ومنح مزيد من المسؤولية والاستقلالية للمدبرين خاصة على المستوى اللاممركز، وتطوير أساليب جديدة لتدبير الميزانية لتوجيه الرقابة نحو تقييم الأداء. وخلص السيد حداد إلى أن إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية يرمي إلى ملاءمته مع مقتضيات الدستور الجديد وذلك باعتماد حكامة مالية جيدة تهدف إلى تعزيز حسن أداء التدبير العمومي والمساهمة في الدينامية الجديدة للجهوية في إطار تشاركي مع كافة الفاعلين. وأوضح أن الإصلاح يقترح نظاما جديدا لتدبير المالية العمومية يستجيب لتعزيز الشفافية وحسن التدبير، وتقوية المراقبة البرلمانية للمالية العمومية، وتحسين فاعلية ونجاعة النفقات العمومية، وجودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطن، وتعميم ممارسات التقييم وتقديم الحسابات. يذكر أن اجتماع إطلاق اجتماعات كبار مسؤولي الموازنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انعقد باسطنبول في 20 ماي 2007، فيما انعقد الاجتماع السنوي الأول بالقاهرة في 24 و25 نونبر 2008، والثاني بالدوحة في 4 و5 نونبر 2009 ، والثالث بدبي يومي 31 أكتوبر و1 نونبر 2010.