أخنوش يجيب "النواب" عن سياسة الحكومة في تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل    الحكومة تنفي إبعاد الداخلية عن الاستثمار والجازولي: لا يمكن الاستغناء عن الولاة    المغرب يدعو لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى يتجاوز تداعيات الحرب    بعد تهديدات بايدن للمحكمة الجنائية.. كلوني يتصل بالبيت الأبيض خوفا على زوجته    وصول أزيد من مليون حاج إلى الديار المقدسة لحدود أمس الخميس    تفاديا لإلغاء المباراة.. المغرب يواجه الكونغو بملعب أكادير عوض كينشاسا    الوكيل العام للملك يكشف تفاصيل وفاة عدد من الأشخاص بسبب شرب ال "ماحيا"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    إصابة شرطي في حادثة سير بتطوان    فوائد ورشات الايقاظ الموسيقي المشتركة بين الآباء والأطفال    الكوسموبوليتانية وقابلية الثقافة العالمية    رابطة الدوري الإسباني تستعد لإطلاق مشاريع رياضية في السعودية    ماذا قال عموتة بعد تأهل الأردن إلى الدور الحاسم في تصفيات المونديال؟    السنتيسي يقاضي مجموعة من المنابر الإعلامية    كيوسك الجمعة | المغاربة يرمون 4 ملايين طن من الطعام في المزبلة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الركراكي: هدفنا الحفاظ على صدارة مجموعتنا    عطلة عيد الأضحى.. هل تمدد إلى 3 أيام؟    الفرقة الوطنية تحقق مع موثقين بطنجة بشبهة تبييض الأموال    منتخب الكونغو يستقبل المغرب بأكادير    مصر.. هل يهتم الشارع بتغيير الحكومة؟    5 زلازل تضرب دولة عربية في أقل من 24 ساعة    عبر انجاز 45 كلم من القنوات .. مشروع هيكلي ضخم بإقليم سيدي بنور للحد من أزمة الماء الشروب    الحرب في غزة تكمل شهرها الثامن وغوتيريس يحذر من اتساع رقعة النزاع    نادي الفنانين يكرم مبدعين في الرباط    توزيع الشهادات على خريجي '' تكوين المعلّم '' لمهنيي الميكانيك من مركز التكوين التأهيلي بالجديدة    المغرب يكمل الجاهزية لمباراة زامبيا    مدرب زامبيا: مواجهة المغرب صعبة    المهرجان الرباط-كوميدية بنسخته الخامسة    اختتام معرض "حلي القصر" بدولة قطر    إسبانيا.. توقيف عنصر موالي ل "داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    الاقتصاد الروسي ينمو، ولكن هل يستطيع أن يستمر؟        إسرائيل ترفض مشروع قرار أميركي بمجلس الأمن بوقف الحرب على غزة    أخنوش يمثل بمجلس النواب لمناقشة الاستثمار ودينامية التشغيل    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    إطلاق منصة رقمية للإبلاغ عن المحتويات غير المشروعة على الأنترنيت    الأمثال العامية بتطوان... (618)    الملك يهنئ عاهل مملكة السويد والملكة سيلفيا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    تداولات إغلاق البورصة تتشح بالأخضر    الحكومة تحدد مسطرة جديدة لإخراج قطع أرضية من الملك العمومي المائي    هذه أسباب نفوق 70 من أضاحي العيد    في وداع حقوقي مَغربي    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    إسبانيا تنضم رسميًا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    تكريم مدير المركز السينمائي عبد العزيز البوجدايني في مهرجان الداخلة    مقتل قرابة 100 شخص بولاية الجزيرة في السودان إثر هجوم    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غويتسولو ناقدا الحدود الزجاجية بين الشرق والغرب
