أكد الأستاذ الجامعي السيد العربي الحارثي، اليوم الخميس بالرباط، على ضرورة مراجعة التاريخ الموريسكي كظاهرة تاريخية واجتماعية وسياسية وثقافية أغنت الذاكرة الجماعية للعالم المتوسطي وشكلت جسرا حضاريا للتواصل بين الشمال والجنوب. وأضاف السيد الحارثي، خلال افتتاح ندوة حول موضوع "الموريسكيون.. ذاكرة متوسطية مشتركة"، تنظمها المؤسسة الاسبانية للاحتفاء بالثقافة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ومؤسسة المعهد الدولي للمسرح المتوسطي، أن هذا اللقاء يعتبر "فضاء لمراجعة تاريخية هادئة وبناءة لجماعة أثرت بغيابها على إسبانيا وبحضورها على الدول التي أقامت بها، وخاصة المغرب"، مضيفا أن "اندماجها جاء ليعزز مجتمعا كان آنذاك يتميز بالتعدد الثقافي وليغنيه بنماذج جديدة للتفكير وللعيش على المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية كالطبخ والمعمار. واعتبر أنه من المفيد أن "تسترجع الاندلس موقعها من خلال قراءة جديدة للتاريخ قادرة على أن تجعل منها أداة للسلام والحوار ومناهضة كل أنواع التطرف"، مشيرا إلى أن الندوة ستكون صلة وصل بين المؤرخين والباحثين، والمختصين في مجالات الدراسات الموريسكية وفضاء للنقاش والحوار من أجل إعطاء نظرة أخرى وجديدة على التاريخ الموريسكي، مع سبر أغوار حياتهم الدينية وأوضاعهم الاقتصادية وخصوصياتهم الثقافية. من جانبه، أكد عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط السيد عبد الرحيم بنحادة، خلال هذه الندوة، التي تنظم بتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس وسفارة اسبانيا بالمغرب والبيت العربي، أن هذا اللقاء العلمي يتوخى استحضار ذاكرة الاندلس والصفحات المشرقة من تاريخها، وخاصة ذاكرة الموريسكيين، على اعتبار أنها تشكل ذاكرة مشتركة بين المغرب واسبانيا. وأضاف أن اللقاء يروم أيضا الوقوف عند الادوار التي اضطلع بها المورسيكيون في المزج الثقافي والروابط التاريخية بين البلدين، مشيرا، في هذا السياق، الى الدراسات التي تناولت مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية والاجتماعية التي ميزت الموريسكيين ومدى تأثيرها في المجتمع المغربي، إلى جانب مساهمتهم في تكريس التعدد الثقافي بالمغرب، مؤكدا على ضرورة العناية بهذه الذاكرة استشرافا لتطوير العلاقات المغربية-الاسبانية. من جهته، أكد سفير اسبانيا بالمغرب السيد لويس بلاناس بوتشاديس أن هذه الندوة، التي تعرف مشاركة عدد من الأساتذة الباحثين المغاربة والإسبان، "ستسمح بتقريبنا من ظاهرة مهمة طبعت التاريخ المغربي-الاسباني المشترك"، مضيفا أن حدث طرد الموريسكيين من اسبانيا، الذي وصفه ب`"المأساة الانسانية"، ظل على الدوام محط اهتمام الباحثين والمؤرخين وموضوع تحليل تاريخي واسع. كما أبرز، في هذا السياق، أهمية البحث العلمي الذي تقوم به جامعة محمد الخامس-أكدال في هذا المجال، ودورها في تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، مشيرا إلى كون هذه الجامعة تشكل شريكا أساسيا لسفارة اسبانيا بالمغرب. ويتضمن برنامج الندوة، التي تستمر على مدى يومين، إلقاء محاضرة افتتاحية بعنوان "الموريسكيون من المنفى إلى ذاكرة من أجل التعايش" (محمد العربي المساري وخوصي ماريا ريداوو)، إلى جانب محاضرات حول "قراءات التاريخ.. ذاكرات العالم الموريسكي" (عبد العزيز السعود وميلودة الحسناوي ولويس بيرنابي بونس) و"الفضاء المتوسطي والحوار بين الثقافات" (الأساتذة محمد أفاية فاطمة الزهراء طموح ومانويل بيمينتيل وسيمون ليفي) و"استمرارية العالم الموريسكي.. أرضية لمصالح العالم المتوسطي" (مولاي علي الريسوني ورافييل بينطيس سانشيث بلانكو وحسن بوزينب وعبد الواحد أكمير). كما يشمل برنامج الندوة عرض شريط "المطرودون" وهو عمل من إنتاج ميغيل لوبيث لوركا، بالإضافة إلى عرض فني بعنوان "إيقاعات الذاكرة" بمشاركة الفنانة سميرة القادري وروثييو ماركيث حيث سيتم تقديم أغان شعبية لمنطقة الأندلس وإيقاعات أخرى خاصة بالمنطقة.