الناظور تحتفي بالذكرى التاسعة عشرة لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية    إعلاميون مغاربة يعتصمون بملعب القاهرة بسبب "الاعتمادات"    الأمن الوطني يطلق منصة رقمية "إبلاغ" لمحاربة الجرائم الرقمية    وزارة الحج السعودية تنبه: تأشيرة العمرة لا تصلح لأداء الحج    سبتة تفتح مسبحها البلدي الكبير بأمل تحقيق انتعاش سياحي    الأمثال العامية بتطوان... (602)    كأس الكونفدرالية الإفريقية (إياب النهائي).. نهضة بركان على بعد خطوة واحدة من تتويج قاري جديد    فرنسا-المغرب.. توقيع اتفاق حول الإنتاج المشترك والتبادل السينمائيين    هلال يدين ضغوط السفير الجزائري على الوفود الداعمة لمغربية الصحراء بكاراكاس    جهة طنجة تتطلع الى استقطاب 700 الف سائح جديد في أفق 2026    أخنوش يقود الوفد المغربي بمنتدى الماء العالمي بإندونيسيا.. وجائزة الحسن الثاني تخطف الأنظار    الداخلية تكشف حصيلة 19 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية    مطالب للحكومة بضمان تمدرس الأطفال المتشردين    حنون تدخل على خط الرئاسيات الجزائرية    بنسعيد يتفق مع نظيرته الفرنسية على محاربة السطو على التراث الثقافي.. ويوقعان اتفاقا في السينما    إحباط تهريب وترويج 62,550 قرص مخدر وضبط ثلاثة مشتبه بهم    نهائي الكاف.. الموعد والقنوات الناقلة لمباراة إياب نهضة بركان والزمالك    هكذا يهدد المغرب هيمنة إسبانيا في هذا المجال    زهير الركاني: آليات الوساطة والتحكيم ركائز أساسية في عملية التطوير والتنمية التجارية لتنمية جهتنا و مدينتا    خطاب جلالة الملك محمد السادس في القمة العربية : تصور إستراتيجي جديد للعمل العربي المشترك    الداخلية تمنع عقد مؤتمر ب "آسا" لقبائل "آيتوسى" كان سيٌعلن رفضها تفويت أراضيها الجماعية    أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي العاشر للماء بإندونيسيا    نائب رئيس الموساد سابقا: حرب غزة بلا هدف ونحن نخسرها بشكل لا لبس فيه واقتصادنا ينهار    فلاحون فرنسيون يهاجمون شاحنات طماطم قادمة من المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    مداهمة مستودع بداخله قنينات خمر ولفافات كوكايين بطنجة    وفاة دركي خلال حادثة سير بطنجة    التصدير يرفع أسعار الخضر بالمغرب ومهني يوضح    غامبيا تجدد تأكيد "دعمها الثابت" للوحدة الترابية للمملكة    غزة.. مقتل 35386 فلسطينيا جراء الغزو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر    المعرض الدولي للكتاب يحتفي برائد السرديات العربية "العصامي" سعيد يقطين    "حفيدة آلان ديلون" تراهن على نتائج فحوصات إثبات النسب    أوكرانيا تنفذ عملية إجلاء من خاركيف    المغربي مهندس مطار غزة يبرز "لقاءات مع التاريخ" في دعم القضية الفلسطينية    البحث عن الهوية في رواية "قناع بلون السماء"    بيان صحفي: ندوة لتسليط الضوء على مختارات من الإنجازات البحثية ضمن برنامج الماجستير في إدارة حفظ التراث الثقافي    تصفيات كأس العالم.. المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 عاما يفوز برباعية نظيفة على الجزائر ويتأهل للدور الرابع    بسبب سلوكه.. يوفنتوس يقيل مدربه أليغري بعد يومين من تتويجه بكأس إيطاليا    مدرب مانشستر يونايتد: "سعيد بتألق سفيان أمرابط قبل نهاية الموسم"    الدورة الأكاديمية "الشعري والسردي" فاس، 23-24 ماي 2024    مشروع بأزيد من 24 مليون درهم .. هذه تفاصيل الربط السككي بين طنجة وتطوان    قرار جديد من الفيفا يهم كأس العالم 2030 بالمغرب    الصين: مصرع 3 أشخاص اثر انهيار مصنع للشاي جنوب غرب البلد    شفشاون.. الطبخ المغربي فسيفساء أطباق تعكس ثقافة غنية وهوية متعددة    وزير الخارجية الإسباني: رفضنا السماح لسفينة أسلحة متجهة لإسرائيل بالرسو بموانئنا    الساكنة تستنكر لامبالاة المسؤولين تجاه حادث انفجار أنبوب للماء الصالح للشرب وسط الناظور    فرق كبيرة تطارد نجم المنتخب المغربي    افتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان ماطا الذي يحتفي بالفروسية الشعبية بإقليم العرائش    ملتقى الأعمال للهيئة المغربية للمقاولات يبرز فرص التنمية التي يتيحها تنظيم كأس العالم 2030    هدى صدقي تكشف عن جديد حالتها الصحية    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    كيف يتم تحميص القهوة؟    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً في إطار تحدٍّ مثير للجدل    الأمثال العامية بتطوان... (600)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقراط مدينتنا !
نشر في مرايا برس يوم 12 - 01 - 2010

كان سقراط ( 470-399ق. م) وسيبقى فيلسوف المدينةأثينا التي شهدت ميلاد الفلسفة والفيلسوف .
ليس من السهل أن نتحدث عن تاريخ الفلسفة دون أن نذكر سقراط أب الفلسفة اليونانية، ونتذكر معاناته مع مدينته أثينا أيضا . فيكفي أن اسمه يصنف تاريخ الفلسفة إلى قسمين : ما قبله وما بعده (هكذا نقرأ في كتب تاريخ الفلسفة مرحلة ما قبل سقراط – مرحلة ما بعد سقراط مثلا ).
وسقراط ... هذا الفيلسوف، واحد من هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الحق والعدالة والخير، وكانت أفكارهم ومبادئهم سببا في موتهم أو نفيهم أو عذابهم . والمحنة ليست غريبة على من كان يمشي في شوارع أثينا سائلا باحثا عن الحقيقة، منتقدا حجاج الخصوم وأدلتهم الواهية، ليس غريبا على من كان عدو السوفسطائي معلم فن الخطابة، وعدو الجهلوالظلموالإستبداد ..
من المعلوم ، أن محنة سقراط بدأت عندما تقدم كل من أنيتوس و مليتوس ولوكون بدعوى يتهمون فيها سقراط بتحريض الشباب ضد الدولة و إنكار آلهة اليونان و آبتداع آلهة جديدة غير آلهة الدولة ( مفارقة غريبة فهذه الدعوى تذكرنا بمثيلاتها في عصرنا الراهن!) .
كما أنه من المعلوم تاريخيا أيضا، أن سقراط كان يجوب شوارع أثينا سائلا مستشكلا قضايا مواطنيها البسطاء و الأعيان على حد سواء، كل من حاوره سقراط يبطل دعواه و يتركه في دهشة وشك في كل المعارف و الحقائق التي يعتقد في رجاحتها و تباثها . كل من يحاوره سقراط يكشف له جهله حتى و إن كان من كبار أعيان المدينة بمن فيهم رجال السياسة، وهذا ما جعل العديد من أهم رجالات أثينا يحقدون عليه بمن فيهم رجال المسرح و الشعر و السياسة. يقول سقراط : " أحد رجال السياسة، و قد جعلني فحصه .. أحس بالتالي: ففي أثناء الحوار معي بدا لي أنه يبدو في نظر الكثيرين من الآخرين، و في نظر نفسه هو على الخصوص، حكيما، أما في [ الحقيقة ] فإنه ليس بالحكيم. فحاولت أن أبين له أنه يعتقد أنه حكيم لكنه ليس الواقع كذلك، فكانت النتيجة أن حقد علي هو و كثير من الحاضرين " ( أفلاطون، محاورة الدفاع). ما أشبه اليوم بالبارحة ! ، فكثير منا يجد نفسه أمام جماعة من الحاقدين الكارهين له لا لشيء سوى لأنه جرب النقد معهم ذات لقاء أو ذات ساعة أو ذات حوار في فضاء عمومي مشترك، هؤلاء الأوصياء على العقل النقدي الذين لا يستطيعون أن يقدموا شيئا لصيرورة التاريخ، فقط مهامهم الوحيدة الحقد و الكراهية، و قد يصل بهم الأمر إلى الاعتداء على الخلق، فأي دين هذا الذي يحكمون به، وأي قانون هذا يحتكمون إليه !