نشر في مرايا برس يوم 13 - 09 - 2010

أديب إسباني شهير، يُلقب من طرف النقاد العرب ب"إدوارد الإسباني"، من فرط توجيهه انتقادات صريحة للسياسات الغربية اتجاه الدول العربية والإسلامية، تنقل بين مدن إسبانية وأمريكية ومغربية، ومرشح مستقبلا لأن يحصد جائزة نوبل للآداب. نحن في ضيافة كتاب "حدود زجاجية"، لمؤلفه، الأديب خوان غويتسولو، وهو أحد أحدث الأعمال المترجمة لهذا القلم الإسباني الجاد. (ترجم العمل نبيل دريوش والعربي الحارثي، وصدر عن دار مرسم، الرباط)، وجاء موزعا على ثلاثة فصول: "عالم ما بعد انهيار برجي التجارة"، "حدود زجاجية"، "نزيف في الشرق الأوسط"، ويتضمن كل فصل من هذه الفصول مجموعة من المقالات التي تربط بينها مجموعة من المضامين ووجهات النظر الإنسانية التي يعبر عنها المؤلف. (لمن يريد العودة إلى أعمال الأديب المترجمة إلى اللغة العربية، يمكن الاطلاع على دراسات وترجمات الناقد والباحث المغربي إسماعيل العثماني)
وبداية، يؤكد الكاتب على أن تجربته في الصراعات التي عايشتها عندما كان شاهدا على حرب سرايفو والجزائر وفلسطين والشيشان، جعلته لا ينظر إلى الأشياء من فوق المنصة الدبلوماسية أو الرسمية، بل يعيشها على أرض الواقع ويعايش أولئك الذين يعانون من آثار الوحشية المعلمة على أجسادهم. فخلال زياراته الثلاث إلى سراييفو المحاصَرة، تمكن من التأكد معاينة من نفس التلاعبات: حصار على نمط القرون الوسطى لكن بأسلحة متطورة لمدينة عالمية وأوربية. دفع سكانها ثمنا باهظا، لأنهم مسلمون، وأمام لامبالاة الرأي العام الغربي. لم يكن مجديا أن تقوم الحكومة بالدفاع عن قيم المواطنة المكونة من مختلف العقائد أمام نداء العرق والدم والفضائح التاريخية القديمة التي كان كارادزيتش وسفاحوه يقومون بكشفها. وضمن لائحة الأمثلة المجسدة لوحشية صناع "النظام العالمي الجديد"، يذكرنا المؤلف بالذي جرى يوم 14 يونيو 1995 في الأراضي التابعة لسريبرينتشا والمحمية نظريا من طرف الأمم المتحدة، حيث أعدم قتلة مالديش أكثر من 7000 مسلم بوسني، أي أكثر من ضعف ضحايا البرجين التوأمين، ولم يتدخل أحد ولم يتم الإخبار بما حصل بعد مضي شهرين.
وفي معرض نقض أطروحات بوتين وشارون وزعماء اليمين الإسبان، ملاحظا مثلا، أنه لم يظهر أي شيشاني خلال عملية إحصاء القتلى والتعرف على هوية الجثث بعد الإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان. لكن حملة بوتين استمرت في إعطاء نفس تبريرات شارون. وخلال زيارة وزير الخارجية الإسباني السابق جوزيب بيكي إلى إسرائيل عَبَّرَ، هذا الأخير، عن تفهمه للصراع من أجل مواجهة الإرهاب الفلسطيني قائلا: "لأننا نحن أيضا نواجه إرهاب تنظيم منظمة "إيتا" الباسكية.
على صعيد آخر، يرى غويتسولو أن الدولة العبرية أظهرت في أكثر مناسبة احتكارها المطلق لصناعة الآلام لدى الطبقة السياسية الأمريكية، ولا أحد في الدوائر الحالية "للمحافظين الجدد" المتطرفين في واشنطن أبان عن أسفه لما يتعرض له الفلسطينيون المطرودون من وطنهم سنتي 1948 و 1967 أو الخاضعون داخله لنظام احتلال غير إنساني، والذين تحولوا إلى ضحايا حصار قاس منذ الانتفاضة الثانية.
وعليه، لم يعد ممكنا لسياسة الكيل بمكيالين وفق المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الأمريكية أن تكون أكثر وضوحا: حيث يُرْمَي في سلة المهملات بعدد لا يحصى من التوصيات الأممية المضادة للسياسة التوسعية لإسرائيل في غزة والضفة الغربية، بينما يتم تطبيق تلك المتعلقة بالعراق إلا بطريقة لا تخلو من شطط ودون الحصول على موافقة غالبية أعضاء مجلس الأمن بالطريقة الفجة التي تمت بها، معتبرا أن الأمر يمثل "درسا رائعا في الإنصاف موجه لتلك الشعوب العربية من طرف أولئك الذين يدعون تحريرها من التخلف والاستبداد الذي تمارسه حكوماتها".
أما جرأة الكاتب في الجزئية الخاصة بالحالة العراقية، فتكمن في الخلاصات الصريحة التالية: يرى الرجل أن التخلي عن المغامرة العسكرية، بعدما تحول العراق إلى مشاتل للجهاديين المتطرفين الانتحاريين، يعني القبول بهزيمة أكثر إهانة وأكثر خطورة من حالتي لبنان والصومال. واستمرار قوات الاحتلال في انتظار تسليم مقعدها إلى حكومة قادرة على فرض استقرار صعب، لكنه غير مستحيل، سيحولها إلى رهينة في يد الشيعة الذين لا تخفى علاقتهم مع طهران والتي لا يمكن لأحد إنكارها. في عملية المساومة مع نظام آيات الله حول امتلاكه للأسلحة النووية، لأن هذا الأخير يبحث عن موطئ قدم له على ضفاف الفرات، لا يمكن للأمريكيين السماح بفتح جبهة جديدة، وهو ما نبه إليه علي خامنئي عندما أكد أن إيران تملك مفاتيح مضيق هرمز الذي يمر منه النفط.
وحتى لا يكون هذا العمل الجاد سوداوي الرؤية، يختتم المؤلف انتقاداته بالعوج والتنويه بمشروع "تحالف الحضارات" الذي اقترحه رئيس الحكومة الإسبانية الحالي، خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرا أن المشروع يستحق أن يُدَافَع عنه من طرف الفئة التي ترجح كفة قوة المنطق على منطق القوة. لكن وبما أنه يمكن أن يفهم من كلمة "حضارة" أنها تحتوي على بذرة البربرية، فإن المؤلف يُفَضِّل تسميتها ب"تحالف القيم"، أي "تلك القيم الكونية والمدنية التي تُعَدُّ ثمرة للمقاومة التي خاضتها العقول المتنورة، بغض النظر عن الحضارة التي تنتمي إليها، ضد الوثوقية الهوياتية والقومية والإثنية التي تنتعش، اليوم مثل الأمس، في عالمنا الصغير والمزدحم".
لا يعتقد المؤلف بوجود الملائكة ولا حتى برؤساء ملائكة، ولا يرى في المشروع أي ملامح ملائكية. فالكرم ونفاذ النظر ليست قيما قادمة من كوكب آخر، بل إنها تشكل جزءا من الإنسان بالتوازي مع الحقد والتعالي والرغبات الجامحة، لولا أن تفضيل مجموعة القيم الأولى على الثانية يعني ركوبنا غمار المقامرة بجزئنا الأكثر نبلا أمام التوجه الأعمى والشعور بالازدراء من طرف الضعيف.
إن أسماء هيروشيما وناكازاكي صارت رمزا للبربرية النابعة من التطور القاتل لمعارفنا، ثم إن جميع الحضارات المنتصرة، يضيف المؤلف، تحمل في رحمها نطفة البربرية التي تتوسع اليوم بدون حدود عبر المكان والزمان، ولا تهدد حياتنا فقط بل أيضا استمرارية الكون، من خلال ما يصدر عن غلاة الإيديولوجية الذين يتقاطعون ويقتاتون من بعضهم البعض، لتبقى فقط تلك القيم المنتزعة بقوة في القرون الأخيرة والمعبر عنها في الميثاق الرئيسي للأمم المتحدة والتي يمكنها وضع حد لحالة عدم المساواة الصارخة التي يتخبط فيها العالم ولصدام الحضارات، التي ليست بالضرورة متصارعة، وكذا الإرهاب الأعمى الذي يضرب الساكنة البريئة مهما كان مصدره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.