يسبحون باسم الكراسي وقت الدجى
ويدعون الألوهية مساءا ..
كلماتهم تمتص حلم طفلة
بدمية جميلة،
وحلم امرأة
بجواهر ثمينة .
سقراط لم يكن يفضح جهل وتهافت رجال السياسة فقط، بل كان ينتقد نظام بلده الديمقراطي؛ فقاعدة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه كانت بالنسبة لسقراط قاعدة غير سليمة لأن الشعب ليس متخصصا في السياسة، وهي نفس الأطروحة التي رددها تلميذه أفلاطون على لسانه فيما بعد، ليخبرنا في كتابه الجمهورية أن من يحكم يجب أن يكون فيلسوفا؛ إذ على الحكام أن يكونوا فلاسفة أو أن يتولى الفلاسفة الحكم !
أمر جميل حقا أن يحكم العقل المدينة – الدولة، بل الأجمل أن يحكم العالم .
كل تلك المعطيات مهدت بشكل أو بآخر إلى محاكمة سقراط، ليس كمجرم أو لص أو كقاطع طريق بل هي محاكمة لأفكاره ومواقفه وشجاعته على قول الحق، أو لنقل إنها محاكمة للعقل، وناقوس صريح على أن طريق الفلسفة وحرية التعبير عن الرأي لن يكون أبدا مفروشا بالورد والرياحين بل طريقا محفوفا بالمخاطر والأشواك .
لكن، لا أحد يحاكم العقل، ليس هناك شخص لديه الشجاعة الكافية على محاكمة الأفكار ومنعها من الحياة. قد تفرض على الجسد قيود و سلاسل بسبب أفكار صاحبه، لكن أبدا لا يسجن العقل و معه فعالية التفكير، بل إنه يرحل بكل ثبات إلى مناطق جغرافية في المعرفة وعلوم الإنسان وعلوم الدنيا دون تأشيرة أو جواز سفر .. لأن هذين الأخيرين نحتاجهما لأجسادنا و ليس لأفكارنا !
الأفكار دائما حرة و صبايا جميلة تغازل تربة رجال الفكر لتنبت قيم الحق و الجمال و الخير وتتحدى الظلم و القبح و الشر.
لنتأمل ما قاله سقراط قبيل إعدامه : " أنتم يا من أدنتموني .. أقول لكم سينزل عليكم عقاب فور أن يأتين الموت، عقاب أقسى- وحق زيوس - من ذلك الذي تفرضونه علي بإعدامي. فأنتم تفعلون هذا الآن على أمل ألا تعودوا مضطرين إلى و ضع حياتكم موضع الفحص، هذا على حين أنني أقول لكم إن النتيجة ستكون مخالفة لهذا كثيرا : فسيكثر عدد الفاحصين لكم .. و هم سيكونون أصعب مني بقدر شبابهم، وسيكون غيظهم أعظم و أعظم ".
مات سقراط ، و يبقى السؤال المطروح : هل تحتاج مدننا إلى رجل كسقراط ينير لها طريقها و يقف لكل آفاك جاهل كبير البطن سارقها ؟ ..
أعود و أقول :
بالمدينة
محل
فرن
جوع
زنقة.. من الصفيح
بشر .. من الصفيح
العالم كله صفيح
درب بأكمله
ضفادع ..
أحلام بأكملها طين
عود ثقاب
لهت وراء السراب .
كلاب تنبح بلا كلمات
أو دخان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.